أربعة من الأنبياء من العرب
وأربعة من العرب ؛ هود ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك يا أبا ذر .
أربعة من الأنبياء من العرب
وأربعة من العرب ؛ هود ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك يا أبا ذر .
أخرجه ابن حبان فى صحيحه و الآجرى فى الأربعون مطولا ، و قال الآجرى عقبه خبر موضوع
— أخرجه ابن حبَّان في صحيحه (361) مصحَّحاً له، وأبو نعيم في الحلية (1/166-167) وغيرهما، من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسَّاني حدثنا أبي عن جدِّي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - به.
— وفي إسناده إبراهيم بن هشام الغسَّاني، تفرَّد به، وقد كذَّبُوه.
— فقد كذَّبه أبوحاتم وأبوزرعة كما في الجرح والتَّعديل (2/142).
— وقال الذَّهبي: «متروكٌ». ويُنْظَر: الميزان (1/73)، (4/378).
— قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/470): «ولا شكَّ أنَّه قد تكلم فيه غير واحد من أئمَّة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث».
— وذكره المنذري في الترغيب (3/132) وقال: «انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه».
— وحسَّنه الألباني في الصَّحيحة (2668) بشواهده وطرقه.
الله يجزاكم ألف خير وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم وعملا جارياً بأذن الله
ولكني أود أن استفسر هل يؤخذ به ؟
لأنه سوف تقام عليه دراسة في مرحلة ماجستير
2668 - " كان آدم نبيا مكلما ، كان بينه و بين نوح عشرة قرون ، و كانت الرسل ثلاثمائة
و خمسة عشر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 358 :
أخرجه أبو جعفر الرزاز في " مجلس من الأمالي " ( ق 178 / 1 ) : حدثنا عبد
الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي : حدثنا أبو توبة - يعني الربيع بن نافع - :
حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني أبو
أمامة : " أن رجلا قال : يا رسول الله ! أنبيا كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلم .
قال : كم كان بينه و بين نوح ؟ قال : عشرة قرون . قال : يا رسول الله ! كم كانت
الرسل ؟ قال : ثلاثمائة و خمسة عشر " . قلت : و هذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم
ثقات رجال مسلم غير الديرعاقولي ، و هو ثقة ثبت كما قال الخطيب في " تاريخه " (
11 / 78 ) و كذلك قال ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 423 ) و اعتمده السمعاني في
" الأنساب " ، و الذهبي في " السير " ( 13 / 335 - 336 ) . و الحديث أخرجه ابن
حبان أيضا في " صحيحه " ( 2085 - موارد ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 104 /
2 ) و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 325 / 2 ) و الطبراني في "
الأوسط " ( 1 / 24 / 2 / 398 - بترقيمي ) و كذا في " الكبير " ( 8 / 139 - 140
) و الحاكم ( 2 / 262 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و
كذا قال ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " ( 6 / 212 / 1 ) و قد عزاه
لابن حبان فقط ، و قال ابن منده عقبه : " هذا إسناد صحيح على رسم مسلم و
الجماعة إلا البخاري . و روي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن و غيره عن أبي
أمامة و أبي ذر بأسانيد فيها مقال " . قلت : حديث القاسم ، يرويه معان بن رفاعة
: حدثني علي بن يزيد عنه عن أبي أمامة مطولا ، و فيه : " قال : قلت : يا نبي
الله ! فأي الأنبياء كان أول ؟ قال : آدم عليه السلام . قال : قلت : يا نبي
الله ! أو نبي كان آدم ؟ قال : نعم ، نبي مكلم ، خلقه الله بيده ، ثم نفخ فيه
من روحه ، ثم قال له : يا آدم قبلا . قال : قلت : يا رسول الله ! كم وفى عدد
الأنبياء ؟ قال : مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا ، الرسل من ذلك ثلاثمائة و
خمسة عشر ، جما غفيرا " . أخرجه أحمد ( 5 / 265 ) . و علي بن يزيد و هو
الألهاني ضعيف . و معان بن رفاعة لين الحديث كما في " التقريب " ، لكن يبدو أنه
لم يتفرد به ، فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 159 ) : " رواه أحمد و
الطبراني في " الكبير " ، و مداره على علي بن يزيد و هو ضعيف " . هذا و زاد
الطبراني في حديث الترجمة كما تقدم : " قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ؟ قال :
عشرة قرون " . و قال الهيثمي ( 8 / 210 ) : " رواه الطبراني ، و رجاله رجال
الصحيح غير أحمد بن خليد ، و هو ثقة " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة
مرفوعا بلفظ : " كان بين آدم و نوح عليهما السلام عشرة قرون ، و بين نوح و
إبراهيم عشرة قرون ، صلى الله عليهما " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 437
) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال : حدثنا
الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي
هريرة مرفوعا به . أورده في ترجمة نصر هذا ، و قال : " لا يتابع عليه ، و لا
يعرف إلا به " . و قال الذهبي في " الميزان " . " محدث رحال ، ذكره ابن حبان في
( الثقات ) " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " . ( تنبيه ) : (
رحال ) بالراء ، و وقع في المطبوعتين من " الميزان " ( دجال ) بالدال . و هو
تصحيف فاحش ، و التصحيح من مخطوطة الظاهرية . و أما حديث أبي ذر الذي أشار إليه
ابن منده فله عنه طرق : الأولى : عن عبيد بن الخشخاش عنه قال : أتيت النبي صلى
الله عليه وسلم و هو في المسجد ... الحديث بطوله ، و فيه حديث الترجمة ، و فيه
أن الرجل السائل هو أبو ذر نفسه . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 478 ) : حدثنا
المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبيد بن الخشخاش . و من هذا الوجه أخرجه أحمد (
5 / 178 و 179 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 10 و 26 ) من طرق أخرى عن
المسعودي به . و قال الهيثمي ( 1 / 160 ) : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في
" الأوسط " ، و فيه المسعودي و هو ثقة ، و لكنه اختلط " . قلت : و عبيد بن
الخشخاش ضعفه الدارقطني ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 3 / 170 ) و
قال : " روى عنه الكوفيون " . قلت : و الراوي عنه هذا أبو عمرو الشامي كما ترى
. الثانية : عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به مطولا جدا ، و فيه حديث
الترجمة و زيادة عدد الأنبياء المتقدم في حديث علي بن يزيد . أخرجه ابن حبان في
" صحيحه " ( 94 - الموارد ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 166 - 168 ) من
طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني : حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس
الخولاني به . قلت : و إبراهيم هذا متروك متهم بالكذب ، لكنه لم يتفرد به ، فقد
قال أبو نعيم عقبه : " و رواه المختار بن غسان عن إسماعيل بن سلمة عن أبي إدريس
" . قلت : و المختار هذا من رجال ابن ماجه ، روى عنه جمع ، و لم يذكروا توثيقه
عن أحد ، و قال الحافظ : " مقبول " . و شيخه إسماعيل بن سلمة لم أجد له ترجمة ،
و غالب الظن أنه محرف و الصواب ( إسماعيل بن مسلم ) فقد ذكروه في شيوخه ، و هو
العبدي الثقة ، و كذلك المختار هو عبدي ، فإذا صح الإسناد إليه ، فهو حسن لغيره
. و الله أعلم . و تابعه الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن
أبي إدريس الخولاني به . و فيه عدد الأنبياء أيضا . أخرجه ابن جرير في "
التاريخ " ( 1 / 150 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، لضعف الماضي بن محمد . و
شيخه أبو سليمان اسمه علي بن سليمان ، مجهول . و مثله القاسم بن محمد ، و ليس
هو المدني الثقة . فقد قال الحافظ ابن حجر : " أظن أنه شامي " . الثالثة : قال
أبو نعيم : و رواه معاوية بن صالح عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب عن ابن عائذ
عن أبي ذر بطوله . قلت : و ابن أيوب هذا ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 196 - 197
) بهذه الرواية ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و ابن عائذ لم أعرف اسمه
الآن . الرابعة : عن يحيى بن سعيد العبشمي - من بني سعد بن تميم - : حدثنا ابن
جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر به . أخرجه أبو نعيم ، و البيهقي ( 9 /
4 ) ، لكن رواه من طريقه الحاكم ( 2 / 597 ) فسماه يحيى بن سعيد السعدي البصري
، و سكت عنه ، و قال الذهبي : " قلت : السعدي ليس بثقة " . قلت : الذي ليس بثقة
إنما هو يحيى بن سعيد المدني ، و هذا بصري فهو غيره ، و إليه يميل الحافظ في "
اللسان " ، فراجعه . قلت : و العبشمي هذا لم أعرفه ، و لم يورده السمعاني في
هذه النسبة . و جملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح
لذاته ، و أن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه ، و في حديث أبي ذر من ثلاث
طرق ، فهو صحيح لغيره ، و لعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تاريخه " ( 1 / 97
) من رواية ابن حبان في " صحيحه " سكت عنه ، و لم يتعقبه بشيء ، فدل على ثبوته
عنده . و كذلك فعل الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 6 / 257 ) و العيني في "
العمدة " ( 7 / 307 ) ، و غيرهم ، و قال المحقق الآلوسي في " تفسيره " ( 5 /
449 ) : " و زعم ابن الجوزي أنه موضوع ، و ليس كذلك . نعم ، قيل : في سنده ضعف
جبر بالمتابعة " . و سبقه إلى ذلك و الرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في "
تخريج الكشاف " ( 4 / 114 ) ، و هو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره كما تراه
مبينا في تخريجنا هذا و الحمد لله . و في عدد الأنبياء أحاديث أخرى ، هي في
الجملة متفقة مع الأحاديث المتقدمة على أن عددهم أكثر من عدد الرسل ، رويت من
حديث أبي سعيد الخدري ، و من حديث أنس بن مالك من طرق عنه ، عند أبي يعلى و
الطبراني و الحاكم ، لعلنا نتفرغ لتتبعها ، و تخريجها في المكان المناسب لها في
فرصة أخرى إن شاء الله تعالى . ثم خرجتها في " الضعيفة " برقم ( 6090 ) . و
اعلم أن الحديث و ما ذكرنا من الأحاديث الأخرى ، مما يدل على المغايرة بين
الرسول و النبي ، و ذلك مما دل عليه القرآن أيضا في قوله عز وجل : *( و ما
أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته )* الآية
. و على ذلك جرى عامة المفسرين ، من ابن جرير الطبري الإمام ، إلى خاتمة
المحققين الآلوسي ، و هو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من
فتاويه ( المجموع 10 / 290 و 18 / 7 ) أن كل رسول نبي ، و ليس كل نبي رسولا . و
قال القرطبي في " تفسيره " ( 12 / 80 ) : " قال المهدوي <1> : و هذا هو الصحيح
أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا . و كذا ذكر القاضي عياض في كتاب " الشفا "
، قال : و الصحيح الذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا و
احتج بحديث أبي ذر .. " . قلت : و يؤكد المغايرة في الآية ما رواه أبو بكر
الأنباري في كتاب " الرد " له بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ : (
و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث ) . و قال أبو بكر : فهذا حديث
لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن ، و المحدث هو الذي يوحى إليه في نومه ، لأن رؤيا
الأنبياء وحي . قلت : فإن صح ذلك عن ابن عباس فهو مما يؤكد ما ذكرنا من
المغايرة ، و إن كان لا يثبت به قرآن ، و يؤيده أن المغايرة هذه رويت عن تلميذه
مجاهد رحمه الله ، فقد ذكر السيوطي في " الدر " ( 4 / 366 ) برواية ابن المنذر
و ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : " النبي وحده الذي يكلم و ينزل عليه ، و لا يرسل
" . فهذا نص من هذا الإمام في التفسير ، يؤيد ما تتابع عليه العلماء من القول
بالمغايرة ، الموافق لظاهر القرآن و صريح السنة . و كان الدافع على تحرير هذا
أنني رأيت مجموعة رسائل لأحد فضلاء العصر الحاضر ، فيها رسالة بعنوان : " إتحاف
الأحفياء برسالة الأنبياء " ذهب فيها إلى عدم التفريق بين الرسول و النبي . و
بحثه فيها يدل المحقق المطلع على بحوث العلماء و أقوالهم ، على أن المؤلف لها
حفظه الله ارتجلها ارتجالا دون أن يتعب نفسه بالبحث عن أقوال العلماء في
المسألة ، و إلا فكيف جاز له أن يقول ( ج 1 / 429 ) : 1 - " و أسبق من رأينا
تكلم بهذا التفريق هو العلامة ابن كثير ... " ! و قد سبقه إلى ذلك مجاهد ،
التابعي الجليل ( ت 104 ) و شيخ المفسرين ابن جرير ( ت 310 ) و البغوي ( ت 516
) و القرطبي ( ت 671 ) و الزمخشري ( ت 538 ) ، و غيرهم ممن أشرت إليهم آنفا .
2 - كيف يقول ( ص 431 ) : " إن ابن تيمية لم يذكر التفريق المشار إليه في كتابه
( النبوات ) " ! و ليس من اللازم أن يذكر المؤلف كل ما يعلمه في الموضوع في
كتاب واحد ، فقد ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع من فتاواه ، فلو أنه راجع "
مجموع الفتاوى " له لوجد ذلك في ( 10 / 290 و 18 / 7 ) . و من ذلك تعلم بطلان
قوله عقب ذلك : " فهذه الغلطة في التفريق بين الرسول و النبي يظهر أنها إنما
دخلت على الناس من طريق حديث موضوع رواه ابن مردويه عن أبي ذر ، و هو حديث طويل
جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله .. " ! أقول : ليس العمدة في التفريق المذكور
على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا
التخريج الفريد في بابه فيما أظن ، و تالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح و
التعديل ما سبق - و الحمد لله - من أحد إلى مثلها ! و إلا لزمه رد أحاديث كثيرة
طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين و غيرهما ، كحديث صلح الحديبية ، و حديث الدجال
و الجساسة ، و حديث عائشة : " كنت لك كأبي زرع لأم زرع " ، و غيرها . و لعله لا
يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى و تقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع
مردود ، لأن التقليد ليس بعلم ، كما لا يخفى على مثله ، ثم لماذا آثر تقليده
على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع ؟ كالحافظ العسقلاني و المحقق
الآلوسي و غيرهما ممن سبقت الإشارة إلى كلامهم ، لاسيما و هو يعلم تشدد ابن
الجوزي في نقده للأحاديث ، كما يعلم إن شاء الله أن نقده لو سلم به ، خاص في
بعض طرق الحديث التي خرجتها هنا . و من غرائبه أنه ذكر آية الأمنية : *( و ما
أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى .. )* و أن الواو تفيد المغايرة
، ثم رد ذلك بقوله : " و الجواب أن مثل هذا يقع كثيرا في القرآن و في السنة
يعطف بالشيء على الشيء ، و يراد بالتالي نفس الأول كما في قوله : *( إن
المسلمين و المسلمات ، و المؤمنين و المؤمنات )* ، فغاير بينهما بحرف العطف ، و
معلوم أن المسلمين هم المؤمنون ، و المؤمنين هم المسلمون " . فأقول : هذا غير
معلوم ، بل العكس هو الصواب ، كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه ، و
بخاصة منها كتابه " الإيمان " ، و لذلك قال في " مختصر الفتاوى المصرية " ( ص
586 ) : " الذي عليه جمهور سلف المسلمين : أن كل مؤمن مسلم ، و ليس كل مسلم
مؤمنا ، فالمؤمن أفضل من المسلم ، قال تعالى 49 : 14 : *( قالت الأعراب آمنا قل
لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا )* " . فالآية كما ترى حجة عليه ، و يؤيد ذلك
تمامها : *( القانتين و القانتات ... )* الآية : فإن من الظاهر بداهة أنه ليس
كل مسلم قانتا ! ثم ذكر آية أخرى لا تصلح أيضا دليلا له ، و هي قوله تعالى : *(
قل من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال .. )* ، قال : فعطف
بجبريل و ميكال على الملائكة و هما منهم " . أقول : نعم ، و لكن هذا ليس من باب
عطف الشيء على الشيء و يراد بالتالي نفس الأول كما هو دعواه ، و إنما هذا من
باب عطف الخاص على العام . و هذا مما لا خلاف فيه ، و لكنه ليس موضع البحث كما
هو ظاهر للفقيه . نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار
ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع و لم يؤمر
بتبليغه ، فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة ، و لطالما أنكرناه في مجالسنا و
دروسنا ، لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء ، بله الأنبياء
، قال تعالى : *( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما
بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )* . و لعل المشار
إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول و النبي ،
فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع ، كما فعل بعض الفرق قديما حين بادروا
إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر ، و بعض العلماء في العصر الحاضر إلى
إنكار عقيدة نزول عيسى و خروج المهدي عليهما السلام ، إنكارا لتواكل جمهور من
المسلمين عليها . و كل ذلك خطأ ، و إن كانوا أرادوا الإصلاح ، فإن ذلك لا يكون
و لن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة . و لو أن الكاتب المشار إليه
توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته ، لوجد فيها أقوالا أخرى
استوعبها العلامة الآلوسي ( 5 / 449 ) ، و لكان بإمكانه أن يختار منها ما لا
نكارة فيه كمثل قول الزمخشري ( 3 / 37 ) : " و الفرق بينهما ، أن الرسول من
الأنبياء : من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه . و النبي غير الرسول : من
لم ينزل عليه كتاب ، و إنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله " . و مثله
قول البيضاوي في " تفسيره " ( 4 / 57 ) : " الرسول : من بعثه الله بشريعة مجددة
يدعو الناس إليها ، و النبي يعمه ، و من بعثه لتقرير شرع سابق ، كأنبياء بني
إسرائيل الذين كانوا بين موسى و عيسى عليهم السلام ، و لذلك شبه النبي صلى الله
عليه وسلم علماء أمته بهم " . يشير إلى حديث " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
" و لكنه حديث لا أصل له ، كما نص على ذلك الحافظ العسقلاني و السخاوي و غيرهما
. ثم إنهم قد أوردوا على تعريفه المذكور اعتراضات يتلخص منها أن الصواب حذف
لفظة " مجددة " منه ، و مثله لفظة " الكتاب " في تعريف الزمخشري ، لأن إسماعيل
عليه السلام ، لم يكن له كتاب و لا شريعة مجددة ، بل كان على شريعة إبراهيم
عليهما السلام ، و قد وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله : *( إنه كان صادق
الوعد و كان رسولا نبيا )* . و يبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق ، و
الرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها ، سواء كانت جديدة أو متقدمة . و
الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] من علماء المغرب ، و اسمه محمد بن إبراهيم المهدوي . توفي سنة ( 595 ) .
هل يوجد حديث صحيح يوضح عدد الأنبياء والرسل ؟
الحمد لله
أولاً :
أرسل الله تعالى رسلاً إلى كل أمةٍ من الأمم ، وقد ذكر الله تعالى أنهم متتابعون ، الرسول يتبعه الرسول ، قال عز وجل : ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) المؤمنون/44 ، وقال تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر/24 .
وقد سمَّى الله تعالى مِن أولئك الرسل مَن سمَّى ، وأخبر بقصص بعضهم ، دون الكثير منهم ، قال تعالى : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا . وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء/163-164 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ على أسمائهم في القرآن ، وهم : آدم ، وإدريس ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، وإلياس ، والْيَسَع ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى عليهم الصلاة والسلام ، وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد صلى الله وعليه وسلم .
وقوله : ( وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) أي : خلقاً آخرين لم يذكروا في القرآن .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 469 ) .
ثانياً :
قد اختلف أهل العلم في عدد الأنبياء والمرسلين ، وذلك بحسب ما ثبت عندهم من الأحاديث الوارد فيها ذِكر عددهم ، فمن حسَّنها أو صححها فقد قال بمقتضاها ، ومن ضعَّفها فقد قال بأن العدد لا يُعرف إلا بالوحي فيُتوقف في إثبات العدد .
الأحاديث الواردة في ذِكر العدد :
1. عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًاً ) ، قلت : يا رسول الله ، كم الرسل منهم ؟ قال : ( ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير) ، قلت : يا رسول الله ، من كان أولهم ؟ قال : ( آدم ) ... .
رواه ابن حبان ( 361 ) .
والحديث ضعيف جدّاً ، فيه إبراهيم بن هشام الغسَّاني ، قال الذهبي عنه : متروك ، بل قال أبو حاتم : كذّاب ، ومن هنا فقد حكم ابن الجوزي على الحديث بأنه موضوع مكذوب.
قال ابن كثير – رحمه الله - :
قد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في كتابه : " الأنواع والتقاسيم " ، وقد وَسَمَه بالصحة ، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي ، فذكر هذا الحديث في كتابه " الموضوعات " ، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا ، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
وقال شعيب الأرناؤط : إسناده ضعيف جدّاً – وذكر كلام العلماء في إبراهيم بن هشام - .
" تحقيق صحيح ابن حبان " ( 2 / 79 ) .
2. وروي الحديث بذلك العدد – مائة وأربعة وعشرون ألفاً – من وجه آخر :
عن أبي أُمَامة قال : قلت : يا نبي الله ، كم الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غَفِيراً ) .
رواه ابن حاتم في " تفسيره " ( 963 ) .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
مُعَان بن رفاعة السَّلامي : ضعيف ، وعلي بن يزيد : ضعيف ، والقاسم أبو عبد الرحمن : ضعيفٌ أيضاً .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
3. وروي حديث أبي ذر رضي الله عنه من وجه آخر ، وليس فيه ذكر عدد الأنبياء ، وإنما ذُكر عدد المرسلين :
قال : قلت : يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال : ( ثلاث مئة وبضعة عشر جمّاً غفيراً ) .
رواه أحمد ( 35 / 431 ) .
وفي رواية أخرى ( 35 / 438 ) : ( ثلاثمئة وخمسة عشر جمّاً غفيراً ) .
قال شعيب الأرناؤط :
إسناده ضعيف جدّاً ؛ لجهالة عبيد بن الخشخاش ؛ ولضعف أبي عمر الدمشقي ، وقال الدارقطني : المسعودي عن أبي عمر الدمشقي : متروك .
المسعودي : هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة .
" تحقيق مسند أحمد " ( 35 / 432 ) .
4. عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بعث الله ثمانية آلاف نبي ، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل ، وأربعة آلاف إلى سائر الناس ) .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 7 / 160 ) .
والحديث : ضعيف جدّاً .
قال الهيثمي – رحمه الله - :
رواه أبو يعلي وفيه : موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف جدّاً .
" مجمع الزوائد " ( 8 / 210 ) .
وقال ابن كثير – رحمه الله - :
وهذا أيضاً إسناد ضعيف ؛ فيه الربذي : ضعيف ، وشيخه الرَّقَاشي : أضعف منه أيضاً .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
5. عَنْ أَبِى الْوَدَّاكِ ، قَالَ : قَالَ لِى أَبُو سَعِيدٍ : هَلْ يُقِرُّ الْخَوَارِجُ بِالدَّجَّالِ ؟ فَقُلْتُ : لاَ. فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنِّى خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍ ، أَوْ أَكْثَرُ ، مَا بُعِثَ نَبِىٌّ يُتَّبَعُ ، إِلاَّ قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ ... ) .
رواه أحمد ( 18 / 275 ) .
والحديث ضعيف ؛ لضعف مجالد بن سعيد .
قال الهيثمي – رحمه الله - :
رواه أحمد ، وفيه مجالد بن سعيد ، وثقه النسائي في رواية ، وقال في أخرى : ليس بالقوى ، وضعفه جماعة .
" مجمع الزوائد " ( 7 / 346 ) .
وضعَّفه الأرناؤط في " تحقيق المسند " ( 18 / 276 ) .
6. وروي هذا الحديث من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه :
رواه البزار في " مسنده " ( 3380 ) " كشف الأستار " .
وفيه مجالد بن سعيد ، وسبق أنه ضعيف .
قال الهيثمي – رحمه الله - :
رواه البزار ، وفيه مجالد بن سعيد ، وقد ضعفه الجمهور ، فيه ثوثيق .
" مجمع الزوائد " ( 7 / 347 ) .
وبما سبق من الأحاديث – ويوجد غيرها تركناها خشية التطويل وكلها ضعيفة – يتبين أنه قد اختلفت الروايات بذكر عدد الأنبياء والمرسلين ، فقال كل قوم بمقتضى ما صحَّ عنده، والأشهر فيما سبق هو حديث أبي ذر رضي الله عنه ، وأن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والرسل منهم : ثلاثمائة وخمسة عشر ، حتى قال بعض العلماء : إن عدد الأنبياء كعدد أصحاب النبي صلى اللهُ عليْه وسلَّم ، وعدد الرسل كعدد أصحاب بدر .
لكن بالنظر في أسانيد تلك الروايات : لا يتبين لنا صحة تلك الأحاديث لا بمفردها ، ولا بمجموع طرقها .
ثالثاً :
وهذه أقوال بعض الأئمة الذين يقولون بعدم صحة تلك الأحاديث وما تحويها من عدد :
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وهذا الذي ذكره أحمد ، وذكره محمد بن نصر ، وغيرهما ، يبين أنهم لم يعلموا عدد الكتب والرسل ، وأن حديث أبي ذر في ذلك لم يثبت عندهم .
" مجموع الفتاوى " ( 7 / 409 ) .
ففي هذا النقل عن الإمامين أحمد بن حنبل ، ومحمد بن نصر المروزي : بيان تضعيف الأحاديث الواردة في ذكر العدد ، والظاهر أن شيخ الإسلام رحمه الله يؤيدهم في ذلك ، وقد أشار إلى حديث أبي ذر بصيغة التضعيف فقال : " وقد روي في حديث أبي ذر أن عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر " ، ولم يستدل به ، بل استدل بالآيات الدالة على كثرتهم .
2. وقال ابن عطية – رحمه الله – في تفسير آية النساء - :
وقوله تعالى : ( ورسلاً لم نقصصهم عليك ) النساء/164 : يقتضي كثرة الأنبياء ، دون تحديد بعدد ، وقد قال تعالى ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فاطر/24 ، وقال تعالى : ( وقروناً بين ذلك كثيراً ) الفرقان/38 ، وما يُذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح ، الله أعلم بعدتهم ، صلى الله عليهم . انتهى
3. وسئل علماء اللجنة الدائمة :
كم عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ؟ .
فأجابوا :
لا يعلم عددهم إلا الله ؛ لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر/78 ، والمعروف منهم من ذكروا في القرآن أو صحت بخبره السنَّة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 256 ) .
4. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
وجاء في حديث أبي ذر عند أبي حاتم بن حبان وغيره أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرسل وعن الأنبياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفا والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وفي رواية أبي أمامة : ثلاثمائة وخمسة عشر ، ولكنهما حديثان ضعيفان عند أهل العلم ، ولهما شواهد ولكنها ضعيفة أيضا ، كما ذكرنا آنفا ، وفي بعضها أنه قال عليه الصلاة والسلام ألف نبي فأكثر ، وفي بعضها أن الأنبياء ثلاثة آلاف وجميع الأحاديث في هذا الباب ضعيفة ، بل عد ابن الجوزي حديث أبي ذر من الموضوعات. والمقصود أنه ليس في عدد الأنبياء والرسل خبر يعتمد عليه ، فلا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ، لكنهم جم غفير ، قص الله علينا أخبار بعضهم ولم يقص علينا أخبار البعض الآخر ، لحكمته البالغة جل وعلا .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 66 ، 67 ) .
5.وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله - :
كم عدد الأنبياء والمرسلين ؟ وهل عدم الإيمان ببعضهم ( لجهلنا بهم ) يعتبر كفراً ؟ وكم عدد الكتب السماوية المنزلة ؟ وهل هناك تفاوت في عدد الكتب بين نبي وآخر ؟ ولماذ ؟.
فأجاب :
ورد في عدة أحاديث أن عدد الأنبياء : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، وأن عدد الرسل منهم : ثلاثمائة وثلاثة عشر ، كما ورد أيضاً أن عددهم ثمانية آلاف نبي ، والأحاديث في ذلك مذكورة في كتاب ابن كثير " تفسير القرآن العظيم " ، في آخر سورة النساء على قوله تعالى : ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ ) ، ولكن الأحاديث في الباب لا تخلو من ضعف على كثرتها والأوْلى في ذلك التوقف ، والواجب على المسلم الإيمان بمن سمَّى الله ورسوله منهم بالتفصيل ، والإيمان بالبقية إجمالاً ؛ فقد ذم الله اليهود على التفريق بينهم بقوله تعالى : ( وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ) فنحن نؤمن بكل نبي وكل رسول أرسله الله في زمن من الأزمان ، ولكن شريعته لأهل زمانه وكتابه لأمته وقومه .
فأما عدد الكتب : فورد في الحديث الطويل عن أبي ذر أن عدد الكتب مائة كتاب وأربعة كتب ، كما ذكره ابن كثير في التفسير عند الآية المذكورة ، ولكن الله أعلم بصحة ذلك ، وقد ذكر الله التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ، فنؤمن بذلك ونؤمن بأن لله كتباً كثيرة لا نحيط بها علماً ، ويكفي أن نصدق بها إجمالاً .
" فتاوى إسلامية " ( 1 / 41 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني ( رحمه الله)
6090- (بُعِثْتُ على أَثَرِ ثمانيةِ آلافٍ من الأنبياءِ ؛ منهم أربعةُ
آلافِ نبيٍّ من بني إسرائيلَ ) .
ضعيف .
أخرجه ابن سعد في "الطبقات " (1/192) : أخبرنا أحمد بن محمد
ابن الوليد المكي : أخبرنا مسلم بن خالد الزَّنْجي قال : حدثني زياد بن سعد عن
محمد بن المنكدر وعن صفوان بن سُليم عن أنس بن مالك ... مرفوعاً .
وتابعه زكريا بن عدي عن مسلم بن خالد الزنجي ... به ؛ إلا أنه قال : "عن
محمد بن المنكدر عن صفوان ... " ... فلم يقل : "وعن صفوان " .
أخرجه محمد بن شاذان الجوهري في الجزء الثاني من "أجزائه " (ق 7/ 1) ، وعنه
أبو نعيم في "الحلية " (3/162) ، والدينوري في "المنتقى من المجالسة " (ق 171/ 1) .
وتابعه أحمد بن طارق : ثنا مسلم بن خالد ... به ؛ مثل رواية زكريا .
أخرجه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 47/1) ، وابن كثير في
" تفسيره " (1/ 586) ، وقال :
"غريب من هذا الوجه ، وإسناده لا بأس به ، رجاله كلهم معروفون إلا أحمد
اين طارق هذا ؛ فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح . والله أعلم " .
قلت : وفاتته متابعة زكريا بن عدي - وهو ثقة - وغيره - كما تقدم ، ويأتي - ؛
فقد قال أبو نعيم عقبها :
" غريب من حديث زياد ، تفرد به زكريا"! كذا قال! ثم قال :
"ورواه أحمد بن خازم عن صفوان ومحمد عن أنس مقروناً" .
قلت : وصله ابن عدي في "الكامل " (1/172 - بيروت) من طريق ابن لهيعة عن أحمد بن خازم عن محمد بن المنكدر ... أنس بن مالك قال : قال رسول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره .
لكن وقع في متنه سقط وتحريف - تبعاً للمصورة - ؛ فليصحح من هنا ، والظاهر
أن الساقط مكان النقط هو : (ومحمد بن المنكدر) ، كما يستفاد من قول أبي نعيم
المذكور . وقال ابن عدي عقبه :
"رواه علي بن هارون الزَّينبي عن مسلم بن خالد عن زياد بن سعد عن ابن
المنكدر وصفوان ... نحوه . وقال زكريا بن عدي : عن مسلم عن زياد عن ابن
المنكدر عن صفوان ... نحوه " .
قلت : والزينبي هذا : لم أعرفه .
وجملة القول : أن مدار الحديث على مسلم بن خالد الزنجي ، وأن الرواة
اختلفوا عليه في إسناده ، والظاهر أن هذا الاضطراب منه ؛ لأنه كان كثير الأوهام
- كما في "التقريب " - ، ورواية زكريا عنه أقواها ؛ فالعلة من مسلم بن خالد .
وقد توبع وخولف : فقال إبراهيم بن المنذر الحزامي : ثنا إبراهيم ين المهاجر
ابن مِسْمار عن محمد بن المنكدر وصفوان بن سليم عن يزيد الرَّقَاشي عن أنس
ابن مالك ... به ؛ نحوه .
أخرجه الحاكم (2/597) - وسكت عنه! - . والطبراني في "الأوسط" (1/
44/2) ، وقال الذهبي :
" قلت : إبراهيم ويزيد واهيان " .
يعني : إبراهيم بن المهاجر ، وبه أعله الهيثمي ؛ فقال في "المجمع " (8/ 210) :
"وهو ضعيف ، ووثقه ابن معين ، ويزيد الرقاشي وُثِّقَ على ضعفه " .قلت : وقد رواه عنه أحد الضعفاء : فقال مكي بن إبراهيم : حدثنا موسى بن
عُبيدة الرَّبَذي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك ... به ؛ نحوه .
أخرجه أبو يعلى في "مسنده " (7/160/1377) ، وأبو نعيم في "الحلية"
(3/53) .
قلت : والرَّبَذي ضعيف أيضاً .
وقد خولف في متنه : فقال أبو يعلى (7/131/1337) : حدثنا أبو الربيع
الزهراني : حدثنا محمد بن ثابت العبدي : حدثنا مَعْبَدُ بن خالد الأنصاري عن
يزيد الرقاشي ... به ؛ مرفوعاً بلفظ :
"كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ، ثم كان عيسى
ابن مريم ، ثم كنت أنا" .
قلت : وهذا إسناد واهٍ ؛ من فوق الزهراني ثلاثتهم لا يحتج بهم ، والأ نصاري
مجهول . واقتصر الهيثمي على إعلاله بضعف العبدي!
والخلاصة : أن الحديث ضعيف مضطرب الإسناد والمتن ؛ فلا وجه لقول ابن
كثير : "وإسناده لا بأس به "! والله أعلم .
(تنبيه) : (خازم) - والد أحمد - بالخاء المعجمة ؛ كما في "الإكمال " وغيره ،
ووقع في "الكامل " وغيره مما تقدم بالحاء المهملة ، وهو تصحيف ؛ فاقتضى التنبيه!
ثم هو لا يعرف - كما قال الذهبي ؛ تبعاً لابن عدي - "
ثم رأيت في "معجم الحديث " - الذي كنت جمعته من مخطوطات الظاهرية
بخطي - أن أبا بكر الشافعي أخرجه في "الفوائد" (ق 79/2) من طريق عبد الله بن
رجاء : نا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام : نا محمد بن المنكدر عن يزيد بن أبان
عن أنس ... به ؛ نحو حديث ابن مسمار .ورجاله ثقات رجال "الصحيح " ، على ضعف يسير فيمن دون ابن المنكدر ؛
فالآفة من يزيد .
وقد روي فِي حَدِيثِ أبي ذر الطويل : أن عدد الأنبياء ماثة ألف وعشرون
ألفاً!
أخرجه ابن حبان في "صحيحه " بطوله (رقم 94) ، وفيه إبراهيم بن هشام
الغَسَّاني وهو متروك ؛ متهم بالكذب ، وعزاه الحافظ (6/361) لـ "صحيحه "
وسكت!
وروي بإسناد آخر ضعيف من حديث أبي أمامة مرفوعاً بلفظ :
" وأربعة وعشرون ألفاً ، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر ؛ جماً غفيراً" .
أخرجه أحمد (5/265 - 266) ، والطبراني في "الكبير" (8/258/7871) ،
وفيه علي بن يزيد الألهاني ؛ ضعيف .
لكن عدد الرسل صحيح ؛ جاء من طريق أخرى عن أبي أمامة بسند صحيح ،
وعدد الأنبياء صحيح لغيره ، وقد حققت ذلك كله في "الصحيحة" (2668) .
وأما حديث : " إني خاتم ألف نبي أو أكثر" ؛ فهو ضعيف أيضاً .
أخرجه الحاكم (2/597) ، وأحمد (3/79) ، والبزار (4/135/3380) من طريق
مُجالد عن أبي الوَدَّاك (وقال البزار : عن الشعبي) عن أبي سعيد ... مرفوعاً .
بيَّض له الحاكم ، وقال الذهبي :
"قلت : مجالد ضعيف " . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/347) :
"رواه البزار ، وفيه مجالد بن سعيد ، وقد ضعفه الجمهور ، وفيه توثيق " .
قلت : وقد فاته عزوه لأحمد .