كتب الشيخ علوي السقاف جزاه الله خيرا كلمة بعنوان ( الداعية القدوة والسفر للسياحة ), وجعل " ظاهرة السفر إلى خارج البلاد المحافظة التي يعيشون فيها " أي أولئك الدعاة " إلى أخرى مغايرة تماماً لتلك الطبيعة المحافظة، لا لشيء غير مجرد ما يعرف بالسياحة، أو الترويح عن النفس " من " الظواهر السلبية "
والبلاد التي يقصدها الشيخ هي البلاد التي " يكثر فيها الفساد والمنكر، من تبرج وسفور وتناول للخمور "
والإشكال عند الشيخ أن " هذا الداعية والقدوة المسافر إلى تلك البلاد، يشهد ذلك كله أو بعضه، لكنه عاجز عن إنكار شيء منه ، بل قد يلجأ إلى المكوث في موقع حدوث المنكر – كالمطارات، وأماكن التسوق، وبعض المطاعم، والطرقات - ساعات طوال، مشاهداً، أو مستمعاً، ... "
ويسوق الشيخ في مقاله" كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن حضور الأماكن التي تكثر فيها المنكرات، مع العجز عن إنكارها، -وهذا يشمل السفر والحضر- ، يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى (28/239) : ((ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار، إلا لموجب شرعي، مثل أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو دنياه لا بد فيه من حضوره، أو يكون مكرهاً، فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك؛ فهذا مما يقدح في عدالته ومُروءته إذا أصرَّ عليه، واللّه أعلم)) انتهى. "
ويعلل الشيخ هذا الحكم بأنه " مبنيٌ على ما هو مستقر ومعلوم من الشريعة بأن الأصل وجوب الإنكار باليد، أو اللسان، - والغالب أن ذلك متعذرٌ في أكثر تلك البلاد- فإن لم يمكن، فإنكار القلب هو أضعف الإيمان، والإنكار بالقلب كما قال العلماء يكون ببغض المنكر وهجرانه والبعد عنه لا بالذهاب إليه اختياراً دون مصلحة دينية أو دنيوية راجحة "
ويرى الشيخ أن أقل ما يقال في هذا الأمر " أنه من المشتبهات المفضية إلى الحرام "
هذه بعض المحتويات الرئيسة لذلك المقال ونصه الكامل على الرابط التالي:
http://www.dorar.net/weekly_tip.php?tip_id=38
والذي أريد بحثه هنا مع الإخوة الفضلاء, هو ما إذا كان المسلم يقصد بلدا إسلاميا يشتمل على مناطق لا تفشو فيها المنكرات بهذه الطريقة, بل فيها أماكن محافظة إلى حد كبير كالأرياف وبعض المناطق البعيدة عن صخب المدن والأسواق والشواطيء التي يكثر فيها العري ونحو ذلك, ولا شك أنه إذا صح توصيفي هذا فإنه يجوز السياحة بهذه الأماكن, لولا أنه يشكل على ذلك مر آخر.
هذا الأمر هو أن الوصول لتلك الأماكن المحافظة يتطلب المرور بأماكن أخرى تفقد هذه الصفة ( المحافظ ), وذلك كالمطارات مثلا لمن يسافر بالطائرة, فالمطارات قد ذكرها الشيخ في مقاله كمثال على الأماكن التي تفشو فيها المنكرات, فهل يحرم هذا السفر بناءا على ذلك ؟
هل يقال بأن هذه الأماكن ليست مقصودة للمسافر, وأنها قصدت تبعا لا استقلالا فلا يعطي السفر حكمها بل حكم المكان المقصود الذي سيكون فيه المسافر أغلب الوقت, وهو ذلك المكان المحافظ الذي يجوز المكث فيه لعدم فشو المنكر ؟
أم يحرم السفر كاملا من أجل مكان يمر به هذا الإنسان ليس مقصودا له بالأصل ؟
أتمنى من الإخوة التأمل وإبداء الرأي في هذا..
بارك الله في الجميع..