بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده؛ ثم أما بعد..
فتعقيباً على الموضوع السابق حول الكلام عن ما يسمى بحديث (اختلاف أمتي رحمة) وما تجرأ بعض الإخوة برأيه حوله في تسطير كلامٍ لم يضبطه هداه الله وغفر له؛ وتأييد البعض له = وقفت على مقالٍ مهم جداً كتبه الشيخ الجليل/ عبد الظاهر أبو السمح رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
وذلك في صحيفة البلاد السعودية، العدد (712)، في 16/6/1367هـ.
تحت عنوان: (ليس بحديث).. قال فيه:
(قرأت في العدد الماضي في المحاضرة التي نشرت عن الإمام مالك للأستاذ السيد أحمد العربي معزواً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اختلاف أمتي رحمة".
فنطالب صاحب المقال بتصحيح الحديث، وأن يذكر من رواه، وفي أي كتاب من كتب السنة وجده.
أما نحن فنرى أن هذا الحديث باطل؛ قال تعالى: {ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك} صدق الله العظيم، وقد نهى الله تعالى في كتابه العزيز في غير ما آيةٍ عن التفرق في الدين؛ فقال: {ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون}، وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله}. وفي القرآن كثير مثل هذا، والأمر بالاتحاد والاعتصام بكتابه.
وهذا كله يعارض هذا الحديث ويدل على بطلانه؛ لأنه يدعو إلى الاختلاف، ويدل على أن الاختلاف رحمة، وهذا خلاف تعاليم الإسلام.
فنرجو ممن يكتبون في الدين أن يلاحظوا ما يكتبون، لا سيما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والله المستعان، وهو الموفق، ولئن كان الكاتب عزيزاً لدينا فالنصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين أعز) انتهى كلامه
قلت: فانظر رحمك الله إلى الغاية العامة _ لا الفرعية _ في التحذير العام من الاختلاف، وكان كلام هؤلاء العلماء له نظرة بعيدة؛ لم يأت ببال أحدهم المعنى الضيق الذي يدندن حوله بعض الإخوة؛ فهذا أصلاً مفروغٌ منه أنه مما يحصل فيه الاختلاف؛ فلا يصح الاستدراك عليهم في هذا الجانب في محاولة تخطئتهم فيما قالوه.
إذاً هم أرادوا بعداً أعم وأكبر من مجرد الاختلاف الاجتهادي الفرعي الذي لا يمكن إنكاره، إنما المنكر هو تعميم هذا الخلاف ليكون باباً إلى أن يخرج من الدين بحجة (اختلاف أمتي رحمة).
أرجو من كل من أراد التعقيب على أي أمرٍ من الأمور أن يقرأه جيداً ومن ثم يحضر له الإجابة الموفقة. والله تعالى أعلم