تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 123

الموضوع: من تجارب الحياة..

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    97

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم فراس مشاهدة المشاركة
    ،ولكن ظل السؤال يراودني ماهو تخصص هذا الكاتب ومن يكون ، فلما لم أجد إجابة إلى الآن حكمت في نفسي أن تخصصه بلاغة ونقد أو دارس فلسفة خارج المملكة ،لماذا لأنه يكتب بطريقة كتب النقد أو كتب الفلسفة التي لا أفهمها .
    .
    تفضلي أم فراس ، فلعلك تجدين بغيتك هنا في التعرف على الشيخ عبد الله الهدلق :

    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=51896






    ....

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    جواب؛ لمن سأل عن الشيخ عبدالله الهدلق" حفظه الله ونفعنا بعلمه"

    http://majles.alukah.net/showthread....150#post394150

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    يزهّدني في كل خيرٍ فعلتُه ... إلى الناس مالاقَيتُ من قِلّة الشّكر

    -------

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لاشك أن هذا البيت وأمثاله يزهد في الكرم واصطناع المعروف

    ويحث على البخل والشح


    لإن فاعل المعروف يريد شكر الناس

    وقد أخبر ربنا عزوجل عن عباده الأبرار بأنهم يطعمون الطعام على حبه مسكيناًُ ويتيماً وأسيراً

    ويقولون ( إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكوراً )

    وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصل الرحم ويحمل الكل

    ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق يريد بذلك وجه الله .

    وذكر المفسرون بأن قوله تعالى ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ومالأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى )

    نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

    ((وكان يقال أهل المدينة عيال على عبد الرحمن بن عوف،

    ثلث يقرضهم ماله

    وثلث يقضي عنهم ديونهم،

    وثلث يصلهم ويتصدق عليهم))

    قال قبيصة بن جابر

    صحبت طلحة فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه .

    وقال سعيد بن العاص رحمه الله لابنه

    لما سأله عن ديون عليه ( في كريم سددت خلله أو لئيم اشتريت عرضي منه )

    فهؤلاء هم القدوة وهم أولوا الألباب

    لاقول شاعر يحث على البخل والشح ويريد ثناء الناس .

    وكان عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت ويقول ( رب قني شح نفسي )

    فقيل له في ذلك فقال ( إذا وقيت شح نفسي فقد وقيت البخل والظلم والقطيعة )

    ولهذا جاء الكتاب والسنة بذم البخل والجبن ومدح الشجاعة والسماحة في سبيل الله .( الاستقامة 264/2)

    أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد .


  4. افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    شكرا أخي أبا القاسم
    لقد قرأت أول مقال لك هنا
    وكان نفسي أن أراك في هذه الصورة حتى ترى ماكنت سأفعل دفاعُا عنك، فتكتبه هنا وتكون احدى فضائلي

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    مكة المكرمة
    المشاركات
    50

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    أحبتي في الله , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    وبعد فإني أهديكم مني خالص الشكر مع جزيل العرفان على موضوعكم الجميل هذا , و لا أراني أبالغ إن قلت إنّ من يقرأ كتاب ( سير أعلام النبلاء ) للذهبي رحمه الله في تأريخ الأقدمين و تجاربهم و ما نهلوا من معين حياتهم , ثم يقرأ مثل الذي تفيض به أقلامكم في هذا الموضوع العجيب , ثم يخرج إلى الدنيا يخطئ و يصيب , يعثر فيقوم ، يفشل ثم تكون عاقبته النجاح , لهو رجل ما ضيع حياته في لهو أو باطل , و من تجاربكم ننتفع و نستفيد , وفقنا الله و إياكم , تقبلوا مروري المتواضع , و إني منقب في صفحات كتابي ( الذي هو أيامي التي أعيشها ) فمتى وجدت ما أتحف به الآذان , و أشحذ به الأذهان وضعته عل الفائدة تحصل بذكره , والسلام .

  6. #86

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    وحيا الله تعالى الإخوة أجمعين، وليسمحوا لي بالتطفل على موائدهم العامرة ببليغ النثر، وروائع القصص، وسرد المواقف المؤثرة، واستخلاص العبر منها..ولست من أهل هذا الفن.. ولكن لعلي أشارك ولو بفنجال قهوة في مائدة حافلة.. ولا تحقرن من المعروف شيئا.
    وصاحب الموضوع ومثريه حبيبنا الشيخ عبد الله الهدلق قد ألح علي بالتسجيل والمشاركة ببعض المواقف فوعدته، واعتذر له عن التأخر في ذلك حتى ظننت أنه قد أيس مني، وها أنا ذا أفي له لكن بعد مدة.. والفضل -بعد الله تعالى- في مشاركتي له.
    ولقد رأيت في مشاركات أبي أحمد الثرية وصفه لنفسه بالحياء وطول الصمت، وأنا أكشف لمحبيه شيئاً من سره لم يسبق لي أن كشفته له مع كثرة مجالسنا الخاصة أدامها الله تعالى على محبة خالصة لوجهه الكريم.
    قبل ربع قرن جمعني فصل دراسي بالهدلق في ثانوية اليرموك الشاملة في مادة العقيدة عند مدرس ضرير اسمه عبد العزيز العسكر، وكنت أجلس في مقدمة الصف، ويجلس في الطرف الأيمن من الصف قبل الأخير شاب أبيض مشرب بحمرة هو الهدلق، وكان شديد الحياء لم أره ينظر في وجه أحد طيلة فصل كامل، وفيه صمت غريب فخلال فصل كامل لم أسمعه نطق بكلمة حتى وقع في نفسي وقتها أن عنده مشكلة في النطق.. يحضر الدرس إلى أن ينتهي ثم يخرج، وكنا -على عادة الطلاب- نجتمع في مجموعات بعد كل درس إلا هو فلم أره يخالط أحداً..وإلى الساعة لا أدري هل كان له أصحاب من زملائنا آنذاك أم لا؟
    أردت بكشف هذا التأكيد على ما ذكره، وقد كنت في ذلك الوقت ملاحظاً لشدة حيائه ولزومه الصمت..
    والحمد لله وحده الذي كسر عزلته، وجعله ينثر درره علينا بعد أن أمضى عقودا في تحصيلها وتخزينها، فجرى قلمه بما يحب محبوه، وبما ينفع الناس، جعل الله تعالى ذلك ذخرا له..
    ولي عودة بإذن الله تعالى لبعض ما حصل من مواقف..

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    حياك الله يا شيخ إبراهيم .
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  8. #88

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    الله يحييك يا شيخ عبد الله العلي..
    من المواقف التي أتذكرها أن إمام مسجدنا رحمه الله تعالى كان ضريرا ولا يحفظ القرآن، فإذا جاء رمضان ناب عنه أحد جماعة المسجد من المبصرين، وأذكر منهم ثلاثة: أحدهم رحل عن الحارة، والثاني عين إماما في مسجد آخر، والثالث شيخ كبير جليل كان من إخوان من أطاع الله تعالى، واستمر بالإنابة عنه حتى ضعف بصره فلم يقدر على القراءة في المصحف.. وكنت وقتها صبياً في تحفيظ القرآن وسمعني هذا الشيخ الجليل أقرأ في الإذاعة في برنامج ناشيء في رحاب القرآن وكان رمضان على الأبواب فكلم الوالد -حفظه الله تعالى- في أن أصلي بالناس التروايح، فاستدعوني وأنا ألعب مع الصبية في الشارع وأقنعوني بذلك، وألبسوني شماغا فرحت به ما لم أفرح بشماغ بعده، وأنا لم أدرك بعد ما ينتظرني، وتنامى الخبر في الحارة فاجتمع أقراني ومن يكبرهم حتى امتلأت سرحة المسجد في صلاة العشاء -وكان الناس يصلون في السرحة لقلة المكيفات- لحضور هذا الحدث الغريب، فتقدمت لصلاة العشاء وقد اخترت سورة التين وأخرى لقراءتها في الفريضة، وكنت أرددها بين العشائين خشية الخطأ، فلما أقيمت الصلاة وتقدمت وقرأت الفاتحة وأمَّن الناس ارتج المسجد بتأمينهم فارتج معه قلبي حتى كدت ألفظه من فمي، وأطلت السكوت بعد الفاتحة حتى هدأت نفسي فقرأت سورة التين ولم أخطيء فيها ولله الحمد، وهكذا فعلت في الركعة الثانية ولم أخطيء أيضاً، ولكن وقع مالم يكن بالحسبان وهو أنني سلمت من ركعتين فارتج المسجد بالتسبيح، فأحسست أن ماساً كهربائيا ضربني من باطن قدمي إلى ركبي فانتصبت قائما في أقل من ثانية لا أتذكر كيف نهضت، وعلاني رحضاء شديدة زادتها شدة الحر حتى سال جبيني ماء، فأكملت الركعتين، وسجدت للسهو وسلمت، وانصرفت إلى الجماعة لكني لم أرفع بصري عن موضع قدمي، وأنا أسمع بعضهم يهامس من كانوا بجواره: ما لقوا إلا هالبزر (الطفل) يصلي بنا ؟ وآخر يقول: مستعجل على التراويح صلى العشاء ركعتين، والثالث يقول: بزوره (أصحابه) ينتظرونه بالكورة والسياكل لازم يخلص بسرعة.. وأكملت بهم صلاة التراويح ثم عدت للمنزل ولم أخرج لأصحابي ليس وقاراً للإمامة وإنما خشيت أن يراني المنتقدون ألعب معهم فيصدق قولهم..
    وكان لي عم حبيب حكيم رحيم- رحمه الله تعالى وأموات المسلمين- صلى معي تلك الصلاة فلما ذهب إلى المنزل صار يتحدث مع والدي وعمي الآخر بأنه لن يصلي أبداً إلا خلفي، وأثنى علي ثناء كثيراً شجعني وأزال كثيراً مما أصابني من الأذى داخل المسجد..
    وفيها من الدروس ما يلي:
    1- أن الإنسان إذا خاف من الخطأ وقع فيه، ولو لم يقع في محله الذي توقعه وحاذره.
    2- أن الانتقاد شديد على النفس، وكم من مواهب حطمت به وقتلت.
    3-أن من تجاوز التجربة الأولى بكل سلبياتها مضى في طريقه الذي سلكه، وأما إن كانت سبباً في صده فلربما فشل فلم يعاود الكرة، وصار يكره المحاولة فيما فشل فيه..
    4- أن التشجيع له أثر كبير في محو مواطن الفشل، وإظهار مواضع النجاح حتى تكون هي التي أمام المجرب فيمضي في طريقه ولا يتعثر.
    5-أن الصغير أقدر على تحمل تبعات الفشل وتكرار المحاولة من الكبير؛ لأن اللوم على الصغير أخف منه على الكبير..
    أرجو أن تكون مشاركة نافعة ولو لم ترق لمستوى مشاركات الإخوة..

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر المسلمة
    المشاركات
    301

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    1- أن الإنسان إذا خاف من الخطأ وقع فيه، ولو لم يقع في محله الذي توقعه وحاذره.
    2- أن الانتقاد شديد على النفس، وكم من مواهب حطمت به وقتلت.
    3-أن من تجاوز التجربة الأولى بكل سلبياتها مضى في طريقه الذي سلكه، وأما إن كانت سبباً في صده فلربما فشل فلم يعاود الكرة، وصار يكره المحاولة فيما فشل فيه..
    4- أن التشجيع له أثر كبير في محو مواطن الفشل، وإظهار مواضع النجاح حتى تكون هي التي أمام المجرب فيمضي في طريقه ولا يتعثر.
    5-أن الصغير أقدر على تحمل تبعات الفشل وتكرار المحاولة من الكبير؛ لأن اللوم على الصغير أخف منه على الكبير..
    أرجو أن تكون مشاركة نافعة ولو لم ترق لمستوى مشاركات الإخوة..
    جزاك الله خيرا شيخ إبراهيم فوائد غالية

    أما هذه فقد أضحكتنى كثرا
    وأنا أسمع بعضهم يهامس من كانوا بجواره: ما لقوا إلا هالبزر (الطفل) يصلي بنا ؟ وآخر يقول: مستعجل على التراويح صلى العشاء ركعتين، والثالث يقول: بزوره (أصحابه) ينتظرونه بالكورة والسياكل لازم يخلص بسرعة.. وأكملت بهم صلاة التراويح ثم عدت للمنزل ولم أخرج لأصحابي ليس وقاراً للإمامة وإنما خشيت أن يراني المنتقدون ألعب معهم فيصدق قولهم..
    أضحك الله سنك
    عن عبد الله بن مطرف أنه قال فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة قيل لم يا أبا جَزْء قال إنه أورعهما عن محارم الله

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    حيى الله الشيخ إبراهيم الحقيل ومرحباً بكم وأهلا وسهلا
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    -ضع أي مقدمة تروق لك-
    أما بعد,
    في المدرسة..أحببت يوماً أن أداعب معلمي بما منحنيه الله من خفة ظل بشهادة ثقلاء الدم الذين لا يضحكون حتى للرغيف الساخن, فخطر لي أن أكتب حرف الدال قبالة اسمي(د.....). كان في نفسي نوع توجس مما احتقبته من آثام سالفة فجاءت هذه الجسارة كاشفة عن أصالتي في الشغب ..مرت الأيام ونسيت ما اقترفت يدي ,حتى جاءني أحد المشرفين الإداريين ليقول إن الأستاذ فرج يطلبك,وكان حقي أن أقول متفائلا:فرج الله أمري على وزن :سهيل,سهل أمركم ,فقد كنت أهيم في وهاد من الأسى في ذلك الزمان فلم يعد في جعبتي موطيء يصلح للفرح ..هذا والأستاذ فرج ليس ممن درسني حرفاً قط, فلا أعرفه ولا يعرفني... حثثت خطاي خائفا أترقب -وقد بدأت "الحصة" الرابعة- لأنه قال يريدك من فورِ أن يصلك الخبر, فذهبت من فوري كما أراد..وجعل ذهني يتأمل في سالف الخطايا ويروز في ماضيّ علّه يقع على السبب وقد أنسيتُ ما كان جملة..دققت عليه باب الغرفة وفتحته وهو مع طلابه شرع في درسه باللغة الإنجليزية..فلما أبصرني قال :أنت فلان؟ قلت :نعم!..فتقدم نحوي ساعياً وهو يتبسم ضاحكًا ثم استلمني وقبل رأسي!!
    وهنا..أخذ بمعصمي وقال لطلابه ملتفتا إليهم وارتسمت على أساريره معالم الافتخار :أعرفكم..هذا هو الدكتور فلان!..ثم دعا لي وقال شكرا لك..وودعني..فلك أن تتخيل كم حرك موقفه التربوي من كوامن النفس لتعانق ذرى المجد..وما زال تأثير قبلته على رأسي يفعل فعله إلى يومك هذا..!
    قارن ذلك بموقف المعلم الأصلي الذي داعبته..حيث رد إلي الورقة مصححة بعد أن شطب الدال المسكينة وكتب بقربها "لا تتفلسف" =ضربة قاضية لأمل غض مازال يتهادى في أول مدارج الحياة
    العبر والفوائد:-
    1-لابد أن يتحلى من يود أن يكون له شان بروح المغامرة فالجبن والعجز مذهبة للتألق والنجاح
    2-في طريق حياتك لابد أن ما تسمعه من رسائل سلبية وتثبيطات معنوية أكثر من غيرها فلا تجعل هذا عائقاً بل اصنع منه تحديا وجاهد
    3-النفس الطامحة للعلياء المشرئبة نحو السماء نفس حية وهواؤها الذي تتنفسه أنقى بكثير من هواء أهل الحفر
    4-ليس كل نقد لاذع يعني "السلبية" فكثيرا ما تكون النفس أحوج ما تكون لسياط لاذعات
    لتوقظها من غرورها أو أمانيها الواهمة أو إلخ ,وقد ظهر لي جليا أن مما يصرف طائفة من الدعاة عن نصح إخوانهم ظنهم أن مبعث نصحهم هو حسدهم لهم فلسان حالهم حينئذ:دع الكلاب تنبح والقافلة تسير!
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    الخوف عائق للنجاح .. يجعل الإنسان يرضى بالنقص وهو قادر على التمام والعطاء والنفع ..
    وصدق ابن الجوزي – رحمه الله – في قوله في صيد الخاطر ، فصل : التطلع إلى الأفضل :
    «من أعمل فكره الصافي دله على طلب أشرف المقامات ، ونهاه عن الرضى بالنقص في كل حال .
    وقد قال أبو الطيب المتنبي:
    ولم أر في عيوب الناس عيباً *** كنقص القادرين على التمام
    فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه ، فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض » أهـ.
    كنت وأنا طالب في الكلية في السنة الثانية ، قد توليت إمامة الناس في أحد جوامع مدينة الرياض ، نيابة عن أحد الدعاة والمشايخ ، فكنت أصلي بالناس الفروض فقط ، وكان خطيب الجمعة هو ذاك الشيخ الداعية الوقور – حفظه الله – .
    ولم يكن يخطر لي على بال في يوم من الأيام أن أتولى الخطابة في الناس ، ولم أحدث نفسي بذلك أبدا ، ليس لعدم القدرة على ذلك ، وإنما توحي لي النفس بالخوف من أن أضع نفسي في هذا الموقف ، والذي أظن أنني لا يمكن أن أقدر عليه ، مع وجود القدرة عليه !!..
    وشاء الله أن يكتب لي ذلك ، ففي أحد الأيام وكان ذلك قريباً من موسم الحج ، وكانت المؤسسات الدينية تجند المشايخ والدعاة للذهاب إلى الحج من بداية شهر ذي العقدة ، والبعض منهم من منتصف الشهر ، وذلك لدعوة الناس وتعليمهم أمور دينهم ، وكان ممن يختار لذلك من الدعاة والمشايخ ، شيخنا خطيب الجامع – حفظه الله - .
    ففي ذات صباح مشرق أذكره ولا أنساه أبداً ، وكان يوم الثلاثاء الساعة التاسعة صباحاً من أول غرة شهر ذي القعدة ، إذا بجرس الهاتف يدق ، فرددت عليه فإذا هو صوت شيخنا خطيب الجامع ، وإذا به يقول لي على عجل من أمره : أنا الآن في مكة خرجت مع المشايخ والدعاة ولا أستطيع أن أخطب بالناس الجمعة القادمة ولا التي بعدها ، ولم أجد من أنيبه على الخطابة سوى أنت ، وأنت أهل لذلك ، فتول الأمر جزاك الله خيراً ، وسوف يكون ببينا اتصال بعد ذلك ، ثم سلم , اغلق سماعة الهاتف .
    لم أشعر عند سماعي لهذا الكلام بأي شيء يمكن أن خاف منه ، سوى أنني سوف أخطب بالناس ، وهذا أمر عظيم في حياتي لم يكن لي على بال ، ولم أكن أتصور أنني في يوم من الأيام سوف أتولى ذلك .
    قمت من الحماس والنشاط وإثبات النفس على القدرة على الخطابة وتولي هذا الأمر ، وبراً بشيخي ، وتقديراً له على اختياره لي لهذا الأمر ، بإعداد الخطبة ، فأخرجت الكتب التي ألفت في جمع الخطب ، وأخذت أقرأ وأتصفح وأبحث عن المواضيع التي تناسب المكان والزمان ، فاخترت هذا الموضوع الذي لا أنساه أبداً « وهو التوبة والإخلاص في العمل » ، ولا زلت أحتفظ بهذه الخطبة وهي من أعز مقتنياتي ، وإن كان لي عليها نقد وتصحيح ، لكنها في ذلك الوقت خطبة حسنة صحيحة لا أعرف سواه إلا من هذا الوجه .
    كتبت الخطبة وانتهيت منها ومن تشكيلها ، حتى لا يحصل الخطأ في قراءتها على منبر يوم الجمعة والذي يحضره آلاف من الناس حيث أن شيخنا كان خطيباً جيداً وكان الناس يقصدونه ، والجامع تحيط به المباني من كل مكان فهو في حي شعبي من أحياء مدينة الرياض المملوء بالسكان .
    مر علي يوم الثلاثاء كأجمل ما يكون ، وكنت وأنا أصلي بالناس الفروض أنظر إلى المنبر ، وكأن بيني وبينه موعد ولقاء ، فأقول له : موعدنا يوم الزينة ، وأن يحشر الناس ظهراً لصلاة الجمعة . ومر يوم الأربعاء ، ولم أترك أحداً من أصحابي وأهلي إلا أخبرته بهذا الحدث الذي سوف أقوم به ، وهو أني خطيب الحي في يوم الجمعة القادمة .
    وجاء يوم الخميس ، وما أدراك ما أصابني يوم الخميس ، دبَّ بي الخوف فجأة ، وبدأت أتذكر اجتماع الناس ، وزاد خوفي عند سماعي لنصائح أولئك الأصحاب الذين بدأوا يلقونها علي ، وأخذوا يذكرونني بالشجاعة والإقدام ، ويقصون علي أسوء القصص التي حصلت لمن صعد المنبر أول مرة ، وماذا حصل له من الخوف ، والسقوط ، والإغماء على المنبر ، وأمام الناس .
    وهذه آفة بعض أهل النصح ، المبالغة في المكروه ، وتقديمه على التفائل والخير والإحسان .
    مرَّ علي يوم الخميس كأصعب يوم يمر على مكلوم أو محبوس ، ولولا ما بقي في النفس من شجاعة وقوة لمرضت ذلك اليوم ، إي والله ، حتى إنني حاولت أن أطلب رقم شيخنا وخطيبنا للاعتذار والتنحي عن هذا المنصب ، فلم أستطع لذلك سبيلا ، فلم يكن الجوال في ذلك الوقت ، ولا النداء الآلي ، فليس إلا الهاتف الثابت وبدون كاشف للرقم ، وأهل الدعوة والمشايخ في مكة والمشاعر أغلب وقتهم في الميدان وبعيدين عن مقر عملهم .
    وجاء اليوم الموعود ، جاء يوم الجمعة ، لم أستطع أن أنام جيداً تلك الليلة ، ولا بعد صلاة الفجر ، أصابني خوف شديد لا أدري كيف أصابني ، وكانت قصص من أغمي عليهم نصب عيني طوال الوقت ، حتى بدأت أتذكر حالي وقد أغمي علي ، ماذا سيحصل لي بعد ذلك ، حتى تمنيت أنني ما أخبرت أحداً بأنني سوف أتولى الخطابة في جامع الحي .
    ذهبت إلى الجامع الساعة الحادية عشرة ومعي مشلحي وخطبتي بيميني ، وزاد خوفي لما رأيت الناس وهم يدخلون الجامع جماعات وأفرادا ، والله ، لقد وصل بي الحال من الخوف والهلع ، أن صممت وعزمت على أن أرمي بالمشلح والخطبة على أي أحد يمر بي وأعرفه ، فأخذت فعلاً أبحث عن أحد أعرفه يمر بي ، فلم أجد ، وبينا أنا على تلك الحال إذ بمكبرات الصوت قد أشعلت استعداداً لدخول الخطيب ، رحمني الله تعالى تلك الساعة لما علم من حالي ، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أفتح باب المنبر وأدخل على الناس دون أن أنظر إليهم ، لأني اغتنمت شجاعة بسيطة مرت بي ، وأخذت بقلبي ودفعتي إلى أن أقوم بهذا العمل ، وأن أفعل ذلك ولو حصل ما حصل .
    دخلت وسلمت على الناس ، ولا أخفيكم أنني عملت لهذا الدخول عدة تجارب في المسجد بعد كل فريضة ، كيف أدخل ؟ ، وكيف أسلم على الناس ؟ ، وكيف أجلس ؟ ، وكيف أفتح المكبر ؟ ، وكيف .. وكيف ؟!! ، حتى حفظت ذلك وفعلته دون أختيار عندما دخلت الجامع وسلمت على الناس وصعدت المنبر ، كأنني تبرمجت على ذلك .
    ما أسرع ذلك الأذان لتلك الجمعة ، انتهى الأذان فقمت مسرعاً بعد أن سكن صوت الناس قليلاً ، وقد أخرجت الخطبة والتي ما تركت فيها من شاردة وواردة إلا وكتبتها ، حتى الدعاء كتبته .
    بدأت بقراءة الخطبة ، وأصاب صوتي نوع من الضعف ، ولكن سرعان ما اختفى - بفضل الله وبرحمته -، نسيت الناس وانشغلت في ضبط الخطبة وألفاظها ومعانيها ، أحسست أن الخوف قد زال عني تماماً .
    انتهت الخطبة الأولى في راحة وطمأنينة . فلم يغمَ علي ، ولم يحصل لي أي شيء ، جلست بين الخطبتين ، وفرق كبير بين جلوسي أول ما دخلت ، وبين جلوسي هذا .
    خطبت الخطبة الثانية ، ثم نزلت وصليت بالناس ، فلما انتهت الصلاة شعرت براحة نفسية عجيبة ، خرجت من المسجد ، وكل من قابلت ممن أعرف ومن لا أعرف ، يقول لي - كعادة الناس جزاهم الله خيراً تشجيعاً للخطيب - : بارك الله فيك خطبة جيدة .
    فرحة فرحاً عظيماً بذلك ، فلما عدت إلى البيت ، جلست مع نفسي ، وقراءة الخطبة على نفسي مرة ثانية أتأمل الإبداع فيها . فقلت : أنا الذي قبل ساعة كدت أموت من الخوف ، عجيب أمري !!، ها أنا ذا قد صعدت المنبر وخطبت الناس ، ونفعتهم ، وعدت إلى منزلي ولم يحصل لي أي شيء .

    من ذلك الوقت ، تعلمت أن الخوف هو أكبر عائق للإنسان لوصوله إلى التمام ، وأن الإنسان يجب عليه أن يقدم كل ما لديه ، من علم ، وخير ، ونفع للناس ، وأن يصل إلى أعلى طموحاته ، ولا يخشى الخوف ، ولا المرجف في النصيحة ، فها أنا منذ تلك اللحظة وحتى كتاية هذه الحروف - وقد مضى عليها عشرون سنة - أخطب في الناس و لا أعرف الخوف ، والحمد لله رب العالمين .
    وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ *** فَفِي صَالِحِ الْأَخْلَاقِ نَفْسَكَ فَاجْعَلِ . (1)
    ______
    (1) أخرج البيهقي في شعب الإيمان (11/47) بسنده عن أَبَي الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيّ ، قال : دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي الْمُوَجِّهِ، فَقَالَ: إِنِّي خَارِجٌ مِنْ مَرْوَ، فَلَوْ وَعَظْتَنِي؟ فَقَالَ أَبُو الْمُوَجَّهِ :
    وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ *** فَفِي صَالِحِ الْأَخْلَاقِ نَفْسَكَ فَاجْعَلِ
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  13. #93

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    حياك الله تعالى أبا مالك المصري وحيا أهل النيل، وجزاك خيرا على مرورك وتعليقك..
    وحياك الله تعالى أبا القاسم وجزاك خيرا على ترحيبك، وقد استمتعت بقراءة موقفك لكن هل صرت دكتورا كما كتبت أم أن المدرس الذي كتب لك: لا تتفلسف، قد قتل مواهبك، وحطم قدراتك؟؟

  14. #94

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    المشايخ الأفاضل ..
    سأنضمّ إليكم من باب ما أرجوه من وعد : " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " ..
    مما أتذكّره من قبيل ما تفضّلتم به : ما وقع لي وأنا في العاشرة أو قبلها ، وقد كنت مولعاً بـ ( الدرّاجات ) بأنواعها ، بيد أنّ والدي رحمه الله تعالى لم يكن يحبّ لنا ذلك ، لأنه كان يرى ـ وهو رأي وجيه في تلك الأيام ـ أنها باب من أبواب الفساد ، وحدث ذات يومٍ أنه تسلل إلى حيّنا صبيٌ يمتطي درّاجته ، فكان بمثابة العدوّ الذي داهمنا .. وكان بالنسبة لي غنيمة باردة !! وحينئذٍ فقد سلكت طريق المفاوضات في البدء !! فطلبت منه برفقٍ ! أن ( يعطيني دورة ) ـ كما كنّا نعبّر ـ فأبى ، فألححت عليه لكنه لم يستسلم .. فما كان مني حينذاك إلا أن انتقلت من المفاوضات إلى التلويح بخيار الحرب ! فأنزلته من درّاجته وتركته كما قال الأوّل : ( أوسعتهم سبّاً وأودَوا بالإبل !) .. فلما قضيت نهمتي من دراجته سلّمتها إليه .. ثم أكملت طريقي ذاهبا إلى المسجد ، فلما قضيت الصلاة واردت الخروج من المسجد إذا بي أرى جيشا عرمرما من أبناء حيّهِ وقد رموني عن قوسٍ واحدةٍ فمن ضاربٍ بيدٍ أو شيء آخر ومن حاملٍ جلمود صخرٍ لو وضع على بعير لقتله ! أما صاحبكم فقد كان لسان حاله : (هذه عاقبة الظلم ) .. ولقد كان بإمكاني أن أصيح في أبناء حارتي وأنتخي بهم فأنا وهُم يدٌ على من عادانا ! لكن والله إنني لا زلت أتذكّر أن شيئا في داخلي يخاطبني كالمعاتب : ( هكذا يكون جزاء الظلم ) .. وقد حملني ذلك على أن أحتفظ بدموعي فليس هذا أوان انهمارِها .. وأن أوفّر أترابي ليومٍ لست فيه الظالم !
    تلك كانت رسالة لي بأن أستعيذ بالله من أن أظلِم كما أستعيذ به من أن أظلَم .. على خلاف ما يردده بعضهم : (اللهم اجعلني المظلوم وليس الظالم ) !!

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم بن محمد الحقيل مشاهدة المشاركة
    حياك الله تعالى أبا مالك المصري وحيا أهل النيل، وجزاك خيرا على مرورك وتعليقك..
    وحياك الله تعالى أبا القاسم وجزاك خيرا على ترحيبك، وقد استمتعت بقراءة موقفك لكن هل صرت دكتورا كما كتبت أم أن المدرس الذي كتب لك: لا تتفلسف، قد قتل مواهبك، وحطم قدراتك؟؟
    شكر الله لك فضيلة الشيخ إبراهيم
    الحقيقة لم أصر دكتوراً ولا المدرس أثر في عزمي
    وإذا تيسرت الظروف فسأسعى للحصول عليها
    لا لذاتها ولا لأجل تعليقها ,ورحم الله تعالى العلامة الشنقيطي
    فقد كان يسميها :القوارير الفاضية! يعني أن الشهادة توضع في زجاج
    وتعلق ولكن مضمون صاحبها من العلم قليل
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  16. #96

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    وشكر لك يا أبا القاسم، ويسر لك ما عزمت عليه، وأعانك على أمور دينك ودنياك..

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    25

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    بارك الله في الإخوة الأحباب الكرام ..
    شيخنا الشيخ إبراهيم الحقيل : له خَطَراتٌ تفضح الناس والكتبا ! هذا ولشيخنا تاريخ حافل في الإمامة والخطابة ليته يواصل إتحافنا به بين الفينة وأختها ..
    الشيخ ضيدان اليامي : كان قلبي يدق معك بأثر رجعي , إذ كان لي موقف مشابه اعتليت فيه المنبر على الرغم مني , لكني جبنت بعدها فعاهدت نفسي على أن أترك المنبر إلى الأبد وزيادة يوم .. والفضل أخي الشيخ ليس للظروف الصعبة وإنما هو للأنفس الكبيرة , فهنيئاً لك ماأنت فيه من هذا الخير .
    الشيخ أبا القاسم : لكنّ قومي وإن كانوا دكاترةً .. ليسوا من العلم في شيءٍ وإن هانا
    الشيخ يعقوب بن مطر : أين أنت ؟ طال انتظاري لك من أيام البراجم .. ماأجمل ماذكّرتنا به .. لكنك قصّرت في وصف السيكل الذي غنمته , فلم تذكر لنا : هل كان جوبيتر 24 أو فلبس 26 , أم أنه سيكل صحراوي الفرامل ترجيع وطّاية !
    لابد من مثل هذه الدّقه حتى يتسنى للقارئ تحقيق المناط .. ماأكثر ما يُشجيني - وأنت الشاعر - قول أبي العلاء :
    وقد تعوضّتُ عن كلٍّ بمُشبهِهِ .. فما وجدتُ لأيام الصّبا عوضا
    قد كان بعض أهل العلم يعد هذا البيت من أفراد المعري .. شكر الله لكم جميعاً .

  18. #98

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    رفع الله تعالى قدرك يا شيخ عبد الله وأعلى مقامك في الدارين، فلست شيخا لك لكنه تواضعك الجم، وخلقك الرفيع، وإنما نحن قرينان زميلان، جمعتنا من قبل مقاعد الدراسة، ثم جمعتنا من بعد محبة المعرفة والثقافة، جعل الله تعالى ذلك خالصاً لوجهه الكريم..
    ولتعلم أني مقتنع تماماً: أن ما استفدته أنا من مجالستك أكثر مما استفدته أنت مني، لا حرمنا الله تعالى من مجلسك وأمثالك..
    وأما المواقف فأبشر بما أذكره منها وفيه غرابة أو طرفة، ولم يسبقك أحد إلى نبشها كما نبشتها أنت، فلعل في ذكرها فائدة، فكلامك المستمر لي عن المذكرات والمواقف أقنعني، ومقدمتك الضافية لهذه المشاركات زادت قناعتي..
    ولي عودة إن شاء الله تعالى للمواقف بعد العيد لتقع الحادثة في مناسبتها..

  19. #99

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الهدلق مشاهدة المشاركة
    الشيخ يعقوب بن مطر : أين أنت ؟ طال انتظاري لك من أيام البراجم .. ماأجمل ماذكّرتنا به .. لكنك قصّرت في وصف السيكل الذي غنمته , فلم تذكر لنا : هل كان جوبيتر 24 أو فلبس 26 , أم أنه سيكل صحراوي الفرامل ترجيع وطّاية !
    لابد من مثل هذه الدّقه حتى يتسنى للقارئ تحقيق المناط .. ماأكثر ما يُشجيني - وأنت الشاعر - قول أبي العلاء :
    وقد تعوضّتُ عن كلٍّ بمُشبهِهِ .. فما وجدتُ لأيام الصّبا عوضا
    قد كان بعض أهل العلم يعد هذا البيت من أفراد المعري .. شكر الله لكم جميعاً .
    أهلا بكم شيخنا الفاضل ,,,,
    بورك فيك ...

    أما السيكل فلا أتذكّر نوعه .. حيث لم أتمكّن من التأكد منه !! بل كان كل همّي الحصول على (سيكل ) ولو لمدة يسيرة .. والظرف لا يسمح بأكثر من ذلك !!

    تقبل الله منا ومنكم ...

  20. #100

    افتراضي رد: من تجارب الحياة..

    سلام عليكم أيها المشايخ الفضلاء ورحمة الله وبركاته، وعيدكم مبارك، وتقبل الله تعالى طاعتكم..
    وعدتكم بموقف آخر وقع لي مع الإمامة وأنا صبي، فبعد أن انقضى رمضان التحق إمام المسجد بدورة في معهد النور -وهو للمكفوفين- لمدة شهر، وطمع في أن أصلي بالناس المغرب والعشاء، وأخبر المؤذن بذلك، وصرت أصلي بهم هذين الفرضين، ففي العصر ألعب مع الصبية، وإذا اقترب المغرب ذهبت وتوضأت ولبست ثوب الصلاة وعمامتها -شماغ رمضان- وقصدت المسجد، ولا ألعب بين العشائين؛ لقصر الوقت وكثرة حركة جماعة المسجد في السكك..
    واستأنس المؤذن علي-وكان طاعناً في السن ثقيل السمع- فأصبح الحاكم على الأذان والإقامة، ولم يأبه بي؛ فأحيناً يمل الناس من الانتظار وهو لا يقيم الصلاة، وأحياناً يستعجل جداً ولا يشاورني في شيء من ذلك، والجماعة إذا أخرَّ الإقامة يأكلونني بنظراتهم، فصار إذا تأخر في الإقامة خفضت رأسي ولم أرفعه حتى يقيم الصلاة، ولو تكحكحوا وتنحنحوا كما هي عادتهم، وكنت أتعمد الجلوس بعد تحية المسجد بجواره ليراني فيقيم الصلاة، ولكن لا فائدة، وذات مرة ضجر الناس من التأخر فتجرأت وقلت له في أذنه: لو أقمنا الصلاة، فأشار إلي بيده أن أتريث..
    وذات ليلة محرجة لي جداً -وقع فيها هذا الموقف الذي أقصه عليكم- كان أحد جيران المسجد من الباعة في سوق الديرة القديم -المقيبرة- ويأتي من دكانه مع أذان المغرب، وبكّر في ذلك اليوم فلما دخل بسيارته -بيجو بكس جديدة بيضاء- زقاقنا كنت ألاحق الكرة التي ارتطمت بزجاجه الأمامي وكاد يدهسني لكنه شدَّ الفرامل بقوة حتى علا صرير الكفرات وهو يصرخ ويدعو ووجهي بوجهه، ومضى في سبيله، ودخلت المسجد على عادتي لأصلي بالناس المغرب، وتأخر المؤذن في الإقامة واستغل وجودي بقربه وصار يحادثني بصوت مرتفع؛ لأنه ثقيل السمع والجماعة يحترقون، وكان مما قال لي فعرقت خجلاً:(سليمان ما يلعب معكم راح مع أمه حصة لمكة...) وسليمان هذا هو حفيده، فرمى الجماعة كلهم بأبصارهم إلينا فمنهم من يهز رأسه، ومنهم من يحوقل ويسترجع، والشباب منهم يضحكون مستمتعين بحديثه إليَّ، ساخرين مني، وأتذكر وقتها أني وددت أن الأرض تنشق وتبتلعني، وبعد لأيٍ ما أنهى حديثه وشاورني لأول مرة في إقامة الصلاة فأجبته على الفور بنعم، فإذا صاحب البيجو الذي كاد يدهسني يرمقنا وهو يفرك سواكه في أسنانه كأنه يسنها ليفترسني، وقد استمع إلى حديث المؤذن معي، وظن أنه ثبت لدى الجماعة أن إمامهم يلعب مع الصبية بشهادة المؤذن المعلنة، فالتفت إلينا وقال: لا يصلي بنا هذا البزر وهو يلعب مع البزور، والتفت إلى أحد الجماعة وقال: صلِّ أنت، وكان المؤذن قد همَّ أن يقيم الصلاة، فتوقف المؤذن والتفت إلي يشاورني وقد تورطت، فضعفت وتنازلت وقلت للمؤذن: اللي يبون (كما يريدون) وتقدم الشخص المرشح وكان فاضلاً كبير السن وصلى بنا، لكنني اغتظت جداً من أسلوبه أمام الناس، وكأنه ينتقم مما حصل لكن أشهد أنه من عباد الله الصالحين وأحبه كثيراً رغم ما فعل ولا يزال حياً شفاه الله تعالى وأطال عمره على طاعته- فلما خرجنا من المسجد ندمت أنني تنازلت لهم، وأحسست أني ضعيف، وصرت ألوم نفسي كثيراً، ولا زال تنازلي -كلما تذكرته- يسبب لي امتعاضاً كبيراً إلى الآن رغم بعد العهد، وطول السنين..
    من الدروس والفوائد:
    1- أن الصغير مع الكبار إن وضع نفسه بمنزلة أحدهم احتمل منهم ما لا يطيق..
    2- أن التنازل عن حقٍ من ضعف يبقى أثره في النفس، ولا يزول بسهولة.
    3- أن الأصل في الناس الإذعان للوكيل ولو رأوا من هو أولى منه ما لم يقارف الوكيل ما يضعف موقفه ويؤلب الناس عليه.
    4- أن من الناس من يحرجك وهو في نفسه يعاملك بتلقائية لا يرى فيها أي غضاضة عليه كما فعل المؤذن في حديثه معي، فحديثه ضرني ولم يضره؛ لذا أرى أن يضع المتحدث نفسه في موقف المتحدث إليه قبل أن يطلق لسانه.
    آمل أن يكون موقفاً ممتعاً ومفيداً رغم طوله، وشكر الله تعالى لكم فراءتكم له وتعليقكم عليه..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •