المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن السديس
4- كثرة الأغلاط النحوية
صليت في مساجد كثيرة؛ فرأيت أكثر الخطباء يخطيء في الإعراب كثيرا، فينصب المرفوعات ويرفع المخفوظات..
بكثرة، حتى في أوضح الأمور وأظهرها؛ فتراه يجعل الفاعل مفعولا به = فيفسد المعاني، ويشوهها.
ومن أقبح ما بلغني في ذلك قول أحدهم وهو يذكر قصة ماعز بن مالك حين اعترافه للنبي
...
(أستغفر الله لا أريد أن أكمل ما حدثت به) !!
وتجد من عنده شيء من الإلمام بالنحو = يوشك أن يخرج من ثيابه مما يسمع!
والمشكلة أنه على هذه الحالة من سنين، وكأن الأمر على السداد !
ويظن أنه سحبان وائل!
يا أخي هب أنك الآن لا تحسن ... فما الذي يمنعك من التعلم ؟!
لم الإصرار على الجهل في موطن لا يحسن فيه .
إن كان النحو لا يروق لك ولا تشتهييه = فدع الخطابة لمن يحسنها، فكثير من المصلين لا تروق له ولا يشتهيك !
لقد حث أسلافنا الأولون على تعلم علم النحو والصرف، والاهتمام به أكثر، وتقديم تعلمه على بقية الفنون، إذ هو مفتاحها، والسبيل الموصل إليها.
قال شرف الدين العمريطي:
النَّحْوُ أَوْلَى أَوَّلاً أَنْ يُعْلَمَا * إِذِ الْكَلاَمُ دُونَهُ لَنْ يُفْهَمَا
ـــــــــــ
وقال ابن الوردي:
جَمِّل الْمَنْطِقَ بالنَّحْوِ فَمَنْ * يُحْرَم الإِعْرَابَ بِالنُّطْقِ اخْتَبَلْ
ـــــــــــ
وقال علي الإصبهاني (الجامع):
قَدِّم النَّحْوَ عَلَى الْفِقْهِ فَقَـدْ * يَبْلُغُ النَّحْوِيُّ بِالنَّحْوِ الشَّـرَفْ
فَتَـرَى النَّحْوِيَّ فِي مَجْلِسِه * كَهِلاَلٍ بَانَ مِـنْ تَحْتِ السَّقَفْ
يُخْرِجُ الأَلْفَاظَ مِنْ فِيهِ كَمَا * يُخْرَجُ الْجَوْهَرُ مِنْ بَطْنِ الصَّدَفْ
ـــــــــــ
وقال آخر:
النَّحْوُ زَيْنٌ لِلْفَتَى * يُكْرِمُهُ حَيْثُ أَتَى
مَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُه * فَحَقُّهُ أَنْ يَسْكُتَا
ـــــــــــ
وقال إسحاق بن خلف البهراني:
النَّحْوُ يُصْلِحُ مِنْ لِسَانِ الألْكَنِ * وَالْمَرْءُ تُكْرِمُهُ إِذَا لَمْ يَلْحَنِ
فَإِذَا طَـلَبْتَ مِن الْعُلُومِ أَجَلَّهَا * فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيـمُ الأَلْسُنِ
ـــــــــــ
وقال السيوطي:
النَّحْوُ خَيْرُ مَا بِهِ الْمَرْءُ عُنِي * إِذْ لَيْسَ عِلْمٌ عَنْهُ حَقّاً يَغْتَنِي
ـــــــــــ
وقال آخر:
اقْتَبِسْ النَّحْوَ فَنِعْمَ الْمُقْتَبَسْ * وَالنَّحْوُ زَيْنٌ وَجَمَالٌ مُلْتَمَسْ
صَاحِبُهُ مُكَرَّمٌ حَيْثُ جَـلَسْ * مَنْ فَاتَهُ فَقَد تَّعَمَّى وَانْتَكَسْ
كَأَنَّ مَا فِيهِ مِن الْعَيِّ خَرَسْ * شَتَّانَ مَا بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْفَرَسْ
ـــــــــــ
الكسائي:
إنَّما النحو قيـاس يُتَّبع * وبـه فِي كُـل عِلْمٍ يُـنـتَفَعْ
فإذا ما نصرَالنحوُ الفتى * مَرَّ فِي الْـمَـنطق مَرّاً فاتَّسَعْ
فاتقاه جُلُّ من جَـالَسَه * من جليسٍ ناطــقٍ أو مُسْتَمِعْ
وإذا لم ينصر النحوُ الفتى * هَاب أن يَنطق جُبنا فانقـطـعْ
فتراه يرفعُ النصب ومـا * كان مِن خَفْضٍ ومِن نصب رَفَعْ
يقرأ القرآن لا يعرف مـا * صَرَفَ الإعرابُ فيه وصَـنَعْ
والــذي يعرفه يقـرؤه * فإذا ما شك فِي حَـرف رجَعْ
ناظـرا فيه وفِي إعــرابه * فإذا ما عرفَ اللَّحْنَ صَدَعْ
كم وضيع رفعَ النحوُ وكم * من شريفٍ قـد رأيناه وَضَعْ
ــــــــــ
وقال آخر:
وَكَيْفَ يَرْتَقِي إِلَى الْمَعَانِي * مَنْ لَيْسَ ذَا نَحْوٍ وَلاَ بَيَانِ
ــــــــــ
وقال آخر:
النحوُ قـنطرةٌ إلَى العلوم فـهـل * يُجَازُ بَحر على غير القناطير
إن النـحاةَ أناسٌ بَان مَجـدُهـم * فوق العباد جميعا بالْـمقادير
أهْلُ الفصاحة لا يخشون من أحـد * عند القراءة فِي أعلى المنابير
لو يعلم الطيرُ ما في النحو من شرف * غنت ورنت إليه بالْمناقير
مع تحيات: سي علي بوسوس السوسي الأمازيغي