((الشّاعر –ونعني به الشّاعر لا النّظّام-لا يأخذ القلم بيده إلّا مدفوعا بعامل داخليّ لا سلطة فوقه،فهو عبد من هذا القبيل ، لكنّه سلطان مطلق عندما يجلس لينحت لإحساساته وأفكاره تماثيل من الألفاظ و القوافي؛ لأنّه يختار منها ما شاء ،فيختار الأحسن إن كان من المجيدين أو ما دون ذلك بالتّدريج حسب قواه الفنّيّة والأدبيّة .
أمّا ((النّظّام )) فيأخذ قلما وقرطاسا ثمّ يوخز دماغه و قريحته علّه يتمكّن من أن يهيّجهما و لو قليلا ، غايته لا أن يترجم عن عواطف أو ان يعبّر عن أفكار بل أن (( ينظم قصيدة)) .
أمّا الشّاعر الّذي يسقي قلمه من قلب طافح و روح هائجة فربّما لا نفهمه اليوم ،و لا نهتمّ به ، لكنّ لابدّ أن نفيق غدا وندرك هفوتنا ؛ لأنّ الجمال -كالشّمس –لا يختفي ،هذا ما جرى لشكسبير و كثيرين سواه من الشّعراء والكتّاب . لكنّ شكسبير لم يمت و لن موت أمّا ألوف (( النّظّامين )) الّذين حازوا شهرة وقتيّة عن غير استحقاق فلا نسمع بهم و لا نذكرهم ، و إن ذكرناهم فعلى سبيل التّفكّه فقط ...))
ميخائيل نعيمة