بسم الله الرحمن الرحيم ..

أما بعـــــــــــــ ـد ..


قال تعالى ( إن في السماوات والأرض لآيت للمؤمنين )
فمتى ما سرحت فكرك .. وقلبت مقلتيك .. رأيت آيات
الله تعالى الصاعقة لكل متكبر .. المُخشعة لكل قلب
منيب ..

هذا في دلالتها على خالقها أما في تأملها في مآلها وكيف
حالها يكون ؟؟ لآيات وموعظة للمتقين ..

حرر قلبك قليلا من عبودية النفس والنظر في معاشها ومطعمها
ومشربها ثم سيِّر طرفك في آية من آيات الله تعالى وهي الجبال
نعم .. وما أدراك ما الجبال ؟!

هذا الخلق الشامخ الثابت العملاق تأمل كيف نصبه ؟ وكيف
ثباته ؟ وكيف شموخه ؟

تجد نفسك ذليلة لخالقه من عظيم ما أبدع وخلق ..

لو ذهبت إلى أمريكا الجنوبية لرأيت جبال الأنديز العملاقة التي
يقع طولها الشريطي ما يقارب تسعة آلاف كيلو متر راسية لا
تحركها السنون والدهور .. تعلم حينها عظمة العظيم ..

ولو اقتربت قليلا في القارة الأوربية لوجدت في قلبها جبال الألب
الجميلة التي تسحرك برونقها وطلتها محلاة بعقد من الثلوج
يزين ظهورها .. هذه السلسلة من الجبال طولها الشريطي ما يقارب ألف ونصفها من الكيلو مترات ..

وإن يممت وجهك شرقا هناك في الهند وبلد الصين لرأيت أضخم
الجبال وأعتاها في علوها ورسوخها جبال الهميلايا والتي تتسلسل
في أربعة آلاف كيلومتر ..يسير الراكب فيها حتى ينكسر صلبه
وينظر الراء إلى أعلاها فتكاد تنقطع عروق رقبته ..

أرأيت هذه الجبال والتي هي جزء من جبال هذه المعمورة الضخمة
التي لو اجتمع الإنس من أولهم إلى آخرهم على أن يزيلوا سلسلة
من الجبال المذكورة لفنت أعمارهم ولم يفعلوا ولن يفعلوا ..

تُرى ما يُفعل بهذه الجبال العملاقة يوم القيامة ..

لها أحوال ثلاثة تأملها بقلبك واجعلها فصلا من فصول حياتك إلى
مماتك :


( المشهد الأول )

( النسف والبس )

وهذا أول المشاهد المروعة وهو أن الجبال تُنسف نسفا وتُفتت
تفتيتا حتى تكون كالطحين ..

قال تعالى ** ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ، فيذرها
قاعا صفصفا ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا }

وقال تعالى ** وبُست الجبال بسا } أي تُفتت ..

هذه الجبال المهيبة .. نعم فمن خلقها يُزيلها ..

وهنا تكون ** وكانت الجبال كثيبا مهيلا } أي رملا سائلا بعد
النسف والبس ..

( المشهد الثاني )

( العهن المنفوش )

قال تعالى ** وتكون الجبال كالعهن المنفوش } أي كالصوف في
تعدد ألوانه منتفشا ..

وذلك أن الجبال لها ألوان متعددة فمنها الأسود والأحمر والأبيض
فيبقى الجبل بعد النسف ترابا محافظا على لونه كأنه منتفخ مع
كونه رملا سائلا ..

( المشهد الثالث )

( حين تكون سرابا )

قال تعالى ** وسُيّرت الجبال فكانت سرابا }

وذلك بعد كونها رملا تطير بأمر الله تعالى فتكون سرابا وتغيب
وكأن لم تكن جبال ..

حين يرى الإنسان تلك المشاهد يشيب رأس الوليد وتطير الأفئدة
ولا يسئل حميم حميما ..

فهل فكرت يوما بهذا اليوم ورهبته ؟؟

هل أعددت له زاده وعُدته ؟؟

هل زدت الرصيد ليوم المزيد ؟؟

ما دمت تنفس فأدرك حالك .. فوالله إن الأمر جلل ..