بسم الله الرحمن الرحيـــــم ..



أما بعــــــد ..




قال صلى الله عليه وسلم ( يُبعث كل عبد على ما مات عليه ) رواه مسلم ..


فمن سقى بذره بماء الإيمان واليقين والتقوى قام عوده على الإحسان والفضل .. ومن
عاش على شئ شاب عليه ومن شاب على شئ مات عليه ..


والأنبياء من أكمل الناس في حب ما يُحبه الله محبة خالصة يقينية وكان من فضل الله
عليهم أن قلب هذا التفاني في عبادته إلى لذة مطلوبة وسعادة مرغوبة ..


فعاشوا على دوام الوصل مع الله تعالى وماتوا على الحبل المتين الموصل إليه ..


قال صلى الله عليه وسلم ( مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو
قائم يصلي في قبره ) رواه مسلم ..


كيف يُصلي في قبره وقد انقطع التكليف ؟؟



قال القرطبي ( فإن قيل كيف يُصلون بعد الموت وليست تلك الحال حال تكليف ؟!


فالجواب : أن ذلك ليس بحكم التكليف وإنما ذلك بحكم الإكرام لهم والتشريف ..


وذلك أنهم كانوا في الدنيا حُببت لهم عبادة الله والصلاة بحيث كانوا يُلازمون ذلك ثم
تُوفوا وهم على ذلك فشّرفهم الله تعالى بعد موتهم أن أبقى عليهم ما يُحبون وما عُرفوا
به فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية ..


وقد وقع مثل هذا لثابت البُناني رضي الله عنه فإنه حُبّبت الصلاة إليه الصلاة حتى كان
يقول :

اللهم إن كنت أعطيت أحدا يُصلي لك في قبره فأعطني ذلك .. فرآه مُلحده بعدما سوى
عليه لحده قائما يُصلي في قبره ) المفهم (6/192)


فإذا فتح الله لك أخي الحبيب باب الخير فالزمه وأحبه من قلبك واجعل شعورك وفكرك
حوّاما عليه وأدم ذكره وعمله عساك أن تموت عليه ..


وليحذر العبد من خبايا الصدور فإنها خوّانةٌ عند المحن والفتن .. وليُكثر من الصالحات
فإنها نعم الرصيد وقت الشدائد ..