تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الصَّفَحاتُ المُضِيَّة من ترجمة الإمام ِ ابنِ تيميَّة كتبها محمود داود دسوقي خطابي

  1. #1

    افتراضي الصَّفَحاتُ المُضِيَّة من ترجمة الإمام ِ ابنِ تيميَّة كتبها محمود داود دسوقي خطابي

    الصَّفَحاتُ المُضِيَّة


    من ترجمة الإمام ِ ابنِ تيميَّة


    شيخِ الإسلامِ أحمدَ بنِ عبدِ الحليمِ بنِ عبدِ السلامِ بنِ تيميَّةَ الحرَّاني (661-728هـ ) رحمه الله تعالى



    كتبها محمود داود دسوقي خطابي



    بسم الله الرحمن الرحيم


    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله أما بعد
    فهذه صَّفَحات مُضِيَّة من ترجمة الإمام ِ ابنِ تيميَّة

    حياة هذا الإمام مليئة بالأمور الجليلة القدر كثيرة المعارف متشعبة المسالك بحيث يصح أن تفرد كل مرحلة من مراحل حياته أو يفرد كل جانب من جوانب شخصيته بمصنف مستقل ودراسة فاحصة لها تبحث عن الدر المكنون بين صدفاتها لكن هذه إطلالة على بعضها - كما هو دأب الباحثين – وسيكون ذلك خلال ما يلي:

    اسمه ولقبه وكنيته([1]):
    هو الإمام الرباني الفقيه المجتهد المجدد بحر العلوم العقلية والنقلية شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن الشيخ الإمام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن تيمية بن الخضر بن علي بن عبد الله النميري.
    لقبه: لقب بشيخ الإسلام([2]) وبابن تيمية([3]) وغالباً ما يجمع بينهما فيقال: شيخ الإسلام ابن تيمية.
    كنيته: كني بأبي العباس مع أنه لم يتزوج([4])؛ ذلك أنه من السنة أن يكنى المسلم ولو لم يولد له أو كان صغيراً لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله كل نسائك لها كنية غيري فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اكتني بابنك عبد الله [يعني ابن الزبير] أنت أم عبد الله"([5]) ولقول أنس رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فرأى ابناً لأبي طلحة يقال له: أبو عمير، وكان له نغير يلعب به فقال: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ "([6])

    ولادته وأسرته ونشأته:
    ولادته([7]) ولد الإمام ابن تيمية في يوم الإثنين 10 ربيع الأول سنة 661 هـ في حران.
    أسرته: وهي أسرة معروفة بالعلم والصلاح إذ إنهم يتوارثون العلم فيما بينهم وكانت لهم الصدارة في المسجد الجامع ومن هذه الأسرة الطيبة الإمام مجد الدين بن عبد السلام وولده الإمام الشيخ عبد الحليم والد الإمام أحمد بن تيمية وكانت هذه الأسرة تسلك في التدليل على المسائل العقدية والفقهية مسلك الحنابلة فشرب الإمام العلم منذ نعومة أظفاره في حجر أبيه فكان للعلم تقدير خاص لديه بسبب إجلال أسرته للعلم وشهرتها به فدرس علوم الشريعة المختلفة منذ صغره حيث كان يحضر المحافل العامة فكان يناقش ويرد ويفتي وهو في ريعان الشباب حتى إنه تولى الدرس بعد موت أبيه وحضر له كبار أئمة ذلك العصر وأعجبوا من علمه وسرعة استحضاره مما يشهد ببراعته منذ صغره.
    نشأته: لقد أثرت فيه بيئته أيما تأثير؛ ذلك أن البيئة المحيطة به بيئة علم وصلاح "فنشأ بها أتم إنشاءٍ وأزكاه وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة ودلائل العناية فيه واضحة.. [وقد أثرت فيه هذه النشأة أيما تأثير وجعلته منذ] صغره مستغرق الأوقات في الجد والاجتهاد فختم القرآن صغيراً ثم اشتغل بحفظ الحديث و[دراسة] الفقه والعــربية حتى برع في ذلك مع ملازمة مجــالس الذكر وسمــاع الأحاديث والآثار([8]) فنموه في تلك البيئة جعلته من المنهومين بطلب العلم والناهلين من منابع المعرفة بعين فاحصة متخصصة ثم ظهر ذلك من خلال كتاباته وتآليفه ومواقفه دفاعاً عن الشريعة الغراء بكل ما يستطيع من جهد وبكل ما أوتي من قوة، وهذه ثمرات نشأته الأولى وبيئته وأسرته إذ اكتحلت عيناه برؤية كبار علماء عصره وشنفت أذناه بسماع الحديث والآثار من أئمة عصره فارتشف العلم منذ نعومة أظفاره مما كان له أكبر الأثر في تكوين ملكته العلمية والتي أهلته للإمامة عبر العصور.

    شيوخه وتلاميذه:
    إن نفساً عملاقة كنفس الإمام ابن تيمية تنبئ عن تعدد مناهل المعرفة وتنوع روافد أصول العلم التي تلقى ثقافته ومعرفته من خلالها وهذا بدوره يؤكد أن الإمام ابن تيمية قد تلقى العلم على أيدي كثير من الشيوخ والشيخات وتعدد الشيوخ والشيخات راجع إلى تعدد روافده وتنوع العلوم التي درسها والمعارف التي تلقاها واستوعبتها ذاكرته الحديدية وأدركها بعقله الكبير، وطبيعي أن من هذه أحواله إضافة إلى ترجمته الحافلة بأنواع شتى من جهاد وتعليم وأمر بمعروف ونهي عن منكر ولهج بذكر الله وحسن عشرة ومعاملة وزهد في منصب وفي دنيا... أن يكون لـه تلاميذ يحملون عنه علمه الغزير وهؤلاء الذين تلقوا عنه أصبح كل واحد منهم إماماً.
    أما شيوخه: وهم الذين تلقى على أيديهم أصول العلم والمعرفة منذ صغره بل ظل كذلك يستفيد من أهل العلم في كبره من الأئمة من شيوخ عصره وشيخاته "وشيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ"([9]) كما سمع من أربع شيخات([10]) فسمع الحديث من الإمام ابن عبد الدايم([11]) ومن شيوخه والده الإمام شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية ومنهم الإمام عبد الرحمن بن محمد بن قدامة([12]) والشيخ علي الصالحي([13]) والشيخ عفيف الدين عبدالرحمن بن فارس البغدادي([14]) والشيخ المنجا التيوخي([15]) والشيخ محمد بن عبد القوي([16]) والشيخ شرف الدين المقدسي([17]) والشيخ الواسطي([18]) والشيخ محمد بن إسماعيل الشيباني([19]) ومن الشيخات فعمتُهُ ست الدار([20])، والشيخة أم الخير الدمشقية([21])، والشيخة أم العرب([22])، والشيخة أم أحمد الحرانية([23])، والشيخة أم محمد المقدسية([24]) فهؤلاء الشيوخ والشيخات وغيرهم تلقى على أيديهم وتعلم وكان لهم أبرز الأثر في علمه وسلوكه ونبوغه وعبقريته وألمعيته.

    تلاميذه: إن شخصية كشخصية الإمام ابن تيمية لابد وأن يكون لها آثار بارزة؛ لهذا فقد تأثر به وبمنهاجه الكثير كما لازمه كثيرون وأصبحوا من خواصه وتتلمذوا على يديه ونهلوا من معينه الصافي بحيث أصبح الواحد منهم بعد ذلك إماماً في فنه ومشكاة يضيء للآخرين بما أوتي من فهم ثاقب وعلم غزير... ومن هؤلاء التلاميذ: الإمام ابن قيم الجوزية والإمام الذهبي والإمام ابن كثير والحافظ البزار والإمام ابن عبد الهادي([25]) والشيخ الواسطي([26]) والشيخ ابن الوردي([27]) والشيخ ابن رُشَيِّق([28]) والإمام ابن مُفلح([29]) وغيرهم الكثير والكثير والذين قد حملوا علمه وسلكوا منهاجه في تبليغ الشريعة.
    وبالنظر إلى تلاميذ هذا الإمام العملاق تظهر منزلته ويبين قدره، فإذا كان تلاميذه أئمة ولهم من العلم ما لهم من تآليف وتولٍّ لقضاء أو إصلاح... فكيف يكون قدر أستاذهم وشأنه؟! إنه بحر لا ساحل له وموسوعة علمية ومكتبية متنقلة مع العلم والعمل والزهد وترك المناصب واللهج بذكر الله عز وجل والدعوة إلى نصرة شرعه بنفسه وروحه وماله كله وهذا معروف وواضح من أحواله بما ترجم له من رآه أو رأى من رآه وبما تواترت أخباره بين ناقليها من جميع فئات شعبي دمشق ومصر وبما ترك خلفه من آثار: سواء في تلاميذ أو كتب أو إصلاح.

    عقيدته ومذهبه:
    عقيدته: عقيدة الإمام ابن تيمية التي يعتقدها هي عقيدة السلف الصالح: أهل السنة والجماعة المتمثلة في القرون الثلاثة الأولى على ما كان عليه النبي محمد صلى اللـــه عليه وسلم بقوله: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"([30]) فلا علاقة لمعتقده بشخص معين ولا بمذهب معين لا حنبلي ولا غيره بل بما جاء في كتاب الله عز جل وبما ثبت في صحيح السنة النبوية المطهرة وتفسير لما فيها بما ثبت عن الصحابة الكرام وعن تابعيهم بإحسان من تلك القرون الثلاثة الفاضلة. ومع أن إمامه في الفقه هو الإمام أحمد بن حنبل([31]) فإن الإمام ابن تيمية لم يَدْعُ أحداً قط إلى التزام العقيدة على منهج الحنابلة بل كان يدعو إلى التزام معتقد السلف الصالح وقد أبان ذلك هو بنفسه إذ قال: "أما الاعتقاد فإنه لا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني بل يؤخذ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه سلف الأمة فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيحي البخاري ومسلم... وكان يرد عليَّ من مصر وغيرها من يسألني عن مسائل في الاعتقاد أو غيره فأجيبه بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة"([32]) وقد كتب الإمام ابن تيمية هذه العقيدة التي يدين الله بها حينما طلب منه أن يكتبها فكتبها فيما بين الظهر والعصر([33]) وهذه العقيدة هي:
    الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره وإثبات معية الله لخلقه وأنها لا تنافي علوه فوق عرشه ومن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة ومن الإيمان بالله تعالى الإيمان بكل الأسماء والصفات الواردة في الكتاب وصحيح السنة ثم الإيمان بالقرآن الكريم وأنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وأن الله تكلم به حقيقة وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره ثم الإيمان باليوم الآخر وما يكون فيه من أمور بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد ثم تقوم القيامة فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق وتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد وتنشر الدواوين ثم الإيمان بالحساب والإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً والإيمان بالصراط وهو منصوب على متن جهنم: وهو الجسر الذي بين الجنة والنار: يمر الناس على قدر أعمالهم فمن مر على الصراط دخل الجنة فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هُذبوا ونُقوا أُذن لهم في دخول الجنة وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته صلى الله عليه وسلم وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات:
    الأولى: يشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء عنها آدم فمن بعده حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم .
    الثانية: يشفع في أهل الجنة أن يدخلوها.
    الثالثة: يشفع فيمن استحق النار وهذه الشفاعة لـه ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها.
    كما يعتقد أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو متبع لمعتقد أهل السنة والجماعة: الفرقة الناجية في عدم تكفير أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي ومما يعتقده وجوب سلامة القلب واللسان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويتولى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبهم كما يتولى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وأنهن أزواجه في الدنيا وفي الآخرة كما إنه يمسك عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغُير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون مع الاعتقاد بأن كل واحد من الصحابة ليس بمعصوم عن كبائر الإثم وصغائره لكن لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما ليس لمن بعدهم أو بتوبة أو شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين وأنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله. كما يؤمن بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات إضافة إلى إيمانه بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توحيه الشريعة وكذلك يرى إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً وهو تابع لأهل السنة بأنهم يدينون بالنصيحة للأمة والصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضى بمر القضاء ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والعفو عمن ظلم ويدعون إلى بر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى والمساكين والبعد عن الأخلاق السيئة كل ذلك اتباعاً للكتاب والسنة وتطبيقاً للشريعة التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم.
    وأما مذهبه: فقد نشأ وتربى وتعلم على أصول المذهب الحنبلي فأبوه وجده بل أسرته أعلام الحنابلة في دمشق والشام ولكنه لم يقتصر في دراسته على المذهب الحنبلي بل درس المذاهب الفقهية الأخرى ثم آل أمره في آخر حياته إلى عدم التقيد بمذهب معين بل كان يفتي بما يترجح له دليله ومع ذلك فلم يكن يتعصب لإمام أو شيخ أو مذهب بل يرى أنه من اليسر اتباع الناس لأي رأي من آراء العلماء؛ لهذا لما سأله تلميذه الحافظ البزار تأليف نص في الفقه يجمع اختياراته وترجيحاته ليكون عمدة في الإفتاء فقال له ما معناه: "الفروع أمرها قريب ومن قلد –المسلم- فيها أحد العلماء المقلدين جاز لـه العمل بقوله ما لم يتيقن خطأه"([34]) وكان يذكر أن اختلاف العلماء رحمة واسعة فقال: "ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة" وكان عمر بن عبد العزيز يقول([35]): ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنهم إذا أجمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه [ثم نقل عن بعض الشافعية قول بعضهم:] وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه"([36]) ومع هذا هو مجل للأئمة فيحترمهم ويدافع عنهم وينهى عن الطعن فيهم وأنهم وإن اختلفوا في مسائل فهذا الخلاف إنما نشأ عن اجتهاد كل واحد منهم ثم أرجع أسباب الاختلاف إلى أعذار ثلاثة هي:([37])
    الأول: عدم اعتقاده [أي العالم] أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
    الثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول.
    الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ. ثم فصل القول على هذه الأعذار الثلاثة في رسالته: رفع الملام عن الأئمة الأعلام.

    أخلاقه وسجاياه وبعض أقواله:
    الكلام على أخلاق الإمام ابن تيمية وسجاياه إنما هو كلام على الآداب الإسلامية التي تجلت في شخصه وبرزت أخلاقه خلال اتباعه وتمسكه بالكتاب والسنة فكان يطبق ما فيها حتى ظهر عليه في معاملاته وحسن عشرته. والكلام على سجاياه يشمل الخَلْقية والخُلقية أما سجاياه الخلقية فيصفه مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي بقوله: "كان أبيض أسود الرأس واللحية، قليل الشيب جهوري الصوت شعره إلى شحمة أذنيه فصيح اللسان، أعين كأن عينيه ناطقتان، ربعة من الرجال بعيد ما بين المنكبين تعتريه حدة لكن يقهرها بالحلم"([38]) وأما سجاياه الخُلقية فكثيرة كثيرة يصعب حصرها في بحث واحد والأمر كما قال الإمام ابن الزَّمْلكاني:...ب المرفقات


    [1]-الإمام ابن كثير، البداية والنهاية، جـ13 ص241، الإمام الذهبي، تذكرة الحفاظ، جـ4 ص1496 ، الإمام ابن الوردي، تتمة المختصر، جـ2 ص406 ، الحافظ البزار، الأعلام العلية، ص 14، الإمام ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة، جـ1 ص144 ، الإمام الكتبي، فوات الوفيات، جـ1 ص164، الإمام ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، جـ6 ص80، الإمام مرعي الكرمي، الكواكب الدرية، ص 51-52 ، الإمام الشوكاني، البدر الطالع، جـ1 ص63، الشيخ صديق حسن خان، التاج المكلل، ص 420، الإمام الألوسي، غاية الأماني، 154، الأستاذ الزركلي، الأعلام، جـ1 ص144، الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، العلماء العزاب، ص164، الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، مقدمة جامع الفتاوى، جـ1 ص(أ)، د. بكر بن عبد الله أبو زيد، المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، ص 15.

    [2]-هذا اللقب قد "أطلقه العلماء السابقون على كل من حاز درجة كبيرة عالية في العلم بالكتاب والسنة وفي الفضل والصلاح والقدوة وكان مرجع المسلمين في العلم وشؤون الدين وهو بهذا المعنى دار في كتب المحدثين والمؤرخين والرجال والتراجم "الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، العلماء العزاب، ص 46 تعليق (1) ، وينظر أيضاً كتاب الردالوافرللإمامابن ناصر الدين الدمشقي ،تحقيق الشيخ زُهير الشاويش ،ص 51- 56 ,.المدخل إلى مذهب الإمام احمد ‘للعلامة ابن بدران الدمشقي الحنبلي ص 223،وللإمامالسخاوي كتابله سماه »: الجواهر« تكلم فيه على لقب شيخ الإسلام فليراجع.

    [3]-إن لقب تيمية: إنما هو لجده محمد بن الخضر وسببه قولان: "فقيل: إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء [بلدة بين الشام ووادي القرى في طريق حجاج الشام] فرأى هناك طفلة فلما رجع وجد امرأته قد ولدت له بنتاً فقال: يا تيمية – يا تيمية.. وقيل: إن جده محمداً كانت أمة تسمى تيمية وكانت واعظة فنسب إليها وعرف بها" الإمام مرعي الكرمي، الكواكب الدرية، ص 52 بتصرف.

    [4]-ص32 الكلام مفصلاً عن أسباب عزوفه عن الزواج.

    [5]-صحيح. رواه الإمام أحمد في مسنده (6/151، 186)، وصححه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، جـ1 ص 45، رقم (132)،.

    [6]-رواه البخاري، (16/479 – 480 فتح) رقم (6203) وبوب عليه الإمام البخاري في كتاب الأدب باباً بعنوان: الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل، ورواه مسلم (4/1692-1694) رقم (2150).

    [7]-الإمام ابن كثير، البداية والنهاية، جـ13 ص241، جـ14 ص136 ، الإمام ابن الوردي، تتمة المختصر، جـ2 ص408، الإمام ابن حجر، الدرر الكامنة، جـ1 ص144، الإمام الشوكاني، البدر الطالع، جـ1 ص63، الإمام صديق حسن خان، التاج المكلل، ص 240،، الحافظ البزار، الأعلام العلية، ص 17الإمام الذهبي، تذكرة الحفاظ، جـ4 ص1496، الإمام محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات والذيل عليها، تحقيق د. إحسان عباس جـ1 ص74 ، الزركلي، الأعلام، جـ1 ص 144، د. بكر بن عبد الله أبو زيد، آثار شيخ الإسلام، ص 15

    [8]-الحافظ البزار، الأعلام العلية، ص 17، 19بتصرف.

    [9]-الإمام ابن عبد الهادي، العقود الدرية، ص6.

    [10]-ينظر، الإمام ابن تيمية، الأربعون التيمية، شرح وتصحيح وتخريج صلاح أحمد السامرائي، ص 55، 57، 58، 59، ينظر الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جـ18 ص76 – 121.

    [11]-الإمام الشيخ زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدايم بن نعمة بن أحمد المقدسي، أحد شيوخ الحنابلة ومن علماء الحديث، توفي سنة 668هـ.

    [12]-الإمام الشيخ الزاهد الخطيب قاضي القضاة شيخ الإسلام عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي، انتهت إليه رئاسة العلم في زمانه، توفي سنة 682هـ.

    [13]-الإمام الفقيه المحدث سند الوقت فخر الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد السعدي المقدسي الصالحي، كان إماماً فاضلاً مجتهداً ديناً صالحاً خيراً عَّلم الأكابر، توفي سنة 690هـ.

    [14]-الفقيه المحدث الأثري الزاهد عفيف الدين أبو محمد عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس العلثي ثم البغدادي، كان ذا علم وصلاح وأفاد خلقاً كثيراً، توفي في طريق مكة سنة 685هـ.

    [15]-الشيخ الفقيه زين الدين أبو البركات المنجا بن عثمان بن أسعد بن أسعد بن المنجا بن بركات التيوخي الدمشقي، كان ذا معرفة وعلم بالفقه والأصول والتفسير والنحو، من تصانيفه شرح المقنع وتفسير للقرآن الكريم، توفي سنة 695هـ.

    [16]-الفقيه المحدث النحوي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد القوي بن بدران بن عبد الله المقدسي المداوي برع في العربية واللغة، وكان حسن الديانة كثير الإفادة، توفي سنة 699هـ.

    [17]-الشيخ الفقيه شرف الدين أحمد بن الشيخ كمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد المقدسي الشافعي، كان خطيب دمشق ومفتيها وشيخ الشافعية فيها، برع في الفقه والأصول والعربية، كان متواضعاً ناسكاً ثاقب الذهن، توفي سنة 694هـ

    [18]-الفقيه العابد الزاهد تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي الصالحي الحنبلي، روى عنه خلق كثير، توفي سنة 692هـ.

    [19]-الشيخ العالم الأديب شمس الدين أبو عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن أبي سعد بن علي بن منصور الشيباني الآمدي ثم المصري، كان فاضلاً وذا معرفة بالحديث والتاريخ والسير والنحو واللغة توفي سنة 704هـ.

    [20]-الشيخة الصالحة ست الدار بنت عبد السلام بن أبي محمد بن تيمية ، عمة شيخ الإسلام حيث روى عنها الحديث ، توفيت سنة 686هـ

    [21]- الشيخة الصالحة أم الخير ست العرب بنت يحيى بن قايماز بن عبد الله التاجية الدمشقية ، روى عنها الحديث ، توفيت سنة 684هـ .

    [22]-الشيخة الجليلة الأصيلة أم العرب فاطمة بنت أبي القاسم بن عساكر ، روى عنها الحديث توفيت سنة 683هـ.

    [23]- الصالحة العابدة المجتهدة الشيخة أم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحرانية ، يزدحم الطلبة عليها لعلمها وصلاحها ، روى عنها الحديث ، ت 688 هـ

    [24]- الشيخة الصالحة أم محمد زينب بنت أحمد بن عمر بن كامل ، تفردت وارتحل إليها الطلبة ، روى عنها الحديث ، ت 722 هـ

    [25]-الإمام الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة، كان عالماً صالحاً ، له مؤلفات منها: الصارم المنكي والعقود الدرية، توفي سنة 724هـ.

    [26]-الشيخ الزاهد والعالم العامل عماد الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم الواسطي، كان ذا صلاح وعبادة قال عنه شيخه ابن تيمية: جنيد وقته ، له مصنفات منها: ملخص السيرة النبوية، وشرح منازل السائرين، ورسالة ينصح فيها أصحاب الإمام ابن تيمية، توفي سنة 711هـ.

    [27]-الأستاذ الشيخ زين الدين عمر بن المظفر بن أبي الفوارس بن الوردي، كان على علم وصلاح وبلغ الذروة العليا والطبقة القصوى في الشعر، ينتهي نسبه إلى الصديق رضي الله عنه. له مصنفات منها، تتمة المختصر، توفي سنة 749هـ.

    [28]-الشيخ أبو عبد الله بن رشيق المغربي، كان على معرفة تامة بخط الإمام ابن تيمية وكتاباته، حتى إنه يشكل عليه أحياناً فيدعو تلميذه أبا عبد الله لحله؛ لأنه كان أبصر من الشيخ بخطه، نسخ كثيراً من كتب شيخه، توفي سنة 749هـ.

    [29]-الإمام الفقيه العلامة الشيخ محمد بن مفلح بن مفرح المقدسي، كان واسع العلم ذا عبادة ومن أعلم الناس بمذهب الإمام أحمد في زمانه وكان يقول له شيخه ابن تيمية: أنت مفلح . له مؤلفات قيمة منها، الفروع والآداب الشرعية، توفي سنة 763هـ

    [30]-رواه البخاري، (10/517 – 518 فتح)، رقم (3650)، ومسلم (4/1962– 1964) رقم (2533–2535).

    [31]-الإمام المبجل إمام أهل السنة والجماعة الزاهد الصابر الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، إليه ينسب المذهب الحنبلي، له فتاوٍ متعددة قيمة منها المسند والزهد والورع والأشربة، توفي سنة 241هـ.

    [32]-الإمام ابن عبد الهادي، العقود الدرية، ص 170 بتصرف ، الإمام ابن تيمة، مجموع الفتاوى، جـ3 ص 161.

    [33]-الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جـ 3 ص194.

    [34]-الحافظ البزار، الأعلام العلية، ص 33 بتصرف.

    [35]-الإمام ابن قدامة المقدسي في مقدمة كتابه المغني جـ، 1 ص64 وفي لمعة الاعتقاد ، ص 178.

    [36]-الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جـ30 ص80 بتصرف.

    [37]-الإمام ابن تيمة، مجموع الفتاوى، جـ21 ص290.

    [38]-الشيخ محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات، جـ1 ص75 ، الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، العلماء العزاب، ص 171، الإمام ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة، جـ1 ص 151، الإمام ابن الوردي، تتمة المختصر، ص 408، 412، الإمام ابن كثير ، البداية والنهاية ، جـ14 ص 137 ، .



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •