هذا الحديث ورد عن جمع من الصحابة الكرام وبعض التابعين أبي الدرداء وابن مسعود وأبي هريرة وجابر والمنكدر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري ويسر خادم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأم هانئ وعلي بن أبي طالب فيحسب من لا علم له بعلم الحديث أنه حديث تواتر عن النبي أو كاد والواقع أن هذا التعد من الاختلاف على بعض الرواة وأن غالب طرقه واهية جدا لا يكاد يسلم منها طريق من علة أو علل وإليك البيان وعلى الله التكلان
1/ حديث أبي الدرداءررر
وقد ورد عن أبي الدرداء رررمن أربع طرق فيما وقفت عليه
1/ سعد بن تميم
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ثنا عفان ثنا وهيب
وأخرجه ابن أبي الدنيا في الزهد ثني محمد بن إدريس ثنا المعلى بن أسد ثنا عبد العزيز بن المختار قالا ثنا موسى بن عقبة ثني بلال بن سعد الكندي عن أبيه أن أبا الدرداء ررر ذكر الدنيا فقال : " إنها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله أو ما ابتغي به وجهه " واللفظ لابن أبي الدنيا
ومن طريق ابن أبي الدنيا أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
وهذا إسناد موقوف صحيح غاية
رجاله ثقات مشاهير وأبو بلال بن سعد هو سعد بن تميم السكوني القاري له صحبة
2/ جبير بن نفير
أخرجه أبو داود في الزهد نا ابن السرح أنا عبد الله بن وهب ني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر الله أو آوى إلى ذكر الله .
قال معاوية وحدثني سعيد بن سويد يرفعه إلى أبي بكر الصديق أنه قال ذلك على المنبر
إسناد أبي الدرداء لا بأس به
وإسناد أبي بكر مرسل ضعيف سعيد بن سويد أحسبه الكلبي ذكره ابن حبان في الثقات وبينه وبين أبي بكر مفاوز
3/ خالد بن معدان
رواه ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال قال أبو الدرداء رحمه الله قال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما أدى إلى ذكر الله والعالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم
ورواه عن ثور بن يزيد جماعة
1/ عبد الرزاق بن همام
أخرجه ابن الأعرابي في الزهد ثنا الدبري
أخرجه عبد الله في زوائد الزهد ثني أبو عبد الله السلمي
وأخرجه الآجري في أخلاق العلماء نا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي نا زهير بن محمد
وأخرجه البيهقي في المدخل نا أبو محمد السكري ببغداد أبنا إسماعيل بن محمد ثنا أحمد بن منصور أربعتهم قالوا ثنا عبد الرزاق بن همام أبنا ثور عن خالد به
ومن طريق ابن الأعرابي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
قال البيهقي : وقد روي معنى هذا من وجه آخر مرفوعا وهو ضعيف اهـ
2/ عبد الله بن المبارك
ورواه عن ابن المبارك جماعة واختلفوا عليه فرواه الحسين المروزي وعبد الله بن عثمان عن ابن المبارك نا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال قال أبو الدرداء : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما أدى إليه والعالم والمتعلم في الخير شريكان وسائر الناس همج لا خير فيهم
أخرجه الحسين المروزي في الزهد
وأخرجه ابن أبي الدنيا في الزهد ثني حمزة أنا عبدان قالا أنا عبد الله أنا ثور بن يزيد به
ومن طريق الحسين أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ومن طريق عبدان أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله
وخالف المروزي وعبدان عبد الملك بن حبيب المصيصي فرواه عن ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم قرأت على أبي بكر يحيى بن عبد الرحمن أن محمد بن أبي دليم حدثهم نا محمد بن وضاح ثنا عبد الملك بن حبيب المصيصي ثنا ابن المبارك به
قال ابن عبد البر عقبه : هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصي عن ابن المبارك مسندا
عبد الملك بن حبيب المصيصي هو أبو مروان البزاز لم أقف على ما يبين حاله إلا قول أبي بكر محمد بن بركة بن الفرداج القنسريني قلت لعثمان بن خرزاد : من أصحاب أبي إسحاق الفزاري المتقدمون ؟ قال : معاوية بن عمرو الكوفي وعبد الملك بن حبيب البزاز وأبو عثمان الصياد وأبو صالح الفراء .
أقول : رواية عبد الملك هذه منكرة الحسين المروزي وعبدان أثبت منه في ابن المبارك وأكثر وروايتهما أصح
3/ بقية بن الوليد
أخرجه أبو العباس الأصم في الثالث من حديثه ثنا أبو عتبة ثنا بقية ثنا ثور بن يزيد به
فهؤلاء ثلاثة عبد الرزاق وابن المبارك وبقية رووه عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قوله
وهذا سند رجاله ثقات غير أنه مرسل خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء قاله الإمام أحمد ورواية سعد بن تميم وجبير بن نفير تبين صحة مخرج أثر خالد هذا والله أعلم
4/ مسلم بن مشكم
أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد نا محمد بن عوف
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين ثنا الحسن بن السميدع ومحمد بن إبراهيم العكاوي ثلاثتهم قالوا نا موسى بن أيوب النصيبي نا خداش بن مهاجر عن ابن جابر عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز وجل
قال المنذري في الترغيب والترهيب : رواه الطبراني بإسناد لا بأس به اهـ
وقال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني[1] وفيه خداش بن المهاجر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ
خداش بن مهاجر قال أبو حاتم شيخ مجهول أرى حديثه مستقيما ولم أر لغيره فيه كلام
أقول : لا أعلم من تابع خداشا على رفع هذا الحديث عن أبي الدرداء وأراه وهم فيه وقد تقدم قول البيهقي بعد ذكر الرواية الموقوفة وقد روي معنى هذا من وجه آخر مرفوعا وهو ضعيف وكلام أبي حاتم إما في حديث معين وإما في جملة ما روى خداش من الأحاديث لا عن كل حديث والله أعلم
الخلاصة أن هذا الأثر محفوظ ثابت عن أبي الدرداء موقوفا عليه والله أعلم
يتبع إن شاء الله تعالى
[1] لم أقف عليه في معاجم الطبراني وعزاه إليه أيضا المنذري في ترغيبة وابن رجب في جامع العلوم والحكم والسيوطي في الدر