بسم الله الرحمن الرحيم


((الدولة المدنية انقلاب على الديني والسياسي))

الحديث عن الدولة المدنية في الساحة الفكرية السعودية يتعالى وصوت دعاة المدنية يرتفع ، والعجيب أنه الآن يخرج من داخل الصف (الشرعي) أو من هم محسوبين عليه، وقد رأيت أن اقدم فكرة عامة عن الدولة المدنية، وكيف أنها حرب على الطرفين (الديني والسياسي) في آن واحد. وأعرض لكم هنا مقالا لكاتب من داخل الصف العلماني كي لا يقال أننا نهول أو نعطي الأمور فوق ما تستحق!
سيكون لي تعليقات مهمة في الهامش أرجو قراءتها ممن يجد صعبة في فهم بعض عبارات المقال وفهم مغازيه.
راغب الركابي
rakeb.alrekabi@gmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2508 - 2008 / 12 / 27
المحور: المجتمع المدني
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

الدولة المدنية هي : دولة القانون هكذا هي عندنا ببساطة وبالتالي فهي ليست دولة رئيس الوزراء ولا دولة رئيس الجمهورية أو الملك ، ونريد هنا التأكيد على الطبيعة الموضوعية لتلك الدولة التي تؤسسُ على قاعدة الفصل بين السلطات الثلاث ، الفصل بمعناه الحقيقي وليس الإعتباري ، والفصل هو المُكون الرئيسي لطبيعتها المادية وثقافتها المجتمعية .

فالدولة المدنية يجب إن يُحترم فيها عقل الإنسان وتُحترم فيها إرادته وقراره ، والأحترام الذي نقصده متبادل من شقين وجودي وقانوني دستوري :

1 - ففي الشق الأول وجود الإنسان من حيث هو هو محترم ومُصان ولا يجوز سلب ذلك الوجود لأي سبب كان .

2 - والشق الثاني هو حماية هذا الحق قانونياً ودستورياً ، فالدولة يجب ان تجعل القانون والدستور من أجل المواطن الفرد والمواطن المجتمع .[1]

والدولة المدنية هي القاعدة التي يُمكن من خلالها تحقيق أهداف المجتمع في - العدل والحرية والسلام - و حاجة مجتمعاتنا إليها حاجة ماسة ولازمة ، لتصحح وتعالج إختلالات يعيشها الواقع العربي والإسلامي بكيانه السياسي ووجوده السيكومجتمعي .

وهي إيبستيمولوجياً تسعى لتحرير العقل من النزعة الفردية في السلوك والعمل والممارسة ، وهذا السعي منها ذاتي يرتبط بتكوينها الطبيعي وموضوعي يرتبط بثقافتها ، التي تستهدف تقويض دعائم وقواعد وعمل عقل الأستبداد ، الموؤسس على ذهنية التجييش والعدوان والدكتاتورية ومصادرة الحقوق[2] والقيم .

وهي منظومياً تُحرر العقل بنيوياً من أجل تغيير قواعد السلوك الإجتماعي والسياسي والإداري ، ففي ظلها ينكسر عود التخلف[3] والتركيب البدائي لنظام المجتمع من خلال :

أ - تحرير مفهوم العلاقة بين الفرد والمجتمع وبين الفرد والدولة .

ب - والتحرير يُوخذ في سياقه العام ، أي [ تحرير وسائل الإنتاج المادي والمعرفي العلمي ، وتحرير للعلاقات الإقتصادية ، وتنمية روح العمل لدى الجميع ، والحرص على جعل نظرية المساوات بين الذكر والأنثى واقعية في الحياة وفي المجتمع ، وردم التفاوت الطبقي والعرقي والديني [4]بين مكونات المجتمع ] .

من خلال معالجة[5] الإختلالات أو المورثات البيئية والتاريخية التي خلقت مجموعة من الطبقات تتميز على غيرها من دون وجه حق[6] ، والذي أشرنا إليه في هذا المجال يُعد نقطة البداية في التحول الموضوعي للمجتمع المدني ، والذي بدونه تترسخ صور الأستبداد[7] ، من خلال التطبيل لنوع من البشر أو من خلال التهريج والتملق والنفاق لبعض البشر خاصة إن كانوا في مراكز من السلطة ما[8] ، وهذا التهريج وممالات السلطة هي العورة التي تحطم نظرية ومفهوم المجتمع المدني ،
كما إن التأكيد على إبقاء المجتمع ضمن حركة وعمل سلطة التراث الديني والقبلي هي واحدة من مقوضات تكوين ونشوء المجتمع المدني .

ولايغرب عن البال إن موضوعة التطبيل والتزمير للحاكم السياسي هي أمراض من بقايا العهد الأمبراطوري الملكي للدولة الإسلامية ، التي أسسها وبناها معاوية بن أبي سفيان[9] ، إذ الثابت في التاريخ إن الرسول محمد - ص - لم يؤوسس للدولة الإسلامية المزعومة[10] ، كما إن الزعماء الأربعة الذين جاوءا من بعده كذلك لم يؤوسسوا للدولة الإسلامية ، إذ الثابت عندنا هو : إن مرحلتهم كانت تُمثل المرحلة الإنتقالية التي عاشوا فيها صراعاً محلياً أهلياً على السلطة[11] ...

وما نعيشه في مجتمعاتنا هو من بناة فكر معاوية بشقيه السياسي والإجتماعي لدى طرفي النزاع في المذهب الإسلامي ، وهذا ما نلاحظه في لغة وخطاب وممارسة كل حكام العرب والمسلمين ، بل إننا نرى لديهم رغبة أكيدة في عدم تغيير هذا النحو من الواقع ، حتى أُولئك الذين جاءت بهم دول العالم الحر ، أعني حتى بعد أخذ المواثيق منهم للعمل وفق حركة العالم من الديمقراطية وإحترام حريات الناس ، يظهر ذلك عندهم من خلال الدمج القهري بين العادات والأعراف العتيقة وبين الديمقراطية ، والدمج الإكراهي بين الدين وبين السياسة[12] ، مع إن خلل الدمج هذا يكون أوضح وأبين في الدين منه في السياسة ، وهذا من حيث الوضع الطبيعي للدين ككونه منظومة قيمة أخلاقية ، وأما السياسة في الغالب هي ليس كذلك أعني ليس فيها قيماً من هذا النوع في المطلق يمكن الوقوف عندها أو التحاكم على أساسها ..

ونحن نظن بل نعتقد جازمين بان مطلب الدولة المدنية لدى مجتمعاتنا هو مطلب شعبي ، ولأنه كذلك فتحقيقه يتطلب عمل بنيوياً مؤوسساتياً ، تكون مقدمته في ذلك التأكيد على العمل وفق القيم الليبرالية[13] وخياراتها في - العدل والحرية والسلام - إذ بدون ذلك لا يستقيم منهج الدعوة للمجتمع والدولة المدنية ، فهما مرتبطان إرتباط صيرورة وجعل..انتهى


وأقول كذب، فالشعوب معالخيار الإسلامي، وما أمرالاستفتاءات التي تجريهاالقنوات، ونتائج الانتخابات ببعيد




===============
[1] يسعون لتأليه الفرد والمجتمع ولا اعتبار عندهم لله تعالى!!
[2] كل من يقرأ في أطروحاتهم على اختلاف جنسياتهم يجد أن أهم الحقوق المدنية حق التدين بما يشاء الفرد أو ألا يكون متدينا أصلا (ملحد) ولذا نجد في بعض المقالات الصحفية تعرض لحد الردة ومحاولة ادراجه ضمن الخلافيات! وأحد العصرانيين –قاتله الله- قام بعمل استفتاء جماهيري عبر قناة عصرانية سيئة حول حكم الردة!
[3] غالبا أن مصطلح التخلف عند المدنيين يشمل الدين لأنهم يصنفون الدين ضمن عوامل التخلف والبدائية!
[4] هذا يؤيد ويؤكد ما ذكرته في هامش رقم (2) تميز المسلم عن غيره سيلغى بقانون المدنية، وتميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم سيلغى بذات القانون!!
[5] هذه المعالجات غالبا سيقوم بها العصرانيون (أصحاب اللحى ذات الصناعة التايونية) ومعالجتهم عبارة عن عبث بالنصوص وتلاعب بها بدعوى تجديد الفقه بما يتوافق مع المجتمعات المدنية!
[6] طبعا المقصود بالحق هنا ما يتعلق بالحق المدني الوضعي أما الحق الشرعي فلا وجود له لأنه اصلا لا يتفق لا من قريب ولا من بعيد مع المدنية!!
[7] المعني بالاستبداد هنا طرفين (الطرف السياسي) (والطرف الشرعي)
[8] لاحظوا أنه لا قيام للدولة المدنية إلا بالغاء البيعة، ولذا نجد في أطروحاتهم القديمة والحديثة تنكر للخلافة! والخلاصة أنه لا خلافة ولا بيعة ولا ولاء لولي الأمر! ثم يدعي هؤلاء أنهم وطنيون!أنهأأ
[9] هذا محض كذب وافتراء على معاوية فلم يكن امبراطورا ولا الذين جاؤا من بعده، ولا كان العلماء مزمرين لهم ولا مطبلين، وإنما هو تواصل للنصح وتغليب للمصلحة العامة، وكانوا –أعني العلماء- يقدحون فيمن يأتي أبواب السلاطين بلا حاجة.
[10] هذه العبارة بالذات تعري المدنية وأنها علمانية محضة لا تقبل دينا ولا شريعة، ولا حاجة لشرحها – العبارة- ولا التأكيد على أن دولة النبي صلى الله عليه وسلم كانت إسلامية بحتة وكان خلفاؤه وصحابته يعلمون ذلك وعملوا به، وكان شعارهم جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فهذه مسلمة لا تقبل النقاش! والقول الفصل أن كل من سار في ركاب المدنية ودعا لها فهو مسوق للعلمانية علم أو لم يعلم.

[12] وهذه وما بعدها إشارة أخرى واضحة كالشمس لعلمانية المدنية..ولكن سيخرج بعض الملتحين –بل قد خرجوا بنوع مواربة- ليأسلموا المدنية العلمانية.
[13] لا يخفاكم ما القيم الليبرالية وما المآلات التي توصل إليها، وإن كان الغرب قد بلغ ذروة الحضارة تحت مظلة الليبرالية فقد هوى أيضا في ظلها لقاع قاع بؤر الفساد والانحلال.