تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 58

الموضوع: (ابن تيمية): صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    السلام عليكم ورحمة الله
    الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك، والشافعي ثبت النقل عنهم أنهم يقولون بسنية صلاة الجماعة
    وما أظن أن أمثال هؤلاء يخالفون الإجماع إن ثبت
    وما قاله الإمام ابن تيمية رحمه الله فيه نظر.
    أما الاستدلال بحديث التحريق لتأكيد هذا الإجماع، فقد تعقب هذا الاستدلال من عشرة أوجه ذكرها أتباع المذاهب
    وفي شروحات الأئمة لكتب الحديث كلام كثيرـ ينفع طالب العلم.
    والراجح من أقوال الأئمة والله أعلم القول بتأكيد سنيتها لقيام أدلة أخرى، ربما عجز بعض من يوجب هذه الصلاة من رد بعضها، فتوقف.
    والله ولي التوفيق.
    قال الإمام الشاطبي:
    "خذ من العلم لبه، ولا تستكثر من ملحه، وإياك وأغاليطه".

  2. #22

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    ما كنتُ أظن أن النبي صلى الله عليه وسلم يحرّق بيوت الناس لأجل سنة!
    فهل كان هم بذلك لترك الكسوف أو العيد أو غيرها؟!
    ودلائل الوجوب في الكتاب والسنة وإجماع الصحابة تجعل المنصف لايرد عليه شك في وجوبها، والله المستعان.
    «وأصل فساد العالم إنما هو من اختلاف الملوك والفقهاء، ولهذا لم يطمع أعداء الإسلام فيه في زمن من الأزمنة إلا في زمن تعدد الملوك المسلمين وانفراد كل منهم ببلاد، وطلب بعضهم العلو على بعض» ابن القيم.

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    القول بسنيتها لا ينقص من مكانتها.
    والاعتماد على حديث واحد فقط لإعطاء حكم مسألة ما يعد نقصاً وخللا.
    والقول بأن الكتاب والسنة يشهدان بوجوبها غريب
    والأغرب ادعاء الإجماع !
    نسأل الله التوفيق
    قال الإمام الشاطبي:
    "خذ من العلم لبه، ولا تستكثر من ملحه، وإياك وأغاليطه".

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعيد الباتني مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعيد الباتني مشاهدة المشاركة
    الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك، والشافعي ثبت النقل عنهم أنهم يقولون بسنية صلاة الجماعة
    وما أظن أن أمثال هؤلاء يخالفون الإجماع إن ثبت
    وما قاله الإمام ابن تيمية رحمه الله فيه نظر.
    أما الاستدلال بحديث التحريق لتأكيد هذا الإجماع، فقد تعقب هذا الاستدلال من عشرة أوجه ذكرها أتباع المذاهب
    وفي شروحات الأئمة لكتب الحديث كلام كثيرـ ينفع طالب العلم.
    والراجح من أقوال الأئمة والله أعلم القول بتأكيد سنيتها لقيام أدلة أخرى، ربما عجز بعض من يوجب هذه الصلاة من رد بعضها، فتوقف.
    والله ولي التوفيق.
    اخي الكريم ابا سعيد الباتني عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    كلامك كلام مجمل
    فكم كان في قول هؤلاء الائمة ما لا يقبل ..
    بل في قول الجمهور
    اما الظن .. فنحن نظن انهم يتبعون اقصى ما يعلمون من الحق
    لكن هل يلزم انهم علموا كل الحق ..!
    وهل علمت يقينا انهم علموا بالاجماع ثم ردوه ..؟
    هذا مالا نقوله ولا تقوله .
    بل نقول انهم لم يبلغهم الاجماع
    كما لم يبلغ - على سبيل المثال - الشافعي في قوله الاول بعض الاحاديث التي اختلف في الاخير قوله عليها
    بل بعض الصحابة لم تبلغهم كثير من الاحاديث
    وكون اجماع ابن تيمية فيه نظر .. ردك ايضا فيها نظر
    وعلى سبيل المناظرة نقول
    هل يظن بأبن تيمية علمه بمن ترى انه يسقط هذا الاجماع ومع ذلك يقول به ..!
    لا اظنك - ايضا - تقول بهذا
    اما الاوجه العشر فقد اجاب عليها ابن حجر في الفتح على ما اذكر
    وكون بعضهم توقف لبعض الاسباب فلا يعني انه يقول بعد هذا التوقف بسنية صلاة الجماعة ..
    وعلى كل حال
    فما يثبت الحق في هذه المسألة هو من يأتي لنا بدليل صحيح صريح يماثل صراحة القول بالامر بصلاة الجماعة
    اما الاثار المحتملة والتي نقلها بعض الاخوة فلا اظن ان ادنى طالب علم يقول باسقاطها للاثار الواردة في ذلك
    وفقك الله اخي ورعاك
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    جزاك الله خيرا أخي الفاضل.
    كلامي أيها الفاضل: جاء مجملا لأن الظرف فرض ذلك
    قولك:
    فكم كان في قول هؤلاء الائمة ما لا يقبل ..

    هو قليل، طبعا.
    بل في قول الجمهور

    هذا نادر، لأن الانطلاق من أصول وقواعد مختلفة، والاشتراك في نتيجة واحدة، تزيد الحكم المتفق عليه قوة على قوة.
    اما الظن .. فنحن نظن انهم يتبعون اقصى ما يعلمون من الحق

    كلام جميل...وحبذا لو قلت: نحن متأكدون، بدل: نحن نظن!.
    سؤالك:
    وهل علمت يقينا انهم علموا بالاجماع ثم ردوه ..؟

    القرائن تدل على أن المسألة ليس فيها إجماع:
    فالإمام مالك عالم أهل المدينة، ولعله لا يخفى عليكم أنه كان يصلي في بيته سنوات
    والإمام أبو حنيفة أعلم بفقه العراق، الذي ورثه عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود ررر.
    والشافعي انتقل إلى مصر.
    وثبت في أمهات الكتب التي دونت الفتاوى عنهم أنهم يقولون بالسنية فقط...
    ذكرت لك أخي الفاضل عواصم الإسلام وقتها، فهل يعقل أن الإجماع يخفى عنهم.
    نستطيع أن نقول أن حديث التحريق قد يخفى عليهم (وهذا مستحيل)
    ولكن من غير المعقول أن نقول أن الإجماع خفي عنهم !
    هذا مالا نقوله ولا تقوله .

    شكرا على حسن الظن.
    بل نقول انهم لم يبلغهم الاجماع

    ليس هناك إجماع، وقد نقل لك بعض الإخوة روايات عن الصحابة، وسأنقل لك روايات أخرى إن شاء الله.
    كما لم يبلغ - على سبيل المثال - الشافعي في قوله الاول بعض الاحاديث التي اختلف في الاخير قوله عليها

    هي أحاديث قليلة، ولا ينبغي أن نسحب قاعدة (عدم بلوغ الحديث) على كل مسألة نظن أن الراجح معنا.
    هل يظن بأبن تيمية علمه بمن ترى انه يسقط هذا الاجماع ومع ذلك يقول به ..!

    شيخ الإسلام يصيب ويخطأ، وعقده الإجماع على هذه المسألة خطأ (والله أعلم).
    اما الاوجه العشر فقد اجاب عليها ابن حجر في الفتح على ما اذكر

    ننتظر أخي الفاضل، أن تنقلها لنا، فقد قال في أكثرها بالاحتمال.
    وكون بعضهم توقف لبعض الاسباب فلا يعني انه يقول بعد هذا التوقف بسنية صلاة الجماعة ..

    أوافقك على أن التوقف لا يعني القول بالسنية، ولكن على الأقل يجعله يتأكد أن المسألة ليس فيها إجماع.
    وعلى كل حال:
    فما يثبت الحق في هذه المسألة هو من يأتي لنا بدليل صحيح صريح يماثل صراحة القول بالامر بصلاة الجماعة

    ما كنت والحمد لله ممن يأخذ الأحكام دون الاطمئنا لدليل
    والمسألة فيها أدلة.
    اما الاثار المحتملة والتي نقلها بعض الاخوة فلا اظن ان ادنى طالب علم يقول باسقاطها للاثار الواردة في ذلك

    ليس إسقاطا لها، أخي الفاضل، وإنما مقارنتها مع آثار أخرى تجعل الإمام ينزل بحكم المسألة درجة
    فبدل أن يقول هي: واجب، يقول: سنة مؤكدة
    وكل من عند ربنا، والسعيد من حافظ عليهن.
    نسأل الله التوفيق.
    قال الإمام الشاطبي:
    "خذ من العلم لبه، ولا تستكثر من ملحه، وإياك وأغاليطه".

  6. #26

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    بارك الله فيك أخي الباتني لكن اسمح لي بتعقيب آخر

    فكم كان في قول هؤلاء الائمة ما لا يقبل ..
    أقول بل أكثر الأقوال المردودة هي أقوال انفرد بها أصحابها


    بل في قول الجمهور
    إذا قال الجمهور بقول علم أنه معتبر


    اما الظن .. فنحن نظن انهم يتبعون اقصى ما يعلمون من الحق
    نعم نحن متأكدون من سلامة منهجهم و أنهم أورع من أن يقولوا بسنية صلاة الجماعة دون أدلة.

    وهل علمت يقينا انهم علموا بالاجماع ثم ردوه ..؟
    لا اجماع في المسألة و من قال هناك إجماع يأتي بالدليل كيف ذلك و قد نقل عن بعض الصحابة عدم وجوب صلاة الجماعة بل قد اطلع الإمام مالك على حديث التحريق :

    عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء.

    فها هو الإمام مالك يروي الحديث و لا يفهم منه وجوب صلاة الجماعة فمن ظن أن هذا الفهم هو اللازم من هذا الحديث فقد أخطأ إنما هو تصور تصوره و لم يتصور غيره.


    بل نقول انهم لم يبلغهم الاجماع
    بل لا إجماع في المسألة و كيف قفز هذا الإجماع لقرون حتى وصل عند شيخ الإسلام و لم يذكره المحققون قبله !!!

    كما لم يبلغ - على سبيل المثال - الشافعي في قوله الاول بعض الاحاديث التي اختلف في الاخير قوله عليها
    قد بلغه حديث التحريق فهو في الموطأ و لم يقل بالوجوب


    هل يظن بأبن تيمية علمه بمن ترى انه يسقط هذا الاجماع ومع ذلك يقول به ..!

    نقول كما قال الشيخ الألباني رحمه الله لسنا تيميين.

    لا إجماع في المسألة و لا أدري كيف يقبل إجماع نقله شيخ الإسلام و يساء الظن في كبار أئمة الإسلام كالإمام أبي حنيفة و الامام مالك و الشافعي فهل يظن بهؤلاء أنهم خالفوا الإجماع !!! و ها هو ابن عبد البر رحمه الله يقرر الشيئ ذاته فهل غاب عنه هذا الإجماع !!! بل هذا الشوكاني رحمه الله يقول : وقد تقرر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل والتمسك بما يقضي به الظاهر فيه إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا" نيل الأوطار (ج 3 / ص 155).

    إجماع كهذا لا يثبت عند المحققين.

    اما الاوجه العشر فقد اجاب عليها ابن حجر في الفتح على ما اذكر
    قد أجاب الشوكاني رحمه الله عن هذا الحديث قال في نيل الأوطار : “أعلم أن الاستدلال بحديثي الأعمى وأبي هريرة في الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى، إذ لو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون في منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك: انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة” اهـ.

    قلت بل قد ثبت الحديث في الموطأ عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت.

    فها هو الرسول عليه الصلاة و السلام أقره على صلاته في بيته رغم أن الصحابي أدرك صلاة الجماعة مع رسول الله عليه الصلاة و السلام فلا عذر له في تركها مما يدل على عدم وجوب صلاة الجماعة.

    فما يثبت الحق في هذه المسألة هو من يأتي لنا بدليل صحيح صريح يماثل صراحة القول بالامر بصلاة الجماعة
    أين هو الأمر الصريح بصلاة الجماعة ؟ إعلم أن ما عندك صريح عندنا عكسه هو الصريح فالصريح عندنا هو عدم وجوبها لحديث التفاضل و حديث الصحابي الذي صلاها في بيته.

    اما الاثار المحتملة والتي نقلها بعض الاخوة فلا اظن ان ادنى طالب علم يقول باسقاطها للاثار الواردة في ذلك
    كلام لا يصح أن يذكر في مجلس علم ، لما يقول الشوكاني رحمه الله : وقد تقرر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل والتمسك بما يقضي به الظاهر فيه إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا" نيل الأوطار (ج 3 / ص 155).

    فماذا يكون عندك ؟ هل هو من أدنى طلاب العلم ؟ حاشا ذلك إنما كلامك تهويل فقط و بعيد عن الانصاف.

    مثل هذه المسائل الخلافية لابد أن تدرس بإنصاف و الله أعلم
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    نقول كما قال الشيخ الألباني رحمه الله لسنا تيميين.
    اهلا بك اخي عبدالكريم
    هذه مسألة علمية تطرح اخي الفاضل للاستفادة
    فإن كان لديك الباني واحد قال بما تقول
    فلدينا تيميون كثر
    وإن كان لديك عالم او عالمان او اكثر قال بما ترى فلدينا اكثر
    ما نريد هو ان تثبت الاقوال بالادلة
    لا الادلة بالاقوال
    وقد كان الطرح بأحد مصادر التشريع
    والان نعود لادلتك وهما دليلان
    الاول :
    حديث التفاضل , وهذا يعرض ان كان القول المطروح هو اشتراط الجماعة لصحة الصلاة
    ونحن لا نقول بهذا الاشتراط , فصلاة المنفرد صحيحة مع نقصان الاجر , وثبوت الاثم بترك الجماعة .
    الثاني :
    حديث الرجل الذي صلى في أهله , فقد قال بنص الحديث : ولكني قد صليت في اهلي
    وقوله هنا عليه احتملان
    اما انه صلاها في اهله يعني بأمامتهم
    او صلاها منفردا
    والاحتمال يسقط الاستدلال
    لكن السؤال :
    ماذا تقول بقول ابن مسعود : ولقد رأيتنا .. ؟
    وفقك الله ورعاك اخي عبدالكريم
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  8. #28

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جذيل مشاهدة المشاركة
    اهلا بك اخي عبدالكريم
    هذه مسألة علمية تطرح اخي الفاضل للاستفادة
    فإن كان لديك الباني واحد قال بما تقول
    فلدينا تيميون كثر
    وإن كان لديك عالم او عالمان او اكثر قال بما ترى فلدينا اكثر

    بارك الله فيك أخي الكريم

    الأمر ليسس بالعدد كما أن قول الجمهور أنها ليست واجبة فما قلته إذن باطل ، كيف تقول تيميون كثر ؟ و أغلب العلماء على أنها ليست واجبة ؟


    ما نريد هو ان تثبت الاقوال بالادلة
    لا الادلة بالاقوال
    مادام الأمر كذلك لماذا تنقل إجماعا لا يصح اليس هذا قول عالم واحد الذي نقلته؟

    وقد كان الطرح بأحد مصادر التشريع
    والان نعود لادلتك وهما دليلان
    الاول :
    حديث التفاضل , وهذا يعرض ان كان القول المطروح هو اشتراط الجماعة لصحة الصلاة
    ونحن لا نقول بهذا الاشتراط , فصلاة المنفرد صحيحة مع نقصان الاجر , وثبوت الاثم بترك الجماعة .

    الرسول عليه الصلاة و السلام لم يثبت إثما للمنفرد فقولك يفتقر للدليل و إقرار الرسول عليه الصلاة و السلام الثواب ينفي الإثم إذ كيف ينقص الأجر و يثبت الإثم أيعاقب الله عز و جل العبد مرتين ؟ بنقصان الأجر و الإثم و كيف يثبت أجر مع إثم عند اتحاد الجهة أيثبت له أجر واحد لصلاته منفردا ثم يثبت له إثم لصلاته منفردا فهنا اتحدت الجهة و لا أجر على حرام !!! القول الراجح هنا هو عدم وجوبها و إلا لما أخر الرسول عليه الصلاة و السلام البيان في هذه المسألة بل إثباته لأجر المنفرد دون ذكر إثم يفيد عدم الوجوب.

    الثاني :
    حديث الرجل الذي صلى في أهله , فقد قال بنص الحديث : ولكني قد صليت في اهلي
    وقوله هنا عليه احتملان
    اما انه صلاها في اهله يعني بأمامتهم
    او صلاها منفردا
    والاحتمال يسقط الاستدلال
    ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال أخي الكريم فكون الرسول عليه الصلاة و السلام لم يستفسر منه أثبت عموم إقراره لفعله أي كان سببه لذلك قاعدة الاحتمال لا تطبق هنا لأنه لا احتمال في المسألة إنما إقرار الرسول عليه الصلاة و السلام لذلك عام , كما أنك رددت على نفسك بقولك هذا فعلى هذا لماذا يحرق رسول الله صلى الله عليه و سلم بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة ؟ ربما يصلونها بإمامة أهليهم ؟

    لكن السؤال :
    ماذا تقول بقول ابن مسعود : ولقد رأيتنا .. ؟
    وفقك الله ورعاك اخي عبدالكريم

    الجواب الأول أن الإجماع لا ينعقد في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام فتنبه لذلك

    الجواب الثاني أن الدعوى هنا أكبرمن الدليل فغاية ما يثبت من قول ابن مسعود رضي الله عنه فرض الكفاية لا وجوبها لأنها لو كانت واجبة لقال ذلك صراحة : قال ابن عبد البر وأخبرنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي الكوفي قال حدثنا جعفر بن عون عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله قال "عليكم بالصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنها من سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد عهدتنا وإن الرجل ليهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه".
    فقد صرحت هذه الآثار عن ابن مسعود بأن شهود الجماعة سنة ومن تدبرها علم أنها واجبة على الكفاية والله أعلم.
    التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (ج 18 / 334،338)

    فغاية ما يستفاد من أثر ابن مسعود هو فرض الكفاية لا فرض العين و لا يوجد دليل مرفوع صريح أنها واجبة بل غالب الأدلة تفيد غير ذلك كحديث إثبات أجر صلاة المنفرد و حديث الصحابي الذي صلاها في بيته و حديث التابعي الذي سأل ابن عمر رضي الله عنه عن اعادتها مع الإمام بعد أن صلاها في بيته فكل هذه تفيد عدم وجوب صلاة الجماعة و كما قلت سابقا عدم وجوبها لا يحتاج دليلا لأن الأصل براءة الذمة و أضيف دليلا آخر :

    قال البخاري في صحيحه : حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ ، يَقُولُ : " صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ ، فَقُلْتُ : يَا عَمِّ، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ : الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ " (549) كتاب مواقيت الصلاة ، باب وقت العصر

    و الله أعلم
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    حياك الله اخي عبدالكريم
    دليل التأثيم لحديث التحريق , فهل يكون عقابا دنيويا دون ان يكون باثم
    ولماذا ( الحدود كفارات ) ..!
    وأيضالم يثبت كفرهم , فدل على صحة صلاتهم مع العقاب ..
    ولم يرد في الحديث انهم يصلونها كصلاة من صلاها في أهله كما في اعتراضك .
    اما قول ابن مسعود عن وصفه للصلاة بالسنية فإنما قصد بالسنة باحد اطلاقاتها وهي السنة الواجبة , ولهذا قال : ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم , وهل من الممكن ان تكون السنة بلفظ ابن مسعود هنا هي التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها , وقد وصف التارك لها بالضال ..!!
    أما اثر ابن عمر في اعادته للصلاة فيحتمل انه في وقت تاخير بعض الولاة في زمنه مما حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام ..
    اما الاجماع الذي نقله ابن مسعود فلم يكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام كما ترى من سياق الاثر ..
    وعلى كل حال فلفظ البخاري الاخر يبين الاصرح مما سبق , وقد قال عليه الصلاة والسلام فيه : فأحرق على من لا يخرج الى الصلاة ..!!
    فما جوابك رعاك الله
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  10. #30

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله وأصحابه والتابعين 0
    أما بعد ..............
    فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة الجماعة على أقوال أربعة :
    الأول : أنها سنة مؤكدة :وهذا مذهب المالكية و الحنفية 0
    أما مذهب المالكية فواضح لا إشكال فيه حيث نص أئمتهم على ذلك كما في مختصر خليل وشروحه قال أحمد الدردير في شرحه لمختصر خليل 1/320 : فعل الصلاة جماعة أي بإمام ومأموم ( بفرض ) ولو فائتة ( غير جمعة ) ( سنة ) مؤكدة 0اهـ
    جاء في حاشية الدسوقي المالكي رحمه الله 1/320 : وظاهره أنها سنة في البلد وفي كل مسجد وفي حق كل مصل وهذه طريقة الأكثر وقتال أهل البلد على تركها على هذا القول لتهاونهم بالسنة 0
    وقال ابن رشد وابن بشير إنها فرض كفاية بالبلد يقاتل أهلها عليها إذا تركوها وسنة في كل مسجد ومندوبة للرجل في خاصة نفسه قال الأبي وهذا أقرب للتحقيق وحمل المصنف على كلتا الطريقتين صحيح فمعناه على طريقة الأكثر سنة لكل مصل وفي كل مسجد وفي البلد وعلى طريقة ابن رشد إقامتها بكل مسجد سنة .اهـ
    أما مذهب الحنفية فقد اختلفت فيه كلمة أئمتهم ، فحين يصرح أكثر أهل المتون المعتمدة التي عليها الفتوى بالسنية يقوم بعض الشراح من أئمتهم بترجيح وتصحيح القول بالوجوب وهذا ما يحوجنا إلى إلماحة سريعة على قواعد الترجيح عند الحنفية خصوصا ونقتبس ذلك من كلام خاتمة محققي الحنفية ابن عابدين حيث قال في حاشيته على الدر 1/71 :
    تتمة : قد جعل العلماء الفتوى على قول الإمام الأعظم في العبادات مطلقا وهو الواقع بالاستقراء , ما لم يكن عنه رواية كقول المخالف كما في طهارة الماء المستعمل والتيمم فقط عند عدم غير نبيذ التمر كذا في شرح المنية الكبير للحلبي في بحث التيمم . وقد صرحوا بأن الفتوى على قول محمد في جميع مسائل ذوي الأرحام . وفي قضاء الأشباه والنظائر : الفتوى : على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء كما في القنية والبزازية ا هـ أي لحصول زيادة العلم له به بالتجربة , ولذا رجع أبو حنيفة عن القول بأن الصدقة أفضل من حج التطوع لما حج وعرف مشقته . وفي شرح البيري أن الفتوى على قول أبي يوسف أيضا في الشهادات . وعلى قول زفر في سبع عشرة مسألة حررتها في رسالة , وينبغي أن يكون هذا عند عدم ذكر أهل المتون للتصحيح , وإلا فالحكم بما في المتون كما لا يخفى ; لأنها صارت متواترة ا هـ
    ثم إن اضطربت النقول ولم يتمكن من الجزم بقول منها نظر إلى ما حكاه الأئمة المشهود لهم بالعلم والاطلاع على مذاهب الآخرين كأمثال ابن عبد البر وابن المنذر وابن دقيق العيد والنووي وابن تيمية ونحوهم ، فإنهم ولا شك أدرى منا بمذاهب الأئمة 0

    ومن خلال السير وفق هاتين القاعدتين يمكننا القول بأن معتمد مذهب الحنفية هو ، أن الجماعة سنة مؤكدة لأن ذلك هو المنصوص في المتون ، والذي رجحه ، جماعة من الشراح ، وعزاه إليهم أئمة محققون إلا أن هذه السنة قريبة من الواجب على حد تعبيرهم ،ويأثم تاركها إثما أقل من إثم تارك الواجب ، ومن رجع إلى أصول الحنفية بان له الأمر 0
    قال عبد العزيز البخاري الحنفي في شرحه لأصول البزدوي 2/311 :
    ( سنة الهدى ) يعني سنة أخذها من تكميل الهدى أي الدين , وهي التي تعلق بتركها كراهية أو إساءة . والإساءة دون الكراهة , وهي مثل الأذان والإقامة والجماعة والسنن الرواتب . ولهذا قال محمد في بعضها إنه يصير مسيئا و في بعضها إنه يأثم , وفي بعضها يجب القضاء , وهي سنة الفجر , ولكن لا يعاقب بتركها ; لأنها ليست بفريضة , ولا واجبة .اه
    وإليك بعض نصوصهم التي تدل على مذهبهم في الجماعة أنها سنة مؤكدة :
    قال منلا خسرو في كتابه درر الحكام 1/85 : ( الجماعة سنة مؤكدة ) , وقيل فرض ( للرجال )0 اهـ
    وقال العلامة أبو الإخلاص الشرنبلالي في كتابه غنية ذوي الأحكام وهو تقييدات على درر الحكام السابق الذكر 1/85 : قوله الجماعة سنة مؤكدة هو الأصح ) وفي شرح بكر خواهر زاده أنها مؤكدة غاية التأكيد . وفي الغاية لو تركها أهل ناحية أثموا ووجب قتالهم بالسلاح ; لأنها من شعائر الإسلام إلا أن يتوبوا .اهـ
    وقال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح 1/ 191
    قوله والصلاة بالجماعة سنة المراد بها فيما عدا الجمعة والعيدين فإنها فيهما شرط الجواز قوله سنة في الأصح وفي البدائع عامة المشايخ على الوجوب وبه جزم في التحفة وغيرها وفي جامع الفقه أعدل الأقوال وأقواها الوجوب ومنهم من قال إنها فرض كفاية وبه قال الكرخي والطحاوي وجماعة من أصحابنا 0اهـ
    وفي تحفة الملوك لمحمد بن أبي بكر الرازي الحنفي : 1/ 88
    ( حكم الجماعة وعددها: هي سنة مؤكدة وتخفيفها مع الإمام سنة ثابتة )
    وقال أبو الإخلاص الشرنبلالي الحنفي في كتابه نور الإيضاح 1 / 50
    والصلاة بالجماعة سنة للرجال الاحرار بلا عذر 0
    وقال علي المرغيناني الحنفي في بداية المبتدي 1 / 16
    الجماعة سنة مؤكدة وأولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة 00اهـ
    وقال الامام أبو البركات المعروف بحافظ الدين النسفي في كنز الدقائق 1/133 : ( الجماعة سنة مؤكدة ) أي قوية تشبه الواجب في القوة حتى استدل بملازمتها على وجود الإيمان , وقال كثير من المشايخ : إنها فريضة , ثم منهم من يقول : إنها فرض كفاية , ومنهم من يقول : إنها فرض عين 0
    وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق قوله : و في مختصر البحر المحيط الأكثر على أنها سنة مؤكدة ولو تركها أهل ناحية أثموا ووجب قتالهم بالسلاح ; لأنها من شعائر الإسلام وفي شرح خواهر زاده سنة مؤكدة غاية التأكيد . ا هـ .
    لهم قوله عليه الصلاة والسلام { لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } وقوله عليه الصلاة والسلام { أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلا فيصلي بالناس , ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار } فتارك السنة لا يحرق عليه بيته فدل على أنها فرض 0
    ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بسبع وعشرين درجة } وهذا يفيد الجواز , ولو كانت فرض عين لما جازت صلاته 0 اهـ
    وظاهر من قول الإمام النسفي ( ولنا ) أي لمعتمد المذهب 0
    أما ترجيح العلامة ابن نجيم في البحر الرائق الوجوب حيث قال 1/366 : الجماعة سنة مؤكدة ) أي قوية تشبه الواجب في القوة والراجح عند أهل المذهب الوجوب 0اهـ
    فقد رجح خلافه عند الكلام عن سنة رفع اليديين حيث قال : 1 / 319
    والذي يظهر من كلام أهل المذهب أن الإثم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة على الصحيح لتصريحهم بأن من ترك سنن الصلوات الخمس قيل لا يأثم والصحيح أنه يأثم ذكره في فتح القدير وتصريحهم بالإثم لمن ترك الجماعة مع أنها سنة مؤكدة على الصحيح0اهـ
    ورجح خلافه أيضا وهو يتكلم عن فرض القيام في الصلاة فقال 1/ 308 :
    واختار في منية المصلي القول الثالث وهو أنه يشرع قائما ثم يقعد فإذا جاء وقت الركوع يقوم ويركع والأشبه ما صححه في الخلاصة لأن القيام فرض فلا يجوز تركه لأجل الجماعة التي هي سنة بل يعد هذا عذرا في تركها 0اه
    ورجح ابن عابدين وجوب الجماعة في حاشيته 1/458 فقال : (صلاة الجماعة واجبة على الراجح في المذهب أو سنة مؤكدة في حكم الواجب )
    إلا أنه ذكر قبل ذلك في سنن الوضوء من نفس الكتاب أن الجماعة سنة مؤكدة ، فقال :
    1/104 : مطلب في السنة وتعريفها , والسنة نوعان : سنة الهدي , وتركها يوجب إساءة وكراهية كالجماعة والأذان والإقامة ونحوها . وسنة الزوائد , وتركها لا يوجب ذلك كسير النبي عليه الصلاة والسلام في لباسه وقيامه وقعوده .اهـ
    تنبيه : هل يأثم تارك الجماعة عند الحنفية بالترك مرة أم لا يأثم حتى يكون الترك له عادة ، محل خلاف بين الحنفية فذهب العراقيون إلى أن تركها مرة بلا عذر يوجب إثما وذهب الخراسانيون إلى أنه لا يأثم إلا إن اعتاد وهو الذي مال إليه ابن عابدين في حاشيته على
    الدر وهو يحاول التوفيق بين القولين ( أعني من قال بالوجوب ومن قال بالسنبة )
    حيث قال 1/553:
    وقد يوفق بأن ذلك مقيد بالمداومة على الترك كما هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم " { لا يشهدون الصلاة } " وفي الحديث الآخر " { يصلون في بيوتهم } " 000 وقال : إلا أن يجاب بأن قول العراقيين يأثم بتركها مرة مبني على القول بأنها فرض عين عند بعض مشايخنا كما نقله الزيلعي وغيره , أو على القول بأنها فرض كفاية كما نقله في القنية عن الطحاوي والكرخي وجماعة , فإذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا فتأمل 0
    فائدة : وتحاز فضيلة الجماعة عند الحنفية بصلاة اثنين فصاعدا في المسجد أو غيره قال ابن عابدين في حاشيته 1/397 : سيأتي في الإمامة أن الأصح أنه لو جمع بأهله لا يكره وينال فضيلة الجماعة لكن جماعة المسجد أفضل , فاغتنم هذا التحرير الفريد0 اهــ
    وممن عزى إلى الحنفية ذلك :
    شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي ذ23/225 قال : تنازع العلماء بعد ذلك في كونها واجبة على الأعيان , أو على الكفاية , أو سنة مؤكدة , على ثلاثة أقوال : فقيل : هي سنة مؤكدة فقط , وهذا هو المعروف عن أصحاب أبي حنيفة , وأكثر أصحاب مالك , وكثير من أصحاب الشافعي , ويذكر رواية عن أحمد 000 اهـ
    وابن رشد في بداية المجتهد ج: 1/ 102 قال :
    ( الفصل الأول في معرفة حكم صلاة الجماعة 000 أما المسألة الأولى فإن العلماء اختلفوا فيها فذهب الجمهور إلى أنها سنة أو فرض على الكفاية وذهبت الظاهرية إلى أن صلاة الجماعة فرض متعين على كل مكلف ) اهـ
    وابن قدامة في المغني 2/4 قال : الجماعة واجبة للصلوات الخمس , روي نحو ذلك عن ابن مسعود , وأبي موسى . وبه قال عطاء , والأوزاعي , وأبو ثور . ولم يوجبها مالك , والثوري , وأبو حنيفة , والشافعي 0 اهـ
    و ابن القيم في كتابه الصلاة وحكم تاركها قال : 1 / 137
    وقالت الحنفية والمالكية هي سنة مؤكدة ولكنهم يؤثمون تارك السنن المؤكدة ويصححون الصلاة بدونه والخلاف بينهم وبين من قال أنها واجبة لفظي وكذلك صرح بعضهم بالوجوب اهـ
    والمرداوي الحنبلي في الإنصاف 2/211 حيث جعل القول بالوجوب من مفردات المذهب فقال : باب صلاة الجماعة . قوله ( وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا بشرط ) هذا المذهب بلا ريب , وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه , وهو من مفردات المذهب 0اهـ
    ويمكننا أن نستأنس بقول الجزيري وأصحاب الموسوعة الكويتية 0
    أما الجز يري فقال في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة تحت عنوان [حكم الإمامة في الصلوات الخمس ] : الحنفية قالوا : صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة سنة عين مؤكدة ، وإن شئت قلت : هي واجبة ، لأن السنة المؤكدة هي الواجب على الأصح 0 اهـ
    وأما أصحاب الموسوعة الكويتية فقالوا 27/166 : ذهب الحنفية - في الأصح - وأكثر المالكية , وهو قول للشافعية , إلى أن صلاة الجماعة في الفرائض سنة مؤكدة للرجال , وهي شبيهة بالواجب في القوة عند الحنفية . وصرح بعضهم بأنها واجبة - حسب اصطلاحهم – 0اهـ
    الثاني : أنها فرض كفاية في كل محلة ، وبهذا قال الشافعية ، واختاره ابن عبد البر و ابن رشد وابن بشير من المالكية و الطحاوي والكرخي وجماعة من الحنفية 0
    قال الإمام النووي في المجموع 4/86 : والصحيح : أنها فرض كفاية , وهو الذي نص عليه الشافعي في كتاب الإمامة كما ذكره المصنف . وهو قول شيخي المذهب ابن سريج وأبي إسحاق وجمهور أصحابنا المتقدمين , وصححه أكثر المصنفين , وهو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة 0

    الثالث :أنها فرض عين وتكون في المسجد وغيره وهذا مذهب الحنابلة و عَطَاء وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَجَمَاعَة مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّة كَأَبِي ثَوْر وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن الْمُنْذِر وَابْن حِبَّانَ 0
    قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 2/3 : الجماعة واجبة للصلوات الخمس 00ثم قال : وليست الجماعة شرطا لصحة الصلاة نص عليه أحمد 00ثم قال : ويجوز فعلها في البيت والصحراء , وقيل : فيه رواية أخرى : أن حضور المسجد واجب 0
    وقال المرداوي في الإنصاف 2/214 : وله فعلها في بيته في أصح الروايتين وكذا قال في التلخيص , والبلغة , ومجمع البحرين قال في الشرح , والنظم : هذا الصحيح من المذهب 0 اهـ

    الرابع : هي فرض على الأعيان , وشرط في الصحة ويتعين لها المسجد وبه قال داود الظاهري وابن حزم وهو اختيار تقي الدين ابن تيمية و بعض أصحاب أحمد0
    قال ابن حزم رحمه الله في المحلى 3/104 : ولا تجزئ صلاة فرض أحدا من الرجال - : إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إلا في المسجد مع الإمام , فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته , فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعدا ولا بد , فإن لم يفعل فلا صلاة له إلا أن لا يجد أحدا يصليها معه فيجزئه حينئذ , إلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة وليس ذلك فرضا على النساء , فإن حضرنها حينئذ فقد أحسن 0اهـ
    والراجح من هذه الأقوال هو الثاني لما سيأتي من الأدلة وسيدور البحث حول ثلاثة محاور هي
    1- أن صلاة الجماعة فرض كفاية في حق جماعة المسلمين بحيث يقوم الشعار في كل محلة ، سنة في حق آحادهم 0
    2- أن المسجد لا يتعين مكان لإقامة الجماعة بل تصح في غيره 0
    3- الرد على بعض أدلة المخالفين .

    فأبدأ مستعينا بالله طالبا منه التوفيق في تقرير أول المحاور فأقول :
    المسألة الأولى :كون صلاة الجماعة فرض كفاية في حق جماعة المسلمين سنة في حق آحادهم 0
    لهذه المسألة جانبان :
    الأول : كون الجاعة فرض كفاية 0
    الثاني :كونها سنة في حق الآحاد بعد قيام الفرض بغيرهم 0
    يدل على الجانب الأول الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وأبو داود واللفظ له عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية قال زائدة قال السائب يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة
    والحديث يدل دلالة واضحة على وجوب الجماعة ، حيث قال ولا تقام فيهم )
    ولم يقل : لا يقيمون والفرق بين اللفظين واضح مع أن الثاني محتمل أيضا الوجوب الكفائي وإذا ثبت كون الجماعة سنة في حق الفذ حمل هذا الحديث وبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على الوجوب الكفائي ، جمعا بين الأدلة 0
    وكل الأدلة التي يستدل بها الموجبون لصلاة الجماعة هي دليل لنا على أن الجماعة فرض كفاية ، والصارف لها عن العينية ماثبت من الأحاديث الدالة على صحة صلاة الفذ وجوازها0
    قال الأمير الصنعاني في سبل السلام 2 : 19 ( وأدلة القائل بأنها فرض كفاية أدلة من قال إنها فرض عين بناء على قيام الصارف للأدلة على فرض العين إلى فرض الكفاية )
    وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار 3/155 : وقد تقرر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب , وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل , والتمسك به بما يقضي به الظاهر فيه إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز . فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم , وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا .اهـ
    قلت : فأين الجمع بين الأدلة إذا ،ولا شك أن القول بأن الجماعة سنة مؤكدة في حق الفذ فريضة في حق الجماعة هو الجمع المتعين وهو الذي أشار إليه حافظ المغرب الإمام أبو عمر بن عبد البر وصححه في التمهيد 18/334 حيث قال : وقد أوجبها جماعة من أهل العلم فرضا على الكفاية وهو قول حسن صحيح لإجماعهم على أنه لا يجوز أن يجتمع على تعطيل المساجد كلها من الجماعات فإذا قامت الجماعة في المسجد فصلاة المنفرد في بيته جائزة 0اهـ
    و يدل على الجانب الثاني وهو أن صلاة الجماعة سنة في حق الآحاد من المسلمين أدلة من ذلك :
    أولا :ماثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة 0
    وفي لفظ لمسلم من حديث أبي هريرة  (صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ )
    ولفظ أحمد (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الفذ خمسا وعشرين درجة )
    ولأحمد أيضا (وصلاة الجميع تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ )
    والحديث بألفاظه المختلفة حجة على أن الجماعة سنة وليست بفرض ووجه الدلالة فيه أن النبي  أثبت فضيلة وأجرا و زكاء ودرجة لصلاة الفذ ولو كانت صلاة الرجل منفردا محرمة لما كان فبها أجر و لا فضيلة ولا درجة 0
    قال الشافعي في الأم 1/182 : وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزئ المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا 0
    وقال الباجي في المنتقى 1/230 : ويريد بالفذ الذي يصلي في بيته وفي سوقه وحده ، وهذا الذي ذكره يدل على أن الجماعة ليست بشرط في صحة الصلاة ولا بفرض 0
    وقال : ووجه الدليل منه [أي الحديث ] معنيان :
    أحدهما : أنه جعل صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ولو لم تكن صلاة الفذ مجزئة لما وصفت بأن صلاة الجماعة تفضلها لأنه لا يصح أن يفاضل بين صلاة الجماعة وبين ما ليس بصلاة .
    والثاني : أنه حد ذلك بسبع وعشرين درجة فلو لم تكن لصلاة الفذ درجة من الفضيلة لما جاز أن يقال إن صلاة الجماعة تزيد عليها سبعا وعشرين درجة ولا أكثر ولا أقل لأنه إذا لم يكن لصلاة الفذ مقدار من الفضيلة فلا يصح أن تتقدر الزيادة عليها بدرجات معدودة مضافة إليها .اهـ
    وقال الشوكاني في السيل الجرار ج: 1 ص: 245
    أقول هذا هو الحق فإن الأحاديث المصرحة بأفضلية صلاة الجماعة على صلاة الفرادى منادية وموجبة لتأويل ما ورد مما استدل به على وجوبها ومن هذه الأحاديث القاضية بعدم الوجوب ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أعظم الناس أجرا في الصلاة ابعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها الأمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام 0 اهـ

    ، فإن قيل التفضيل لا يدل على أن المفضول جائز فقد قال تعالى ( اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ( فجعل السعى إلى الجمعة خيرا من البيع والسعى واجب والبيع حرام وقال تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم0
    قلنا هذا صحيح فقد يرد التفاضل بين ما فيه خير وما لا خير فيه البتة ، ولكنه على خلاف الأصل ، و حيث لم يذكر عدد أما إن ذكر التفضيل بعدد ودرجة فلا ، لأن الحديث يلزم أن يكون معناه على قول من يصحح صلاة المنفرد ويوجب الجماعة على النحو التالي ،فعل الواجب أفضل وأزكى من تركه بسبع وعشرين درجة ، وهذا لا يستقيم بحال 0
    ويكون التقدير أيضا : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ولكن صلاة الفذ لا تجوز ، ولا شك أن هذا التقدير في غاية البعد.
    قال ابن دقيق العيد ، عند كلامه على الحديث في شرح العمدة فقال 1/188 :
    الكلام عليه من وجوه :
    أحدها : استدل به على صحة الفذ , وأن الجماعة ليست بشرط . ووجه الدليل منه : أن لفظة " أفعل " تقتضي وجود الاشتراك في الأصل مع التفاضل في أحد الجانبين . وذلك يقتضي وجود فضيلة في صلاة الفذ وما لا يصح فلا فضيلة فيه . ولا يقال : إنه قد وردت صيغة " أفعل " من غير اشتراك في الأصل ; لأن هذا إنما يكون عند الإطلاق . وأما التفاضل بزيادة عدد فيقتضي بيانا . ولا بد أن يكون ثمة جزء معدود يزيد عليه أجزاء أخر . كما إذا قلنا : هذا العدد يزيد على ذاك بكذا وكذا من الآحاد . فلا بد من وجود أصل العدد , وجزء معلوم في الآخر , ومثل هذا . ولعله أظهر منه : ما جاء في الرواية الأخرى " تزيد على صلاته وحده , أو تضاعف " فإن ذلك يقتضي ثبوت شيء يزاد عليه , وعدد يضاعف .ا هـ
    فإن قيل الحديث في حق المعذور قلنا هذا تقييد بلا حجة قال الإمام ابن دقيق العيد : نعم يمكن من قال بأن صلاة الفذ من غير عذر لا تصح - وهو داود على ما نقل عنه - أن يقول : التفاضل يقع بين صلاة المعذور فذا والصلاة في جماعة . وليس يلزم إذا وجدنا محملا صحيحا للحديث أكثر من ذلك . ويجاب عن هذا بأن " الفذ " معرف بالألف واللام . فإذا قلنا بالعموم دل ذلك على فضيلة صلاة الجماعة على صلاة كل فذ فيدخل تحته الفذ المصلي من غير عذر . اهـ
    قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد 6/317 : وفي هذا الحديث أعني حديث مالك دليل على جواز صلاة الفذ وحده وإن كانت الجماعة أفضل وإذا جازت صلاة الفذ وحده بطل أن يكون شهود صلاة الجماعة فرض لا نه لو كان فرضا لم تجز للفذ صلاته كما أن الفذ لا يجزئه يوم الجمعة أن يصلى قبل صلاة الإمام ظهرا 0
    وقال 6/318: لا يخلو قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة تفضل صلاة الفد من أحد ثلاثة أوجه 0 أما أن يكون المراد بذلك ( صلاة النافلة أو يكون المراد بذلك ) من تخلف من عذر عن الفريضة أو يكون المراد بذلك من تخلف عنها بغير عذر فإذا احتمل ما ذكرنا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي ( هذا ) إلا المكتوبة علمنا أنه لم يرد صلاة النافلة بتفضيله صلاة الجماعة على الفذ وإنما أراد بذلك الفرض وكذلك لما قال صلى الله عليه وسلم من غلبه على صلاته نوم كتب له أجرها وكذلك قوله إذا كان للعبد عمل يعمله فمنعه ( منه ) مرض أمر الله كاتبيه أن يكتبا له ما كان يعمل في صحته وكذلك قوله في غزوة تبوك لأصحابه إن بالمدينة قوما ما سلكتم طريقا ولا قطعتم واديا ولا أنفقتم نفقة إلا وهم معكم حبسهم العذر علمنا بهذه الآثار وما كان في معناها أن المتخلف بعذر لم يقصد إلى تفضيل غيره عليه وإذا بطل هذان الوجهان صح أن المراد بذلك هو المتخلف عن الواجب عليه بغير عذر وعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفاضل بينهما إلا وهما جائزان غير أن أحدهما أفضل من الآخر 0اهـ
    ثانيا :مارواه أحمد عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال صلى رسول الله  الفجر بمنى فانحرف فرأى رجلين وراء الناس فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال ما منعكما ان تصليا مع الناس فقالا قد كنا صلينا في الرحال قال فلا تفعلا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة 0
    وهذا الحديث فيه دلالات :
    أما الأولى : فإقرار النبي  لهما على الصلاة في الرحال ، ومن المعلوم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة 0
    فإن قيل : لم يبينه النبي  لعلمهم به واستقراره في نفوسهم 0
    قلنا : بل الظاهر عدم علمهم ، ولذا صلوا في الرحال ، وأقرهم النبي  فدل على الجواز0
    وأما الثانية : فعموم اللفظ في قوله (إذا صلى أحدكم في رحله ) ومن المعلوم أن مذهب جماهير الفقهاء والأصوليين أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب 0
    وأما الثالثة : فقوله  (فإنها له نافلة ) ولو كانت الجماعة واجبة فكيف تسقط مع القدرة عليها بحضور المسجد وإدراك الجماعة وهم يصلون ، ولكانت هذه الصلاة ( أعني الثانية المعادة ) هي الفريضة ، وهذا ما دلت النصوص على خلافه ، حيث دلت على أن الثانية نافلة ، والفريضة هي التي صلاها في بيته ، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة و الشافعية في الجديد 0 وقال المالكية : يفوض في الثانية أمره إلى الله تعالى في قبول أي من الصلاتين لفرضه , وهو قول الشافعي في القديم ، قال في تحفة الأحوذي 2/6 : قَالَ وَلْتَجْعَلْهَا نَافِلَةً كَذَا فِي التَّلْخِيصِ , قُلْتُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ هِيَ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ كَمَا قَدْ عَرَفْت .اهـ
    ثالثا :ماروه الإمام مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس الست برجل مسلم فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت 0 وأخرج الحديث أحمد والنسائي وهو صحيح 0
    وجه الدلالة من الحديث ، إقرار النبي  لمحجن على صلاته في أهله وهو موطن بيان ،ولا يمكن حمل الحديث في حق المعذور لأن ظاهر الحديث يرد ذلك حيث إنه كان معه في نفس المجلس ، ولم يرد في شيي ء من هذه الروايات مع كثرتها الإنكار على من صلى في بيته أو رحله 0

    رابعا : مافي الموطأ أيضا عن نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه فقال له عبد الله بن عمر نعم فقال الرجل أيتهما أجعل صلاتي فقال له بن عمر أو ذلك إليك إنما ذلك إلى الله يجعل ايتهما شاء 0
    وفي الموطأ أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال إني أصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه فقال سعيد نعم فقال الرجل فأيهما صلاتي فقال سعيد أو أنت تجعلهما إنما ذلك إلى الله 0
    وفي الموطأ عن رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب الأنصاري فقال إني أصلي في بيتي ثم آتى المسجد فأجد الإمام يصلى أفأصلي معه فقال أبو أيوب نعم فصل معه فإن من صنع ذلك فإن له سهم جمع أو مثل سهم جمع 0
    وروى هذه الأثار الإمام البيهقي في سننه 2 / 302 وعبد الرزاق في مصنفه 2 / 422
    ووجه الشاهد فيها إقرار الصحابة لهؤلاء على صلاتهم في بيوتهم، ولو كان الأمر عندهم على خلاف ذلك لنبهوا السائلين عن حكم إعادة الصلاة مع جماعة المسجد إلى حكم الصلاة في البيوت أولا0
    تنبيه :
    صلاة الصحابة الذين صلوا في بيوتهم ثم أدركوا جماعة النبي  هل كانت صلاتهم في بيوتهم جماعة أو فرادى ،يحتمل هذا وذاك ، وترك الاستفصال من النبي  ينزل منزلة العموم في المقال ، قال الإمام الشوكاني رحمه الله في النيل 3/113 وظاهره عدم الفرق بين أن تكون الأولى جماعة أو فرادى , لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال .اهـ
    خامسا : ما أخرجه مسلم وأحمد وأصحاب السنن عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال : ( صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة)
    فأمره النبي  بالصلاة ، ولم يكلفه فيما يظهر أن يصلي مع آخر ليحرز الجماعة 0
    فائدة : قال الإمام النووي في شرح مسلم 5/147 : والمراد بتأخيرها عن وقتها أي عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها فان المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع 0 اهـ قلت : ولو كان إدراك الجماعة واجبا لما فرط فيه لإدراك فضيلة أول الوقت 0
    سادسا : ما أخرجه النسائي وأبو داود وغيرهما عن أبي بن كعب يقول : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة الصبح فقال أشهد فلان الصلاة قالوا لا قال ففلان قالوا لا قال إن هاتين الصلاتين من أثقل الصلاة على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا والصف الأول على مثل صف الملائكة ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل 0 صحح إسناده النووي في الخلاصة 0
    ولا أدري كيف يكون معنى الحديث عند من يوجبون الجماعة ، هل يقولون : صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، لكن صلاته وحده لاتجوز ، فإن كان ذلك فما أبعد هذا الحمل عن الصواب 0
    والأدلة السابقة متظافرة على عدم وجوب الجماعة ، والله الهادي إلى سواء السبيل 0

    المسألة الثانية : صحة الجماعة في غير المسجد 0
    وقد دل على ذلك أدلة :
    أولها : مارواه أحمد و البخاري من حديث عائشة أم المؤمنين أنها قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا 0
    قال الحافظ في الفتح 2/177 : في بيته أي في المشربة التي فى حجرة عائشة كما بينه أبو سفيان عن جابر وهو دال على أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد وكأنه صلى الله عليه وسلم عجز عن الصلاة بالناس في المسجد فكان يصلي في بيته بمن حضر لكنه لم ينقل أنه استخلف ومن ثم قال عياض أن الظاهر أنه صلى في حجرة عائشة وائتم به من حضر عنده ومن كان في المسجد وهذا الذي قاله محتمل ويحتمل أيضا أن يكون استخلف وان لم ينقل اهـ
    ثانيها :ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما عن أبي مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه0
    ولفظ ابن ماجة ( ولا يؤم الرجل في أهله ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذن أو بإذنه ) 0
    وفي هذا الحديث إشارة من النبي  إلى جواز صلاة الجماعة في البيت لأن النبي  لا يضع قواعد الإمامة لصلاة هي غير جائزة أصلا ،وحمل الحديث على صور محدودة كالمعذور ونائي الدار قصر له عن دلالته العامة وخروج به عن ظاهره بلا حجة ،ومما يدل لهذا الفهم- أعني أن الحديث على عمومه - عمل الصحابة رضي الله عنهم فقد
    أخرج أحمد في مسنده و الدارمي والبيهقي في سننيهما عن عبد الله بن يزيد الخطمي وكان أميرا على الكوفة قال أتينا قيس بن سعد في بيته فأذن المؤذن للصلاة وقلنا لقيس قم فصل لنا فقال لم أكن لأصلي بقوم لست عليهم بأمير فقال رجل ليس بدونه يقال له عبد الله بن حنظلة بن الغسيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل أحق بصدر دابته وصدر فراشه وان يوم في رحلة فقال قيس بن سعد عند ذلك يا فلان لمولى له قم فصل لهم 0
    وفي هذا الحديث ثلاثة صحابة هم عبد الله بن يزيد الخطمي وقيس بن عبادة و عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ذكر ثلاثتهم الحافظ في الإصابة ،
    وكذلك ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في سننه عن قتادة أن أبا سعيد صنع طعاما ثم دعا أبا ذر وحذيفة وبن مسعود فحضرت الصلاة فتقدم أبو ذر ليصلي بهم فقال له حذيفة وراءك رب البيت أحق بالإمامة فقال له أبو ذر كذلك يا بن مسعود قال نعم قال فتأخر أبو ذر 0
    وفي هذا الحديث تصريح باسم أربعة من كبراء الصحابة رضي الله عنهم قاموا بالصلاة في بيت واحد منهم والظاهر عدم العذر0
    وكذلك ما رواه الطبراني من طريق إبراهيم النخعي قال : أتى عبد الله أبا موسى فتحدث عنده فحضرت الصلاة فلما أقيمت فتأخر أبو موسى فقال له عبد الله لقد علمت أن من السنة ان يتقدم صاحب البيت فأبى أبو موسى حتى تقدم مولى لأحدهما 0 قال الحافظ في التلخيص : رجاله ثقات 0
    وفي صحيح مسلم عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة قالا أتينا عبد الله بن مسعود في داره فقال أصلى هؤلاء خلفكم فقلنا لا قال فقوموا فصلوا فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة رواه مسلم 0
    قال الإمام النووي رحمه الله : قوله (قوموا فصلوا) فيه جواز اقامة الجماعة في البيوت لكن لا يسقط بها فرض الكفاية اذا قلنا بالمذهب الصحيح أنها فرض كفاية بل لا بد من اظهارها وإنما اقتصر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على فعلها في البيت لان الفرض كان يسقط بفعل الامير وعامة الناس وان أخروها إلى أواخر الوقت 0اهـ
    وروى مسلم عن محمد بن على بن الحسين قال : دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال مرحبا بك يا بن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها كلما وضعها علي منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا0
    وحديث جابر  حديث طويل فيه ذكر صفة حج النبي  ووجه الدلالة في الحديث صلاة جابر  بالقوم في بيته ، قال الإمام النووي في شرح مسلم وهو يعدد الفوائد من هذا الحديث (ومنها أن صاحب البيت أحق بالامامة من غيره )
    فائدة : ( والقوم) كما قال ابن منظور في اللسان : و القَوْمُ: الـجماعة من الرجال والنساء جميعاً اهـ0 واحتمال العذرفي حق جميع القوم بعيد جدا

    ثالثها :ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى قال أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة 0
    وفي لفظ لمسلم (وأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان )
    وفي هذا الحديث دليل على صحت الصلاة بلا إثم في كل مكان طاهر يدل على ذلك أمور :
    أولها :عموم الحديث حيث إن النبي  لم يقد إباحة ذلك بمريض ولا بمسافر ولا ببعيد عن المسجد بل الحديث يشمل هؤلاء وغيرهم ،قال البهوتي في كشاف القناع 1/457 ( وله فعلها ) أي الجماعة ( في بيته و ) في ( صحراء ) لقوله صلى الله عليه وسلم { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته } متفق عليه ( و ) فعلها ( في مسجد أفضل ) ; لأنه السنة , وحديث { لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } يحتمل : لا صلاة كاملة , جمعا بين الأخباراهـ0
    ثانيها :أن الحديث سيق مساق الامتنان قال الحافظ في الفتح 1/437 والأظهر ما قاله الخطابي وهو أن من قبله –أي النبي  - إنما أبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع ويؤيده رواية عمرو بن شعيب بلفظ وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم وهذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية 0اهـ
    فإن قيل جعلت مسجدا للمعذور والمسافر قلنا هذا تقييد لعموم النص وتحكم بلا حجة ،ثم إن صلاة المقعد الذي لا يستطيع النهوض في بيته والمسافر الذي بينه وبين المسجد الأميال الكثيرة لا يظهر فيها وجه الامتنان 0
    رابعها : ماثبت في الصحيحين وغيرهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة 0
    وفي الحديث دلالة على عدم وجوب الصلاة في المسجد، لأنها إن كانت واجبة فكيف لا يبين النبي  للرجل حرمة تخلفه عن الصلاة والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة إليه قال النووي رحمه الله : فيه جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير اهـ0
    وقال الحافظ في الفتح 2/198 : قوله ( إني لأتأخر عن صلاة الغداة ) أي فلا أحضرها مع الجماعة لأجل التطويل وفي رواية بن المبارك في الأحكام والله إني لأتأخر بزيادة القسم وفيه جواز مثل ذلك لأنه لم ينكر عليه 0
    رابعا :ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم
    ولفظ مسلم (إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )
    ففي هذا الحديث دلالة على عدم وجوب الجماعة في المسجد لأن النبي  هم بتركها بقوله (ثم أخالف) وقوله (ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ) ولو كانت واجبة لما هم بتركها ، بل يبقى حتى يقضي صلاته في وقت يسير ثم يذهب 0
    فإن قيل : قد هم بترك الجمعة لمعاقبة المتخلفين والجماعة فيها شرط
    قلنا :لم يرد فيما نعلم تصريح بالصلاة التي هم النبي  بتركها وفي الصلاة التي تخلف عنها المتخلفون خلاف يأتي ذكره ، ولذا لا يستقيم الاعتراض 0
    قال الشافعي في الأم1/181 : فيشبه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام , أو بعدها إلا صلاة الجمعة , فإن على من صلاها ظهرا قبل صلاة الإمام إعادتها ; لأن إتيانها فرض عين والله - تعالى - أعلم . وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته , أو في مسجد صغير , أو كبير قليل الجماعة , أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلي 0اهـ

    وقال الباجي في المنتقى شرح الموطأ 1/231 : وقوله ( ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ) دليل واضح على أن حضور الجماعة ليس بفرض على الأعيان لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر عن نفسه بما يكون فيه معصية 0اهـ
    وهذا يدل على أن سبب معاقبة المذكورين هو أمر آخر غير تركهم صلا ة الجماعة في المسجد ، وقد صح أن هذا الأمر هو النفاق كما رجح ذلك الحافظ في الفتح بعد أن ساق الأحاديث بمختلف ألفاظهاحيث قال وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْحَدِيث وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ لِقَوْلِهِ فِي صَدْر الْحَدِيث الْآتِي بَعْد أَرْبَعَة أَبْوَاب " لَيْسَ صَلَاة أَثْقَل عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْعِشَاء وَالْفَجْر " الْحَدِيث , وَلِقَوْلِهِ " لَوْ يَعْلَم أَحَدُهُمْ إِلَخْ " لِأَنَّ هَذَا الْوَصْف لَائِق بِالْمُنَافِقِي نَ لَا بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِل , لَكِنْ الْمُرَاد بِهِ نِفَاق الْمَعْصِيَة لَا نِفَاق الْكُفْر بِدَلِيلِ قَوْله فِي رِوَايَة عَجْلَانَ " لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاء فِي الْجَمِيع " وَقَوْله فِي حَدِيث أُسَامَة " لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَة " وَأَصْرَح مِنْ ذَلِكَ قَوْله فِي رِوَايَة يَزِيد بْن الْأَصَمّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد أَبِي دَاوُدَ " ثُمَّ آتِي قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتهمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّة " فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ نِفَاقهمْ نِفَاق مَعْصِيَة لَا كُفْر ) اهـ
    وسواء أخذنا بقول الجمهور من شراح الحديث القائلين بأن الحديث وارد في المنافقين نفاقا اعتقاديا أو أخذنا بقول الحافظ ابن حجر ومن نحى نحوه بأنه وارد في المنافقين نفاقا عمليا ، فليس في الحديث على كلا الاحتمالين حجة على وجوب صلاة الجماعة ، أما على القول الأول فلأن العقوبة منصبة على النفاق والكفر ، وأما على الثاني فلأن اعتياد ترك الصلاة جماعة علامة على النفاق ، ولا يلزم في علامات المنافقين أن تكون ترك واجب أو فعل محرم ، مثال ذلك ما ثبت في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان 0
    فجعل النبي  من علاماتهم خلف الوعد وليس محرما عند جماهير العلماء0
    قال النووي رحمه الله في الأذكار ص281-282 : أجمعوا على أن من وعد إنسانا شيئا ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده وهل ذلك واجب أو مستحب فيه خلاف ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة شديدة ولا يأثم يعني من حيث هو خلف ، وإن كان يأثم إن قصد به الأذى 0
    قال : وذهب جماعة إلى أنه واجب منهم عمر بن عبد العزيز وبعضهم إلى التفصيل 0اهـ
    فإن قيل : إن الشرع رتب العقوبة على ترك شهود الصلاة فيجب ربط الحكم بالسبب الذى ذكره 0
    قلنا : نعم نوافقكم على ذلك ، فلو أن المنافقين حضروا الجماعة وأقاموا الشعائر ولم يظهر لنا من أفعالهم ما يكون أمارة على نفاقهم فإنا نكل سرائرهم إلى الله ، ولا نعاقبهم على ما يبطنون ، أما مع اعتيادهم ترك هذه السنة العظيمة المؤكدة ( أعني الجماعة ) فقد قامت الأمارة الداعية لعقابهم 0
    وقال : قَالَ الطِّيبِيّ : خُرُوج الْمُؤْمِن مِنْ هَذَا الْوَعِيد لَيْسَ مِنْ جِهَة أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا النِّدَاء جَازَ لَهُمْ التَّخَلُّف عَنْ الْجَمَاعَة , بَلْ مِنْ جِهَة أَنَّ التَّخَلُّف لَيْسَ مِنْ شَأْنهمْ بَلْ هُوَ مِنْ صِفَات الْمُنَافِقِينَ , وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْل اِبْن مَسْعُود " لَقَدْ رَأَيْتنَا وَمَا يَتَخَلَّف عَنْ الْجَمَاعَة إِلَّا مُنَافِق " رَوَاهُ مُسْلِم , اِنْتَهَى كَلَامه اهـ
    حديث عبد الله بن مسعود (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم وأحمد وغيرهما 0
    قالوا: فهذا الحديث يدل على الوجوب وقد ساق حجة الموجبين شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي 23/230 فقال : فقد أخبر عبدالله بن مسعود أنه لم يكن يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق وهذا دليل على استقرار وجوبها عند المؤمنين ولم يعلموا ذلك الا من جهة النبى  اذ لو كانت عندهم مستحبة كقيام الليل و التطوعات التى مع الفرائض وصلاة الضحى ونحو ذلك كان منهم من يفعلها ومنهم من لا يفعلها مع ايمانه كما قال له الأعرابى والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص منه فقال ( افلح ان صدق ) ومعلوم أن كل أمر كان لا يتخلف عنه الا منافق كان واجبا على الأعيان كخروجهم إلى غزوة تبوك 0 اهـ
    قلنا :ليس في الحديث تصريح بوجوب بل فيه بيان ماكان عليه الصحابة رضي الله عنهم من المحافظة على هذه السنة العظيمة وما كان عليه المنافقون من التهاون في أمر الصلاة والاستهانة بها ، ودعوى أن الصحابة لم يثبت عنهم الصلاة في غير المسجد مردودة بما سبق من الأحاديث و الآثار و ابن مسعود راوي الحديث لم يفهم الوجوب ولذا ثبت كما في مسلم أنه صلى في بيته لما أتاه الأسود وعلقمة قالا : أتينا عبد الله بن مسعود في داره فقال أصلى هؤلاء خلفكم فقلنا : لا قال : فقوموا فصلوا فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة 0
    وصلى في بيت أبي سعيد لما صنع طعاما ودعاه مع أبي ذر وحذيفة وبن مسعود وسبق الحديث قال النووي في المجموع : وأما حديث ابن مسعود فليس فيه تصريح بأنها فرض عين وإنما فيه بيان فضلها وكثرة محافظته عليها 0اهـ
    5- حديث عمرو بن أم مكتوم قال : جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كنت ضريرا شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال أتسمع النداء قال قلت نعم قال ما أجد لك رخصة 0 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والحاكم0
    قال الموجبون :فهذا نص في الوجوب ،وإذا لم يعذر الأعمى فغيره من باب أولى 0
    قلنا : قد ورد في المقابل إذنه صلى الله عليه وسلم لعتبان  أن يصلى في بيته فعن محمود بن الربيع الأنصاري قال : وعقلت مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي من دلو معلق في دارنا قال محمود وحدثني عتبان بن مالك قال قلت يا رسول الله إن بصري قد ساء وإن الأمطار إذا اشتدت سالت وسال الوادي بيني وبين الصلاة في مسجد قومي فلو صليت في مسجدي مكانا أتخذه مصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر فاستأذنا فأذنت لهما فما جلس حتى قال أين تحب أن أصلي من منزلك فأشرت له إلى ناحية فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففنا خلفه فصلى وحبسنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على خزيرة صنعناها له ) والحديث رواه ابن حبان في صحيحه والطبراني وغيرهما 0
    وقد أجاب الأئمة عن حديث ابن أم مكتوم بأجوبة من ذلك ما ذكر النووي في المجموع 4/88 حيث قال : وأما حديث الأعمى فجوابه : ما أجاب به الأئمة الحفاظ الفقهاء أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة والحاكم أبو عبد الله والبيهقي , قالوا : لا دلالة فيه لكونها فرض عين , لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعتاب حين شكا بصره أن يصلي في بيته , وحديثه في الصحيحين . قالوا : وإنما معناه لا رخصة لك تلحقك بفضيلة من حضرها .
    6-واحتجوا بآية صلاة الخوف قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي
    23/227 : وفيها دليلان
    أحدهما : أنه أمرهم بصلاة الجماعة معه فى صلاة الخوف وذلك دليل على وجوبها حال الخوف وهو يدل بطريق الأولى على وجوبها حال الأمن 0
    الثانى : أنه سن صلاة الخوف جماعة وسوغ فيها ما لا يجوز لغير عذر كاستدبار القبلة والعمل الكثير فانه لا يجوز لغير عذر بالاتفاق وكذلك مفارقة الامام قبل السلام عند الجمهور وكذلك التخلف عن متابعة الامام كما يتأخر الصف المؤخر بعد ركوعه مع الامام اذا كان العدو أمامهم قالوا وهذه الأمور تبطل الصلاة لو فعلت لغير عذر فلو لم تكن الجماعة واجبة بل مستحبة لكان قد التزم فعل محظور مبطل للصلاة وتركت المتابعة الواجبة فى الصلاة لأجل فعل مستحب مع أنه قد كان من الممكن أن يصلوا وحدانا صلاة تامة فعلم أنها واجبة 0
    قلنا : لا نسلم أنه شرع الجماعة في الخوف لوجوبها لأنا علمنا أن صاحب الشريعة جوز ترك الجماعة بأسرها لعذر هو أخف من ذلك بكثير فعلمنا أنه شرع الجماعة هنا لا لوجوبها وإنما لحكمة لا نعلمها قد يكون منها إظهار اجتماع أمر المسلمين وعدم مبالاتهم بعدوهم وإظهار عظمة الطاعة في نفوسهم ، فإن قيل وما هذه الأعذار التي جوزت ترك الجماعة مع كونها أهون من أمر لقاء العدو وذهاب النفوس 0
    قلنا : من ذلك :
    1- ترك الجماعة لحضور الطعام ففي البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء0
    2- وتركها لنزول المطر ففي مسلم عن بن عمر : أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر فقال في آخر ندائه ألا صلوا في رحالكم ألا صلوا في الرحال ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقول ألا صلوا في رحالكم0
    3- وأمر من أكل الثوم أن يعتزل الجماعة ففي البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته وأنه أتى ببدر قال بن وهب يعني طبقا فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا فسأل عنها فأخبر بما فيها من البقول فقال قربوها فقربوها إلى بعض أصحابه كان معه فلما رآه كره أكلها قال كل فإني أناجي من لا تناجي 0

    قال الإمام ابن عبد البر في الاستذكار2/135 : ومما يوضح لك سقوط فرض الجماعة وأنها سنة وفضيلة لا فريضة قوله  إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء رواه بن عمر وعائشة وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة صحيحة وقد ذكرنا الأسانيد بذلك في التمهيد ومثله الرخصة لآكل الثوم في التخلف عن الجماعة وقد مضى ذلك في موضعه من هذا الكتاب والحمد لله وفيه الرخصة في التأخر عن شهود الجماعة لعذر العشاء وأما الوعيد منه في إحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة معه فهو كسائر الوعيد في الكتاب والسنة وليس من لم ينفذه مخلفا ولكنه محسن ذو عفو محمود على ذلك وليس مخلف الوعد كذلك وقد بينا هذا المعنى في موضعه على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتخلف عنه إلا متهم بالنفاق كما قال بن مسعود0 اهـ
    فائدة :
    وقد أوصل الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة الإمام السيوطي إلى أربعين عذرا ذكرها في الأشباه والنظائرص440 فقال: الأعذار المرخصة في ترك الجماعة نحو أربعين المطر مطلقا والثلج إن بل الثوب والريح العاصف بالليل وإن لم يظلم والوحل الشديد والزلزلة والسموم وشدة الحر في الظهر وشدة البرد ليلا أو نهارا وشدة الظلمة ذكرها المحب الطبري هذه عامة والباقية خاصة المرض والخوف على نفس أو مال ومنه أن يكون خبزه في التنور أو قدره على النار ولا متعهد والخوف من ملازمة غريمه وهو معسر , والخوف من عقوبة تقبل العفو يرجو تركها إن غاب أياما ومدافعة الريح أو أحد الأخبثين والجوع والعطش الظاهران وحضور طعام يتوق إليه , والتوق إلى شيء ولم يحضر قاله في الكفاية وفقد لباس يليق به والتأهب لسفر مع رفقة ترحل . وأكل ذي ريح كريه ولم تمكن إزالته بعلاج , والبخر والصنان ذكرهما الإسنوي وزاد الأذرعي : وصاحب الصنعة القذرة كالسماك والبرص والجذام وصرح الإسنوي بأن الأخيرين ليسا بعذر والتمريض وحضور قريب محتضر أو مريض يأنس به ونشد الضالة ووجود من غصب ماله وأراد رده وغلبة النوم والسمن المفرط نقله في المهمات عن ابن حبان وكونه متهما . قاله في الذخائر أو في طريقه من يؤذيه بلا حق ولو بشتم ولم يمكن دفعه نقله الأذرعي .
    والله أعلم.
    و هذا البحث لصاحبنا الأستاذ سيف بن علي العصري-بارك الله فيه-.

  11. #31

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    قال إبن القيم رحمه الله :
    الدليل الرابع ما ثبت في الصحيحين البخاري رقم 644 مسلم رقم 651 وهذا لفظ البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم اخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا او مرماتين حسنتين لشهد العشاء
    وعن ابي هريرة ان رسول الله قال إن اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا يصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار متفق على صحته البخاري رقم 657 مسلم رقم 651 واللفظ لمسلم
    وللإمام أحمد المسند 2 / 367 عنه لولا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء وامرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار
    قال المسقطون لوجوبها هذا ما لا يدل على وجوب صلاة الجماعة لوجوه
    أحدها أن هذا الوعيد إنما جاء في المتخلفين عن الجمعة بدليل ما راه مسلم في صحيحه رقم 652 من حديث عبدالله بن مسعود أن النبي قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم
    الثاني أن هذا كان جائزا لما كانت العقوبات المالية جائزة ثم نسخ بما نسخ العقوبات المالية
    الثالث أنه هم ولم يفعل ولو كان التحريق جائزا لكان واجبا فإن العقوبة لا تكون مستوية الطرفين بل إما واجبة أو محرمة فلما لم يفعل ذلك دل على عدم الجواز
    قالوا والحديث يدل على سقوط فرض الجماعة لأنه هم بالتخلف عنها وهو لا يهم بترك واجب
    قالوا وأيضا فالنبي إنما هم بإحراق بيوتهم عليهم لنفاقهم لا لتخلفهم عن حضور الجماعة
    قال الموجبون ليس فيما ذكرتم ما يسقط دلالة الحديث
    أما قولكم إن الوعيد إنما هو في حق تارك الجمعة فنعم هو في حق تارك الجمعة وتارك الجماعة فحديث أبي هريرة صريح في أنه في حق تارك الجماعة وذلك بين في اول الحديث وآخره وحديث ابن مسعود في ان ذلك لتارك الجمعة أيضا فلا تنافي بين الحديثين
    وأما قولكم إنه منسوخ فما أصعب هذه الدعوى وأصعب إثباتها فأين شروط النسخ من وجود معارض مقاوم متأخر ولن تجدوا أنتم ولا أحد من اهل الأرض سبيلا إلى إثبات ذلك بمجرد الدعوى وقد اتخذ كثيرا من الناس دعوى النسخ والإجماع سلما إلى ابطال كثير من السنن الثابتة عن رسول الله وهذا ليس بهين ولا تترك لرسول الله سنة صحيحة ابدا بدعوى الإجماع ولا دعوى النسخ إلى أن يوجد ناسخ صحيح صريح متأخر نقلته الأئمة وحفظته إذ محال على الأمة ان تضيع الناسخ الذي يلزمها حفظه وتحفظ المنسوخ الذي قد بطل العمل به ولم يبق من الدين وكثير من المولدة المتعصبين إذا رأوا حديثا يخالف مذهبهم يتلقونه بالتأويل وحمله على خلاف ظاهره ما وجدوا إليه سبيلا فإذا جاءهم من ذلك ما يغلبهم فزعوا إلى دعوى الاجماع على خلافه فإن رأوا من الخلاف مالا يمكنهم من دعوى الإجماع فزعوا إلى القول بأنه منسوخ وليست هذه طريق أئمة الإسلام بل ائمة الإسلام كلهم على خلاف هذا الطريق وأنهم إذا وجدوا لرسول الله سنة صحيحة صريحة لم يبطلوها بتأويل ولا دعوى إجماع ولانسخ والشافعي وأحمد من اعظم الناس إنكارا لذلك وبالله التوفيق
    وإنما لم يفعل النبي ما هم به للمانع الذي اخبر أنه منعه منه وهو اشتمال البيوت على من لا تجب عليه الجماعة من النساء والذرية فلو احرقها عليهم لتعدت العقوبة إلى من لا يجب عليه وهذا لا يجوز كما إذا وجب الحد على حامل فإنه لا يقام عليها حتى تضع لئلا تسري العقوبة إلى الحمل ورسول الله لا يهم بما لا يجوز فعله ابدا
    وقد أجاب عنه بعض اهل العلم بجواب آخر وهو ان القوم كانوا أخوف لرسول الله م8ن ان يسمعوه يقول هذه المقالة ثم يصرون على التخلف عن الجماعة
    وأما قولكم إن الحديث يدل على عدم وجوب الجماعة لكونه هم بتركها فمما لا يلتفت إليه ولا يظن برسول الله أنه يهم بعقوبة طائفة من المسلمين بالنار وإحراق بيوتهم لتركهم سنة لم يوجبها الله عليهم ولا رسوله وهو لم يخبر أنه كان يصلي وحده بل كان يصلي جماعة هو واعوانه الذين ذهبوا معه إلى تلك البيوت وايضا فلو صلاها وحده لكان هناك واجبان واجب الجماعة وواجب عقوبة العصاة وجهادهم فترك أدنى الواجبين لأعلاهما كحال يف صلاة الخوف
    قولكم إنما هم بعقوبتهم على نفاقهم لا على تخلفهم عن الجماعة فهذا يستلزم محظرون
    الغاء ما اعتبره رسول الله وعلق الحكم به من التخلف عن الجماعة
    والثاني اعتبار ما الغاه فإنه لم يكن يعاقب المنافقين على نفاقهم بل كان يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله

  12. #32

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    وقال إبن القيم في كتاب الصلاة
    السابع ما رواه مسلم في صحيحه رقم 654 عن عبدالله بن مسعود قال من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن فإنهن من سنن الهدى وأن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو انكم تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف
    وفي لفظ وقال إن رسول الله علمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه
    فوجه الدلالة أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه ومن استقر علامات النفاق في السنة وجدها إما ترك فريضة أو فعل محرم وقد اكد هذا المعنى بقوله من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يناجي بهن وسمى تاركها المصلي في بيته متخلفا ركا للسنة التي هي طريقة رسول الله التي كان عليها وشريعته التي شرعها لأمته وليس المراد بها السنة التي من شاء فعلها ومن شاء تركها فإن تركها لا يكون ضلالا ولا من علامات النفاق كترك الضحى وقيام الليل وصوم الأثنين والخميس

    الدليل الثاني عشر إجماع الصحابة رضي الله عنهم ونحن نذكر نصوصهم
    قد تقدم قول ابن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق مسلم رقم 654
    وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سليمان بن المغيرة عن ابي موسى الهلالي عن ابن مسعود قال من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له المحلى 4 / 195
    وقال أحمد أيضا حدثنا وكيع حدثنا مسعر عن ابي الحصين عن ابي بردة عن أبي موسى الاشعري قال من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر فلا صلاة له المحلى 2 \ 42 مستدرك الحاكم 1 \ 246
    وقال أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن جار المسجد قال من سمع المنادي سنن البيهقي 3 / 57 و 174
    وقال سعيد بن منصور حدثنا هشيم أخبرنا منصور عن الحسن بن علي قال من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر
    وقال عبدالرزاق 1 / 498 عن انس عن ابي إسحاق عن الحارث عن علي قال من سمع النداء من جيران المسجد وهو صحيح من غير عذر فلا صلاة له
    وقال وكيع عن عبد الرحمن بن حصين عن أبي نجيح المكي عن أبي هريرة قال أن تمتليء أذنابن آدم رصاصا مذابا خير له من ان يسمع المنادي ثم لا يجيبه المحلى 4 / 195
    وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن عدي بن ثابت عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قالت من سمع المنادي فلم يجب عن غير عذر لم يجد خيرا ولم يرد به سنن البيهقي 3 / 57
    قال وكيع حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عابس قال من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له صحيح ابن حبان رقم 2064
    وقال عبدالرزاق 5 / 245 عن ليث عن مجاهد قال سأل رجل ابن عباس فقال رجل يصوم النهار ويقوم الليل لا يشهد جمعة ولا جماعة فقال ابن عباس هو في النار ثم جاء الغد فسأله عن ذلك فقال هو في النار قال واختلف إليه قريبا من شهر يسأله عن ذلك ويقول ابن عباس هو في النار
    فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشارا ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة لو كان وحدة فكيف إذا تعاضدت وتضافرت وبالله التوفيق

  13. #33

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    أما حديث التفاضل فليس فيه دليل على أن صلاة الجماعة سنة مأكدة فإن غاية ما يدل على أن صلاة الفذ صحيحة وأما مسألة هل يأثم أم لا فشىء أخر ليس في هذا الحديث شىء من ذلك.

    وأما حديث الذي فيه "ما منعك أن تصلي مع الناس" فهو دليل عليكم لا لكم وليس فيه سنية صلاة الجماعة فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له "ما منعك أن تصلي مع الناس" بل قال له أيضا "ألست برجل مسلم" فالحديث يدل على أن الصلاة في البيت صحيحة والله أعلم

    وأنصح الجميع بالإستماع لهذا المقطع للشيخ العلامة عبد الرحمن البراك
    http://www.islamlight.net/albarrak/s...fawaid/a40.ram

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين علوين المالكي مشاهدة المشاركة
    فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة الجماعة على أقوال أربعة :
    الاخ الكريم ياسين وفقه الله
    هذا الخلاف متاخر
    المتاخر لا ينقض المتقدم كما تعلم
    نقاشنا حول اثبات نصٍ صريح ثابت يجيز ترك صلاة الجماعة
    وفقك الله
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  15. #35

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جذيل مشاهدة المشاركة
    الاخ الكريم ياسين وفقه الله
    هذا الخلاف متاخر
    المتاخر لا ينقض المتقدم كما تعلم
    نقاشنا حول اثبات نصٍ صريح ثابت يجيز ترك صلاة الجماعة
    وفقك الله


    أضحك الله سنك ، الأصل براءة الذمة بل نقاشنا عن نص صريح واحد يوجب صلاة الجماعة فلا تقلب الأمور أخي الكريم
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    أضحك الله سنك ، الأصل براءة الذمة بل نقاشنا عن نص صريح واحد يوجب صلاة الجماعة فلا تقلب الأمور أخي الكريم

    طيب ماذا تصنع بحديث البخاري المنقول سابقا , وهو قوله عليه الصلاة والسلام :
    .. فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد .
    هل يعني هذا ان الاصل البراءة او التبعة ..؟
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  17. #37

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جذيل مشاهدة المشاركة
    طيب ماذا تصنع بحديث البخاري المنقول سابقا , وهو قوله عليه الصلاة والسلام :
    .. فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد .
    هل يعني هذا ان الاصل البراءة او التبعة ..؟

    أخي الكريم لن نعيد الأقوال عدة مرات فقد سبق و ذكرت لك أن الشوكاني رحمه الله قد أجاب عن هذا الحديث في نيل الأوطار قال: “أعلم أن الاستدلال بحديثي الأعمى وأبي هريرة في الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى، إذ لو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون في منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك: انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة” اهـ.

    كل ما أتيت به محتمل أخي الكريم و مع الاحتمال يسقط الإستدلال لكن ما لا احتمال فيه هو حديث الموطأ عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت.

    فالرسول عليه الصلاة و السلام لا يعلم سبب عدم صلاته مع الجماعة و لم يستفسر منه هل صلاها في جماعة أم لا بل أقره على ذلك و هذا مما لا يبقي مجالا للشك في المسألة و القاعدة ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.

    و قد ثبت ذلك عن الصحابة أيضا ففي الموطأ : مَالِك ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، فَقَالَ : إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : نَعَمْ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : " أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ ، يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ "

    فلم يستفسر منه بن عمر رضي الله عنه ( و لا داعي للتعسف في تأويل هذا الأثر فهو واضح وضوح الشمس) بل أقره على فعله و كلتا الصلاتين كانتا في الوقت لذلك قال له ابن عمر رضى الله عنهما إنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء.

    و هذا الصحابي أنس بن مالك رضي الله عن فيما أخرجه البخاري ، قال في صحيحه حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ ، يَقُولُ : " صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ ، فَقُلْتُ : يَا عَمِّ، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ : الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ " (549) كتاب مواقيت الصلاة ، باب وقت العصر

    فها هو يصلي صلاة العصر وحده


    و في كتاب الزهد لنعيم بن حماد قال : أنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّهِ ، قَالَ سُلَيْمَانُ ، وَأُمُّهُ بِنْتُ حُذَيْفَةَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : وَاللَّهِ " لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مَنْ يُصْلِحُ لِي فِي مَالِي ، ثُمَّ أَغْلَقْتُ عَلَيَّ بَابِي فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ بَشَرٌ وَلَمْ أَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ " .

    فلم يستثني خروجه لصلاة الجماعة

    و حديث التفاضل واضح في المسألة و من ظن أنه لا دلالة فيه على عدم تأثيم المنفرد فقد أخطأ لإتحاد الجهة فلا يمكن أن يثيب الله على حرام فلو كانت صلاة المنفرد محرمة من حيث أنه صلاها منفردا لما أثيب جزء واحدا من حيث أنه منفرد و هذا ما يعرف بإتحاد الجهة.

    و حديث تقديم العشاء و كذلك حديث الثوم

    و في صحيح البخاري عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام.

    فقد أقر النبي عليه الصلاة و السلام صلاة المنفرد للعشاء و حده !!!

    و كذلك حديث معاذ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ! فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟! ـ ثَلَاثًا ـ اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوَهَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

    فها هو الرسول عليه الصلاة و السلام يقر صلاة المنفرد الصحابي الذي صلى العشاء وحده و تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فلو كان في صلاته لوحده إثم لكان بينه له الرسول عليه الصلاة و السلام

    لا يستطاع رد هذه الأحاديث الصريحة إلا بتأويل متعسف و لو تأملت أدلة القائلين بالوجوب ما وجدت لهم دليلا صريحا غاية ما عندهم هو حديث الأعمى و لا يمكن حمله على الوجوب لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها و هو معارض بحديث عتبان كما أنه غير صريح في المسألة و حديث التحريق و هو غير صريح أيضا في المسألة و قد أجاب عليه الشوكاني رحمه الله كما أنه لا إجماع في المسألة و ما عليك إلا النظر في الكتب التي اهتمت بالإجماع فلن تجده لذلك كان قول الجمهور بين السنية و فرض الكفاية لظهور الأدلة في ذلك لذلك الإنصاف أن لا تغفل كل هذه الأدلة الواضحة و أن تجمع كما جمعها الشوكاني رحمه الله بقوله في نيل الأوطار 3/155 : وقد تقرر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب , وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل , والتمسك به بما يقضي به الظاهر فيه إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز . فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم , وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا .اهـ

    و الله أعلم
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  18. #38

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    أخي الكريم لن نعيد الأقوال عدة مرات فقد سبق و ذكرت لك أن الشوكاني رحمه الله قد أجاب عن هذا الحديث في نيل الأوطار قال: “أعلم أن الاستدلال بحديثي الأعمى وأبي هريرة في الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى، إذ لو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون في منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك: انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة” اهـ.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب ، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار "
    سبحان الله الحديث واضح إلى قوم لا يشهدون الصلاة فهل يحرقهم من أجل تخلفهم عن سنة أم واجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    كل ما أتيت به محتمل أخي الكريم و مع الاحتمال يسقط الإستدلال لكن ما لا احتمال فيه هو حديث الموطأ عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت.

    فالرسول عليه الصلاة و السلام لا يعلم سبب عدم صلاته مع الجماعة و لم يستفسر منه هل صلاها في جماعة أم لا بل أقره على ذلك و هذا مما لا يبقي مجالا للشك في المسألة و القاعدة ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.
    النبي صلى الله عليه وسلم يقول له "ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم " بل قد أنكر عليه عدم صلاته مع الناس وهذا ظاهر في قوله ألست برجل مسلم
    فالحديث لا يدل أبدا على سنية صلاة الجماعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    و قد ثبت ذلك عن الصحابة أيضا ففي الموطأ : مَالِك ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، فَقَالَ : إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : نَعَمْ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : " أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ ، يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ "

    فلم يستفسر منه بن عمر رضي الله عنه ( و لا داعي للتعسف في تأويل هذا الأثر فهو واضح وضوح الشمس) بل أقره على فعله و كلتا الصلاتين كانتا في الوقت لذلك قال له ابن عمر رضى الله عنهما إنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء.
    أولا إيتينا بدليل من الكتاب أو السنة صحيح صريح بسنية صلاة الجماعة ثم نأتي على كلام الصحابة ومن دونهم.
    ثانيا هو واضح وضوح الشمس كما ذكرت ولا يدل مطلقا على السنية بل غاية مافيه أن الرجل يسأل عمن يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام هل يصلي معه ام لا هنا المسألة.

  19. #39

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    و هل تعتقد أخي التونسي أن من لم يصلي الفجر و العشاء في جماعة منافقا..إذ الحديث ذكر المنافقين، و هل كان هؤلاء المنافقون يصلونهما في بيوتهم؟؟!! فهؤلاء منافقون نفاقا أكبر...فيلزمك أن تقول أن كل من لم يحضر صلاة الفجر و العشاء في جماعة منافق نفاقا أكبر، لأنه لم يرد حديث نحمل عليه النفاق المذكور على الأصغر. فهل تقولون بذلك..؟؟؟؟
    و يا ليت الإخوة الأفاضل يلتزمون بأقوال الصحابة و غيرهم من السلف ممن صح السند إليهم في غير كل المواضيع. و الله الموفق.

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: ( ابن تيمية ) : صلاة الجماعة واجبة بالاجماع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين علوين المالكي مشاهدة المشاركة
    و هل تعتقد أخي التونسي أن من لم يصلي الفجر و العشاء في جماعة منافقا..إذ الحديث ذكر المنافقين، و هل كان هؤلاء المنافقون يصلونهما في بيوتهم؟؟!! فهؤلاء منافقون نفاقا أكبر...فيلزمك أن تقول أن كل من لم يحضر صلاة الفجر و العشاء في جماعة منافق نفاقا أكبر، لأنه لم يرد حديث نحمل عليه النفاق المذكور على الأصغر. فهل تقولون بذلك..؟؟؟؟
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين علوين المالكي مشاهدة المشاركة
    و يا ليت الإخوة الأفاضل يلتزمون بأقوال الصحابة و غيرهم من السلف ممن صح السند إليهم في غير كل المواضيع. و الله الموفق.

    اهلا اخي ياسين
    الحكم على الاعيان له شروط وموانع بارك الله فيك ..
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •