بسم الله الرحمن الرحيم
ابتداء سأقوم بعرض المعطيات النقدية للأئمة الذين وثقوا الوضين من خلال السفر النفيس (تهذيب التهذيب) وهي كالتالي:
أولا:بعض أئمة الجرح والتعديل ممن يصنفون ضمن المعتدلين في الجرح والتعديل كالإمام أحمد وأبو داود وابن عدي
ثانيا:من الأئمة الموثِّقين من هو مصنف في قائمة المتشددين وعليه فتوثيقه له مكانة لا تخفى، ويتمثل هذا الأمر في توثيق الإمام ابن معين
ثالثا:أحد الموثقين من نفس بلدة الراوي وهذا أمر معتبر في هذا المقام،وتمثل هذا في توثيق الإمام دُحيم
هذه المعطيات تجعلنا نكوِّن قولا محكما في الوضين بن عطاء تردُّ إليه النصوص المعارضة للتوثيق
والقول المحكم هو توثيق الوضين، لكن لا يعني هذا أنه في أعلى مقامات التوثيق بل هو مرتبة من مراتبه كما هو ظاهر من نصوص الأئمة الذين وثقوه
وبقي الآن محاولة التوفيق بين النصوص المعارضة لتوثيق الوضين وقد جعلتها في ثلاثة محاور:
المحور الأول:ما نستطيع حمله على تحقق قدر من الضعف عند الوضين،وهذا يتمثل في تضعيف ابن سعد وابن قانع،وقد أشرت إلى أن الوضين ليس في أعلى مراتب التوثيق مما يدل على تحقق جانب من الضعف عنده
المحور الثاني:القدح بدافع مذهبي،كما في تضعيف الجوزجاني رحمه الله تعالى،فمن المعلوم أن الوضين كان يرى القدر كما ذكر ذلك الإمام أحمد وأبو داود، فالجوزجاني-كما هو معلوم- كان يراعي المذهب-إلى حد ما- في منطلقه النقدي
المحور الثالث:الوصف الناشئ عن شدة في الإمام الناقد فيما يتعلق بجانب الجرح،وهذا تمثل في الإمام أبي حاتم،زد على هذا أن عبارة أبي حاتم ليست قاطعة بالتضعيف وإنما فيها نوع فرز لروايات الراوي،وهذا قد يحصل لكثير من الرواة
المحور الرابع:عبارة لا تنم عن أي قدح لا سيما وهي في التوثيق النسبي الذي يدل-كما في نص إبراهيم الحربي- على أن ثمة من هو أوثق من الوضين،وهذا لا إشكال فيه بل هو موافق لما قلته من تحقق قدر من الضعف عند الوضين كما أسلفت،وهذا الأمر يقع على كثير من الرواة أيضا، فلو قلنا عن سالم-مثلا- الثقة الذي أخطأ في عشرين حديثا من مجموع رواياته التي لا تتجاوز الألفين=(غيره أوثق منه) لما كنا مجانبين للصواب فهناك من هو أوثق منه كخالد-مثلاً- الذي أخطأ في عشرة أحاديث مع أنه روى أربعة آلاف حديث؟؟؟ والحال أن سالماً وخالداً ثقتان ويقعان في الخطأ؟؟
إذن فالراجح في الوضين أنه مقبول الرواية ثقة،وهذا ما نص عليه الحافظ الذهبي في الكاشف حيث قال:( ثقة وبعضهم ضعفه) وكأن الإمام الذهبي بتعقيبه على توثيقه يريد الإشارة إلى أن توثيقه لا يعني خلوه من ضعف، لأجل هذا قال(وبعضهم ضعفه)
وبناء على ماسبق فقول الحافظ-رحمه الله تعالى- في التقريب:(صدوق سيء الحفظ)محلُّ توقف عندي،وسأحاول البحث والتقصي عن المبررات التي ارتكز عليها حذام الحفاظ في قوله هذا
والله من وراء القصد