مجموعة من (الخارجون عن القانون) الذين مازالوا أحياء يرزقون بذكريات جرائمهم وهم ينظرون إلى أياديهم مازالت ملطخة بدماء أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم قالوا "ربنا الله والإسلام ديننا و العروبة انتسابنا والجزائر وطن لنا و ليس لغيرنا " . وآذانهم مازالت "ترن" بصرخات ضحاياهم رجالا و نساء وحتى أطفالا .
أيادي عجزت مياه ومنظفات عشرات السنين من تنظيفها و تغيير لونها الأحمر الدامغ بدماء سالت ظلما و عدوانا وحرمات شعبا بأكمله انتهكت ليلا و نهارا وخيرات نهبت على مدار قرن أضف له أكثر من ثلثه واستشر العاديين لتعرف قيمة تلك الخيرات التي قطعت البحار و الأجواء لتصب في بطون هؤلاء "الخارجون عن القانون و عن الإنسانية" .
سبب احتجاج هؤلاء فيلم بعنوان "خارجون عن القانون" الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان "كان" السينمائي الأخير ، مستعرضا بعض من حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر . متهمين الفيلم بالانحياز ضد فرنسا في تناوله لهذه المرحلة السوداء في تاريخ هذا البلد الذي يرفع شعارات براقة في الإنسانية و العدالة و ما شابه ذالك...
أنا لم أشاهد الفيلم ، لكني على علم اليقين أنه لا يمثل إلا أقل بكثير من "ذرة" واحدة ما فعلوه هؤلاء "الجلادون الخارجون عن القانون" من جرائم جسدية و نفسية لشعب كامل ، ماعدا قلة قليلة من عملائهم تحت مختلف العناوين و المسميات ، الذين استفادوا من فتات مستعمر وساهموا في تمكينه من إطالة وجوده في هذا البلد المسلم و عروبة الانتماء ...
لذالك لا عجب عندما يشاركون أولياء نعمتهم في الاحتجاج. لقد سجلهم التاريخ في "مزبلته" كخونة وسيبقون كذالك إلى يوم يبعثون ، يوم يحملون صحفهم السوداء بأياديهم اليسرى ليتذكروا ما فعلوه ضد إخوانهم في اللغة و الدين استرضاء للغازي الغاشم . ..وستبقى تلاحقهم لعنات دماء الشهداء و صرخات الأمهات وآهات الرجال وكرامة الشرفاء . وسيبقون يتوارثون تلك اللعنة إلى ذالك اليوم المعلوم.
لا يعرف "هؤلاء الخارجون عن القانون" ماذا يسمون ما فعلوه ، ومن قبلهم آبائهم و أجدادهم ، طيلة سنين النار و الجمر حصيلتها مليون ونصف روحا زهقت والبقية زهقت أمالهم و أحلامهم تركوا في ظلمات الجهل و الفقر ،وتجاربهم العلمية و الغير العلمية ، يسبحون ...
ولا يعرف أيضا "هؤلاء المحتجون" في أي قاموس يصنفون جرائمهم المرتكبة ضد أبرياء عزل ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا التعبير عن فرحتهم بانتصار الحلفاء على المحور ، كبقية شعوب العالم ، بعد انتهاء الحرب الكبرى الأخيرة . بعد أن أوهموهم أن حريتهم مرتبطة بتعاونهم في مواجهة "الخارج عن القانون" * الأخر، الذي يحمل نفس أفكارهم...
ولا يعرف ماذا يسمى حرق قرى بكاملها وعلى رؤوس ساكنيها بالتهمة الجاهزة ، الصالحة في كل مكان و زمان ، إيواء الإرهابيين (بالمصطلح الحديث)...كنت أتمنى لو أن الفيلم يحمل العنوان "الخارجون عن القانون و عن الإنسانية"...
*هتلر
حمدان العربي الإدريسي
22.5.2010