« بــابُ دُخولِ الخَلاءِ وَالاسْتِطابَةِ »
المسألة الأولى: [1/ 42]
ما حُكم استقبال القبلة واستدبارها حالَ قضاءِ الحاجة؟
القول الأول:
أنَّ ذلك محرمٌ مطلقاً؛ سواء كان ذلك في البنيان, أم في الفضاء.
القائلون به:
أبو أيوب الأنصاري, ومجاهد, والنخغي, والثوري, وابن حزمٍ, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, وابن القَيّم وقواه وردَّ غيره من الأقوال في كتابيه زاد المعاد وتهذيب السنن.
أدلتهم:
احتجوا بالأحاديث الصحيحة الواردة في النهي المطلق عن ذلك.
ومنها حديثُ أبي أيوب الأنصاري, قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بولٍ ولا تستدبروها, ولكن شرّقوا أو غربوا»
القول الثاني:
أنَّ ذلك جائزٌ مطلقاً.
القائلون به:
عروةُ بن الزبير, وربيعة, وداود الظاهري.
أدلتهم:
احتجوا بأحاديثَ منها حديثُ ابن عمر, قال رقيتُ يوماً على بيتِ حفصةَ فرأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشامِ, مُستدبر الكعبة.
القول الثالث:
أنَّ ذلكَ مكروه.
القائلون به:
ذهب إلى ذلك الصنعاني حيثُ قال:
« لا بد من التوفيق بين الأحاديث بحمل النهي على الكراهة لا التحريم ».
القول الرابع:
وهو القول بالتفصيـــــــل :
فيحرِّمونه في الفضاء, ويبيحونه في البــــناء ونحوه.
الترجيح:
والراجح - والعلم عند الله - هو القول الرابع.
قال الشيخ عليه رحمةُ الله تعالى:
وهذا هو المذهب الحق الذي تجتمعُ فيه الأدلة الشرعية الصحيحة الواضحة.
فإنَّ التحريم المطلق يبطل العمل بجانبٍ من الأحاديث, والإباحة المطلقة كذلك,
والتفصيل يجمع بين الأدلة ويعملها كلها, وهذا هو الحقُّ.
فإنَّهُ مهما أمكن الجمع بين النصوص وجب المصيرُ إليه قبل كل شيءٍ. اهـ
فائدةٌ:
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
وعلى كلٍ ينبغي الانحراف عن القبلةِ في البناء أيضاً؛ اتقاءً للأحاديث الناهيةِ عن ذلك, ولما فيه من الخلاف القوي الذي نصرهُ هؤلاء المحققون.
يتبعُ إن شاء الله تعالى ,,