بسم الله الرحمن الرحيم
من أحكام اللباس المستقرة , كونه ليس مِن لِبْسِ الكفار .
فما وافق لباسهم قد بيّن الفقهاء من ( قديم ) حرمته
إلا أنهم استثنوا أن يشيع نمط هذا اللباس ( المحرّم ) في المسلمين شيوعا يلغي اختصاص الكفار به , فهنا ( تزول ) الحرمة ويحلّ الحِلّ .
وعليه فالشائع عند فقهائنا الكرام اليوم أن يفتوا بجواز لبس البنطال , والقبعة , ونحوهما , لا لكونه لبس جائز من أصل بل لشيوعه في المسلمين بعدما كان خاصا بالكفار يحرم لبسه .
ولهم في هذا سلف من الأئمة الأعلام , فحديث السابقين معروفٌ عن جواز القلانس لشيوعها بعد أن كانت محرمة لاختصاصها بالكفار
ظني أن تجويزه لهذه العلة محل نظر
ذلك من وجه واحد هو :
أن علة تحريم لباس الكفار لم تبرح بل لا زالت قائمة !
فكيف يزول حكم علته باقيه ؟
قد يتبادر لذهن شخص أن العلة هي اختصاص الكفار به , فلما زال الاختصاص زالت الحرمة .
وهذا التعليل خطأ , أظنه هو الذي أوقع فقهاءنا بهذا .
فعدّنا العلة اختصاص الكفار به يظل معه السؤال عن العلة قائما ! إذ نسأل : لماذا نهينا عن لبس ما هو من اختصاص الكفار ؟
فجواب السؤال هو العلة الحقّة وهو :
(( التعبد لله بمخالفتهم في لبسهم حفظا لتميّز شخصية المجتمع المسلم ))
فالعلة إذن حفظ تميّز شخصية المجتمع المسلم, وليست اختصاص الكفار باللباس .
فهل تزول هذه العلة بشيوع نوع من لباس الكفار ؟ لا أراه !
بل أرى عكسه , إذ إن شيوع لباس الكفار فينا حقق ما حَرّم الله علينا أن نلبس كلباسهم لمنع حصوله ! حقق ذوبان المجتمع المسلم في شخصية المجتمع الكافر, ولو من وجه .
أوضح الصورة بمثال مطابق :
من أحكام اللباس كون لباس الرجل ليس كلباس النساء , حتى تظل رجولة الرجل وأنوثة المرأة متميزتين لا تذوبان ببعضهما البعض .
وله قد حرّم الله أن يلبس الرجال ملابس النساء .
فما الذي يحدث لو لبس كل الرجال ملابس نسائية ؟
هل يصبح هذا اللبس حلالا لشيوعه وغلبته ؟
لا أظن .
بل يقال عن مجتمع هذه حاله : إنه مجتمع سوء , يُخشى عليه عقوبة معجلة عامة , إذ تأنث رجاله وانتكست فطرتهم .
فما دام شيوع ملابس النساء في الرجال لا يزيل الحرمة , فكيف أزالها شيوع ملابس الكفار في المسلمين , والعلة واحدة ؟
الذي أظنه أن شيوع ملابس الكفار إثم عام ومعصية فاشية يخشى على المجتمع من عقوبة معجلة عليها لكونه لم يدفع هذا المنكر من بدايته , بل تشرّبه واستساغه حتى صار منكرا شائعا مجاهرا به , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
لو جلنا بأذهاننا في كثير من دول المسلمين , ثم سألنا أنفسنا : هل سنعرف أهلها من لباسهم أهم مسلمون أم كفار ؟ أم لا نعرفهم إلا من علم سابق , أو مظاهر أخرى ككثرة المساجد ونحو هذا .
أظن ملابس المسلمين في دول إسلامية كثيرة جعلت صورهم كصور الكفّار , وهذا عين المحذور , والله المستعان
إني أتأمل حال بعض إخواننا المسلمين , فأراهم بالجنز والكرفتة حالقي لحاهم وشواربهم و فأقول في نفسي : ماذا تركوا من شخصية الكفار
قال تعالى ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين يعرفن أنهن حرائر مسلمات محتشمات , لا إماء وضيعات ولا كافرات لا يحرّمن ما حرّم الله . هكذا حمى الله شخصية المسلمة وميزها
لذا أوجز السؤال : هل أصاب علماؤنا يوم جعلوا شيوع لباس الكفار في رجالنا ونسائنا سببا في زوال حرمته ؟
أرجو أن أجد من يقول : نعم أصابوا , ويصحّ قوله , ليزول من نفسي الأسى على واقع المسلمين ,وأطمئن إلى أن لبسهم لا زال على خير , حتى وإن كان بنطالا وكرفتة وقبّعة ( برنيطة )