بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة للحلقات السابقة من هذه السلسلة العقدية عن " انحرافات " بعض المحققين ، الذين يُهمّشون كتب العلماء ، إما بتشويه الحق وأهله ، أو الترويج لبدعهم وشركياتهم ، فهذه الحلقة عن محقق " فتاوى العراقي " ، التي أصدرتها قريبًا دار الفتح بالأردن : حمزة أحمد فرحان – هداه الله – حيث وقع في أمرٍ عظيم ، بتأصيله في أحد هوامشه للاستغاثة الشركية بالأموات ! متعقبًا كلام العراقي – رحمه الله - ، الذي أنكر هذا الشرك البواح ؛ لعلمه بشناعته .
فقد قال العراقي مجيبًا عمن سأله عن حكم " الاستغاثة " و" التوسل " ( ص 168 – 169 ) : ( وأما قوله : " أنا أطلب منك أن يحصل لي كذا و كذا " فأمرٌ منكر ، فالطلب إنما هو من الله تعالى ، والتوسل إليه بالأعمال الصالحة أو بأصحابها أحياء وأمواتًا لا يُنكر .. ) .
فلم يُرضِ هذا الجواب محقق الكتاب – هداه الله - ، رغم تجويز العراقي للتوسل " البدعي " بالذوات ، فأراد أن يؤصل للاستغاثة الشركية التي أنكرها العراقي ، فقال : ( يظهر جليًا من كلام الحافظ تفرقته بين حكم الاستغاثه والتوسل ، فهو يجيز التوسل بالأعمال الصالحة و بأصحابها أحياء وأمواتا ، و يمنع الاستغاثه بها ، و لكن جمهور الشافعية على جواز الاستغاثه بغير الله ، كالسبكي ، والشهاب الرملي ، وابن حجر الهيتمي ، وغيرهم من العلماء .والحق أن هذه المسألة لا تدخل في باب العقيدة ، و لا يترتب عليها كفر وإيمان ، فالدعاء هنا ليس بعبادة ، و إنما هو هنا بالمعنى اللغوي لا الشرعي ، وهو نظير طلب الحي من الحي ، أو سؤله العون في شئ يحتاج اليه ، مع علمه أن هذا الحي أو الميت ليس إلا سببًا لا مسببًا ، على أن تخصيص جواز دعاء الحي دون الميت أقرب إلى إيقاع الناس في الشرك ، فإنه يُوهم أن للحي فعلاً يستقل به دون الميت ، فهذا يناقض قولنا : إن الفعل في الحقيقة لله ، لا للحي ولا للميت ، فإن كان ثمت وقوع شرك ، فلا يجوز تخصيصه بالأموات دون الأحياء . و أما عن جدوى استجابة الولي أوغيره من الأموات للذي يدعوه فليس له علاقة في بحث هذه المسأله ، لا من باب الفقه ولا من باب العقيده ) !!
تعليق
1- كذب المحقق في نسبة تجويز الشرك لـ ( جمهور الشافعية ) ! وإنما جوّزه أفراد من متأخريهم . وهنا رسالة : " جهود أئمة الشافعية في تقرير توحيد العبادة " :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=163211
2-صدرت – ولله الحمد - رسائل جامعية في بيان عقيدة : " السبكي " و " الهيتمي " ، والرد على انحرافاتهما في هذا الباب .
3-قوله : " والحق أن هذه المسألة لا تدخل في باب العقيدة ، و لا يترتب عليها كفر وإيمان ... إلخ كلامه " !
كيف لا تدخل في باب العقيدة ، ولا يترتب عليها كفر وإيمان ، وهي " عبادة " كغيرها من العبادات ؟ من صرفها لله فقد وحّد ، ومن صرفها لغيره فقد أشرك ؟ وتفصيل الرد على المحقق تجده في رسالة " نواقض الإيمان القولية والعملية " ( ص 131 – 156 ) حيث بيّن الأدلة على كون الدعاء من أجلّ العبادات ، وردّ على من جوّز الاستغاثة الشركية ، وخلط بينها وبين الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه :
حمّل الرسالة من هنا :
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=597
4-يخلط القبوريون بين ( الاستغاثة الشركية ) وهي دعاء غير الله ، و( التوسل البدعي ) ، ويسمون الجميع : " توسلاً " ، تلطيفًا لشركهم ، ومخادعة . وفي التمهيد رقم ( 5 ) هنا : الرد عليهم :
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/127.htm
5-هدى الله ( دار الفتح ) ، ووفق القائمين عليها لما يُحب ويرضى ، وجنبهم نشر مثل هذه الدعوات للشرك الأكبر ، وعدم المجاملة فيها ؛ لكي لا يبوؤوا بإثم التعاون مع معتنقيها .
وقد صادف نشرهم للكتاب السابق : نشرهم لرسالة مهمة ، عنوانها : ( جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي ) ؛ للأستاذ محمد بن أبي بكر باذيب – وفقه الله - ، وهي رسالة قيّمة ، تقع في مجلدين . أحسن فيها الأستاذ محمد عندما ترجم للشيخ محمد بن سالم البيحاني – رحمه الله - ، وأورد بعض كلامه في الرد على القبوريين ودعاة الشرك ( ص 1266 – 1285 ) . فلعله يسعى في نُصح الدار وأهلها .. والله الهادي .