الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً ويحط عَنْهُ بِهَا سَيِّئَة" رَوَاهُ مُسلم .
لطالما تساءلت هل الأجر في الإياب كما هو في الذهاب ؛ أي أن بكل خطوة يخطوها أحدنا إيابا من المسجد رفع درجة وحط خطيئة ، فكنت أحتسب الأجر على الإياب والذهاب! .
إلى أن وفقني الله وقرأت شرح العلامة عبد المحسن العباد على كتاب " آداب المشي إلى الصلاة " لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، فوجدته قد رجح ما ظننته فقال ـ حفظه الله ـ :
من آداب المشي إلى الصلاة : أن يكون في مشيه إليه معتدلا فلا يكون متباطئا ولا مسرعا، لأن في مقاربة الخطى دون تباطؤ أو إسراع حط الخطايا ورفع الدرجات ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطئية ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام في مصلاه : اللهم صل عليه اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " رواه البخاري (648) واللفظ له ، ومسلم (1506) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وروى مسلم في صحيحه (587)عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط"
وهذا الثواب كما يكون في الثواب ، فإنه يكون أيضا في الإياب ،
ففي صحيح مسلم (1514) عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال :" كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه ، وكان لا تخطئه صلاة ، قال : فقيل له ـ أو قلت له ـ : لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال : ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد ، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قد جمع الله لك ذلك كله " .