تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حكمة الشرع وحكمة الامتثال

  1. #1

    افتراضي حكمة الشرع وحكمة الامتثال

    حكمة الشرع وحكمة الامتثال


    ” القاعدة عند جمهور علماء المسلمين كما هو مفهوم الشرع أن الخطاب من الله جل جلاله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم يقتضي الامتثال عقداً وقولاً وعملاً .
    والغاية من الامتثال تحقيق رضى الرب والنجاة من النار ودخول الجنة بدءا برحمة الله .
    هذه هي الحكمة العامة والعلة الكافية .
    لأن المكلفين من الجن والإنس ما خلقوا إلا لهذا الامتثال .
    وهذا لا يعني المنع من تحري حكمة الشرع في تفصيلاته .
    وإنما المحرم أمران :
    أولهما : وقف الامتثال على معرفة الحكمة .
    فهذا شغب على الشرع ، بل الواجب على المكلف الامتثال فور تبليغه بالنص وفهمه له واستطاعته ما طلب منه امتثاله .
    وثانيهما : تأسيس أي حكم شرعي على أي حكمة شرعية إلا بشرط أن تكون هذه الحكمة منصوصاً عليها أو مستنبطة متيقنة أو غالبة الرجحان ، وبشرط أن يكون الحكم المبني على الحكمة اجتهادياً في موضع لم ينص عليه باسمه ؛ لأن النص على المحكوم فيه باسمه أخص من النص على معناه .
    وإنما قلت : إن الحكمة مقصد مندوب المجتهد إلى تحريه بذينك القيدين ، لأن الحكيم من أسماء الله ومن صفات تدبيره ، ولأن الله وصف تدبيره الشرعي بالحكمة في عشرين آية من كتاب الله ، ولأن استحث عقول المكلفين على التدبر والاعتبار .
    والحكمة تكون مصلحة دنيوية منصوصة كأثر القصاص في تحقيق الأمن ، وتكون مستنبطة لتحقيق مصلحة دينية أو دنيوية كندب الشرع إلى التخفف من المباحات ، فالمجتهد يرجح أن الحكمة دينية وهي التخفف من الحساب يوم العرض الأكبر .
    ولن يستوحش المكلف من هذا الاستنباط وهو يجد في دين ربه أنه مسؤول عن النعيم وأن الكفار مبكتون باستهلاك المتعة في حياتهم الدنيا .
    وحق على المجتهد إذا لم يجد الحكمة منصوصاً عليها ألا يجزم بأنها مراد للشرع حتى لا يقول على الله بغير علم ، وإنما الحكمة ثمرة لا متثاله .
    فعلى سبيل المثال ألف أحد المعاصرين وهو الأستاذ عبدالرزاق نوفل كتاباً عن ( الصلاة ) وأحصى ما فيها من حكم دنيوية لا سيما ما ينفع البدن .
    فلا يحق للمجتهد أن يجزم بأن هذه المصالح هي مراد الشرع من فريضة الصلاة أو جزء من مراده ، لأن هذا قفو محرم ، وقول بغير علم يقيني أو راجح .
    ولكن المجتهد إذا داوم على الصلاة وتحققت له من الديمومة مصالح دنيوية فليقل بغير خوف ولا وجل : هذه حكمة حققتها من امتثالي لحكم الشرع .
    فهذا هو الفارق بين حكمة الشرع وحكمة الامتثال .
    وبعكس ذلك تحقق قوة المسلم في مواجهة صعاب حياته بسبب الصلاة ، وتحقق عصمته عن كثير من الخطايا .
    فهذه حكمة راجحة لأن الله نص على أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وحثنا ربنا على الاستعانة بالصلاة ، واستراح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلت قرة عينه فيها .
    ولقد تذوق هذه الحلاوة الشيخ يحيى بن مالك بن عائذ الأندلسي رحمه الله فكان إذا دخل المسجد قال لا حنا عن الصلاة :
    يارب لا تسلبني حبها أبدا … ويرحم الله عبدا قال آمينا
    والبيت في الغزل ، فكان هذا من مليح التمثل ونقل الشاهد .
    قال أبو عبدالرحمن : والمواظبون على الصلوات الخمس جماعة أحرص الناس على الدقة والنظام وإنجاز العمل في يومه ، وأبعدهم عن الكسل والتثاؤب .
    فهذا ثمرة للامتثال بلا ريب وحكمة التشريع علمها عند الله .
    وهناك مواضع لا ينبغي فيها قفو الحكمة مطلقاً كالمتشابه وأوائل السور المقطعة والعبادات المحضة ككون صلاة الظهر أربعاً لا ثلاثاً ، وكون صلاة المغرب ثلاثاً لا ثنتين والرمي بسبع حصيات ، وتقبيل الحجر الأسود ، وكون الحد الفلاني ثمانين جلدة لا خمسين ولا مئة .
    والقاعدة في هذا أن الله لا يسأل عما يفعل ، وأن لله غيوباً استأثر بها ، ومن حكمة الله ما هو داخل في غيبه والله المستعان ” أ.هـ
    ذكره الشيخ ابن عقيل الظاهري ـ حفظه المولى تعالى ـ
    أبو محمد المصري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: حكمة الشرع وحكمة الامتثال

    فرق دقيق حفظ الله امامنا ابن عقيل و نفعنا بعلومه يستعان به جدا في الرد على الحداثيين المشتغلين بنقض اصول الفقه...و في قصة الخضر تلخيص تصويري بديع لهذا الكلام ..هذه القصة التي يبدو لي على خلاف ما هو شائع ان فيها من عيون الفقه ما يوازي ما فيها من جواهر السلوك...و ان كنت لا أدري ما وجه الشيخ حفظه الله في التفريق في قفو الحكمة في غير ما نص عليه بقوله مطلقا...فالأمثلة التي ذكرها لما لم ينص عليه تبدو لي من جنس واحد الا ان الخفاء و التشابه فيها نسبي ..و ان قيده بوقت لكان حسنا فيما يبدو.. و لعل هذا مراده الكلام على وقتنا الحاضر لا مطلق الأوقات و الله أعلم
    من أجمل ما قرأت في الحب:
    "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته"

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •