بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , وبعد :
فهذه جملة من الفوائد في كتاب " المنتقى للمجد ابن تيمية " , أقول مستعينا بالله وحده :
أولا :التعريف بالمؤلف :
هو شيخ الحنابلة مجد الدين ابو البركات عبدالسلام بن عبدالله الحراني ابن تيمية ,
قال ابوالعباس ابن تيمية – رحمه الله - : كان جدنا عجبا في سرد المتون وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة, .السير 23 / 291 .
ثانيا : هل المنتقى مختصر من الأحكام الكبرى ؟ ؟ :
ذكر الحافظ ابن رجب – رحمه الله – في طبقات الحنابلة 2 / 252 : كتاب المنتقى بقوله " المنتقى من أحاديث الأحكام , وهو الكتاب المشهور انتقاه من الأحكام الكبرى , ويقال أن القاضي بهاء الدين ابن شداد هو الذي طلب منه ذلك بحلب " .
وكتاب الأحكام الكبرى للمجد ابن تيمية اشتهر في حياة المصنف وتناقله العلماء , وذكره الذهبي في طبقات القراء 2 / 654 , وكذا ذكره الكتبي في فوات الوفيات 2 / 324 , وذكره غيرهما من علماء التراجم في ترجمة المجد ابن تيمية , وللعلم فإنه لا يوجد لكتاب الأحكام الكبرى ذكر في وقتنا الحاضر فيما أعلم - والعلم عند الله - , وذكر ابن بدران في المدخل ص 466 كتاب المنتقى , وقال : " كتب الأحكام فأجلها وأوسعها وأنفعها كتاب " منتقى الأحكام للإمام مجد الدين عبدالسلام ابن تيمية , فإنه جمع الأحاديث التي يعتمد عليها علماء الإسلام في الأحكام , انتقاها من الكتب السبعة . . . . " الى آخر كلامه , وكذا قال المجد ابن تيمية في مقدمته ص 29 " انتقيتها من صحيحي البخاري ومسلم . . . . " الى آخر كلامه , والأمر في ذلك سهل , سواء كان المنتقى مختصرا من الأحكام الكبرى أم لا , والله أعلم .
ثالثا : عدد أحاديث المنتقى :
1-في طبعة حامد الفقي , بلغ عدد أحاديث الكتاب " 5029 " حديث , حسب ترقيمه . .
2-و في طبعة طارق عوض الله , بلغ عدد أحاديث الكتاب " 3926 " حديث , حسب ترقيمه .
ولعل سبب الإختلاف بين الطبعتين في عدد الأحاديث هو الإختلاف في ترقيم الروايات والألفاظ .
رابعا : مميزات كتاب المنتقى :
يمتاز المنتقى بطوله , وكثرة أحاديثه, كما يوجد فيه جملة من آثار الصحابة , كما قال مؤلفه في مقدمته : " وذكرت في ضمن ذلك شيئا يسيرا من آثار الصحابة ".انتهى , و بلغ مجموعها في الكتاب " 220" أثرا تقريبا , كذلك يمتاز المنتقى بعناية مؤلفه بالجانب الفقهي من خلال الاستنباط من الحديث ,وكذا يمتاز – في بعض المواضع – بتفسير غريب الحديث .
وقد امتدح جمع من العلماء كتاب المنتقى واشتغلوا به شرحا وتعليقا, كما كان له الأثر البارز في كتب العلماء بعده , كما هو واضح في كتاب مجموع الحديث للشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وكتاب منار السبيل للضويان – رحمه الله - وغيرهما من العلماء .
ولإتمام الفائدة يقال : إن المجد ابن تيمية قد استخدم ألفاظا في التخريج هي خاصة به في كتابه , كلفظ " متفق عليه " ولفظ " رواه الجماعة " , فمراده بقوله " متفق عليه "أي اتفق أحمد والبخاري ومسلم على إخراج هذا الحديث , والمراد عند غيره بذلك أخرجه البخاري ومسلم فقط , واما ما أخرجه البخاري ومسلم - عنده - فيقول فيه " أخرجاه " , وكذا قوله " رواه الجماعة " أي أخرجه أحمد والستة , كما ذكر ذلك في مقدمته ص 30 .
خامسا : زوائد المنتقى على بلوغ المرام والمحرر :
بعد خروج الطبعة المحققة من دار ابن الجوزي للمنتقى في عام 1423 تقريبا فكرت في كيفية استخراج زوائد المنتقى , وتبادلت الأراء مع الإخوة من طلبة العلم , فاجتمع لي من كلامهم رأيان :
الرأي الأول : استخراج جميع الأحاديث الزائدة على كتابي البلوغ والمحرر والتي ذكرها المجد في كتابه , بما في ذلك أحاديث الصحيحين وغيرها ,وقد سرت على هذه المنهجية وعلمت على هذه الأحاديث في نسختي الخاصة , وبلغ مجموع الأحاديث على هذه الطريقة " 2130 "حديث تقريبا , ووجدت في اثناء ذلك شواهد كثيرة مكررة في الباب الواحد .ولا تخلو من ضعف شديد ,كما وجدت جملة من الأحاديث التي معانيها موجودة في أحاديث بلوغ المرام والمحرر, مما لا يحتاجها الطالب المعتني بحفظ الأدلة .
الرأي الثاني : استخراج الأحاديث الزائدة على بلوغ المرام والمحرر والتي هي ليست في الصحيحين, مع حذف الشواهد المكررة التي لا يوجد فيها زيادة في المتن على حديث الباب ,وهذه الطريقة يستفيد منها المعتني بفقه الأدلة وكذا يستفيد منها حفاظ الصحيحين كثيرا , وخاصة مع اهتمام طلاب العلم بالصحيحين حفظا واستظهارا - في وقتنا الحاضر- , مع أن هذه الطريقة فيها شئ من الصعوبة علي فهي تحتاج الى دقة في الإستخراج , بعكس الطريقة الأولى , فهي سهلة الإستخراج , وبلغ مجموع الأحاديث على هذه الطريقة " 1196 " حديث تفريبا , انتخبتها لنفسي وهي تقع في مذكرة عدد صفحاتها " 198 " صفحة . ويمكن تسميتها ب " المنتخب من أحاديث المنتقى " .
مع العلم أني قد سرت في اثناء اهتمامي بالكتاب على الطريقتين , مع الأخذ بالإعتبار أن جل أحاديث الزوائد هذه تحتاج الى مراجعة في أسانيدها ,وفيها أحاديث منكرة مخالفة للأحاديث الصحيحة , وقد نبه طارق عوض الله - المحقق للكتاب - على بعضها وسكت عن بعضها الأخر, علما بأن أكثر هذه الزوائد هي من مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود , وفيها جملة من الأحاديث من دواوين الإسلام الأخرى .
ولله در القاضي الفاضل المتوفى سنة 596 الذي يقول في رسالة أرسلها الى العماد الأصبهاني الكاتب, يقول فيها:
" إني رأيت أنه لا يكتب انسان كتابا في يومه إلا قال في غده : لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد هذا لكان يستحسن , ولو قدم هذا لكان أفضل , ولو ترك هذا لكان أجمل , وهذا من أعظم العبر, وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر " . شرح الإحياء للزبيدي 1 / 3 .
أسأل الله علما نافعا وعملا صالحا وعملا متقبلا , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .