بارك الله فيكلا يمكن تصنيف كتاب لبيان القواعد عند المتقدمين؛ لأن هذا يناقض طريقة المتقدمين أصلا.
فرق بين وضع مصنف يوضح منهج المتقدمين وبين آخر يوضح قواعدهم فالأول أعم
إذا قلتُ مثلا في توضيح منهج المتقدمين في مسألة الانقطاع مثلا :
الأصل اشتراط الاتصال عندهم وأن المنقطع من جنس المردود لكن هذا ليس مطردا فهناك بعض الروايات المنقطعة أدخلوها في دائرة القبول لقرائن حفتها كرواية فلان وفلان ثم تذكر هذه الأمثلة والقرائن التي حفتها
وإذا قلت في مسألة التفرد ما ذكره الحافظ ابن رجب وهو "وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه"
وما ذكره الحافظ الذهبي في أواخر الموقظة
أرى أننا لم نقع بما وقع فيه المتأخرون لأننا :
نبهنا أن هذه القواعد أو هذا الأصل ليس بكلي مطرد وانظر إلى قول ابن رجب " وربما يستنكرون..." فإنه استثناء يدل على القليل
ذكرنا الأمر الأغلبي الذي بنى عليه المتقدم منهجه وبذلك خرجنا من الاعتراض الذي ذكرته وهو أنه يلزم أن المتقدم لا يسير على منهج بل يسر كيف ما اتفق له
وكونهم لهم في كل حديث نقد خاص لا يلزم منه عدم وجود منهجية يسيرون عليها لأن مراد الحافظ ابن رجب بهذا القول التنبيه على أمر القرائن وأنها ممكن أن تخرج المتقدم عن الأصل الذي يسير عليه فلا يلزم من إخراجه بهذه القرائن عدم وجود منهجية يسير عليها إذا لم توجد هذه القرائن كما لا يلزم من وجود أصل يسر عليه عدم الخروج عنه من أجل هذه القرائن
فقول الحافظ لهم في كل حديث نقد خاص لا يلزم منه أن الأصول التي بني عليها الحكم على هذا الحديث تختلف عن الأصول التي بني الحكم عليها في حديث آخر
مثاله حديث الضعيف فالأصل عند المتقدم أنه مردود فإذا وجدت القرائن الدالة على عدم خطأ هذا الضعيف في الحديث الفلاني كأن يكون موجودا في كتابه ونحو هذا خرج عن أصله لهذه القرائن وإن لم توجد بقي على أصله
وهكذا في كل حديث ينظر في القرائن التي حفته فإن كانت موافقه للأصل الذي يسير عليه حكم به ولم يخرج عنه وأن خالفته حكم لها وخرج عنه
وبذلك يكون أعمل القرائن مع وجود منهج وأصل يسير عليه
ولا شك أن المتقدم له أصول عامة في النقد هذا لا ينكر
والفرق بينه وبين المتأخر إما بتأصيل أصول مخالفة لأصول المتقدم وإما بعدم الخروج عن أصله من أجل القرائن هذا إذا أعملها واستحضرها حال الحكم على الحديث
وإلا كيف ستوضح وتصور منهج علمائك المتقدمين في كل علم من غير ذكرك للأصل الذي يسير عليه
وهل المنهج إلا أصول
هذا يدل على أن له أصل يسير عليه ولكنه ليس بمطرد ويخرج عنه إذا وجد ما هو أقوى منه وهو القرائنلأن هذه القاعدة الصرفية إنما هي أغلبية تطبق حيث لا يوجد ما هو أقوى منها، وهاهنا وجد ما هو أقوى، وهو السماع عن العرب في هذه اللفظة بعينها.
فأجدنا هنا متفقين والله أعلم