يا للعجب ... تعودنا أن دار الكتب العلمية تسرق الكتب والتحقيقات ... واليوم نراها قد سُرقت !!!
كتاب ( نجوم المهتدين ) لعبدالكبير الكتاني ، طبع بتحقيق الصوفي عدنان زهار ، بدار الكتب العلمية !!
ثم سرقَ التحقيق صوفي آخر من بلاد الشام يدعى : محمد إبراهيم الحسين ، وغيّر عنوان الكتاب !!
فقام الصوفي الأول بكتابة هذا البيان
بيان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين
وبعد،
وقفت قبل يومين على كتاب "شرح الفكر بذكر دلائل التواجد عند الذكر" لشيخ الجماعة الإمام سيدي عبد الكبير الكتاني (1333 هـ)، بتحقيق الأستاذ محمد إبراهيم الحسين، وتقديم الأستاذ عبد الهادي محمد الخرسة، وقد طبع طبعة أنيقة بدار البيروتي بدمشق طبعته الأولى عام 1430 /2009.
وكنا نظن عند قراءة عنوانه أن الشيخ سيدي عبد الكبير الكتاني ألف كتابا آخر في موضوع التواجد والرقص عند الصوفية غير الذي طُبع قبل ثلاث سنوات (2007/1428) باعتنائنا وتقديم فضيلة العلامة الشريف سيدي حمزة بن علي الكتاني حفظه الله، بدار الكتب العلمية، تحت العنوان الذي اختاره له مؤلفه وقدمه على غيره مما رشحه في مقدمته وهو "نجوم المهتدين في دلائل الاجتماع للذكر على طريقة المشايخ المتأخرين برفع الأرجل من الأرض والاهتزاز شوقا لرب العالمين".
إلا أننا فوجئنا بكون الكتاب المحقق هو عينه الذي خرج باعتنائنا باسم "نجوم المهتدين"، ولم يكن يضيرنا الأمر في حد ذاته، ولا اهتممنا لمزاحمة الغير في إخراجه، بل لَوددنا لو تكاثر صناع الخير وتعددوا، وتنافسوا في إحياء علوم القوم وتسابقوا، ووالله لكان يطيب خاطرَنا وخاطرَ كل محب للدين غيور عليه أن يبرزوا في الميدان وينصروا دين الله وعلم التصوف الجليل الذي ينال سهام اللوم والعتاب من المنكرين بالباطل مرة وبالحق مرة.
فقد علم الخاص والعام أن التصوف أخلاق ومن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف، ومن أهم تلك الأخلاق الأمانة في القول والفعل والإنصاف والعدل وقول الحق...
فتأسفنا لهذه الواقعة، لا لأجل دنيا ضاعت منا، ولا خوف رزق منع عنا، بل تأسفنا أن يصدر من أحباب الأولياء وسالكي طريق السادة الأتقياء، والمدافعين عن طريقتهم ومبادئهم سلوكٌ غير مسؤول وخلق الصوفية أبعد ما يكون.
وزاد أسفَنا أن يقرظ للكتاب الأستاذ المحب في أهل لله السيد عبد الهادي الخرسة الذي زكى عمل المحقق على ما فيه من خيانة علمية جلية واضحة، وأخشى أن يكون مشاركا له في تبعاته وآثاره، وهو الذي قال عن "تحقيق" صاحبه: ص 12: "على ما بذل من جهد في إخراج هذا الكتاب القيم وفي التعليق عليه"اهـ!!!
وقبل أن أسطر في هذه الأوراق بعض ما يثبت هذه الخيانة والتقصير والتعدي، أحب أن أعترف بأن المحقق المذكور زاد على تحقيقنا نحن للكتاب المعلوم زيادات: منها ذات الفائدة، وكثير منها زيادات مطولة لا طائل وراءها، اللهم تخطئة الأئمة والتعريض بضعف آرائهم كما سأذكره مفصلا، وإلا فإنه عرف بأعلام لم أذكرهم ووثق من مؤلفات لم أقف عليها واستدرك تخريجا أو تخريجين علي وقد أصاب فيهما، كما فعل في حديث "إنما أهلك الذين من قبلكم..." ص 138 -طبعته- والذي أبعدت أنا النجعة فيه فعزوته إلى مسند أحمد وهو كما قال المحقق في الصحيحين، كما وثق من "فتح الباري" ص 152 توثيقا حسنا في حين زعمت أنني لم أقف عليه وهذا من التقصير في التحري والكمال لله وحده، إضافة إلى توسعه في ذكر المصنفات التي استدرك بها على المؤلف في مقدمة الكتاب...
وكان حريا به وأليق لسمعته أن يحيل على الطبعة التي خرجت باعتنائنا وتقديم ومراجعة الشريف العلامة سيدي حمزة الكتاني، ويذكرَ أنه استفاد منها ونقل المتن كما هو منها وسرق بعض التعليقات التي هي بلفظنا دون ذكاء ولا حكمة؛ ولا مانع بعد ذلك أن يشير إلى ما وقعنا فيه من زلات وأخطاء ويصوبها فيفوز بالفضل مرتين ويحظى بالشرف من جهتين، إلا أنه آثر غير هذا فنادى على نفسه بما نستحيي أن نصف أمثاله به، وحسبه سامحه الله أنه عرض بنا في "مقدمة" التحقيق قائلا ص 13: "ولقد بذلت ما بوسعي وطاقتي في إخراج هذا الكتاب على تنقيته من التصحيف الذي لحق به في الطبعات السابقة، وخدمناه جهدنا بتعليقات التحقيق وتعريفات الرجال وعسى أن نكون بلغنا به الآمال..."
قلت: يشير عفا الله عنه إلى تحقيقنا نحن للكتاب لأنه لا يعلم أن الكتاب إنما طبع مرة واحدة الطبعة العصرية، ونسخة فريدة واحدة هي التي اعتمدناها طبعة حجرية في حكم المخطوط، وهذا دليل على أول تدليس لأن الواجب أن يقول "الذي لحق الطبعة السابقة" أما إن كان يقصد الحجرية وطبعتنا فكان الواجب أن يقول "الذي لحق الطبعتين السابقتين"، أمَا وقد قال الطبعات جمعا فهذا يدلك على القيمة العلمية للتحقيق المزعوم مع ما سيأتي بيانه باختصار على حسب تتابع الصفحات:
• تصرف المحقق في العنوان الذي طبع به الكتاب، ذلك وإن كان المؤلف سماه بأسماء عدة لكنه اختار الأول الذي طبعناه به، فقد طبع على الحجر في حياته بل وكان يتابع عملية طبعه ويصححه بنفسه، وإنما فعل المحقق ذلك صرفا للأذهان عن كتاب المؤلف الذي هو باعتنائنا وهذا نوع آخر من التدليس المذموم.
• أهم ما يجب الاعتناء به في مجال التحقيق بل هو عينه علم التحقيق، الوقوف على النسخ الموجودة من الكتاب المقصود تحقيقه مخطوطا كان أم مطبوعا، وذكر مصادرها وتاريخ كتابتها ويلزم المحقق بإدراج صورة من المخطوط أو صور عديدة تثبيتا للأصل المعتمد وتوثيقا له، وهو ما لا يفعله المحقق، لأنه لم يقف على نسخته الوحيدة المطبوعة على الحجر بفاس عام1332 هـ، بل نسخ بالحرف مادة الكتاب من النسخة التي اعتنينا بها واجتهدنا لتصحيحها بمعية الشريف العلامة سيدي حمزة الكتاني حفظه الله، كما سيأتي مزيد بيانه فيما بعد إن شاء الله، فالرجل لم يبذل جهده في شيء سوى نسخ ما كتبنا بيده والتدليس على المطالع تدليسا باردا مكشوفا للأسف الشديد.
• من مصائب هذا "التحقيق" وأوابده سرقته لكلامنا بلفظه ونسبته إلى نفسه تدليسا على القراء أنه من إنشائه، وما الذي دفعه لهذا إلا عجز لسانيْه عن صياغة عبارات سليمة يشد بها عضد "التحقيق"، من ذلك أنه قال ص 13: "فهذا كتاب في بابه ليس له نظير يعتبر مرجعا لا مثيل له في استيفاء أدلة جواز الذكر على الطريقة التي تعارف عليها الصوفية وقد تكلم فيه الشيخ بلسان الشريعة موردا الحجج والبراهين على صحة ما ذهب إليه مفسرا الآيات المحتج بها ومستنبطا الأحكام المستخرجة منها، بقواعد الأصوليين وأصول اللغويين ولغة المناطقة ومنطق المتصوفة والكتاب مليء بالنقولات المفيدة والسماعات العديدة عن كتب وكتاب كثر."
قلت: وهذا كلامي بلفظه وحرفه وتقديمه وتأخيره ص 23 –طبعتنا- إلا أنه تصرف في كلمة "الرقص" حيث قلت أنا: "على طريقة الرقص التي تعارف عليها الصوفية" فحذفها، ظنا منه أنه لا يحتمل معناها في حقهم ومع ذلك نقلها في المتن المسروق ظنا منه أنها من كلام المؤلف كما يأتي.
• نقل عني باللفظ حاشية (1) ص 19 المتعلقة بتعريف النُّجح ونقل عني المصدر المرجوع إليه أيضا.
• ومن طوام "التحقيق" أيضا ومنكراته، ومما يدل على أن الرجل لم ير بعينه في يوم من الأيام النسخة المعتمدة في التحقيق ولا رأى من رآها، كما لم يشر إليها لا في "مقدمته" ولا في غيرها، أنه نقل عنا باللفظ العناوين التي قسمنا بها فقرات الكتاب وجعلناها بين عارضتين، بل نقل، حتى حجم الخط التي كتبناها بها فبعضها صغرنا حجمه فصغره وبعضها كبرنا حجمه فكبره. فأثبتها المسكين ظنا منه أنها من كلام الإمام المؤلف وهي من أول الكتاب إلى آخره من كلامنا نحن بمعية سيدي حمزة الكتاني، والرجل يسرق لباس غيره لأجل أن يتجمل به، وعندنا مثل دارج بلهجتنا المغربية: "المكسي بدْيال الناس عريان" يعني الذي يكتسي بثياب غيره في حكم العاري والحافي.
• اعتمد في تخريج الأحاديث على الطريقة الألبانية التي تسعى لرد الأخبار بمجرد الهوى، خاصة وأن الرجل يقصد نصرة مذهب صوفي، فإنه يقدم في تخريج كثير من الأحاديث قوله: حديث ضعيف...كما في الحاشية رقم 3 ص 26، قلت: ولا معنى للتقديم بهذا الكلام الذي مع تكاثره يظهر للمبتدئين أن الكتاب خزانة أحاديث ضعيفة وهو ما يجلب السخرية على المحقق إذ يقدم بكلام يفيد أنه ينصر رأي المؤلف ثم يبطله بادعائه أحاديث ضعيفة وموضوعة مستند عليها، والواقع أن كل الأحاديث التي حكم بضعفها تقليدا للألبانيين فهي مما يستأنس به المؤلف أو وجد له طرقا أخرى لم يذكرها وقد ذكرناها في تحقيقنا ولله الحمد.
• نقل كلامي بلفظه وحرفه حاشية 1 ص 27 في شرح الشبيكة وتوثيق معناها.
• وكذا نقل عني تعريف أبي القاسم بن خجو بلفظي ح 6 ص 29.
• وكذا ترجمة أبي عبد الله محمد بن محمد بن سودة ح 3 ص 31.
• وكذا ترجمة أبي عبد الله جسوس ح 4 ص 31.
• نقل عني بلفظي ما نقلته عن الذهبي ح 1 ص 35، فيما يتعلق بترجمة إبراهيم بن سعد.
• نقل عنا حتى تكبير حجم الخط في بعض المواضع من كلام المؤلف مثل قوله رحمه الله ص 52 –طبعته-: "فبان بهذا أنه لا وجه لإنكار الجمع للذكر أصلا، لأن قواعد الشريعة تشهد له ولا فيها ما يدفعه."
• نقل عنا بلفظنا قولنا في ح 3 ص 61 استدراكا منا على المؤلف: "بل ذكر خمسة وعشرين حديثا كما في الحاوي "2/82.
• نقل منا سوقنا لكلام السيوطي بلفظنا كله في توجيه أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه ح 1 ص 65.
• من دلائل تلاعبه بالمتن وسرقته لعملنا أنه أثبت بعض الكلمات الناقصات المستدركات على النسخة الحجرية والتي جعلناها بين معكوفين فجعلها هو أيضا بين معكوفين دون إشارة إلى سبب ذلك بخلاف ما بيناه ووضحناه نحن في العمل الذي قمنا به. مثاله: [بن] ص 66، و[عزف] ص 71 و[عن] ص 93.
• نقل أيضا من كلامنا بلفظه وحرفه تعريف "البرابط" مع المصادر التي اعتمدناها ح 3 ص 71.
• نقل منا بلفظنا ح 1 ص 77 قولنا: من قصيدة القطب الجامع أبي مدين شعيب...الخ إلا أنه أحسن لما لم يتبعني في ذكر مطلع القصيدة حيث ذكره على الصواب وذكرته على الخطأ.
• كما نقل عنا نقلنا لكلام الإمام النووي في شرح مسلم ح 3 ص 77.
• وكذا قولنا "كذا بالأصل" وهو لم يره ح 3 ص 79.
• ومن مصائبه نقله عنا باللفظ والحرف والتقديم والتأخير ناسبا كل ذلك إلى تحقيقه الذي قال فيه الشيخ الخرسة أنه بذل جهدا فيه؛ فقد قلت معلقا على ذكر الإجماع المستند عليه في كلام الإمام المؤلف: "الظاهر أن هذا الإجماع هو إجماع الصوفية الأخيار، وليس الإجماع المعروف عند الأصوليين أهل الظاهر، لثبوت من أنكر المجمع عليه في أزمنة مختلفة، كما سبق أن ذكره الإمام المؤلف رحمه الله." والمحقق أخذ هذا التعليق كما هو وعلق به على الموضع نفسه موهما أنه له، فالله المستعان.
• نقل عني جملة بأكملها ساقطة من النسخة التي اعتمدتها في التحقيق والتي لم يرها كما دللت وبرهنت، وأثبتها على أساس أنه هو الذي استدركها على المؤلف، ص 96.
• وسرق مني أيضا قولي تعليقا على ذكر الإمام المؤلف العدوتين: "الغالب أنه يقصد بهما المغرب والأندلس والله أعلم" فنسبه لنفسه ح 3 ص والله المستعان.
• ومما سرقه أيضا قولي: " أي سيدي عبد الواحد ابن عاشر رحمه الله تعالى في نظمه الرائق المرشد المعيد على الضروري من علوم الدين." ونسبه إلى نفسه وجهده وتحقيقه ح 3 ص 105.
• وكذا سرق قولي: "أي الرسل" الذي نسبه إلى نفسه ح 2 ص 107.
• وكذا قولي: "في النسخة المعتمدة" ح 1 ص 113.
• من مصائبه الدالة على خيانة قبيحة إثباته كلمة "ابن الجوزي" هكذا ص 117، مع أن الإمام المؤلف جرى على طريقة المتأخرين في تسميته "الجوزي" بينت أنا ذلك في تحقيق وهو تصرف في المتن فأفسد وأساء.
• وأيضا تصرف في المتن ص 120 ولم يبين لأنه لم ير النسخة الحجرية وإنما عمدته نسختي المحققة، فإنه وقع تصحيف فيها فكتبت كلمة "ومنه" ب"والله" فبينت أنا وسرق هو.
• من طاماته أنه استدرك على كبار محققي الصوفية وساداتهم التصحيح بالكشف تبعا للشيخ سيدي عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، قلت: لا مانع من أن يكون له رأي في عدم صحة التصحيح بالكشف، لكن يلزمه هذا أن يترك كتب التصوف وأهله لأنهم مؤمنون بهذا معتقدون فيه مدافعون عنه؛ وهذا يجعلنا نشك حتى في مقاصد "المحقق".
• سرق كلامنا بلفظه وحروفه وتقديمه وتأخيره ح 1 ص 140حيث قلت أنا ونسب لنفسه هو: "أي من المالكية قال في الفواكه الدواني ومثلها التسبيح..."الخ والأدهى والأمر أنه أثبت نسبة كلامي لنفسه قائلا: "قلت" والقائل عدنان بن عبد الله زُهار عفا الله عنه، وبعيد كل البعد أن يكون هذا من توافق الخواطر.
• ومن دلائل الخيانة في هذا التحقيق المزعوم أن الرجل لم يتصرف في طريقة وضع المتن وتقسيم فقراته وترقيمه فجاء به كما وضعناه حرفا بحرف وكلمة بكلمة، ولله المعافي.
خاتمة:
أرجو من الأخ المحقق أن يقدم اعتذارا عن صنيعه المشين ويستغفر الله منه، حتى يكون ذلك أدعى له ولغيره لترك مثل هذه السلوكات السيئة التي تسقط المرء في أعين الناس وتذهب بالكرامة وتجلب غضب الرب، ومن جهتنا فإننا سامحناه لله.
كما نرجو منه أن يخبر شيخه الخرسة بصنيعه حتى يتهيأ له مرة أخرى مراجعة الكتب التي يقرظها ولا يسقط في تمويهات الناس فيكون حصير لوم وعتاب.
والله أسأل الهداية والتوفيق، وصلى اللهم وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
وكتب
عدنان بن عبد الله زُهار
عشية يوم الأربعاء 17 ربيع الأول 1431 الموافق 3 مارس 2010.