
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستر مجد
الحديث الثاني في كتاب سيبويه الوارد في الجزء الأول من الكتاب ص 327 :
ورد في هذا النص حديث شريف هو " سبوح قدوس , رب الملائكة والروح " .
وهو بهذه الصورة جاء في" صحيح مسلم "كتاب الصلاة , وفي سنن أبي داود في الجزء الأول صفحة 419 عن عائشة
( رضي الله عنها ) , كما رواه أحمد في مسنده في الجزء السادس في مسنده صفحة 148 .
لكن العبارة وردت منصوبة في نص سيبويه , فهل تعد حديثاً ؟
والجواب : أننا لا نعدها حديثاً إلا إذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نطق بها منصوبة , وهذا أمر لم يثبته أي كتاب من الصحاح غير أن صاحب كتاب " عون المعبود شرح سنن أبي داود " نقل عن الفاضي عياض قوله :
قيل فيه :" سبوحاً قدوساً , على تقدير : أسبح سبوحاً , وأقدس قدوساً , أو أذكر , أو أعظم , أو أعبد " .(1)
ومن هنا فالتصور السليم في تقديري أن سيبويه لم يضع في حسابه في هذا الاستشهاد أنه أمام حديث شريف يلتزم في معالجته بنصه , ولكنها عبارة هي أمامه متواترة فصيحة , دارت على ألسنة فصحاء فعالج بها هذه القضية النحوية التي كانت بصدد الاستشهاد لها , وسيبويه غير بعيد عن الحديث الشريف ؛ فله خبرة سابقة فيه .
وموقف القاضي عياض - المشار إليه من عبارة النصب - لايراد به عرض رواية أخرى للحديث , وإلا لقدمها مسندة , وإتما يريد عرض وجه نحوي آخر للعبارة , كما يفيد سياق الكلام .
ومما نلاحظه أن أحداً من النحاة الذين أتَوا بعد سيبويه لم يستشهد بهذا الحديث الذي استشهد به سيبويه حتى ابن مالك الذي استكثر من الحديث في شواهده , لا نرى من بينها هذا الحديث .
ومن الغريب أن الدكتور محمو حسني يعلق على هذا الحديث بما يفيد رفضه اعتبار هذا الحديث شاهداً من شواهد سيبويه ؛ إذ يقول : " ويرد رواية الرفع في نص سيبويه فيما بعد بأنه لم يورده على أنه حديث , إنما أورده عرضاً ؛ لأنه قدم له بعبارة : ومن العرب من يرفع فيقول : وما دام كذلك فلا يجوز أن يعد من بين الأحاديث التي احتجّ بها سيبويه " .(2)
وسر الغرابة أن ما لاحظه الدكتور محمود حسني غير مقصور على هذا الحديث وحده , وإنما هو ظاهرة في كل المواطن التي عُثِرَ فبها على حديث , أو بعض حديث في كتاب سيويه .
(1) فهرس شواهد سيبويه ( القرآن , والحديث , والشعر ) , أحمد راتب النفاخ , دار اللإرشاد , بيروت , ج2 , سنة 1970 , ص 57 .
(2) مجلة المجمع الأردني , العددان 3 , 4 , مع رقم 7 في هذه الهوامش , ص 55 , ص 56 .