السلفية قواعدٌ وأصولٌ (*)
للشيخ أحمد فريد
اختصَرَه وأعَدَّه: خالد المرسي.
السلف: هم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون الخيرية الثلاثة الأول التي أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال فقال: " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
والصحابة: جمع صحابي، والصحابي: هو من رأى النبي – صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به ومات على ذلك وإن تخللته ردة على الراجح من أقوال العلماء. والتابعون هم الذين رأوا الصحابة أو واحدًا منهم. هؤلاء هم السلف.
أما السلفيون: فهم الذين يعتقدون معتَقَد السلف الصالح وينتهجون منهج السلف في فهم الكتاب والسنة. (شبهة وجوابها) إن قال قائل لماذا نُسَمى بالسلفيين ؟ ألا يكفى اسم الإسلام ؟ فجوابنا من مثل ما جاوب به الإمام أحمد لما قيل له ألا يسعنا أن نقول القرءان كلام الله ونسكت فقال كان هذا يسع من كان قبلنا أما نحن فلا يسعنا إلا أن نقول القرءان كلام الله غير مخلوق.
ونحن نقول أن التفرق المذموم والبدع لم تكن موجودة فى عهد الصحابة ولكنها وُجدت بعدُ كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - ووصانا بالسنة والجماعة وبين أن أهلها هم من كانوا على مثل ما النبي عليه وأصحابه قال الله تعالى: {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ} (137) سورة البقرة. وكما أن جماعة الحق تميزت باعتقاد الحق (دون باقي الفرق) تميزت أيضًا باسم يصير لها عَلَمًا كي يتيسر على طالبيها الوصول إليها.
وجعل النبي – صلى الله عليه وسلم - المقياس الصحيح لجماعة الحق هو اعتقادهم عقيدة السلف الصالح لا كثرة العدد ولذلك لو لم يوجَد هذا المقياس الصحيح إلا في رجل واحد (من أهل محلة ما) كان هذا الرجل هو الجماعة ولو كان وحده. ولذلك لما سُئل الإمام ابن المبارك عن الجماعة قال أبو بكر وعمر (أى الجماعة أبو بكر وعمر) فقيل له قد مات أبو بكر وعمر فقال فلان وفلان فقيل قد مات فلان وفلان فقال أبو حمزة السكري جماعة. وبين لنا النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه لن تخلو الأرض من جماعة تتمثل هذا المقياس الصحيح حتى قيام الساعة فقال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" .وهذا الظهور هو ظهور دين الله وحجته مدى الدهر ولن يستطيع أي جبار إخماد هذا الظهور ولو بقوة الردع والحديد لأن الفكر لا يقَاوَم إلا بفكر مثله ولذلك لما قيل للإمام أحمد في المحنة ألا ترى إلى الباطل كيف يظهر على الحق فقال كلا إن ظهور الباطل على الحق أن تنقلب قلوبنا من الحق إلى الضلالة ولكن قلوبُنا بعدُ ملازمة للحق .
قواعد للمنهج السلفي:
أول قاعدة من قواعد المنهج السلفي: تقديم النقل على العقل:
أهل السنة يتأدبون مع نصوص الوحيين عاملين بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) سورة الحجرات. فهم لا يقدمون قول أحدٍ على الوحي المعصوم وإذا اختلفوا يعالجون هذا الاختلاف بابتاع السنة كما وصاهم بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - (عند الاختلاف) فقال: ( فعليكم بسنتى) لا كما يقول أحد المتأخرين ( نجتمع فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) وهذه القاعدة صحيحة فى الفرعيات لا الكليات .
القاعدة الثانية للمنهج السلفي: رفض التأويل الكلامي:
ويرون وجوب الأخذ بظاهر النصوص ولا يؤولون النص حتى يدل دليل معتَبَر على جواز صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى أخر. إذ لو فتحنا باب التأويل الكلامي بدون دليل معتبر يدل عليه لانهدم الدين وصار أهل الباطل يقولون ( إن كنا نخالف ظاهر القرآن فنحن نوافق باطنه! ) وهذا التأويل المذموم غير التأويل الحق الذى بمعنى التفسير وبمعنى ما يصير الأمر إليه.
والقاعدة الثالثة: هي كثرة الاستدلال بالآيات والأحاديث:
فأهل السنة هم أسعد الناس بالكتاب والسنة وهم يستدلون دائمًا بالآيات والأحاديث فهي جنتهم التي فيها يرتعون قال الله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (33) سورة الفرقان. لا كأهل البدعة الذين يقولون بأشياء تخالف النصوص فيرجعون إلى عقولهم ويجمعون النصوص من الوحيين في المسألة الواحدة ثم تكون هي أصولهم لا كأهل البدعة يؤصلون الأصول من عند أنفسهم ثم ينظرون بعد ذلك فى الوحيين فلم يردوا النصوص الشرعية مورد الفقير المحتاج فكان جزاؤهم من جنس عملهم أن يُحرَموا من حوض النبي – صلى الله عليه وسلم - وتطردهم الملائكة عن حوضه. وأهل السنة لايتبعون أحدًا من أهل العلم فيما ثبت خطؤه فيه ولكن اتباعهم المطلَق للنبي قال الله: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (158) سورة الأعراف.
الأصول العلمية للدعوة السلفية:
ومعنى الأصول العلمية: القضايا الكلية التي تهتم بها هذه الدعوة، وتجعلها نُصْبَ عينيها.
أصل الأصول عندنا هو الدعوة إلى توحيد الله (بالمعنى الشرعي الشامل)، كما هي وظيفة كل الأنبياء قال الله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) سورة الأنبياء. فالرسل أصول عقائدهم واحدة لا كشرائعهم (تكاليف العبادات ) مختلفة. ولسنا مثلا كمن يرفع راية الجهاد أصلا لهم (وما هو بجهاد شرعي) ولا كمن يرفع راية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ويقول الحب في الله أصل الأصول.
القضية الثانية أو الأصل الثاني من الأصول العلمية للدعوة السلفية هو الاتباع:
من أصولنا الاتباع لا الابتداع قال الله: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} (80) سورة النساء. وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63) سورة النــور.
القضية الثالثة أو الأصل الثالث من الأصول العلمية للدعوة السلفية وهو التزكية:
من أصولنا اعتقادنا أن صلاح العباد منوط بتزكية نفوسهم وخيبتهم منوطة بتدسية نفوسهم وقد أقسم الله على ذلك في كتابه أحد عشر قسمًا متواليًا فقال: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (1-10) الشمس. والتزكية لا تكون إلا بالإيمان الصحيح وعمل الصالحات من فرائض ونوافل.
تنبيه: يرجى العزو إلى الوعي الاجتماعي الإسلامي.
______________
(*) محاضرة ألقيت في بعض المناسبات ، وتم تسجيلها ، وقد لقيت قبولاً بحمد الله عز وجل ، وتم أيضاً الموافقة على نشرها من الجهات المعنية بالأزهر الشريف ، فرأيت من المصلحة تدوينها وطباعتها حتى يعم النفع بها ، والله من وراء القصد وهو مولانا ونعم النصير .
الموضوع نُشر فى موقع الوعى الاجتماعى الاسلامى على هذا الرابط
http://www.khayma.com/islamiyat/mzahb/mzahb%20(9).htm
والاختصار فى ملف وورد وعلى صيغة الأدوبى هنا
ظ…ط®ط?طµط± ظƒط?ط§ط¨ ط§ظ„ط³ظ„ظپظ?ط© ظ‚ظˆط§ط¹ط¯ ظˆط£طµظˆظ„ ط?ط*ظ…ظ?ظ„ ● ظ…ط±ظƒط² ط±ظپط¹ ط§ظ„ظ…ظ„ظپط§ط? ط§ظ„ط§ط³ظ„ط§ظ ظ‰