طلب مني بعض الإخوة نشر هذه القصيدة .. فأجبتهم لذلك :

أأبكيك أم أبكي زماني وأُجهد ؟
*** وهل بعد فقد المصطفى من يُخلّد
وهل بعد هذا اليوم شمس بوضْحها
*** وهل بعد هذا الليل بدرٌ وفرقد
وهل كنتُ أدري أمسُ ماليوم صائرٌ
*** وهل يفضحنّ اليوم ما يستر الغد
دعونا لنحيا من سباتٍ وغفلةٍ
*** فلو مات (عمروٌ) حنّ يا (زيد) موعد
ولو راح منا عالمٌ في عشيةٍ
*** فما ذاك إلا للنهايات مولد
وما يجمع الثقلين إلا قضاؤهم
*** ولا شيئ غير الموت حتمٌ مؤكد
فمن لعرا الفتيان عُقبى محمدٍ
*** وقد فات صداحٌ وقد راح مِقوَد
وهذي بلادٌ قد رمت من حزامها
*** شبابًا على مرماك جاءوا ليهتدوا
كأنك و " ابن القيمِ " اليوم ذبتما
*** رضًا و " ابن حزمٍ " بالعناقين يسعد
فما كنت إلا زارعًا فوق أرضها
*** تًعلّم أجيالًا وتسقي وتحصد
فتسلك " درج السالكين " برحلهم
*** وتُنزلهم في نُزْل " إياك نعبد "
وتفتق منها " للسمو مطالبًا "
*** فيندر سحرٌ من نداها وعسجد
ولست أُزكّي لكن الأرض رددت
*** بأنك بكّاءٌ تقيٌ موحّد

ويعلم جنح الليل والفجر ما خفي
*** وينسج غرب الأرض مالشرق يشهد

بأنك في درب الهدى خير رفقةٍ
*** وفوق رقاب الابتداع المهند
ففرقان صدقٍ والصحيحان نهجه
*** موطّأهُ أو ترمذيّ ومسند

وأنك في فقه الملمات باحثٌ
*** وأنك في درب الدعاة المجدد
فتنسج عقدًا لم يزل من فكاهةٍ
*** تؤصل حبًا في قلوب وتعقد
فداعبت قلبًا حزّ إيمانه الجدا
*** وخاطبت عقلًا حينما الناس عربدوا
فما الدين بين الناس حلٌّ وحرمة
*** ولكنّ نهج الشرع حكم ومقصد
فتجلب نفعًا قدر ما تستطيعه
*** وتدرأ قبل النفع ما كان يفسد
يُعزّي الملا أن الفتى ذو رسالة
*** وأوصلها للناس جهرًا فأيدوا
فحسبك بعد الموت صوتٌ مسجلٌ
*** وحسبك بعد الحتف ما سطرت يد
وحسبك فتيان أراهم سيكملوا
*** كرجع الصدى ما كنت فيهم تردد

وقد حطّ فوق القلب حبًا بحبه
*** لأسكب دمعًا بالمراثيٍّ يُنشَد
فيسأل جلدي اللهَ بردًا لغسله
*** وتحتسب الأذنان والعين واليد
كأن رُبى الخرطوم ثكلى نداؤها
*** وكل يتامى الأرض : ولّى محمد
فلم نر مثل الوجد ما كان بيننا
*** ولم يُر مثل الفقد من قبل مشهد
فخلتك تحت الأرض للحشد سيدًا
*** كعهدك فوق الأرض للناس " سيد "

* القصيدة من نظم الأخ / د.مصطفى مختار ( وفقه الله ) ولست أنا هو