أظن كلام العلماء الراسخين في المسألة أولى من أقوالنا جميعاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: (وكذلك إذا قيل : الرحيم؛ إما أن تكون رحمته من نفسه، وإما أن يكون غيره جَعَله رحيمًا . ومن جعل غيره رحيمًا فهو أولى أن يكون رحيمًا وتكون رحمته من لوازم نفسه، فثبت وجود الرحيم بنفسه الذي رحمته من لوازم نفسه على التقديرين .
وكذلك إذا قيل : الكريم المحسن؛ إما أن يكون كرمه وإحسانه من نفسه وإما أن يكون من غيره . ومن جعل غيره كريمًا محسنًا فهو أولى أن يكون كريمًا محسنًا وذلك من لوازم نفسه . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأة من السبي إذا رأت طفلا أرضعته رحمة له، فقال : " أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ " قالوا : لا، يا رسول الله ! فقال : " لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .
فبين أن الله أرحم بعباده من أرحم الوالدات بولدها . فإنه من جعلها رحيمة أرحم منها .
وهذا مما يدل علىه قوله : {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [ العلق : 3 ] ، وقولنا : [ الله أكبر ] فإنه سبحانه أرحم الراحمين . وخير الغافرين، وخير الفاتحين، وخير الناصرين، وأحسن الخالقين، وهو نعم الوكيل، ونعم المولى، ونعم النصير .
وهذا يقتضي حمدًا مطلقًا على ذلك، وأنه كافي من توكل عليه، وأنه يتولى عبده توليًا حسنًا، وينصره نصرًا عزيزًا . وذلك يقتضي أنه أفضل وأكمل من كل ما سواه، كما يدل على ذلك قولنا : [ الله أكبر ] .).