مراتبُ الحفظِ
الجمعة, 28 مايو 2010


د. عبدالعزيز الحربي




الناس في الحفظ والنسيان على مراتب أربع :
الأولى : سريعو الحفظ ، بطيئو النسيان .
الثانية : بطيئو الحفظ ، سريعو النسيان .
الثالثة : سريعو الحفظ والنسيان .
الرابعة : بطيئو الحفظ والنسيان .
وبين ذلك مراتب نسبيَّة ، فقد يكون من هو متوسط الحفظ ، أو متوسط النسيان ، أو دون ذلك ، أو فوقه ، ولا يقال عنه : بطيءٌ ، أو سريعٌ ، إلا بمقارنته بغيره ، وقد يكون صاحب المرتبة الأولى في عصرنا لا يكاد يصل إلى مرتبة أعلام الحفاظ الذين كانوا من آيات الله في قوة الحفظ والتذكر وسرعة الاستحضار ، كقتادة ، والأصمعي ، والشافعي ، والبخاري ، هذا إذا كانت الموازنة بين أشخاص مختلفين في الحفظ والذِكر ، فإن كانت الموازنة بين حفظ الإنسان نفسه وبين نسيانه ، فبطء النسيان مع بطء الحفظ ، أولى من السرعة فيهما ، وإنما مثل البطيء فيهما كمن جمع ماله في تؤدة واطمئنان ، وهو يحافظ عليه وينفق بقدر ، والآخر كمن يكسب مالا كثيرا كلّ حين ثم يبدده كلَّ حين ، وربما تكاثر النسيان ، فكان كالقربة المخروقة التي يتسع خرقها حتى يصير خرقها أوسع من فمها ، فهذا كمن بلغ معنى قوله سبحانه : { لكيلا يعلم من بعد علم شيئا } وإن شئت فاضرب لهم مثلا أصحاب شركات الأسهم ؛ إذ ما كان منها بطيء الربح فهو قليل الخسارة .. ثم إنك إذا أدخلت الفهم معهما آلت إلى ثماني مراتب ، أردؤها ، بطيء الحفظ والفهم مع كثرة النسيان ، وأشرفهما ، بطيء النسيان مع قوة الحفظ والفهم ، وكل المراتب موجودة في الخلائق ، وأقلها من كان بطيء الحفظ ، سريع الفهم ، سريع النسيان ؛ إذ نسيان المفهوم قليل .


منقول