جناية أوزون ..
عندما يتحدث الجنون !

2010 م


الحمد لله وكفى وصلى الله وسلم على النبي المصطفى وبعد:
فقد اطلعت على كتاب (جناية البخاري) وكتاب (لفق المسلمون) للكاتب زكريا أوزون، وبعيدا عن البحث في هوية المؤلف العقائدية، والدوافع الخلفية التبشيرية ـ لا أقول الخفية بل الظاهرة الجلية ـ والتي كان الأجدر بمؤلف الكتاب عدم إخفائها عن قرائه ـ لا كصنيعة من يختلس أو خديعة من يدلس ـ والالتزام بمصارحتهم بغاياته بكل وضوح وهي أول شروط الدراسة العلمية، إذ معرفة دوافع التأليف وغاية المؤلف من كتابه تريح القراء والنقاد في آن واحد، فإذا جاء كاتب ليبرالي أو شيوعي أو مسيحي ـ مثلا ـ وتعرض لنقد الإسلام وتاريخه ورجاله فإنه حين يفصح عن هويته يكون ـ بقطع النظر عن صحة رأيه أو بطلانه ـ أمينا مع قرائه في كشفه عن دوافعه وغاياته، وأنه يريد مثلا بيان بطلان الإسلام كدين وشريعة وعدم صلاحيته، ومن هنا يدخل القراء معه على بينة من أمرهم منذ البداية، فإن وجدوه قد جاء بالأدلة الصحيحة على صحة دعواه فيما ادعاه كانوا أمام تحد حقيقي إما أن يثبتوا بطلان دعواه أو يرجعوا عما هم عليه من رأي ودين، أما حين يتظاهر المؤلف بأنه إنما ألف كتابه من أجل تجديد الإسلام وإحياء تعاليمه بين المسلمين ليعرفوا دينهم الحق، وأنه يهدي كتابه (إلى كل من يحترم العقل ويحتكم إلى العقل وإلى من أضاء شمعة الإبداع في ظلام التقليد، وإلى كل من أحب الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم) حتى إذا قرأه القارئ فإذا هو أمام مؤلف مشحون بالحقد والضغينة، مدفوع بالعداوة الدينية الظاهرة للإسلام والمسلمين كما عبر عنها أوزون نفسه حيث يقول(لكن المسلمين كانوا وما زالوا أبعد أهل الأرض عن جديد دين الله .. وسرى الجمود في مجتمعهم حتى بلغ أحاسيسهم فتبلدت المشاعر وسادت البغضاء .. وأصبح اختطاف وقتل الأبرياء وذبحهم شجاعة وبطولة تستحق وبجدارة أن تسمى بطولة الأنذال .. أخيرا لا يسعني إلا أن أثني على أصل الديانات السماوية التي سبقت الإسلام وأخص الأخوة المسيحيين في الغرب الذين استحقوا وبجدارة المكانة والسيطرة التي وصلوا إليها لأنهم عرفوا الله حقا وجعلوا من دينهم خير ديانات القرن الواحد والعشرين في محبة الله ومحبة الإنسان) (لفق المسلمون ص 207 ـ 209)!!
إن هذا النص وحده كاف في كشف القناع ورفع الستار الذي حاول أوزون أن يتستر خلفه فلسنا أمام عقل علمي ناقد كما حاول إثبات ذلك في الإهداء، ولسنا أمام حامل لمشعل النور ليتصدى لظلمات التقليد الأعمى، وإنما نحن أما مبشر مهووس بالغرب المسيحي ودينه الجديد يحاول بذلك الإهداء التحايل والتذاكي على القراء الأذكياء!
ولو قال أوزون هذه العبارة في أول كتابه لكان أمينا مع قرائه، فمن شاء منهم أقدم على شرائه، ومن شاء أعرض عنه، أما أن يمارس المؤلف هذا الدجل المعرفي والتضليل العلمي ويتظاهر بأنه مفكر مسلم يحاول النقد والتقويم، حتى إذا كاد القارئ يصل إلى آخر الكتاب فإذا هو أمام مبشر مهووس بالمسيحية الغربية المعاصرة التي تنشر محبة الله ومحبة الإنسان ـ كما هو ظاهر جلي في الحرب على العراق وفلسطين وأفغانستان وآلاف القنابل التي تدك بيوت الضعفاء والبؤساء من الأطفال والنساء!
ولا ندري لماذا لا يثني أوزون على حضارة الصين واليابان فهي اليوم أكثر إنسانية وأكثر تطورا؟
وإذا نحن أمام كاتب حاقد على الإسلام والمسلمين الذين يتحدث عنهم بضمير الغائب وكأنه أجنبي عنهم ـ وهو بلا شك كذلك مهما حاول إثبات خلاف ذلك ـ حيث يقول(لكن المسلمين كانوا وما زالوا أبعد أهل الأرض عن جديد دين الله .. وسرى الجمود في مجتمعهم حتى بلغ أحاسيسهم...الخ)!!
وإذا هذه المحبة التي تحدث عنها في إهدائه في مقدمة كتابه التي شملت كل الأجناس والأديان قد ضاقت عنده فاستثنى منها المسلمين وهم ربع العالم ومن كل الأجناس البشرية!
أقول مع كل ذلك سأضرب صفحا عن هذا كله وسأحاول في نقدي للمؤلف تتبع سقطاته وكشف عثراته ونقض شبهاته دون الإطالة في الإجابة حيث بالإمكان الرجوع إلى كتابي (تاريخ تدوين السنة وشبهات المستشرقين) وهو جزء من مقدمة رسالتي للدكتوراه المقدمة إلى جامعة برمنغهام بانجلترا وقامت جامعة الكويت بطباعته سنة 2002م.
وأقول لقد كنت عن أوزون وكتبه ومجاله الذي يعبث فيه في شغل شاغل نحن والأمة كلها بعد هذه الحملة الاستعمارية الغربية الجديدة التي أنشبت أظفارها بجسد هذه الأمة المنكوبة والشعوب المسلوبة حتى جاءني بعض الأخوة من دبي ورغب إلي قراءة كتاب (جناية أوزون) (ولفق المسلمون) فلما قرأتهما لم أكملهما لعدم جدة ما ورد فيهما وفقده أدنى شروط الدراسة العلمية والبحث المنهجي وتركتهما لما هو في نظري أهم إذ ليس فيها أكثر من تكرار الشبه نفسها التي كررها المستشرقون حول السنة والسطو على شبهات أبي رية (أضواء على السنة) وإعادة صياغتها من جديد! فلما زارني الأخ الكريم مرة ثانية سألني عن الكتابين فأخبرته أني لم أفرغ لهما فرغب إلي ثانية أن أقرأهما وأن أناقش ما ورد فيهما من آراء ليستفيد القراء فأعدت النظر فيهما فانشرح صدري لذلك وعكفت على (جناية البخاري) نحو شهرين وفي أثناء الرد زودني أحد الأساتذ الأفاضل بكتاب (السلطة في الإسلام) من مجلدين لعبد الجواد ياسين فقرأت منه فقرات فإذا في حديثه عن السنة يكاد يتتبع خطا أوزون حذو القذة بالقذة لا أدري أيهما سطا على كتاب الآخر أو اشتركا بالسطو على المصدر الرئيسي لهما ككتاب أبي رية؟!
ثم اتصل بي الأخ الكريم الأستاذ اليمني محمد السعيدي من بريطانيا حيث يحضر رسالة الدكتوراه وسألني عن كتاب ياسين ورغب إلي قراءته والتعليق عليه فرأيت ضرورة إضافة ملاحظاتي عليه لهذا الكتاب للفائدة إذ لم يكن قصدي الرد على ياسين أو أوزون بقدر إفادة القراء في مسائل شتى علمية حديثية وفقهية وتاريخية وسياسية وأدبية لي فيها رأي وما كان لي أن أفرغ لبيانها وتحرير القول فيها لولا أن أتاح لي ذلك كتاب أوزون وعبد الجواد ياسين وهذه الحسنة الوحيدة لكتابيهما؟!
فإلى الأخ المثقف الأديب والناقد الأريب الأستاذ طارق الأشرم وإلى الأستاذ محمد السعيدي وإلى جميع الأخوة الذين رغبوا مني بالجواب عن هذه الشبه أهدي هذا الكتاب والله الهادي إلى الصواب ...
{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} ...

لتحميل الكتاب :

http://dr-hakem.com/portals/Files/ozoon.pdf

http://dr-hakem.com/Portals/Content/...1RPT0rdQ==.jsp