قال الشيخ العلامة يوسف الغفيص :
قال شيخ الإسلام: "وهذا الطريق هو الطريق المستعمل عند الأئمة، وهو المراد في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:115] " لذلك كل من خرج عن سنةٍ سلفية فإن عنده قدراً من مشاقة الله ورسوله، وهذا محقق بالشرط المذكور في الآية: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء:115].
وعليه: يمتنع القول عن قول لـ مالك -ومالك وسط الهدى والأئمة- أنه خارجٌ عن هدي السلف؛ لأنه يلزم من ذلك أن مالكاً تبين له الهدى وتركه؛ لأنه يسمع الهدى من شيوخه ومن أساتذته ومن علماء الأمصار إلى غير ذلك.
فلا يصح أن يوصف واحد من علماء السلف بأنه قد شاق الله ورسوله من بعد ما تبين له الهدى؛ لأن هذا تكلف، ومن يقول كثيراً من هذا الأقوال لا يستطيع أن يلتزم مثل هذا أبداً، وإن التزمه لأسقط سلفيته.إهـ
وقال حفظه الله كذالك كلاما أوضح من الأول وفيه فصل الخطاب:
هل تعيين هذه المخالفة يكون بالاجتهاد أو بالإجماع؟ هذا هو محل الإشكال عند بعض السلفيين في هذا العصر.
الصواب: إنه بالإجماع، وأما إذا اجتهد مجتهد في دراسة قول مالك أو أبي حنيفة أو الثوري أو فلان وفلان من الفقهاء، وبان له أن قوله مخالف لسنة، ولهدي نبوي، فلا يجوز له أن يصف قول هذا الإمام بهذه المخالفة، أو أن يقول: إن قوله بدعة، فإن الضبط لهذه المخالفة إنما يجزم به إذا صار الإجماع إليه؛ لأنه لو صُدق هذا المنهج للزم من ذلك أن كل واحدٍ من الأئمة يجعل ما خالفه بدعة، لأن مالكاً حين يذهب إلى قول ما ويجعله في الشريعة والديانة فإنه يعتقد أن هذا هدي؛ فهل قال مالك والأئمة من قبله -حتى من الصحابة رضي الله عنهم - أن ما خالف ما انتصروا له من السنة وظهورها من الأقوال أنه بدعة؟ إذاً: لا تحدد أو تعين المخالفة بالاجتهاد. إهـ
شرح حديث الافتراق يوسف محمد الغفيص.