الدرس :الأول.
مقدمة:
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدى الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالي وأحسن الهدي هدي محمدٍ_ صلي الله عليه وآله وسلم _، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعه وكل بدعة ٍضلالة وكل ضلالةٍ في النار ,اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
______________________________ ___________
فإن أكثر الناس يعتبرون قيمة الوظيفة في مردودها ، فكلما درَّت الوظيفة ربحًا ومردوداً على صاحبها كانت وظيفة قيِّمة يتنافس الناس من أجلها .
وأشرف الوظائف على الإطلاق هي وظيفة الدعوة إلى الله _سبحانه وتعالي_ فهي وظيفة الأنبياء والرسل ، ولا يسلك هذا السبيل إلا أفراد من بني آدم إذا قِيسوا بمجموع الآدميين على وجه الأرض .
دانلوب الإنجليزي وتغييره في حقيقة الوظيفة:
ولتعرف قصة الوظيفة: عندما وضع[ دانلوب الإنجليزي ]منهج التعليم في مصر ، وانتقل هذا المنهج من مصر إلى سائر الدول العربية ، لأن مصر هي التي علمت الدول العربية عن طريق ابتعاث المدرسين وغيرهم .
فبدأ هذا الماكر يغير في حقيقة الوظيفة ، فأعطى أعلى راتب لمدرس اللغة الإنجليزية ، كان يأخذ اثني عشرة جنيهًا ، وأعطى له الحصص الأولى ، مدرس اللغة العربية كان يأخذ أربعة جنيهات وحصته عادةً في آخر اليوم ، ثم ربطوا حصة الدين بمدرس اللغة العربية ، عندما يكون مدرس اللغة الإنجليزية يأخذ اثني عشرة جنيهًا فماذا تكون النتيجة ؟ أن معظم الناس يتجهون لدراسة اللغة الإنجليزية لزيادة العائد والراتب الكبير ، ويتخففون من اللغة العربية لاسيما أن الطالب في الحصص الأولى يكون نشيطًا ، حاضر الذهن ، وأما في الحصص الأخيرة يريد أن يقفز من على السور ، وصل إلى درجة الملل .
ماترتب علي مافعله دانلوب الماكر.
فمن هنا بدأ الناس يتنافسون ، اليوم مثلاً يتنافس الناس على دراسة اللغات كانت كلية الألسن في زماني كانت كلية من أواخر الكليات ليس لها قيمة تقريبًا ، وكانت خارجه من اسم مدرسة الألسن ولا أحد يعرف قيمتها ، الآن كلية الألسن من كليات القمة التي تُنافِس كليات الطب والصيدلة غير ذلك لماذا ؟ قالوا لأن الدنيا تغيرت والعالم تغير ويحتاج إلى لغات .
تعلم الكمبيوتر مثلاً هذا يتنافس الناس فيه ويبدعون فيه كلما فزت بدقة التخصص كلما كنت مطلوب أكثر ، فهكذا مقياس الناس .
أشرف الوظائف على الإطلاق أن تكون داعيًا لله _عز وجل_:
أما الذين يعيشون في الدنيا بأبدانهم وينظرون إلى الآخرة ببصائرهم فيعلمون أن أشرف الوظائف على الإطلاق أن تكون داعيًا لله عز وجل ، أن تدل الناس عليه ونحن نعلم حديث النبي_ صلى الله عليه وسلم_:( وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) .
ثلاثٌ وسبعون طريقًًا كُلُها تؤدي إلى النار إلا طريقًا واحدًا ، فإذا كنت أنت هذا الحادي الذي يقف على طريق الحق ويجنب الناس هذه الطرق ، طرق المهالك والضلال ، فالنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول:( الدال على الخير كفاعله)
فكل إنسان انتشلته واجتذبته من هذه الطرق وأوقفته على طريق الحق لك مثل أجره .وأنا أريد أي إنسان مغرم بلغة الحساب يعمل لي حسبة بهذه المسألة ويرى كم من العائد يعود عليه في الدنيا وفي الآخرة .
المراد بالنعمة السالبة.
والناس قِصار النظر لا ينظرون إلا إلى الدنيا ، ولا ينظرون إلا إلى المال الإيجابي إذا صحت هذه التسمية ، ينظرون إلى الأموال السائلة ، لا ينظر إلى ما يُسمى عند بعض أهل العلم بالنعمة السالبة ، [والنعمة السالبة التي ليست نقوداً مثل الصحة ,]أنت تعمل وتتحرك في الدنيا وتعمل كل ما تريد بصحتك ، فإذا ضاعت الصحة ، ماذا يحدث ؟ لو عندك ملايين سائلة ستنفقها من أجل أن تسترد هذه الصحة مرة ثانية .
أي أن الصحة السالبة الكامنة التي لا تدفع لها أموال يوميًا لتستردها .سلامة الأولاد صحة الأولاد ، سلامتك ، صحتك .
متى تتسيل نعمة الصحة؟
ويمكن أن تتسيل هذه النعمة[ أي تكون أموالاً] إذا فقدها صاحبها.
بما يُكافيء الداعي إلي الله_عز وجل_
الداعي إلى الله _عز وجل_ لابد أن يُكافيء في الدنيا ولا يلزم أن تكون المكافأة مال ، إنما يُكافأ بنعمة الرضا وبراحة البال ، واستقامة الأبناء استقامة الزوجة ، محبة الناس محبة الجيران ، طيب الثناء والذكر .
ذكر العالم أكثر من ذكر الأب والأم.
ونحن جميعًا نذكر علمائنا أكثر من أبائنا وأمهاتنا .أبي مات وأبوك تتطلب له الرحمة كم مرة ، لكن أنت طالب علم تدرس في كتاب قال المصنف_ رحمه الله _ ، قال أحمد_ رحمه الله_ قال مالك _رحمه الله_، قال البخاري رحمه الله صارت ملازمة للسان أنك تترحم وتترضي على أهل العلم ، وهذه ليست مسألة هينة لا يعرفها إلا الموتى عندما يترحم أهل الأرض عليهم ويكون للإنسان لسان صدق في الناس يعرف هذا الميت قدر هذا الذي فعله وبذله في الدنيا .
حقيقة الدعوة ، وكيف ندعو الناس إلي الله عز وجل.
كثير من إخواننا الذين أتوا إلى هذا المسجد أتوا بقصد أن يعلموا حقيقة الدعوة ، كيف يدعون الناس إلى الله ؟ عندما قلت الدعوة إلى الله _عز وجل _وظيفة هذه[ مجرد تسمية اصطلاحية]، وإن كان بعض الناس يعترض عليها لكنني قصدت أن أقرب المعنى بها .
إذا تعامل الداعية إلى الله عز وجل بمنطق الموظف فشلت دعوته :
بل لابد أن يتعامل وهو يمضي في طريقه بقلبه الموظف يُمكن أن يذهب ويوقع في المصلحة ويأخذ خط سير ويرجع إلي منزله ، بعض من رزقه الله عز وجل حسن الأداء من الخطباء عندما يتجمع عليه الناس يُنقل ، لاسيما أن كان من يحمل في صدره حقدا وغيظاً له.
بيته بجوار المسجد أو المسجد في نفس البلد فكان لا يجد مشقة في الذهاب إلى المسجد ، فنقلوه إلى أبعد مكان فيغضب ، ويحزن وغير ذلك ، وأنا أقدر غضبه لأنه سينفق وقتًا في الذهاب والإياب وسيكلفه مصاريف وغير ذلك لأنه ذهب إلى هناك عقوبة .
الذين يعيشون علي ثغر الدعوة بقلوبهم حيثما وقعوا نفعوا.
الذين يعيشون علي ثغر الدعوة بقلوبهم يغتبطون لهذا ، يقول أرض بور سأشجرها ، لأنه حيثما وقع نفع ، تضعه في أي مكان لا يسكت ، يزرع فإذا كان أهل بلدي استفادوا من في هذا الموقع واستطعت أن أكون نواة من الشباب الجيد وأبذر فيهم بذرة الدعوة إلى الله _عز وجل _، فأنا ذهبت إلى أرض بور سأشجر في هذه الأرض ، جعلوها عقوبة وفقني الله _عز وجل_ أن أجعلها منحة .