تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    الفوائدُ المنتقاة من شرح كتاب الصفات

    للإمام الدارقطني
    رحمه الله تعالى




    الشارح فضيلة الشيخ د. عبد الله الغنيمان



    المنتقي : أحد طلاب العلم .





    بسم الله الرحمن الرحيم
    أما بعد فهذه قرابة خمسةٍ وأربعين فائدة من شرح فضيلة الشيخ عبد الله الغنيمان لكتاب الصفات للإمام الحافظ الدارقطني عليه رحمة الله ، والأصل في اقتباسها التقيد بلفظ الشيخ مع شيءٍ من التصرف لتنسيق الفوائد ، مع ضم الفائدة لنظيرها إن افترقتا ، ومن أراد الاستماع إلى الدرس فهو موجود في أربعة أشرطة ، ويمكن تحميلها من هنا :











    ولتحميل المتن بتحقيق الشيخ من هنا :



    فجزا الله الشيخ خير الجزاء والله الموفق والمسدد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .






    (1)


    الإمام الدارقطني إنما أراد بهذا الكُتيِّب أن يذكر أمثلة فقط على أن العقيدة يجب أن تكون متلقاة من الوحي وتؤخذ من المصدر الأصيل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .


    (2)


    قوله : (وتقول هل من مزيد؟ ) / الصحيح أن هذا القول قولٌ بالنطق والكلام ، أي أنها تتكلم حقيقةً ، والله على كل شيء قدير ، فقد جاءت نصوص كثيرة في كلام النار ، والواجب أن نمرها على ظاهرها ، ولا نتكلف التأويلات التي لا دليل عليها ، وإنما الذي يرجعونها إلى عقولهم وأنظارهم فقط يخطئون في هذا من وجهين / الأول : أن هذا قول على الله وعلى رسوله بلا برهان. الثاني : أنه ليس هناك داعٍ للتأويل .


    وقد أخبرنا الله عزوجل أن كل شيء يسبح بحمد ولكن لانفقه تسبيحه ، وكذلك من المشهور في السيرة حنينُ الجذع للنبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا يدلنا أن الأشياء إذا أنطقها الله نطقت ، (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت : 21] فهذه الأمور على ظاهرها على حقيقتها .. وثبت عنه صلى الله أنه قال : (أعرف حجراً كان يسلم علي في مكة) يقول السلام عليك يا رسول الله .. وكانوا يسمعون تسبيح الطعام ، إذاً لا دخل للعقل في إثبات ذلك ، وإنما الواجب التسليم .


    (3)


    قوله (حتى يضع رجله فيها) / فيه إثبات الرجل لله جل وعلا ، وقد اضطربت أقوال المتكلمين في ذلك اضطراب يعجب منه العاقل! فجاءوا بأشياء مضحكة فقال بعضهم المراد : قومٌ يسمون رجل الله!! فيدخلون النار ، وبعضهم يقولون : (رجله) قوم أُخروا فألقوا فيها ، وبعضهم يقول : (رجله) يعني جماعة مثل ما تقول: رجل الجراد يعني جماعة الجراد ، وتقول رجل الخيل أي جماعة الخيل . وهكذا يتطلبون غرائب الألفاظ والأشياء البعيدة التي لا تخطر ببال ، ويجعلونها تفسير لكلام رسول الله الذي هو أفصح الخلق ، وأنصح الخلق للخلق وأعلم الخلق بالله وأخوفهم له ؛ وذلك ليتفق كلام رسول الله مع عقائدهم هذا هو المقصود = تسخير النص ليتوافق مع عقائدهم ، ليس مقصودهم أنهم يطلبون المعنى الذي يريده المتكلم ، فهم يحمون -بزعمهم- عقائدهم من النصوص حتى لا تفسدها !! .
    فائدة : و الرِجل والقدم بمعنى واحد .


    (4)


    قوله : (يدخلني الجبابرة والمتكبرون) لهذا إذا نظرنا في دعوات الرسل وإذا الذي يقابل الرسل هم الملأ {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ} [المؤمنون : 33] ، والملأ هم الذين يملئون العيون عند النظر إليهم ، لهم أبهات لهم مناظر لهم مناطق ، وهذا جاء كثيرا في كتاب الله و هم المستكبرون .

    والذين يتبعون الرسل في الغالب هم الضعفاء كما قال هرقل لأبي سفيان لما سأله قال : من يتبعه ؟ فقال : يتبعه العبيد والمساكين والضعفاء . فقال له : وهكذا أتباع الرسل .


    (6)


    قوله : ( فقال الله جل وعز للنار: أنت عذابي ) / فربنا حكم بينهما وقال قولاً سمعتاه ، وهذا لا يؤمن به إلا أهل السنة ، هم الذين يؤمنون بأن الله قال ويقول بالحرف الذي يُسمع والصوت حقيقة ، وأما المتكلمون ومنهم الأشاعرة -الذين يزعمون أنهم هم أهل السنة- فمذهبهم في هذا بعيد جدا عن الحق فقد جاءوا بأشياء غير معقولة أصلا فعندهم الكلام يقسمونه قسمين ؛ القسم الأول : كلامٌ يكون بالنطق والحرف والصوت ، وهذا عندهم ممتنع على الله ، لايصفون الله جل وعلا به ، ومعلومٌ أن هذا فيه إنكار الرسالة وإنكار الشرع كله ، لأن الشرع والرسالة من كلام الله فرسالة الله أن يرسل كلامه إلى أنبيائه ليبلغوه عباده بشرعه الذي يشرعه لخلقه ، ولكن هل يلتزمون هذا الذي يلزم منه ؟ . القسم الثاني : الكلام المعنوي ، و يقولون هو معنى واحد يقوم بالنفس ، وهو الذي يثبتونه لله و يصفونه به .


    ولذا يقول الجويني -عفا الله عنا وعنه- في كتابه الإرشاد : " إن الخلاف بيننا وبين المعتزلة الذين يقولون القران مخلوق ؛ خلافٌ لفظي! " وهو فعلا خلافٌ لفظي ، ولذلك هم يقولون القرآن عبارةٌ عن كلام الله ؛ لأن الله لا يتكلم عندهم وإنما عُبٍّر عما في نفس الله بهذا القرآن ، من الذي عبر؟ إما الرسول الملكي أو الرسول البشري ! ،


    لا يتصور الإنسان أن هذا تقوّل عليهم ، لايزالون على هذا المذهب ، وأما عوامهم فالعوام على الفطرة التي فطر الله عليها عباده ، وقد لايفهم الكلام الذي تقدم ، ولذلك لو تتبعت الأحاديث التي تولاها هؤلاء بالشرح لوجدت التحريف - تحريف اللفظ والمعنى - كثيرا جدا ، ولكن لا نقول إنهم قصدوا مخالفة الرسول ومخالفة كتاب الله ، وإنما ذلك لشُبَهٍ عرضت لهم ، وأخذوا اعتقادهم عن مشايخهم ، وأحسنوا الظن بمشايخهم ، ورسخ ذلك في أذهانهم منذ الصغر ، فصار أمرا ثابتا فإذا جاء شيء يخالفه سموه متشابه! ولذلك عندهم (الاستواء واليد والرجل ...) هذه متشابهه ! .


    (7)


    غير أن كلام الله عزوجل ينقسم إلى قسمين : كلامٌ أمري دينيٌ شرعي ، وكلامٌ أمري كونيٌ قدري يكون الأشياء بها يقول للشيء كن فيكون ، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه استعاذته : ( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برٌ و لا فاجر ) أي : لا يخالفها ولا يعصيها لا برٌّ ولا فاجر . فالتي لا يجاوزها برٌ و لا فاجر : هي الكلمات الكونية القدرية ، أما الكلمات الدينية الشرعية الأمرية فأكثر الخلق خالفوها وجاوزها !


    (8)


    قوله : (أنتِ عذابي) / أي أن الله جعلها عذاباً يعذب بها من يعصيه ويخالف أمره ، والإضافة هنا إضافة الخالق إلى مخلوق ، وليست إضافة صفة ، فالعذاب مخلوق ، والعذاب ليس صفة ، فالغضب صفة ، وإنما العذاب من آثار غضبه .


    وقال للجنة : ( أنت رحمتي ) أي : من أثر رحمة الله التي هي صفته جل وعلا ، والرحمة قسمها العلماء إلى قسمين :

    الأولى : رحمةٌ هي صفة الله التي وصف بها نفسه وتقوم به . الثانية : رحمةٌ مخلوقة ، وهي من آثار رحمته ، ومن ذلك الحديث الذي في الصحيح : ( إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة جزء ، فأنزل جزءا على الخلق يتراحمون به ، وأمسك عنده تسعة وتسعين جزء فإذا كان يوم القيامة أضاف هذا إلى تلك ورحم بها عباده ) ومن ذلك قوله تعالى : {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران : 107] يعني : في الجنة ، فتسمى الجنة : رحمة ، والمراد أنها من آثارها .


    (9)


    من أحسن ما يفسر بها الاستثناء الذي جاء في الأنعام وفي سورة هود : {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ } [هود : 108] ، فقد أشكل هذا الاستثناء على كثير من المفسرين ، وقالوا إن هذا الاستثناء يعود على مدة البرزح أو مدة الدنيا ولا يعود على المستقبل ، وذكروا أشياء . وإذا قلنا : إن الاستثناء معناه أن كل شيء واقع بمشيئة الله وأن هذا يكون كله مآله إلى الله ، والفضل لله في دخول أهل الجنة إلى الجنة ،فخلود أهل الجنة وخلود أهل النار ، لم يُكتسب بمجرد ذواتهم ، بل الأمر لله .
    وكذلك في الأنعام : {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام : 128] .


    (10)


    الصفات لم ينكرها أحد من أهل السنة ، ما عدا ابن جزم رحمه الله فقال إن كلمة الصفات مخترعة لا أصل لها في كتاب الله ولا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم ، واستثنى حديث الذي في البخاري في ذكر أمير السرية الذي كان يصلي بأصحابه فيختم بـ (قل هو الله أحد) ، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك فقال : ( لأن فيها صفة الرحمن ، وأنا أحبها ) فقال صلى الله عليه وسلم : (إن الله أحبك بحبك إياها ) فقال [أي ابن حزم] : هذه الصفة فقط التي نثبتها لأنها جاءت . وهذا قد يكون شبه مكابرة ؛ لأننا نقول إن المعاني التي قامت بالله عز وجل هي الصفات ، والفرق بينها وبين الأسماء : أن الأسماء تدل على المسمى ( الله .. الرحمن .. العزيز ..العليم .. الحكيم ..) ، أما الصفة فهي المعنى الذي يقوم بالموصوف .

    والأصل هي الصفات وليس العكس ، كما يتوهم بعض طلبة العلم المعاصرين الذي غلطوا في هذا ، فقالوا إن الأصل الأسماء ، والصفات هي المأخوذة من الأسماء و هذا غلط . الأصل العكس.. الأصل الصفات فالرحمن مأخوذ من الرحمة ، هذا معنى الاشتقاق الذي ذكره العلماء أن الأسماء مشتقة من الصفات ، يعني أن لها معاني أخذت منها ، وليس الاشتقاق النحوي الذي يذكرها النحويون .


    يتبع بإذن الله ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    (11)


    قوله : (حتى يأتيها تبارك وتعالى) / هذا في زيادة أن الله يأتي ، وهذا يجب أن يُفهم على ظاهره ، وأنه جل وعلا يفعل مايشاء ، قد ثبت ذلك في الكتاب والسنة ، وأهل البدع كالأشاعرة يقولون يأتي يعني يأتي أمره أو يأتي عذابه أو يأتي ملَكه ، فيؤولون ذلك ما يجعلون الإتيان مضاف إلى الله ، و هذا تكذيب لكلام الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن هم يقولون هذا تنزيه ، والواقع أنه ليس تنزيه وإنما هو ظن سيء بربهم جل وعلا ، فالإتيان معهود أنه من فعل الله جل وعلا أنه يأتي ، فهذا يجب أن يؤمن به ، على ظاهره ، فهو من صفات الأفعال .



    (12)


    قوله ( حتى يضع قدمه) : وفي الرواية الأخرى " رجله " بالإفراد ، ولا يجوز أن يُفهم من ذلك أنه ليس لله إلا قدم أو رجل تعالى الله وتقدس ، وكذلك إذا جاء مثل (ولتصنع على عيني) والقرآن لم تأت فيه العين مثناة و إنما مجموعة أو مفردة ، ولا يُفهم من ذلك الظاهر من أنها مجموعة أو مفردة ، وقد جاء في الصحيح ما يدل على التثنية ( إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور العين اليمنى ) ؛ لأن العور فقْد إحدى العينين .



    (13)


    بعض المشايخ أنكر لفظة (بشماله) ، وقال الذي في صحيح مسلم شاذ ، وليس كذلك فالشاذ هو الذي يخالف الثابت ، وهذا تأسيس ليس شذوذا ، وقد روى الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى : {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر : 67] بسنده عن ابن عباس : قال ( إن الله جل وعلا يطوي سماواته وأراضيه بيده اليمنى والشمال فارغة ، وإنما يستعين بشماله من تكون يمينه مشغولة) . ومثل هذا لايمكن أن يكون من باب الاجتهاد ،فهو إخبارٌ عن الله عز وجل ، فالواجب أخذُ هذا على ظاهره ، ولا ضير في ذلك .



    (14)


    معنى قوله (كلتا يدي ربي يمين) / أي كلتا يدي ربي كاملة تامة ، لايلحقها نقص و لاعيب ، ليست كيد المخلوق الذي يده اليمنى أكمل من يده الشمال غالباً ، وليس كما قال بعضهم من الكلام السيء في ذلك فقال : أي كلتا يدي ربي من جهة اليمين ! ، هذه شُوهة نسأل الله العافية ، هذا لايجوز أن يُفهم أو يقوله قائل .



    (15)


    قوله : ( بيده الأخرى الميزان يخفضه ويرفعه) / الميزان المقصود هنا العدل ، أي يرفع من يشاء بالطاعة والتقى والإيمان و يخفض من يشاء بالكفر والعصيان ، و هذا هو الرفع الحقيقي .



    (16)


    الصحيح أن القلم ليس أول المخلوقات ، وفي حديث عبادة ( أول ما خلق الله القلم قال : له اكتب) هذه جملة واحدة ، والمقصود به الإخبار بكتابة القلم أنها حصلت بعد خلقه مباشرة بدون فاصل ، وليس المقصود الإخبار بأنه أول المخلوقات ، ولذلك في حديث عمرو بن العاص الذي في صحيح مسلم سمعت رسول الله (كتب الله مقادير الأشياء قبل خلق السماوت والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء ) فقوله "وعرشه على الماء" جملة حالية يعني وقت الكتابة كان عرشه على الماء ، فيكون العرش والماء قبل القلم ، وهذا واضح وإن كان فيه خلاف بين العلماء ، ولكن هذا هو الصحيح .



    (17)


    قوله : (لما قضى الله عز وجل الخلق كتب في كتاب..) / أي قدر ، والذي يظهر أنه غير الكتاب الذي في حديث عبد الله بن عمرو . وجاء في صحيح البخاري أنه وَضْعٌ عنده على العرش ، فهذا الكتاب كتبه جل وعلا على نفسه .


    والمقصود هنا أن الله كتب كتابةً حقيقية ، وهل هذه الكتابة بيده ؟ ، الإمام الدارقطني جاء بهذا الحديث ؛ لأنه جاء في بعض الألفاظ (فكتب الكتاب بيده) . فهذا غير الكتاب الذي جاء في حديث عبد الله بن عمرو وكذلك الكتاب الذي في حديث عبادة بن الصامت ، وهذا يدلنا أن الله يفعل بيده ما يشاء ، وقد جاء أنه غرس جنة عدنٍ بيده ، وخلقَ آدم بيده ، وكتب التوراة لموسى بيده ، فكل هذه يجب أن نؤمن بها ، وأن له يد حقيقة وهي من الصفات الذاتية ، أي التي لاتفارقه بحالٍ من الأحوال ، بخلاف صفات الفعل فإنها تكون متعلقة بمشيئته ، متى ما شاء أن يفعلها فعلها تعالى وتقدس .



    (18)


    قوله : ( إن رحمتي وسعت غضبي ) / فيه اتصافه جل وعلا بالرحمة والغضب ، فهو يرحم ويرضى ويغضب ، فوجب إثبات ذلك كما أثبته الله ورسوله ، وأما أهل البدع كالأشاعرة فيؤولونه ويفسرون الرحمة بالثواب فيقولون رحمته ثوابه ، أو يفسرونها بالرضا فإذا قيل لهم ما الرضى ؟ فسروه بأنه مخلوق ! لا يفسرونه بأنه صفة ، كما يفسرون الغضب بالعذاب أو بإرادة العذاب ، وهذا عندهم واجب يقولون إذا جاء من الصفات المشتبهة وجب إما تأويلها ، أو تفويضها ، يعني الباطل واجب ! نسأل الله العفو والعافية ، عندهم الباطل واجب ، لكن ما تصوروا أنه باطل بل يرون أن هذا حق ، لأنه لا يجوز أنم قصدوا الباطل وقصدوا مخالفة الله ، ومخالفة الرسول ، فمن قصد هذا لايكون مؤمن ، لكنهم أحسنوا الظن بمشايخهم وعلمائهم ، وللغزالي كتاب ندم فيه آخر حياته اسمه (النصيحة) .



    (19)

    أهل البدع يقولون العرش مخلوق ، لكن الله ما استوى عليه إلا بمعنى أنه قهره ، كما يقول ابن العربي في كتابه (العواصم والقواصم) وقد طبع حديثا في مجلدين رسائل محققة في الجزائر أو في المغرب ، وقد طبع منه الشيخ محب الدين الخطيب الجزء الذي يتعلق بالصحابة وهو المشهور عند الناس اليوم ، والقاصمة عنده ما خالفت عقيدته ، والعاصمة التي تعصم منها ، حتى إنه جعل عنواناً : قاصمة / إذا قال لك المشبه : ( الرحمن على العرش استوى) ؟ فالعاصمة/ أن تقول : الاستواء له خمسة عشر معنى ! فأيها تريد ؟! ، أجاب عن ذلك ابن القيم في الصواعق فقال : كلا والذي برأ النسمة وفلق الحبة ليس للاستواء إلا معنى واحد وهو علو الله عليه واستقراره عليه ، وماعدا ذلك فهي باطلة .



    (20)


    قوله :( فأنزل الله عز وجل:وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ ...) هذا قد يكون فيه إشكال ؛ لأن من المعروف أن سورة الزمر مكية ، وقصة الحديث مع اليهودي ، أي في المدينة ، لكن قد يقال : إنه نزول خاص بهذه الآية في المدينة وهذا موجود في بعض السور ، أو يقال إنه نزول آخر لها أي نزلت مرتين . أو يقال : كما في الرواية الأخرى ( فقرأ رسول الله ...الآية ) فتكون نزلت من قبل .


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    (21)
    قوله : ( فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجُّبًا وتصديقًا له ) : وهو صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يكون لما يخبر به شواهد وأمور تتفق معه ، لاسيما ما سبق من الرسالات ، ثم إن هذا الحديث قد تأوله كثير من الشراح ، ولكن يُستغرب كلام الخطابي رحمه الله في شرحه للبخاري عند هذا الحديث فإنه تكلم بكلام سيءٍ في هذا فقد رمى ابن مسعود بأنه لا يفهم! ، وأنكر الأصابع وقال : الأصابع ليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله !! وكان هذا قد أشكل علي لما قرأته - والخطابي إمام معروف فكيف ينكر ذلك؟! - ؛ فيقول: إنه غير معروف في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟ حتى وجدتُ كلاماً لشيخ الإسلام يقول فيه : إن الخطابي لا يثبت من الأحاديث في الصفات إلا ما كان متواتراً . ويقول إن هذا علم من طريقته ، ولم ينص عليه ، والمقصود أن هذا خطأ من الخطابي من وجهين : الأول / أنه تأول أصابع ربنا وقال ليست في كتاب الله . والثاني / أنه اتهم عبد الله بن مسعود فقال أما ضحك ابن مسعود فهو ظنٌ منه وحسبان ! فهل هذا يجوز!؟ الرسول ما يضحك عند الباطل بل يغضب ، ولا يقوم لغضبه أحد ، ويقول إن سبب ضحك النبي التعجب من جرأة اليهود على التشبيه !
    (22)
    قوله : ( إن الله عزوجل خلق ثلاثة أشياء بيده .. وكتب التوراة بيده ) هذا من باب التغليب للأكثر، فلا يلزم أن تكون الثلاثة كلها مخلوقة؛ لأن كتابة التوراة من أفعال الله تعالى التي هي من صفاته .
    (23)
    قوله : ( ضحك الله عزوجل ) نثبت الضحك على ما أخبر الله ،وهو يدل على الرضا وليس هو الرضا ، فالضحك صفة كمال فالذي يضحك أكمل ممن لا يضحك ، وصفات الكمال كلها لله ، أما أسباب الضحك وكيفيته فلا يجوز أن تعرض له ،وإنما علينا أن نثبت ماجاء به النص مضافاً إلى الله تعالى بصفة ، أما أن نتعرض لضحك الإنسان فهذا يدل على تشبيهٍ استقر بالنفوس ؛ لأن الذي حمله على التأويل والتعطيل هو ما يعهده من نفسه ، فخاف أن يكون هذا الذي يصف الله به نفسه مثل ما هو معهود عنده ، وهذا سوء ظن بالله تعالى وهو تعالى يقول : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [الشورى : 11] ، وهذا يجب أن يكون في أربعة أمـور -ليس كمثله شيء- : في ذاته وفي أفعاله وفي أوصافه وفي حقه . فهذه خصائصٌ له .
    (24)
    قوله : ( يتجلى لنا ربنا ضاحكاً ) المقصود في هذا إثبات صفتان : صفة الضحك ، وصفة التجلي لعباده ، يعني الرؤية أنهم يرونه في الموقف فهذه الرؤية التي تكون في الموقف يشترك فيها المؤمنون والمنافقون ، ولكن المنافقون تكون عليهم حسرة ، وأما المؤمنين فإن ذلك يكون من النعيم الذي يكون من ذلك الوقت ثم يزداد بدخول الجنة .
    (25)
    محمد بن إسحاق فيه كلامٌ كثير وقد أطنب ابن القيم في تهذيب السنن بالثناء عليه ، وكونه ثقة وأنه ليس له ذنب إلا أنه خالف الجهمية ، ومعروف الكلام فيه ، وهو يُخاف من تدليسه أما إذا حدث فيقبل .
    (26)
    قوله : (إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له لأطيط كأطيط الرحل الجديد إذ ركب من ثقله) / الصحيح أن الكرسي غير العرش ، و الأطيط قد رده كثير من الناس ، وبعضهم يقول : لايثبت في الأطيط حديث ، ولكن الذهبي رحمه الله- في كتابه العلو- صحح الحديث ، والأطيط قد ثبت في أحاديث أُخر غير هذا ، و قد تكلم عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وأثبته وكذلك غيره من الأئمة ، ولكن الأطيط جاء موصوفاً به الكرسي ، و جاءت موصوفةً به السماوات كما في حديث ( أطّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ..) ،والأطيط صوت يكون من ثِقل الحِمل ، والرحل الجديد يكون له صوت أكثر لأنه لم يُستعمل .
    (27)
    أكبر المخلوقات على الإطلاق هو عرش الله تبارك وتعالى ، ومعلومٌ هذا إذا نظرنا الآن فإن الأرض في قلب السماء الدنيا ، والسماء الدنيا محيطة بها من جميع الجهات فالأرض كالبيضة المعلقة في وسط السماء ، فإذن السماء الدنيا واسعة جداً بالنسبة إلى الأرض سعة هائلة ،ثم السماء الدنيا بالنسبة للسماء الثانية كالأرض فيما تقدم ، وهكذا يقال كل سماء محيطة بالسماء التي تحتها وهي أوسع منها ، وأعلاها السماء السابعة وهي أوسعها ، والسماء السابعة فوقها الجنة ولذلك صارت الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فهي عالية جدا .
    (28)
    حديث : ( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة و وسطها ومنه تُفجّر أنهار الجنة) تكلم عليه ابن القيم رحمه الله في ذلك هذا يدلنا على أن الجنة كروية ؛ لأن أعلى الشيء و وسطه لا يكون إلا كروي ، والأنهار تتفجر من العلو ، وليس هذا بلازم ، الله على كل شيءٍ قدير ، ثم قال : (وسقفه عرش الرحمن ) فالعرش هو أعلى شيء من المخلوقات وليس فوقه إلا رب العالمين تعالى وتقدس .
    (29)
    حديث ابن عباس : ( الكرسي موضع القدمين.. ) هذا الصحيح أنه موقوفٌ على ابن عباس ، لكن له حكم الرفع ؛ لأن مثل هذا لايقال لا برأي ولا باجتهاد ، وإنما يقال بالوحي ، وفي بعض الروايات في وصف الكرسي أنه (كالمرقاة) .
    (30)
    العرش في اللغة هو السرير الذي يجلس عليه الملك ، كما قال الله عزوجل : {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل : 23] يعني السرير التي تجلس عليه لأنها ملكة ، والعرش أخبرنا الله تعالى أنه استوى عليه بعد خلق السموات والأرض وإن كان العرش مخلوقا قبلها ، ولكن جاء ذكر ترتيب الاستواء على العرش بعد كلمة (ثم) في ستة مواضع من كتاب الله عز وجل ،وهذا لا يدل على أنه الاستواء هذا وقته فقط ،ولذا قال بعض العلماء القدامى لما سئل عما قبل ذلك ؟ فقال الله أعلم نحن أخبرنا بهذا وأما قبل ذلك فلا علم لنا بهذا .
    ولكن الحديث الذي في مسلم وتقدم ، حديث ابن عمرو المرفوع ( إن الله كتب مقادير الأشياء قبل خلق السماوت والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ، فيُفهم من "وكان عرشه على الماء" أنه على العرش تعالى وتقدس ، فيكون إخباره جل وعلا بترتيب الاستواء بعد خلق السماوات والأرض أنه استواء خاص ، وكذلك فُهم هذا من القرآن كما في سورة هود {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود : 7] واللهُ لا يحتاج إلى العرش بل هو غني عنه وعن غيره ، ولكن هذا لحكمة يعلمها جل وعلا .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    (31)


    بعض الناس يقول : اعتمد على نفسك! . لا تعتمد على نفسك ، فإن اعتمدت على نفسك اعتمدت على عور وضيعة وخسارة ، يجب أن يكون على الاعتماد على رب العالمين ، الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر القتال استنصر ربه وقال اللهم نصرك! اللهم لا تكلنا إلا إليك ..




    (32)


    قوله : (يرفع أقوامًا ويخفض أقوامًا إلى يوم القيامة) : نثبت أن الله يتصرف في عباده [يهدي ويضل] ، خلافاً لأهل الباطل المعتزلة الذين يقولون إن الله لايضل أحد ولا يهدي أحداً ، بل الإنسان هو الذي يضل وهو الذي يهتدي ، وليس لله على المؤمن زيادة فضل ، بل فضله بالنسبة للناس كلهم سواء وهو أنه أعطاهم عقولا وأفكاراً وقوة وقدرة ، وإنما هذا بمنزلة رجلٍ أعطى أولاده سلاحا فبعضهم ذهب يقتل المسلمين والآخر يقتل الكافرين ، يعني التصرف منهم ، ولذلك يسمونهم أهل السنة مشبهة الأفعال ، نفاة الصفاة مشبهة الأفعال ! ، وإذا قيل لهم إن الله يقول :{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات : 7] . قالوا : هذا البيان ، يعني يبيّن ويوضح ، ولاشك أن هذا ضلال كبير ، فالله يقلب قلوب العباد كيف يشاء من شاء هداه وثبته، ومن شاء يضله ولذا قال تعالى :{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا } [الأنعام : 125] ، فالواجب إثبات ما ثبت بالوحي والإعراض عما يقوله هؤلاء الضُّلال .




    (33)



    قوله : (خلق الله آدم على صورته...) / وهذا الحديث تأوله ابن خزيمة رحمه الله وقال : إن المقصود بـ (على صورته) أي صورة آدم وأنه على ستين ذراع ،وهذا خطأ واضح ، واتبعه على هذا التأويل الشيخ الألباني رحمه الله ، وهو خطأ ، وهو ليس حديثاً واحداً وهذا مختصر هذا الحديث ، والأحاديث في هذا كثيرة ، وكلها تدل بل تصرح صراحة ، بأن خلق آدم على وجه صورة الرحمن جل وعلا ، ولا يلزم من هذا التشبيه ، ولا يلزم من ذلك أيضا أن نقول مثل ما تقوله بعض الجهمية ، فقد اعتقد بعضهم أن معنى (على صورته) أن المراد له سمع وبصر على وجهه وزعم أن هذا هو قول أهل السنة، شيخ الإسلام يقول : هذا قول الجهمية . وأهل السنة يقولون بظاهر الحديث ،و قصار الأمر أن يقال إن هذا فيه تشبيه ، وهذا ليس بخاص بهذا الحديث فاليد سبق أن الله تعالى له يد ولها أصابع والمخلوق له مثل كذلك ، فهل يقال في هذا تشبيه ؟ نعم هذا مثله ، فلذا قال تعالى : (ليس كمثله شيء) .


    وإعادة الضمير إلى آدم ، لغوٌ لا معنى له يجب أن ينزه كلام العقلاء عن مثله ، فضلا عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهل لآدم صورة قبل أن يخلق؟ وبعض الجهمية قال : (خلق آدم على صورته) أي على صورة الطين والتراب ، وهل للتراب والطين صورة ؟ هذا من الباطل .. ولذا قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث : "ليس هذا غريباً وإنما استغربه بعض الناس ؛لأنه لم يألفه . وإلا هذا مثل اليد ومثل الرجل وغيرها .




    (33)



    قوله : (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن صورة الإنسان على صورة الرحمن عز وجل) هذا الحديث طعنَ فيه ابن خزيمة وأعله بثلاث علل ، وتبعه على ذلك الشيخ الألباني رحمه الله ، ولكن صححه الإمام أحمد ، وسُئل عنه إسحاق بن راهويه فقال : صحيح ، فهو صحيح وهم أجلّ في ذلك من ابن خزيمة ، والمقصود أن هذا قد قاله صلى الله عليه وسلم فيجب أن نؤمن بذلك مع اعتقادنا أن لله خصائصاً تخصه ، وشيخ الإسلام قد تكلم كلاماً طويلاً جدا ما يقرب من أربعمئة صفحة ! شرحا لهذا الحديث ، ورد على جميع الشبه في كتابه نقض التأسيس ، و قال في أثناء كلامه : ولنا أن نحتج في هذا بما ثبت في الكتب السالفة فقد جاء في التوراة قول الله : إنا خالقٌ بشراً على صورتنا . وهذا لا يزيد على ما قاله صلى الله عليه وسلم ، وهذا موجود في التوراتين كليهما القديمة والتي ظهرت حديثاً .




    (34)


    الحديث الذي يقول عنه الترمذي : غريب ، فالقاعدة عنده أنه ضعيف .





    (35)



    كل هذه الصفات نثبتها كما جاءت على ظاهرها ، ولا نؤّولها ، ولذلك لاتجد أحد من الصحابة توقف أو ارتاب ؛ لأنه لو توقف أو ارتاب لجاء سؤال ، بل أخذوه على ظاهره وقبلوه ، وقد سألوا عن أشياء ما تساوي شيئا من ذلك لأن أهم ما يكون عند الإنسان اعتقاد ما في ربه من الصفات ونحوها ، سألوا عن الأهلة وسألوا عن المحيض وسألوا عن اليتامى ، ولم يأت ولا حرف واحد ولا في حديث ضعيف أنهم قالوا : ما معنى الضحك ؟ ما معنى اليد؟ ما هو الاستواء ؟ كل هذا يدلنا على أنهم قبلوه عل ظاهره لأنه ليس فيه إشكال ، كما يقوله المؤولة وغيرهم ممن مال إلى الباطل ، فيقولون هي مشكلة ، بل هي من الواضح الجلي المحكم الذي يجب أن لا يرتاب فيه مسلم .




    (36)



    قوله : ( قلنا: لا يُفسَّرُ هذا ولا سمعنا أحدًا يفسره ) / المقصود بالتفسير هنا التأويل أي أن هذا أمر ظاهر لا خفاء فيه ، فيجب أن تؤمن به على ظاهره كما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم .




    (37)



    قوله ( أين كان ربنا ) : يشير لحديث أبي رُزين العقيلي الذي رواه أحمد في المسند وابنه عبد الله في السنة ، وفيه أنه رجل لديه أسئلة فإنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ( أين كان ربنا قبل أن يخلق السماء والأرض ؟ ، فقال : كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ) وقد اختلف العلماء في كلمة (عماء) لأنه جاءت ممدوة وجاءت مقصورة ولكل واحدة معنى ، فمعنى الممدودة [عماءٍ] يعني : أنه في سحاب فسروها بالسحاب الرقيق ، كما جاء {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ } [البقرة : 210] . وأما المقصورة [عمى] : ففسروها بشيءٍ عميَ الخلقُ عنه فلا يُدرى ما هوَ ولا يعرفونه ، والله تعالى أعلم .




    (38)



    نثبت النزول لله تبارك وتعالى ، وقد جاء في أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،ومن ذلك نزوله كل ليلة إذا بقي من الليل ثلثه ، وقد أشكل هذا على كثيرٍ من الناس الذين يتصورون من النزول الذي يعرفونه من أنفسهم ، فجاءوا على ذلك بإشكالات قالوا إذا كان إذاً ينزل ثلث الليل هنا وينزل بعده هناك وهكذا ، فقالوا : فيلزم على ذلك أن يكون دائماً نازل ، وهذا تصورٌ خاطئ ونظروا إلى أفعالهم هم ، لأن نزول الله تعالى يخصه ويليق به ، وليس كما يتصور أنه نزول مخلوق من مكان إلى مكان ، والذي يمكن أن يقرب هذا المعنى إلى الفهم أن نقول : إن الله يستمع إلى أهل الأرض كلهم في وقتٍ واحد ، وهم كلهم يسألونه ولا يشغله سؤال هذا عن هذا أو يغلط بهذا ، وكذلك يوم القيامة إذا جمعهم كلهم يحاسبهم في آنٍ واحد وكل واحد يرى أنه يُحاسبُ وحده ، فهذا يدلك أن أفعال الله لايجوز أن تشبه بأفعال المخلوق أو يتسوى به ، فنزوله إلى السماء الدنيا وكذلك نزوله عشية عرفة ونزوله إلى الأرض يوم القيامة ، كلها أفعال تليق به ولا تشبه أفعال المخلوقين ، المخلوق إذا كان فوق السطح ونزل يكون السطح فوقه ، أما الله جل وعلا فهو ينزل إلى الأرض وهو فوق كل شيء ،وهو على عرشه تعالى وتقدس ، وعلوه من لوازم ذاته ،لا يمكن أن يكون شيء فوقه أبدا ، فالنزول الذي أثبته النبي صلى الله عليه وسلم هو صفة لله جل وعلا تليق بعظمته يجب أن تفهم على ما لله من العظمة والكبرياء ، ولا يجوز أن نتصوره كما نتصور نزول مخلوق إلى مخلوق .





    انتهت فوائد الدرس ، وبقي فوائد من الأسئلة ، ولله الحمد .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    فوائد من الأسئلة :






    (39)



    العقيدة الواسطية من أهم ما يكون في هذا الباب [الصفات] فهي مهمة جداً ،لأنها محررة ومختصرة وجامعة ومرتبة فهي في الحقيقة أوسع من عقيدة الطحاوي ، ثم الحموية وفيها الرد على المؤولة ، ثم التدمرية فيها الرد على الفلاسفة بقواعد ، رد بها أهل السنة على أولئك .





    (40)


    الفرق بين التمثيل والتشبيه : التمثيل أبلغ وأشد من التشبيه كأن تقول إنه مثل كذا وكذا ، والتمثيل هو الذي ورد نفيه في القرآن ، لأن التشبيه قد يكون حق وقد يكون باطل والشيء الذي في إجمال لايأتي نفيه و لا إثباته . والتشبيه أصبح عند الطوائف نسبي ، ومعنى ذلك أن كل طائفة ترمي الطائفة الأخرى إذا أثبتت ما ترى هذه أنه تشبيه رمتها بالتشبيه ، ولذا تجد المعتزلة يرمون الأشاعرة بأنهم مشبهة لأنهم يُثبتون سبع صفات ، والأشاعرة يرمون أهل الحديث بأنهم مشبهة لأنهم يثبتون الصفات على ظاهرها ، فهذه أمور نسبية ، أما أن تجد كتب لها أئمة ، تسمى كتب التشبيه أو كتب المشبهة فهذا لايوجد ، إلا أن بعض الشُّذاذ -وهم أفراد- الذين تجاوزوا الحد في التعدي مثل الكوثري ونحوه ، يسمون كتاب التوحيد لابن خزيمة كتاب الشرك ، وكتاب السنة للإمام أحمد يسميه كتاب البدعة وأحيانا كتاب التشبيه ، فكل يرمي حسب ما عنده .





    (41)


    هل يعتبر ترجيح ابن تيمية للقول بعدم خلو العرش عند نزول الله تعالى من الخوض في الكيفية ؟ أصلاً المسألة لم تأت من ابن تيمية ، وإنما الكلام فيها قديم هل يخلو أم لا يخلو ؟ ، ثم المسألة لا حاجة إليها لأنه ليس فيها نص ، والشيء الذي ليس فيه نص لماذا يتكلف الإنسان فيه شيء ؟ وابن تيمية رحمه الله صحح القول بأنه لايخلو وأنه ينزل وهو على عرشه ؛ لأن نزوله شيء خاص ، وأنه ينزل وهو على عرشه ، قال وكذلك نزوله إلى الأرض ينزل وهو على عرشه ، لأن الذي يقول يخلو ماله دليل ، والأصل الإثبات وهو يتمسك بالأصل في هذا .





    (42)


    هل ثبت نزول الله تعالى إلى الأرض ؟


    نعم ثبت في يوم القيامة ، والله تعالى في القرآن يقول : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ} [الزمر :68-69] فهو يأتي فتشرق الأرض بنوره جل وعلا ، وأيضا ثبت في الحديث أن يأتي يوم القيامة للفصل بين الخلائق .





    (43)


    هل ابن قدامة مفوض ؟ ليس مفوضاً ، ولكنه جاء بكلام في العقيدة فهِمَ منه بعض الناس التفويض والطريقة التي عرفت عند أهل السنة أنه إذا شيء يفهم باطل فيلتمس له طريق الحق .





    (44)


    لا يجوز أن نثبت لله مالم يثبته لنفسه ، فالأُذن لم تأت ، فلا يجوز أن نثبتها لله تعالى وتقدس لأنها لم ترد ، ولكن نثبت السمع .





    (45)


    أحيانا تأتي بعض الأسماء مقترنة بغيرها من الأسماء لا يجوز أن تُفرد مثل الضار النافع ، فلا تفرد تقول الضار .





    (46)


    يجوز أن تقسم بصفة الله ، ولكن لايجوز أن تُدعى الصفة فيقول : يا رحمة الله يا عزة الله ، لا يجوز حتى عده بعض العلماء من الشرك وبعضهم قال : هو كفر ، لأن الصفة لا تقوم بنفسها ولا تدعى وليست إله ، وإنما يدعى الله بأسمائه وصفاته ، كما قال جل وعلا :{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف : 180] .




    تمَّ ، ولله الفضل ، وأساله سبحانه الإخلاص والقبول في القبول والعمل .آمين

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    هل يمكن أن يقوم أحد الفضلاء بنقل هذا الموضوع في : ملتقى أهل الحديث ، وملتقى العقيدة - لتعم الفائدة وجزيتم خيرا- ؟

  7. #7

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    جزاك الله خير

    فوائد قيمة


    إن لم ينقله أحد إلى ملتقى أهل الحديث

    سأنقله بإذن الله

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: الفوائد المنتقاة من تعليقات الغنيمان على كتاب الصفات للدارقطني

    نعم انقله جزيت خيراً ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •