عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن)؟ أخرجاه،وسنناى طريق والقذة مفرد وجمعها قذذ وهى ريش السهم وله قذتان متساويتان والمعنى انكم ستفعلون افعالهم وتتبعون طرائقهم فتشبهوهم وتحاذوهم كما تشبه قذة السهم القذة الاخرى وتحاذيها وهذا خبر عما سيحدث فى هذه الامة ونهى عن ذلك ورحم الله الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب اذ عقد فصلا فى كتاب التوحيد يفيد وقوع المتابعة من هذه الامة للأمم الجاهلية وأورد هذا الحديث عقب ايات متقدمة فى نفس المعنى ليدلل على ان ماوقع لليهود والنصارى من الايمان بالجبت والطاغوت وموافقة المشركين على اديانهم الباطلة وتعطيل الشرائع وبناء المساجد على القبور سيقع فى هذه الامة وان مااصابهم من انحراف سيصيبنا وقد راينا هذا الحديث من دلائل النبوة حيث لم يتخلف شئ من مشابهة اهل الكتاب ودخل اهل الاسلام جحر الضب والضب حيوان صحراوى يتخذ لنفسه بيوتا فى باطن الارض ضيقة كريهة والمقصود تاكيد المشابهة والتقليد وفى حديث اخر حتى لو كان فيهم من ياتى امه علانية لكان فى امتى من يصنع ذلك فهل تخلف شئ مما اشار اليه الرسول صلى الله عليه وسلم فانظر الى ملابس المسلمين اليوم وازياءهم والى السلوك والافعال ….والاعياد و الاحتفالات والمذاهب والاتجاهات ..اليس كل هذا نسخا مكررة مما عند اليهود والنصارى والامم الجاهلية ان هذه المحاكاة كانت احيانا مصنوعة بتدبير ومكيدة وفى احيان اخرى كان المنهزمون الفارغون يتبرعون من تلقاء انفسهم بتقليد الامم الجاهلية وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا يقول الفيلسوف الوجودى جان بول سارتر عن هذه الصناعة عندما كانت فى بديتها (كنا نحضررؤساء القبائل وأولاد الأشراف والأثرياء والسادة من إفريقية وآسيا ، ونطوف بهم بعض أيام في أمستردام ولندن والنرويج وبلجيكا وباريس ؛ فتتغير ملابسهم ،ويلتقطون بعض أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة ، ويرتدون السترات والسراويل ويتعلمون منا طريقة جديدة في الرواح والغدو والاستقبال والاستدبار ، ويتعلمون لغاتنا وأساليب رقصنا وركوب عرباتنا ، وكنا ندبر لبعضهم أحياناً زيجة أوربية ، نلقنهم أسلوب الحياة بأثاث جديد ، وطرز جديدة من الزينة ، واستهلاك أوربي جديد وغذاء أوربي ، كنا نضع في أعماق قلوبهم الرغبة في أَوْرَبَة بلادهم ، ثم نرسلهم إلى بلادهم . وأي بلاد ؟ بلاد كانت أبوابها مغلقة دائماً في وجوهنا ، ولم نكن نجد منفذاً إليها ، كنا بالنسبة إليها رجساً ونجساً وجناً . كنا أعداءً يخافون منا وكأنهم همج لم يعرفوا بشراً . لكن منذ أن أرسلنا المفكرين الذين صنعناهم إلى بلادهم ، كنا نصيح من أمستردام أو برلين أو باريس ( الإخاء البشري) ؛ فيرتد رجْع أصواتنا من أقاصي إفريقية أو الشرق الأوسط أو الأدنى أو الأقصى أو شمال إفريقية ! كنا نقول:ليحل المذهب الإنساني أو دين الإنسانية محل الأديان المختلفة ) وكانوا يرددون أصواتنا هذه من أفواههم وحينما نصمت كانوا يصمتون تماما مثل الثقب الذى يتدفق من الماء فى الحوض وحينما كنا نصمت كانت ثقوب الاحواض هذه تصمت ايضا…. هذا هو السوس الذى كنا قد صنعناه وسميناه بالمفكرين وكان قصارى همهم ومنتهى املهم ان يصبحوا مثلنا، انهم نخروا من الداخل ثقافة اهليهم واديانهم القومية التى تصنع الحضارات ومثلهم واحاسيسهم وافكارهم الجميلة واصالتهم الاخلاقية والانسانية وتحت اى شعار وباى اسم مقاومة الخرافات او مكافحة الرجعية او الوقوف ضد السلفية . ثم كنا واثقين من أن هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها غير ما وضعنا في أفواههم ، ليس هذا فحسب بل إنهم سلبوا حق الكلام من مواطنيهم ,…. بهذه الطريقة تم صناعة الكتيبة الاولى من هولاء الحثالة ثم اضيفت لهم الالقاب الرنانه وتم تمجيدهم واعلاء قامتهم الضئيلة حتى تؤتى افكارهم التخريبية نتيجتها عن هذا الغزو المنظم وقد عمل الأوروبيون جاهدين على أن تغمر موجة هذه الحياة المادية ، بمظاهرها الفاسدة وجراثيمها القتالة ، جميع البلاد الإسلامية التي امتدت إليها أيديهم ، وأوقعها سوء الطالع تحت سلطانهم ، مع حرصهم الشديد على أن يحتجزوا دون هذه الأمم عناصر الصلاح والقوة ، من العلوم والمعارف والصناعات ، والنظم النافعة ، وقد أحكموا خطة هذا الغزو الاجتماعي ، إحكاماً شديدا ً، واستعانوا بدهائهم السياسي ، وسلطانهم العسكري ، حتى تم لهم ما أرادوا. أغروا كبار المسلمين بالاستدانة منهم والتعامل معهم ، وسهَّلوا عليهم ذلك وهوَّنوه عليهم ، واستطاعوا بذلك أن يكتسبوا حق التدخل الاقتصادي ، وأن يغرقوا البلاد برؤوس أموالهم ومصارفهم وشركاتهم ، وأن يديروا دولاب العمل الاقتصادي كما يريدون ، وأن يستأثروا دون الأهلين بالأرباح الطائلة ، والثروات العظيمة ، وتمكنوا بعد ذلك من أن يغيروا قواعد الحكم والقضاء والتعليم ، وأن يصبغوا النظم السياسية والتشريعية والثقافية بصبغتهم الخالصة في أقوى بلاد الإسلام .وجلبوا إلى هذه الديار نساءهم الكاسيات العاريات ، وخمورهم ومسارحهم ومراقصهم وملاهيهم، وقصصهم وجرائدهم، ورواياتهم وخيالاتهم ، وعبثهم ومجونهم ، وأباحوا فيها من الجرائم ما لم يبيحوه في ديارهم ، وزينوا هذه الدنيا الصاخبة العابثة ، التي تعج بالإثم وتطفح بالفجور ، في أعين البسطاء الأغرار من المسلمين الأغنياء ، وذوي الرأي فيهم ، وأهل المكان والسلطان .ولم يكفهم هذا حتى أنشأوا المدارس والمعاهد العلمية والثقافية في عقر ديار الإسلام، تقذف في نفوس أبنائه الشك والإلحاد وتعلمهم كيف ينتقصون أنفسهم، ويحتقرون دينهم ووطنهم، وينسلخون من تقاليدهم وعقائدهم، ويقدسون كل ما هو غربي، ويؤمنون بأن ما يصدر عن الأوروبيين وحده هو المثل الأعلى في هذه الحياة.واحتوت هذه المدارس على الطبقة العليا وحدها وصارت وقفاً عليها، وأبناء هذه الطبقة هم العظماء والحكام، ومن سيكون بيدهم بعد قليل مقاليد الأمور في هذه الأمم والشعوب، ومن لم يتم نضجه في هذه المعاهد الموضعية، فإن في البعثات المتلاحقة ما يكفل لهم التمام.ونجح هذا الغزو الاجتماعي المنظم العنيف أعظم النجاح، فهو غزو محبب إلى النفوس، لاصق بالقلوب طويل العمر، قوي الأثر، وهو لهذا أخطر من الغزو السياسي والعسكري بأضعاف الأضعاف .
وقد كانت عملية التغريب تجرى على قدم وساق ابان فترة الاحتلال الانجليزى لهذا الشرق المنكوب ففى مصر مثلا كان اللورد كرومر يعتقد ان العناية الالهية قد وضعتهم على راس هذه البلاد لتثبيت دعائم المسيحية ثم اختار لوزارة المعارف
التربية والتعليم قسيسا عرف بالمستر دنلوب الذى اعطى تفويضا بعمل مايريد وذلك فى اضخم بلد اسلامى ثم قامو ا بتحطيم الجامعات الاسلامية الكبيرة واصبح منتسبيها من افقر الناس ليكون الدين مرادفا لانعدام فرص الحياة ومعنى من معانى العجز والتخلف وبعد جهود الكيد الخبيث المتلاحقة توافدت قطعان المقلدين من هنا وهناك لان الكيد اثمر ثماره وترعرعت شجرة الشر وانتفشت