المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو محمد الشمالي
اخواني الكرام :
ابدأ بالموضوع مباشره , اثناء مشاهدتي للقنوات الشيعية وقفت على قناة لهم وكان بها برنامج للرد على اهل السنه وكان ضيف البرنامج الرافضي يشكك بمعتقدات اهل السنه ويطعن في الصحابه , المهم اتصل به احد الاخوه السنه وكان مستواه في المناقشه ضعيف ولم يستطع الرد على شبهات هذا الرافضي , فقد سأل هذا الرافضي بقوله له : اين الله ؟ فأجابه الرافضي بخزعبلات انه كائن وغير كائن وغيرها من الخزعبلات وانه ليس في السماء !! وسأل الاخ السني , اين كان الله قبل خلق السموات والارض وكيف يحل بشئ هو خلقه , وما هو الدليل انه بالسماء السابعه , فبهت الاخ السني وقام يشرق ويغرب , وانا اثناء مشاهدتي لما يجري قد زلزلت , فما هو جوابكم اخواني , فقد زعزعت والله , فمن يرد على ما وجه هذا الرافضي من شبهات ؟
وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
مرحباً بالفاضل الحبيب أبي محمد الشمالي..
أما بعد فهذه نبذة عما أشكل ووصفت بأنه زعزع في قلبك ,رزقني الله وإياك اليقين والثبات
أول-مادام وقع لك من الدخن من آثار الاستماع لهؤلاء ما قد وصفت فاعلم أنه لايجوز المتابعة شرعاً والعاقل لا يقتحم بنفسه في غمرات الزبالات ثم يطلب السلامة من اللوثات .
وأهديك هنا وصية الإمام المبجل أبي العباس بن تيمية- لتلميذه شيخ الإسلام رضي الله عنهما ,قال له: (لا تجعل
قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها, فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، )
قال ابن القيم: ((ما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بهذه)
فإن قلت ما معنى الوصية الغالية هذه ؟
قلت:كان من منهج المشركين قولهم"لا تسمعوا لهذا القران والغوا فيه" فأنت تراهم توعز إليهم شياطينهم أن يسلكوا مع حقائق اليقين ما حقه أن يسلك مع شبهات المبطلين!
وهذا يدل أنهم عرفوا حقيقة القلب ,فطمسوه عن سماع الحق مخافة أن يتواطأ مع مالا قبل لهم بدفعه من البراهين العقلية إذ هو مضغة عاطفية مرهفة تتقلب ,والسعيد من ثبته الله ,ولهذا كان من أجل دعاء الرسول صلى صلى الله عليه وسلم واكثره:اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
فحين تطرق اذنُ القلب السمعَ للشبهة ثم يأذن له صاحبه ان يتذوقها ,ما يلبث ان يذكي الشيطان فيها وينفخ فيوشك أن يشربها فلا تندفع حينئذ والعياذ بالله حتى مع استحضار ما هنالك من حجج تدمغها ولهذا تجد كثيرا ممن ترفض لا يحسن من سوق الشبهات التي يحسنها اولياؤه سوى ترديد ما علق بقلبه من الدخان الاول الذي تركه يتضوع في شغاف قلبه حتى ران عليه.
وحيث قد مس قلبك شيء من الزعزعة فسارع بالاخذ بالدواء الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم : "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته. رواه الشيخان
وهذا الدواء ينفع في كل ما قد يعلق باليقين من شوب وهو مؤلف من شقين
-الاستعاذة=وبها يندحر الشيطان
-الانتهاء =ويدخل في معنى الانتهاء وصية ابن تيمية السالفة فهو من المعالجة النفسية إزاء هذا
ثانيا-الأصل ان يسال المسلم عما ينفعه في دينه مما ينبني تحته عمل,فإذا رام معرفة ربه وهي أشرف المعارف فإنما يستقي معرفة ذلك من خبر الصادق المعصوم كتابا وسنة صحيحة
وأيما تجاوز لما أوقفنا الله عليه من التعريف بنفسه المقدسة =هو قول عليه بغير علم ,وهذا من أشرف مقاصد الشيطان عنده"إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله مالا تعلمون"
وهو من اعظم ما نهى الله تعالى عنه"قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون" فتدبر كيف تدرج بمراتب الشر حتى انتهى لهذا.
ثالثا-أما سؤال الخبيث :أين كان الله قبل أن يخلق..إلخ
فقد جاء فيه حديث في سنده مقال وهو حديث أبي رزين رضي الله عنه قال يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : " كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وما ثم خلق عرشه على الماء " رواه أحمد وغيره, اي كان فوق سحاب نظير قوله تعالى"أأمنتم من في السماء" أي فوق السماء .ولا يعتمد على مثل هذا الحديث في تقرير هذا لضعفه
وإنما الذي صح ما اخرجه البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه"كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء"
رابعا-إذا عرفت هذا فاعلم أن العقول قاصرة عن تصور كنه الكثير من الحقائق المادية الموجودة بين أظهرنا في عالم الشهادة فما ظنك بتكلف تصور كنه ذات الله وحقائق كيفيات صفاته ؟ إن من احترام المرء لعقله فضلا عن احترامه لربه وحرمة الخوض فيما ليس من حقه أن يكف عن تكلف تخيل هذه الأشياء بحيث يتطلب لها مثالا في ذهنه يدرك به ما يدركه من جملة المحسوسات المنظورة او المقدرة
خامسا-فما دلت عليه النصوص المتواترة من فوقية الله على خلقه وانه على عرشه فوق سماواته لا يستفاد منه افتقار الله إليها ولا احتواؤه فيها ,ولكن قد علم ضرورة ان الله كان ولم يكن شيء معه ثم خلق الخلق,وقد اتفقت الملل والنحل -إلا الشواذ-ان الله موجود قبل ان يخهلق الخلق وبعده,واتفق اهل ملة الإسلام ان الله مباين لخلقه غير مختلط بهم ولا محايث
واقتضى العقل السليم أن الله حينئذ خارج منظومة هذا الكون ,فإما ان يكون تحته -معاذ الله-وإما ان يكون فوقه,ولما كانت جهة الفوقية اشرف شيء تعين شرعا وعقلا أن يكون الله فوق الكون
وهو ما لاشهدت به النصوص كما اسلفت وان رمت استقصاء الكثير منها فدونك مثلا كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية "للإمام الكبير ان القيم
ولو لم يثبت إلا قوله سبحانه"ثم استوى على العرش" او قوله "أامنتم من في السماء" لكفى المسلم ان يسلم بعلو الله المطلق
أخيرا-تصور انك في فلاة لا أحد معك ثم ابتنيت بيتا فرقيته فلك ان تقول كنت ولاشيء فلما بنيت الدار سكنت فوقها,فإذا كان هذا معقولا بالنسبة للمخلوق فلا تستشكل ان يكون الله ولاشيء قبله ثم بعد الخلق يكون فوقهم دون تطلب قياس هذه الصورة بتلك فكل ما خطر ببالك عن حقيقة صفات الله فالله بخلاف ذلك لا تدركه الابصار ولا تنحيط به العقول
اكتفي بهذا فإن عن لك مزيد استفصال فسل
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين