تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: بحث مهم في مصير لغتنا الأم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي بحث مهم في مصير لغتنا الأم

    العربية تستحق العالمية

    يحتفل العالم سنوياً منذ شهر شباط/فبراير 2000 باليوم الدولي للغة الأم الذي أعلنته اليونسكو في مؤتمرها العام في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1999
    إنه تقليد بدأته هذه المنظمة منذ سنتين عملاً بقرارها الداعي الى الدفاع عن التنوع اللغوي. وبهذه المناسبة سيجري تقديم الطبعة الثانية من «اطلس اللغات المهددة في العالم». ويتيح هذا الاطلس تحديد المواقع الساخنة التي يكون فيها التنوع الثقافي واللغوي في حالة خطر.
    واستنادا الى الاطلس المذكور، نجد اليوم ثلاثة آلاف لغة مهددة بالخطر في العالم، بمستويات مختلفة، بما يعادل نصف لغات كوكبنا. ويعتبر العلماء ان اللغة تدخل مرحلة الخطر حرم اكثر من ثلاثين في المائة من اولاد الجماعة الناطقة بها عن تعلمها. فقد انقرض عدد كبير من اللغات في القرون الثلاثة الماضية، لا سيما في اميركا واستراليا.
    وحسب الاطلس فان هناك خمسون لغة مهددة في قارة اوروبا، بعضها في حال احتضاركما ألأمر في شمال روسيا والبلدان الاسكندنافية. وفي فرنسا وحدها نجد 14 لغة معرضة لخطر حقيقي، اما في سيبيريا فان كل اللغات المحلية، وعددها يقارب الاربعين،آيلة الى الانقراض.
    وفي آسيا، لا يزال الوضع غامضا في عدد من مناطق الصين. اما في شبه القارة الهندية، المعروفة بثرائها اللغوي، فقد حافظت معظم اللغات على حيويتها بفضل التوثيق الجيد، والسياسات المتبعة في مجال احترام التنوع الثقافي. وبرغم ذلك لم يسلم بعضها كما في الهمالايا وجبال بامير، وآسيا الوسطى وافغانستان.
    أما منطقة البحر الهادي التي تمتد من اليابان الى استراليا، حيث يتركز ثلث لغات العالم، فإن اغلبها ما زال. حي. ونشطا. وتظل افريقيا القارة المجهولة التي لم تنل القدر الكافي من العناية لا من الدارسين ولا من السلطات المحافظة على لغة المستعمر كوسيلة تعامل إلى جانب بعض اللغات ( اللهجات) كالسويحلية ويقدر الاطلس بان هناك حوالي 250 لغة مهددة في افريقيا، وبين 500 الى 600 لغة في مرحلة تقهقر من اصل 1400 لغة محلية.
    وفي اميركا الشمالية تمكنت لغات قليلة من الصمود امام زحف الانجليزية والفرنسية. غير ان كندا تعمل منذ سنوات على تشجيع سياسة الحفاظ على اللغات القديمة. ومن اصل 104 لغات هندية ـ اميركية هناك 19 في حالة احتضار و28 لغة مهددة. ولا تزال في الولايات المتحدة 150 لغة هندية قديمة في حالة تشبه الموت، رغم ان سياسة تهميش هذه اللغات اخذت تتراجع في السبعينات من القرن الماضي، قبل ان تعاود هيمنتها خلال الثمانينات مع سياسة «الانجليزية فقط». وتؤكد تجارب العلماء ان بالامكان انقاذ اللغات المهددة او التي في طريقها الى الانقراض، او حتى الميتة، عبر اعتماد سياسة ايجابية، كما حصل في اليابان وانجلترا. لقد كان عدد الناطقين بلغة «الاينو» في جزيرة هوكايرو اليابانية ثمانية اشخاص فقط في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. لكن هذه اللغة بدأت تنتعش مجدداً بعد سنوات من الاقصاء والتجاهل، وجرى افتتاح متحف للغة «الاينو» يقدم دروساً للشبان والشابات المقبلين على تعلمها. وفي انجلترا انقرضت لغة «كورنيك» منذ عام 1777، وتم احياؤها في السنوات الماضية. وهناك اليوم الف ناطق بها كلغة ثانية.(اليونسكو)


    فماذا فعل العرب للغتهم لغة الإسلام والحضارة التي أنارت للعالم حقبا طويلة وأخرجته من ظلمات القرون الوسطى ؟
    وإيمانا منا بأن لشباب الأمة القدرة والكفاءة على احياء لُغتنا العربية سنقوم بحملة يكون شعارها ( لغُتنا العربية تستحق العالمية ) لتذكرة الناس بالعوده الي لغة القران لغة الضاد والتصدي الواعي للزحف الانجلوامريكي الهادف إلى محو هوية الأمة وطمس دينها بضرب لغتها لغة القرآن الكريم


    لماذا جعلنا لغتنا العربية تتراجع؟
    نزيه القسوس (الدستور الأردنية)

    في السنوات الأخيرة نلاحظ أن لغتنا العربية بدأت تتراجع وتكاد تفقد هويتها فنجد أن خريجي كليات هذه اللغة لا يتقنون قواعدها وبعض مدرسي هذه اللغة في الجامعات يتحدثون مع طلابهم ويحاورونهم بالعامية وليس بالفصحى وقد تناسوا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم التي كرمنا الله بها وأنها ركن أساسي في حضارة أمتنا والأساس المتين في وحدة الأمة وقوتها وهي هويتها وثقافتها ودليل رقيها.



    يؤكد الفيلسوف الألماني فيخته أن اللغة هي مصدر قوة الأمة ويقول بأن اللغة تجعل من الأمة الناطقة بها كلا متراصا خاضعا لقوانين . إنها الرابطة الحقيقية بين عالم الأجسام وعالم الأذهان.



    أما العالم الفرنسي أرنست رينان فيشعر بالدهشة حين يشير إلى اللغة العربية بقوله: اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر فليس لها طفولة ولا شيخوخة.



    هذه الأقوال والشهادات لهؤلاء العلماء يجب أن تجعلنا ندرك نحن أبناء هذه الأمة كيف ينظر الآخرون إلى لغتنا وكيف يقبل أبناء الغرب على تعلمها في حين تواجه هذه اللغة أزمة حقيقية في مجتمعاتها العربية.



    اللغة ليست ترفا بل هي الوعاء الذي يحفظ فكر الأمة وحضارتها وهي مهددة إذا لم تستخدم الإستخدام الأمثل خصوصا في المدارس والجامعات فمن العيب أن يتحدث مدرسو هذه اللغة سواء في المدارس أو في الجامعات باللهجة العامية ومن العيب أن لا نعطي لغتنا الإهتمام الذي تستحق وهذه مسؤوليتنا جميعا بدون إستثناء ومسؤولية وسائل الإعلام العربية خصوصا المحطات التلفزيونية إذ نشاهد معظم الذين يتحدثون في هذه الفضائيات من أساتذة وعلماء ورجال دين باللغة العامية وحتى في الندوات الأدبية والعلمية نجد أن لغة الحوار مع الأسف هي اللغة العامية.

    إن اللغة العربية يجب أن تتطور في قاعات المحاضرات والبحث والتحصيل وأن تكون جامعة لإمتنا لا أن تفرقها وأن تكون صورة لضمائرنا وقلوبنا ونفوسنا وفكرنا وثقافتنا وهويتنا القومية لا أن تهبط إلى الدرجات الدنيا.



    إن المطلوب من أبناء الأمة العربية أن يعتزوا ويفتخروا بلغتهم وأن يتحدثوا بها بلهجة راقية لا أن يخلطوها ببعض المصطلحات الأجنبية كما يفعل الكثيرون وعلى هؤلاء أن يعرفوا بأن بعض الشعوب ترفض التحدث مع بعض أبناء الشعوب الأخرى بلغتهم مع أنهم يتقنون هذه اللغة وذلك من شدة إعتزازهم بلغتهم.



    إن اللغة العربية تتعرض لهجمة شرسة من بعض الأوساط الغربية وتتهمها هذه الأوساط بأنها ليست لغة علمية ولا تستوعب المصطلحات العلمية الجديدة ونحن مع الأسف نساعد هؤلاء الحاقدين في هجومهم على لغتنا لأننا لا نعطي هذه اللغة الإهتمام الذي تستحق ولا نحاول تطويرها وهذه مسؤوليتنا جميعا سواء في الجامعات أو المدارس وتقع المسؤولية الكبرى في هذا الصدد على مجامع اللغة العربية فهذه المجامع ما زالت لا تقوم بالدور الحقيقي المطلوب منها تجاه اللغة العربية وهي ما تزال جامدة وتتحرك ضمن أطر تقليدية عفا عليها الزمن ولا تحاول تطوير عملها وخلق آليات جديدة وحديثة للتعامل مع هذه اللغة.


    اللغة العربية تستحق أن تكون عالمية
    محمد سالم - الرياض :

    تتعاظم أهمية اللغة على خريطة المعرفة الإنسانية، حيث ازدادت علاقة اللغة وثوقًا مع مختلف أنواع هذه المعرفة، حتى أوشك المدخل اللغوي أن يصبح نهجًا معرفيًا عامًا تستهدي به ليس العلوم الإنسانية فقط، وإنما (أيضًا) العلوم الطبيعية.

    لاشك في أن دور اللغة في مجتمع المعرفة يتعاظم، وذلك لاعتبارات وعوامل عديدة منها:
    - محورية الثقافة التي لم تعد بنية فوقية، أو أحد العناصر المكونة لمنظومة المجتمع، وإنما المحور الأساسي الذي تدور في فلكه عملية التنمية.
    - محورية معالجتها آليًا بواسطة الحاسب الآلي في تكنولوجيات المعلومات. فاللغة هي المنهل الطبيعي الذي تستقي منه هذه التكنولوجيا أسس ذكائها الاصطناعي، وقواعد معارفها، وهي التي تكسب أجيال الإنسان الآلي القدرة على محاكاة الوظائف البشرية.
    - تعاظم دورها الذي تؤديه على مختلف الأصعدة والمستويات، خاصة بعد أن أصبحت الكلمة من أشد الأسلحة الأيدولوجية ضراوة، وبعد أن فرضت قوى السياسة والاقتصاد سيطرتها على أجهزة الإعلام، وعلى صنع الثقافة بوجه عام. وباتت هذه القوى (ومن خلال اللغة) تعمل على توليد خطاب يخدم مصالحها ويتحكم في أقدار الأفراد والجماعات والدول والمجتمعات.
    - اتساع مفهوم مجتمع المعرفة ليشمل مجتمع التعلم مدى الحياة (ليس للبشر فقط) بل للآلات والنظم والمؤسسات، وللخلايا والفيروسات. وكل هذا يرتكز في الأساس على اللغة: إنسانية كانت أم برمجية اصطناعية.
    لهذه العوامل ولغيرها، يتعاظم دور اللغة في مجتمع المعرفة، مما يتطلب نظرة أعمق وأشمل لمنظومة اللغة العربية بعناصرها الداخلية، وعلاقتها الخارجية التي تربطها بالمنظومة المجتمعية الأخرى. فما الشروط التي يجب توافرها في لغتنا العربية لتفرض نفسها على شعوب العالم؟
    شغلت مجلة «أتلانتيك Atlantic Monthly» الأمريكية الشهرية نفسها بهذه الشروط وشاركها في ذلك عدد من المعاهد ومراكز البحوث التي تهتم بمستقبل اللغة في عالم سريع التغير نتيجة لتقدم أساليب وتكنولوجيا المعلومات والاتصال.
    تذكر المجلة أن انتشار اللغات خارج حدود أوطانها يتوقف إلى حد كبير على سهولة اللغة وسرعة تعلمها بفضل بساطة تركيباتها النحوية. وتستشهد على ذلك بأن المتقدمين من الأمريكيين للعمل في الخارجية الأمريكية يحتاجون إلى أربعة وعشرين أسبوعًا فقط لتعلم أي من اللغات: الألمانية، الإيطالية، الفرنسية، الإسبانية، البرتغالية لتقارب تراكيبها النحوية البسيطة مع الإنجليزية. ولذلك تنتشر هذه اللغات أكثر من غيرها في العالم مع بعض التفاوت فيما بينها في درجة الانتشار، بينما يتطلب تعلم لغات من السواحيلية (شرق إفريقيا) والإندونيسية والماليزية إلى ستة وثلاثين أسبوعًا. ويحتاج تعلم الهندية والأوردية والروسية إلى أربعة وأربعين أسبوعًا. أما تعلم العربية والصينية واليابانية والكورية فإنه يحتاج إلى ثمانية وثمانين أسبوعًا. وتعتبر الإنجليزية من أبسط هذه اللغات جميعًا وأسرعها في التعلم، لذا فإنها مؤهلة ومرشحة لأن تكون هي اللغة العالمية التي قد تسود العالم كله في المستقبل. وقد تناقلت وسائل الإعلام مؤخرًا خبرًا مفاده أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في العالم من حيث المتحدثين بها. ولعل أول هذه الشواهد هو ذلك الكم الهائل من المواد المتاحة باللغة الإنجليزية على شبكات الإنترنت التي تقدر بحوالي 80٪ من كل المواد المعروضة. كما أن عدد الذين يستخدمون الإنترنت للحصول على هذه المواد من بين غير المتكلمين بالإنجليزية (كلغة أصيلة) يزدادون بمعدلات كبيرة جدًا تفوق معدلات الزيادة بين الناطقين بها.
    ويقدر عدد الناطقين بالإنجليزية (اللغة الأم) بحوالي 375 مليون نسمة، بينما يصل عدد المتكلمين باللغات الأخرى في العالم أكثر من 5700 مليون نسمة تقريبًا. ويؤلف مستخدمو الإنترنت من غير المتكلمين بالإنجليزية للحصول على مواد بالإنجليزية أكثر من 44٪ من مجموع الذين يعتمدون على الإنترنت من مختلف اللغات.
    شاهد ثان على انتشار الإنجليزية هو أنها تعتبر الآن لغة العالم التي تستخدم في إجراء البحوث ونشر النتائج على مستوى العالم. ففي ألمانيا على سبيل المثال (وهي دولة تعتز اعتزازًا كبيرًا بلغتها وثقافتها وإنجازاتها العلمية) نجد أن 98٪ من بحوث الفيزياء و83٪ من البحوث الكيميائية تجرى وتنشر باللغة الإنجليزية. كذلك تعتبر الإنجليزية هي اللغة الرسمية للبنك الأوروبي المركزي، رغم أنه يوجد في فرانكفورت، ورغم أن بريطانيا ليست عضوًا في اتحاد النقد الأوروبي.
    ولهذا لابد من دراسة علاقة اللغة العربية بمنظمومة اكتساب المعرفة بمراحلها المختلفة، ابتداء من النفاذ إلى مصادرها، وامتدادًا إلى نقلها واستيعابها، وتوظيفها، وتوليد معارف جديدة. وهذه الدراسة تتطلب (أول ما تتطلب) تحليلاً دقيقًا لعلاقة اللغة العربية بالفكر على كافة المستويات، وتوفير الآليات والوسائل المناسبة التي تمكنها من القيام بدورها في مرحلة من هذه المراحل. فمرحلة النفاذ إلى مصادر المعرفة تستلزم العديد من الوسائل البرمجية لمعالجة النصوص العربية آليًا: كالفهرسة، والاستخلاص، والتلخيص، والمراجعة الجذرية لتعليم اللغة العربية. أما دور اللغة العربية في توظيف المعرفة وسيادتها فإنه ينطلق في الأساس من منظور حل المشكلة الذي يتطلب بدوره الدقة في تحديدها ووصفها والمقارنة المنهجية من خلال دعم جهود البحث العلمي الحديث في المجالات العلمية المختلفة.
    فقد أثبتت اللغة العربية جدارتها على مر العصور، ويشهد تاريخ الفتح الإسلامي على سرعة انتشارها، واندماجها في بيئات لغوية متباينة، وأنها كانت أداة فعالة لنقل المعرفة، ومن ثم فإن من حقها أن تصبح لغة عالمية، خاصة أنها تتسم بالعديد من الخصائص الجوهرية من أهمها: أنها تجمع بين كثير من خصائص اللغات الأخرى على مستوى جميع فروعها اللغوية، كما أنها (من منظور معالجة اللغات الإنسانية آليًا بواسطة الحاسب الآلي) جديرة أن تكون لغة عالمية. فبفضل توسطها اللغوي يسهل تطويع نماذج البرمجة المصممة للغة العربية، لتلبية مطالب اللغات الأخرى وعلى رأسها الإنجليزية.
    انطلاقًا من عالمية الخطاب القرآني وعالمية لغته ينبغي إخضاع اللغة العربية للنظرية العامة التي تندرج في إطارها جميع اللغات الإنسانية، بل إن هذه العالمية تفرض أن تكون اللغة العربية من أوائل اللغات التي تنضم إلى حظيرة العموم اللغوي العالمي.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم

    Your browser does not support inline frames or is currently configured not to display inline frames.

    بعد سنوات .. من 11 سبتمبر .. هل تغير طلاب اللغة العربية في أميركا
    الاستاذ بونايف

    عندما دخل الاتحاد السوفييتي عالم الأقمار الصناعية بإطلاق القمر الصناعي سبوتنك في عام 1957 وخلق بذلك تحدّيا جديدا في غمار الحرب الباردة، زاد اهتمام الطلاب الأميركيين بشكل مفاجِئ بتعلّم اللغة الروسية، وتكرر الموقف مع اللغة العربية في أعقاب هجمات سبتمبر عام 2001.
    فهل يعود الإقبال الشديد على تعلّم اللغة العربية في الولايات المتحدة إلى شغف مفاجئ بالتعرف على ثقافة من قاموا بتلك الهجمات، أم أن ذلك الإقبال يأتي كضرورة من ضرورات الأمن القومي على طريقة "من عرف لغة قوم أمَن شرهم"؟
    الدكتور علاء الجبالي، مدير برنامج تعليم اللغة العربية بجامعة ميريلاند ليفسِّر سِرّ زيادة عدد الأميركيين الذين يدرسون اللغة العربية، من خمسة آلاف قبل هجمات سبتمبر إلى 12 ألفا هذا العام فقال:
    "أعتقد أن مِن أهم أسباب هذه الزيادة، هو نوع من الفضول وحبّ الاستطلاع الذي سيْطر على الأميركيين بعد هجمات سبتمبر لمعرفة المزيد عن العالم العربي والعالم الإسلامي وكيف يفكِّر العرب والمسلمون، وأصبح تعلّم اللغة العربية بطبيعة الحال وسيلة بالِغة الأهمية للتعرّف على ثقافة العرب والمسلمين وكيف يفكرون. ومن الأسباب الأخرى، الأهمية الجغرافية السياسية للعالم العربي، كما أن بعض الطلاب الأميركيين يقبلون على دراسة اللغة العربية للتأهّل لعدد وفير من الوظائف الحكومية المتعلِّقة بالأمن القومي الأميركي.
    من يتعلم العربية في الولايات المتحدة
    يبلغ عدد طلاب اللغة العربية في الجامعات الأميركية في آخر أخصائية 12 ألف طالب طبقا لإحصاء الرابطة الأميركية للغات الحديثة Modern Language Association of America بزيادة 7 آلاف طالب عن العام الدراسي السابق لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. محمود البطل أستاذ اللغة العربية بجامعة إموري Emory بولاية أتلانتا يقول في مقابلة مع إذاعة صوت أميركا إن أعداد طلاب الأقسام التي تدرس اللغة العربية قد زادت بنسبة 100% بعد أحداث سبتمبر، وارتفع عدد الجامعات والمعاهد التي تقدم لطلابها فرصة تعلم اللغة العربية. وفي ظل تلك الزيادة غير المسبوقة في تاريخ تعليم اللغة العربية في أميركا توجه تقرير واشنطن إلى المتخصصين والدارسين لاستطلاع آرائهم حول أسباب هذه الزيادة ودوافع وأهداف الدارسين من وراء تعلم العربية وكيف أثرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على نوعية وطبيعة الدارسين. شكري عابد مدير برنامج اللغات في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن يقول في مقابلة مع تقرير واشنطن إنه يمكن تقسيم دارسي اللغة العربية في الولايات المتحدة إلى الشرائح والفئات التالية:
    أ*- مهنيون ومتخصصون سواء كانوا دبلوماسيين أو عسكريين أو خبراء يعملون في إدارات حكومية أو خاصة تتعامل مع الشرق الأوسط.
    ب- طلاب جامعيون هدفهم البحث والعمل الأكاديمي.
    ج- دارسون من أصول عربية لديهم دوافع ثقافية بهدف التعرف والعودة إلى الجذور.
    د. شريحة هدفها اجتماعي نتيجة الزواج المختلط وغيره.
    ه - طلاب مسلمون من أصول غير عربية يريدون قراءة وفهم المصادر والعلوم الإسلامية باللغة العربية.
    ويؤكد محسن السيسي الأستاذ بجامعة جورج واشنطن ومدير برنامج اللغة العربية فيها هذا المعنى عندما يقول إن دارسي العربية في الجامعات والمؤسسات الأميركية يأتون من كل حدب وصوب، ففضلا عن الطلاب ذوي الأصول العربية أو المسلمين الذين يعيدون تشكيل هويتهم الثقافية والدينية، هناك أعداد متزايدة من الأميركيين يدرسون اللغة العربية لأسباب أكاديمية أو مهنية من دبلوماسيين وعسكريين ورجال أعمال ترتبط مصالحهم بمنطقة الشرق الأوسط مثل نموذج شركة آرامكو العاملة في مجال النفط في العربية السعودية. وأضاف السيسى الذي تزايد عدد طلاب العربية في برنامجه إلى 260 طالبا هذا العام، أن زيادة الإقبال على تعلم العربية من مختلف فئات وشرائح المجتمع الأميركي قد تزامن مع رغبة الحكومة والمؤسسات الأميركية في توفير الدعم والموارد المالية لجذب المزيد من طلاب ودارسي اللغة العربية خصوصا في ظل الأجواء السياسية والأمنية المحيط
    علاء الجبالي أستاذ اللغويات في جامعة ميرلاند ومدير برنامج منحة فلاغشب Flagship لتعليم اللغة العربية والمدعومة من الحكومة الأميركية وتشترط عمل الطالب أو الطالبة في مؤسسة حكومية لمدة عام على الأقل نظير حصوله على المنحة، يرى أن التنوع في دوافع دارسي العربية في الولايات المتحدة يكمن في الحاجة الإستراتيجية الملحة التي تمر بها المؤسسات الحكومية، لكن هذا التنوع في فئات الوافدين الجدد من الدارسين لأهداف مهنية لم يغير من واقع وجود الفئات التقليدية من الباحثين عن المعرفة والتواصل الإنساني مع ثقافات وبيئات متباينة.

    ماذا يقول الطلاب؟
    رغم أن الكثير من الدارسين والطلاب لا يمتلكون قدرة التنظير التي يمتلكها الأساتذة في تناول وتحليل الموضوع، إلا أنهم أكثر تعبيرا عن دوافعهم وأهدافهم من تعلم اللغة العربية. توجه تقرير واشنطن لاستطلاع آراء شريحة متنوعة من دارسي العربية بعضهم جامعيون وبعضهم مهنيون، منهم من ذكر اسمه وتخصصه ومنهم من فضل عدم ذكر أي معلومات شخصية.

    أظهرت نتائج استطلاع أراء هذه الشريحة من دارسي اللغة العربية أن ثلث عدد الطلاب الجامعيين ينحدرون من أصول عربية أو إسلامية. بول غبرايل Paul Gabriel يقول "ببساطة أتعلم اللغة العربية لأنني الوحيد بين أفراد أسرتي الذي لا يستطيع الحديث والتواصل معهم ومع أصدقائهم بالعربية." أما نوشين ألو Nushin Alloo طالبة الدراسات العليا التي ولدت لأسرة مسلمة، فترى أن دافعها الشخصي وراء تعلم العربية يكمن في رغبتها زيادة عدد العرب والمسلمين العاملين في الحكومة الأميركية بهدف مد جسور التفاهم بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي . وتضيف أن وجود كوادر في الحكومة تحمل كلا الثقافتين الشرقية والغربية سيؤدي بلا أدنى شك إلى تغيير وتحسين العلاقات بين الجانبيين. أما نميكا زمان التي تدرس علم البيولوجيا فتقول أن هدفها من تعلم العربية هو القدرة على فهم دينها الإسلامي على نحو أوضح.

    أظهرت أجوبة 30% من الشريحة المستطلعة آراؤهم أن الدافع من تعلم اللغة العربية دافع مهني بحت سواء بهدف البحث عن فرصة عمل جيدة أو بهدف تطوير قدراتهم الوظيفية والمهنية. الطالب الجامعي كيث منتل Keith Mantel يقول إن هدفه من دراسة اللغة العربية هو الحصول على فرصة عمل أمنية في الخارج. بينما يصرح طالب آخر أنه يسعى من خلال دراسة العربية للعمل في وكالة الاستخبارات الأميركية CIA . أما إيلان رافيل Elan Raffel المولود لأم إسرائيلية فيقول إن حلمه أن يعمل في وزارة الخارجية الأميركية. كما أنه بوصفه يهودي يزور إسرائيل يرغب في التواصل والتفاهم مع العرب في منطقة الشرق الأوسط. بينما تقول طالبة أخرى أكدت على عدم ذكر اسمها أنها كانت تعمل في الجيش منذ العام 1993 . وأن قيادتها قد رشحتها للتخصص في اللغة العربية. وكانت تلك بداية معرفتها ودراستها للغة العربية.

    أظهرت أجوبة بعض الدارسين وإن بدوا قلة بالمقارنة بالفئات الأخرى أن هدفهم من دراسة اللغة العربية أكاديمي معرفي أو رغبة في التواصل الإنساني والتقارب بين الثقافات. بل أن الصدفة البحتة في بعض الحالات قد لعبت دورا في دفع أصحابها لتعلم ودراسة اللغة العربية. أحد هواة دارسي العربية يقول إن قصته مع اللغة العربية قد بدأت عندما قرر القيام برحلة استكشافية في العالم عام1999 وكانت البداية في تونس ثم الإسكنرية وهو منذ تلك اللحظة أصبح عاشقا لدراسة اللغة والثقافة العربية. أما أنجو كابيليل Aanju Kaippallil ، فتقول إنها ولدت في المملكة السعودية لأسرة ذات أصول هندية وكانت تلك الصدفة الدافع وراء اهتمامها بدراسة العربية في الولايات المتحدة كما يمكن أن تؤثر هذه الظروف على قرار مجال عملها في العلاقات الدولية بعد إتمام دراستها. أما جيسون برونلي الحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برنستون فيرى أن اهتمامه بدراسة اللغة العربية نابع من رغبته في التحول الديمقراطي وتحسين أوضاع حقوق الإنسان والتنمية في بلدان الشرق الأوسط فضلا عن حبه للثقافة والحياة في العالم العربي.
    أشارت دراسة لجمعية دراسة اللغات المعاصرة في الولايات المتحدة إلى أن نسبة الدارسين للغة العربية بلغت 93.3%، ويعد هذا أعلى ارتفاع يشهده تدريس لغة أجنبية في الولايات المتحدة.
    وذكر راديو سوا من موقعه على الإنترنت أن الدراسة أوضحت دوافع تعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة، بأنها تتباين ما بين تأمين الحصول على وظيفة جيدة في الجيش أو وزارة الخارجية، إلى مجرد رغبة في دراسة القرآن والثقافة العربية.
    ويأتي هذا الاهتمام الملحوظ بدراسة اللغة العربية في الولايات المتحدة بعد الإقبال على تعلم اللغة بشكل كبير في الجامعات والمعاهد، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومن المتوقع أن يستمر الاهتمام بدراسة اللغة العربية، حتى لو تغيرت الأوضاع في الشرق الأوسط.
    وأضاف الراديو أن المهتمين يرون أن دراسة العربية تواجه بعض المعوقات، فإضافة إلى النقص الحاد في المدرسين المؤهلين والنطق غير المألوف للغربيين وكتابتها من اليمين إلى اليسار فإن اختلاف اللهجات بات هاجسا لدارسي اللغة.
    (المصدر: وكالة الأنباء الكويتية كونا)ما الفارق بين طلاب ما قبل وما بعد 11 سبتمبر؟
    الجبالي يرفض وصف طلاب ما بعد 11 سبتمبر بالانتهازية. ويرى أنه لا يوجد تعارض بين حرصهم على تأمين مستقبلهم الوظيفي ورغبتهم الأكاديمية والمعرفية في دراسة العالم والثقافة العربية. ويتفق السيسي مع هذا الرأي قائل إن عبارة "الباحثون عن الفرص" في إشارة إلى دارسي اللغة العربية بعد 11 سبتمبر تنطوي على الكثير من المعاني السلبية في حق هؤلاء الطلاب ، مع الأخذ في الاعتبار أن دارسي العربية ليسوا فئة أو شريحة واحدة". المسألة هنا - والحديث للسيسي- مسألة كم ليس أكثر، كما أن الأمر لا يتعدى زيادة اهتمام بالعرب والإسلام في ظل ما تعرضت له الولايات المتحدة من اعتداء. وحتى مع الافتراض الجدلي لنية وهدف الشريحة الجديدة من دارسي العربية انطلاقا من مبدأ " اعرف عدوك" ، يرى عابد أن هذا المبدأ إن وجد ربما يشتمل على نتائج إيجابية ففي البداية يكون "أعرف عدوك" ثم يصبح "اعرف الآخر" ثم "أعرف جارك ".

    ويذهب أحد الدارسين إلى أبعد من ذلك عندما يقول "أخيرا أصبح هناك هدف عملي تطبيقي من دراسة اللغة العربية بالعمل للمؤسسات الحكومية بدلا من التنظير العلمي للأكاديميين وإضاعة الوقت في حوارات المثقفين". بينما ترى طالبة أخرى أن زيادة وجود فرص عمل لدارسي اللغة والثقافة العربية والإسلامية بغض النظر عن دوافع ونوعية الدارس سيصب في النهاية في صالح الطرفين أمن الولايات المتحدة وتحسين صورة العرب والمسلمين.
    ثلاث وزارات أميركية مهتمّة باللغة العربية

    ولم يعد الاهتمام بتعليم اللغة العربية أمرا يخُص مراكز الشرق الأوسط وأقسام اللغات بالجامعات الأميركية فحسب، وإنما أصبح ضرورة من ضروريات الأمن القومي الأميركي، حيث يقوم مكتب مخابرات الأمن القومي الأميركي بالتنسيق بين جهود ثلاث وزارات أميركية، هي الخارجية والدفاع والتعليم، للدّفع باتِّجاه تعزيز تعليم اللغة العربية في نِطاق ما يُسمى المبادرة اللغوية للأمن القومي، والتي تستهدف زيادة عدد الأميركيين الذين يتعلّمون لغات أجنبية بالغة الأهمية بالنسبة للأمن القومي الأميركي وعلى رأسها اللغة العربية واللغة الفارسية وعدد من اللغات الأخرى المستخدمة في العالم الإسلامي، من خلال توسيع برامج تعليم العربية وغيرها من مرحلة الحضانة وحتى الجامعة وتشجيع العاملين في الحكومة على الانخراط في برامج لتعليم اللغة العربية.
    وتهدف المبادرة إلى تمكين أكبر عدد من الأميركيين من التَّخاطُب مع حكومات وشعوب العالم العربي والإسلامي وتشجيع برامج الإصلاح والتحول الديمقراطي وتعزيز التفاهم بكسر حواجز اللغة، وبالتالي، إتاحة الفرصة للشعوب العربية والإسلامية للتعرّف على الثقافة الأميركية بلغاتهم.
    وقد خصَّصت وزارة التعليم الأميركية 57 مليون دولارا هذا العام لتدريس اللغات الأجنبية الهامة، وعلى رأسها اللغة العربية، كما اعتمدت الوزارة 29 مليون دولار للبدء في برامج شراكة مع المناطق التعليمية والجامعات لتصميم برامج تعليم اللغات الهامة، ومنها العربية وتوفير ما لا يقِل عن ألف معلم قادرين على تدريس تلك اللغات في المدارس الأميركية.
    أما وزارة الخارجية، فقد خصصت 114 مليون دولار لتشجيع طلاب المدارس الثانوية والجامعات وطلاّب الدراسات العُليا على دراسة اللغات الأجنبية، وعلى رأسها اللغة العربية من خلال برامج عديدة، كبرنامج فولبرايت، الذي يمكِّن الطلاب من الدخول في برامج مكثَّفة في تلك اللغات لمدة ستة أشهر، وقدّمت الخارجية الأميركية مِنحا لدراسة اللغات الأجنبية الهامة خلال إجازات الصيف، بالإضافة إلى مِنح دراسية أخرى للرّاغبين في تعلّم اللغة العربية في مصر والأردن وسوريا ولبنان وتونس، وزاد عدد الطلاب الأميركيين الذين سافروا لدراسة اللغة العربية بالجامعة الأميركية بالقاهرة هذا العام على خمس مائة طالب، وكذلك تُيَسِّر الخارجية الأميركية استضافة معلِّمين من الدّول العربية لمدة عام دِراسي كامل لتدريس اللغة العربية للطلاب الأميركيين.

    ولم تتخلف وزارة الدفاع الأميركية عن ركْب الاهتمام باللغة العربية كلغة اعتبرتها الولايات المتحدة لغة إستراتيجية بعد هجمات سبتمبر الإرهابية، فقامت بتوسيع مبادرة تعليم اللغات الأجنبية، التي يُشرف عليها برنامج التعليم من أجل الأمن القومي عن طريق برامج شراكة بين الحكومة الأميركية وعدد من الجامعات الأميركية المتخصِّصة في تعليم اللغة العربية، مثل جامعة جورج تاون وجامعة ميريلاند، إدراكا لحقيقة أن الوصول إلى التحدث باللغة العربية بطلاقة نسبية يستغرق 2200 ساعة من التعليم والتدريب المكثفين.
    ماذا يقول المسؤولين
    رالف هاينز، مدير برامج التعليم الدولية في وزارة التربية والتعليم يقول: إن هناك الكثير جداً من الفرص التي تمولها الحكومة الفدرالية والمتوفرة للطلبة والأساتذة لتعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة وفي الخارج؛ ومن المألوف أن يكون ذلك إما في مصر أو سوريا أو لبنان أو تونس. وهناك حالياً 480 أميركيا يدرسون في الجامعة الأميركية في القاهرة بمصر، أي ضعفي عدد الطلبة هناك في عام 2001؛ وبين هؤلاء 40 طالباً يتلقون دروساً متقدمة في اللغة العربية من خلال مجلس الدراسات العربية في الخارج، وهو برنامج تموله الحكومة الفدرالية منذ عام 1967. وقال هاينز إن مئات الطلبة والأساتذة الذين يتمتعون بمستويات مختلفة من إتقان اللغة العربية يستفيدون حالياً من البرامج التي تمولها الحكومة الأميركية.
    وقال هاينز إن وزارة التربية والتعليم بدأت في عام 2002 بتمويل مركز موارد لغات الشرق الأوسط القومي بهدف دعم تعليم اللغة العربية في الولايات المتحدة. وأضاف أن المركز يستفيد من خبرة المتخصصين باللغة العربية في الولايات المتحدة لتعزيز الموارد والقدرات المتعلقة بتلك اللغة في جميع أنحاء البلد. ومضى إلى القول إن هناك حالياً 17 مركزاً للدراسات الشرق أوسطية و9 مراكز للدراسات الإفريقية في مؤسسات أميركية، وأن هذه المراكز هي بمثابة نماذج تُحتذى إذ تقدم للطلبة والأساتذة برامج لتعليم اللغة العربية وبرامج دراسات ثقافية ودراسات في الخارج وتواصل مع المجتمعات المحلية.
    ويشكل تعليم الأساتذة بالطبع عاملاً حاسم الأهمية في ردم الهوة الثقافية. وتوفر منح فولبرايت هيز الحكومية الإمكانية لمئات المربّين للقيام برحلات ميدانية. وفي شهر تموز/يوليو الماضي قام مركز الدراسات الشرق أوسطية في جامعة كاليفورنيا: فرع سانتا باربارا (يو سي إس بي)، للسنة الثانية على التوالي، بإرسال 28 أستاذاً إلى مصر للاشتراك في حلقات تدريب تستغرق خمسة أسابيع لتعزيز منهاجهم الدراسي في المواضيع الشرق أوسطية على مستوى جميع الصفوف. وقال المسؤول في الجامعة غاراي منيكوتشي، إن الأساتذة اجتمعوا مع معلمين مصريين ومع فعاليات من عدد من المنظمات غير الحكومية ونشطين في مجال البيئة وحضروا عدداً من النشاطات الثقافية. كما استمعوا إلى محاضرات ألقاها عدد من الخبراء مثل هبة رؤوف، من المنظمة الإسلامية غير الحكومية، إسلام-أون-لاين، التي تحدثت عن الصور النمطية المألوفة للمسلمين وكيفية التغلب على التباينات الثقافية بين الشعوب التي تدين بديانات مختلفة.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم


    بعد سنوات .. من 11 سبتمبر .. هل تغير طلاب اللغة العربية في أميركا
    الاستاذ بونايف

    عندما دخل الاتحاد السوفييتي عالم الأقمار الصناعية بإطلاق القمر الصناعي سبوتنك في عام 1957 وخلق بذلك تحدّيا جديدا في غمار الحرب الباردة، زاد اهتمام الطلاب الأميركيين بشكل مفاجِئ بتعلّم اللغة الروسية، وتكرر الموقف مع اللغة العربية في أعقاب هجمات سبتمبر عام 2001.
    فهل يعود الإقبال الشديد على تعلّم اللغة العربية في الولايات المتحدة إلى شغف مفاجئ بالتعرف على ثقافة من قاموا بتلك الهجمات، أم أن ذلك الإقبال يأتي كضرورة من ضرورات الأمن القومي على طريقة "من عرف لغة قوم أمَن شرهم"؟
    الدكتور علاء الجبالي، مدير برنامج تعليم اللغة العربية بجامعة ميريلاند ليفسِّر سِرّ زيادة عدد الأميركيين الذين يدرسون اللغة العربية، من خمسة آلاف قبل هجمات سبتمبر إلى 12 ألفا هذا العام فقال:
    "أعتقد أن مِن أهم أسباب هذه الزيادة، هو نوع من الفضول وحبّ الاستطلاع الذي سيْطر على الأميركيين بعد هجمات سبتمبر لمعرفة المزيد عن العالم العربي والعالم الإسلامي وكيف يفكِّر العرب والمسلمون، وأصبح تعلّم اللغة العربية بطبيعة الحال وسيلة بالِغة الأهمية للتعرّف على ثقافة العرب والمسلمين وكيف يفكرون. ومن الأسباب الأخرى، الأهمية الجغرافية السياسية للعالم العربي، كما أن بعض الطلاب الأميركيين يقبلون على دراسة اللغة العربية للتأهّل لعدد وفير من الوظائف الحكومية المتعلِّقة بالأمن القومي الأميركي.
    من يتعلم العربية في الولايات المتحدة
    يبلغ عدد طلاب اللغة العربية في الجامعات الأميركية في آخر أخصائية 12 ألف طالب طبقا لإحصاء الرابطة الأميركية للغات الحديثة Modern Language Association of America بزيادة 7 آلاف طالب عن العام الدراسي السابق لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. محمود البطل أستاذ اللغة العربية بجامعة إموري Emory بولاية أتلانتا يقول في مقابلة مع إذاعة صوت أميركا إن أعداد طلاب الأقسام التي تدرس اللغة العربية قد زادت بنسبة 100% بعد أحداث سبتمبر، وارتفع عدد الجامعات والمعاهد التي تقدم لطلابها فرصة تعلم اللغة العربية. وفي ظل تلك الزيادة غير المسبوقة في تاريخ تعليم اللغة العربية في أميركا توجه تقرير واشنطن إلى المتخصصين والدارسين لاستطلاع آرائهم حول أسباب هذه الزيادة ودوافع وأهداف الدارسين من وراء تعلم العربية وكيف أثرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على نوعية وطبيعة الدارسين. شكري عابد مدير برنامج اللغات في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن يقول في مقابلة مع تقرير واشنطن إنه يمكن تقسيم دارسي اللغة العربية في الولايات المتحدة إلى الشرائح والفئات التالية:
    أ*- مهنيون ومتخصصون سواء كانوا دبلوماسيين أو عسكريين أو خبراء يعملون في إدارات حكومية أو خاصة تتعامل مع الشرق الأوسط.
    ب- طلاب جامعيون هدفهم البحث والعمل الأكاديمي.
    ج- دارسون من أصول عربية لديهم دوافع ثقافية بهدف التعرف والعودة إلى الجذور.
    د. شريحة هدفها اجتماعي نتيجة الزواج المختلط وغيره.
    ه - طلاب مسلمون من أصول غير عربية يريدون قراءة وفهم المصادر والعلوم الإسلامية باللغة العربية.
    ويؤكد محسن السيسي الأستاذ بجامعة جورج واشنطن ومدير برنامج اللغة العربية فيها هذا المعنى عندما يقول إن دارسي العربية في الجامعات والمؤسسات الأميركية يأتون من كل حدب وصوب، ففضلا عن الطلاب ذوي الأصول العربية أو المسلمين الذين يعيدون تشكيل هويتهم الثقافية والدينية، هناك أعداد متزايدة من الأميركيين يدرسون اللغة العربية لأسباب أكاديمية أو مهنية من دبلوماسيين وعسكريين ورجال أعمال ترتبط مصالحهم بمنطقة الشرق الأوسط مثل نموذج شركة آرامكو العاملة في مجال النفط في العربية السعودية. وأضاف السيسى الذي تزايد عدد طلاب العربية في برنامجه إلى 260 طالبا هذا العام، أن زيادة الإقبال على تعلم العربية من مختلف فئات وشرائح المجتمع الأميركي قد تزامن مع رغبة الحكومة والمؤسسات الأميركية في توفير الدعم والموارد المالية لجذب المزيد من طلاب ودارسي اللغة العربية خصوصا في ظل الأجواء السياسية والأمنية المحيط
    علاء الجبالي أستاذ اللغويات في جامعة ميرلاند ومدير برنامج منحة فلاغشب Flagship لتعليم اللغة العربية والمدعومة من الحكومة الأميركية وتشترط عمل الطالب أو الطالبة في مؤسسة حكومية لمدة عام على الأقل نظير حصوله على المنحة، يرى أن التنوع في دوافع دارسي العربية في الولايات المتحدة يكمن في الحاجة الإستراتيجية الملحة التي تمر بها المؤسسات الحكومية، لكن هذا التنوع في فئات الوافدين الجدد من الدارسين لأهداف مهنية لم يغير من واقع وجود الفئات التقليدية من الباحثين عن المعرفة والتواصل الإنساني مع ثقافات وبيئات متباينة.

    ماذا يقول الطلاب؟
    رغم أن الكثير من الدارسين والطلاب لا يمتلكون قدرة التنظير التي يمتلكها الأساتذة في تناول وتحليل الموضوع، إلا أنهم أكثر تعبيرا عن دوافعهم وأهدافهم من تعلم اللغة العربية. توجه تقرير واشنطن لاستطلاع آراء شريحة متنوعة من دارسي العربية بعضهم جامعيون وبعضهم مهنيون، منهم من ذكر اسمه وتخصصه ومنهم من فضل عدم ذكر أي معلومات شخصية.

    أظهرت نتائج استطلاع أراء هذه الشريحة من دارسي اللغة العربية أن ثلث عدد الطلاب الجامعيين ينحدرون من أصول عربية أو إسلامية. بول غبرايل Paul Gabriel يقول "ببساطة أتعلم اللغة العربية لأنني الوحيد بين أفراد أسرتي الذي لا يستطيع الحديث والتواصل معهم ومع أصدقائهم بالعربية." أما نوشين ألو Nushin Alloo طالبة الدراسات العليا التي ولدت لأسرة مسلمة، فترى أن دافعها الشخصي وراء تعلم العربية يكمن في رغبتها زيادة عدد العرب والمسلمين العاملين في الحكومة الأميركية بهدف مد جسور التفاهم بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي . وتضيف أن وجود كوادر في الحكومة تحمل كلا الثقافتين الشرقية والغربية سيؤدي بلا أدنى شك إلى تغيير وتحسين العلاقات بين الجانبيين. أما نميكا زمان التي تدرس علم البيولوجيا فتقول أن هدفها من تعلم العربية هو القدرة على فهم دينها الإسلامي على نحو أوضح.

    أظهرت أجوبة 30% من الشريحة المستطلعة آراؤهم أن الدافع من تعلم اللغة العربية دافع مهني بحت سواء بهدف البحث عن فرصة عمل جيدة أو بهدف تطوير قدراتهم الوظيفية والمهنية. الطالب الجامعي كيث منتل Keith Mantel يقول إن هدفه من دراسة اللغة العربية هو الحصول على فرصة عمل أمنية في الخارج. بينما يصرح طالب آخر أنه يسعى من خلال دراسة العربية للعمل في وكالة الاستخبارات الأميركية CIA . أما إيلان رافيل Elan Raffel المولود لأم إسرائيلية فيقول إن حلمه أن يعمل في وزارة الخارجية الأميركية. كما أنه بوصفه يهودي يزور إسرائيل يرغب في التواصل والتفاهم مع العرب في منطقة الشرق الأوسط. بينما تقول طالبة أخرى أكدت على عدم ذكر اسمها أنها كانت تعمل في الجيش منذ العام 1993 . وأن قيادتها قد رشحتها للتخصص في اللغة العربية. وكانت تلك بداية معرفتها ودراستها للغة العربية.

    أظهرت أجوبة بعض الدارسين وإن بدوا قلة بالمقارنة بالفئات الأخرى أن هدفهم من دراسة اللغة العربية أكاديمي معرفي أو رغبة في التواصل الإنساني والتقارب بين الثقافات. بل أن الصدفة البحتة في بعض الحالات قد لعبت دورا في دفع أصحابها لتعلم ودراسة اللغة العربية. أحد هواة دارسي العربية يقول إن قصته مع اللغة العربية قد بدأت عندما قرر القيام برحلة استكشافية في العالم عام1999 وكانت البداية في تونس ثم الإسكنرية وهو منذ تلك اللحظة أصبح عاشقا لدراسة اللغة والثقافة العربية. أما أنجو كابيليل Aanju Kaippallil ، فتقول إنها ولدت في المملكة السعودية لأسرة ذات أصول هندية وكانت تلك الصدفة الدافع وراء اهتمامها بدراسة العربية في الولايات المتحدة كما يمكن أن تؤثر هذه الظروف على قرار مجال عملها في العلاقات الدولية بعد إتمام دراستها. أما جيسون برونلي الحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برنستون فيرى أن اهتمامه بدراسة اللغة العربية نابع من رغبته في التحول الديمقراطي وتحسين أوضاع حقوق الإنسان والتنمية في بلدان الشرق الأوسط فضلا عن حبه للثقافة والحياة في العالم العربي.
    أشارت دراسة لجمعية دراسة اللغات المعاصرة في الولايات المتحدة إلى أن نسبة الدارسين للغة العربية بلغت 93.3%، ويعد هذا أعلى ارتفاع يشهده تدريس لغة أجنبية في الولايات المتحدة.
    وذكر راديو سوا من موقعه على الإنترنت أن الدراسة أوضحت دوافع تعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة، بأنها تتباين ما بين تأمين الحصول على وظيفة جيدة في الجيش أو وزارة الخارجية، إلى مجرد رغبة في دراسة القرآن والثقافة العربية.
    ويأتي هذا الاهتمام الملحوظ بدراسة اللغة العربية في الولايات المتحدة بعد الإقبال على تعلم اللغة بشكل كبير في الجامعات والمعاهد، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومن المتوقع أن يستمر الاهتمام بدراسة اللغة العربية، حتى لو تغيرت الأوضاع في الشرق الأوسط.
    وأضاف الراديو أن المهتمين يرون أن دراسة العربية تواجه بعض المعوقات، فإضافة إلى النقص الحاد في المدرسين المؤهلين والنطق غير المألوف للغربيين وكتابتها من اليمين إلى اليسار فإن اختلاف اللهجات بات هاجسا لدارسي اللغة.
    (المصدر: وكالة الأنباء الكويتية كونا)ما الفارق بين طلاب ما قبل وما بعد 11 سبتمبر؟
    الجبالي يرفض وصف طلاب ما بعد 11 سبتمبر بالانتهازية. ويرى أنه لا يوجد تعارض بين حرصهم على تأمين مستقبلهم الوظيفي ورغبتهم الأكاديمية والمعرفية في دراسة العالم والثقافة العربية. ويتفق السيسي مع هذا الرأي قائل إن عبارة "الباحثون عن الفرص" في إشارة إلى دارسي اللغة العربية بعد 11 سبتمبر تنطوي على الكثير من المعاني السلبية في حق هؤلاء الطلاب ، مع الأخذ في الاعتبار أن دارسي العربية ليسوا فئة أو شريحة واحدة". المسألة هنا - والحديث للسيسي- مسألة كم ليس أكثر، كما أن الأمر لا يتعدى زيادة اهتمام بالعرب والإسلام في ظل ما تعرضت له الولايات المتحدة من اعتداء. وحتى مع الافتراض الجدلي لنية وهدف الشريحة الجديدة من دارسي العربية انطلاقا من مبدأ " اعرف عدوك" ، يرى عابد أن هذا المبدأ إن وجد ربما يشتمل على نتائج إيجابية ففي البداية يكون "أعرف عدوك" ثم يصبح "اعرف الآخر" ثم "أعرف جارك ".

    ويذهب أحد الدارسين إلى أبعد من ذلك عندما يقول "أخيرا أصبح هناك هدف عملي تطبيقي من دراسة اللغة العربية بالعمل للمؤسسات الحكومية بدلا من التنظير العلمي للأكاديميين وإضاعة الوقت في حوارات المثقفين". بينما ترى طالبة أخرى أن زيادة وجود فرص عمل لدارسي اللغة والثقافة العربية والإسلامية بغض النظر عن دوافع ونوعية الدارس سيصب في النهاية في صالح الطرفين أمن الولايات المتحدة وتحسين صورة العرب والمسلمين.
    ثلاث وزارات أميركية مهتمّة باللغة العربية

    ولم يعد الاهتمام بتعليم اللغة العربية أمرا يخُص مراكز الشرق الأوسط وأقسام اللغات بالجامعات الأميركية فحسب، وإنما أصبح ضرورة من ضروريات الأمن القومي الأميركي، حيث يقوم مكتب مخابرات الأمن القومي الأميركي بالتنسيق بين جهود ثلاث وزارات أميركية، هي الخارجية والدفاع والتعليم، للدّفع باتِّجاه تعزيز تعليم اللغة العربية في نِطاق ما يُسمى المبادرة اللغوية للأمن القومي، والتي تستهدف زيادة عدد الأميركيين الذين يتعلّمون لغات أجنبية بالغة الأهمية بالنسبة للأمن القومي الأميركي وعلى رأسها اللغة العربية واللغة الفارسية وعدد من اللغات الأخرى المستخدمة في العالم الإسلامي، من خلال توسيع برامج تعليم العربية وغيرها من مرحلة الحضانة وحتى الجامعة وتشجيع العاملين في الحكومة على الانخراط في برامج لتعليم اللغة العربية.
    وتهدف المبادرة إلى تمكين أكبر عدد من الأميركيين من التَّخاطُب مع حكومات وشعوب العالم العربي والإسلامي وتشجيع برامج الإصلاح والتحول الديمقراطي وتعزيز التفاهم بكسر حواجز اللغة، وبالتالي، إتاحة الفرصة للشعوب العربية والإسلامية للتعرّف على الثقافة الأميركية بلغاتهم.
    وقد خصَّصت وزارة التعليم الأميركية 57 مليون دولارا هذا العام لتدريس اللغات الأجنبية الهامة، وعلى رأسها اللغة العربية، كما اعتمدت الوزارة 29 مليون دولار للبدء في برامج شراكة مع المناطق التعليمية والجامعات لتصميم برامج تعليم اللغات الهامة، ومنها العربية وتوفير ما لا يقِل عن ألف معلم قادرين على تدريس تلك اللغات في المدارس الأميركية.
    أما وزارة الخارجية، فقد خصصت 114 مليون دولار لتشجيع طلاب المدارس الثانوية والجامعات وطلاّب الدراسات العُليا على دراسة اللغات الأجنبية، وعلى رأسها اللغة العربية من خلال برامج عديدة، كبرنامج فولبرايت، الذي يمكِّن الطلاب من الدخول في برامج مكثَّفة في تلك اللغات لمدة ستة أشهر، وقدّمت الخارجية الأميركية مِنحا لدراسة اللغات الأجنبية الهامة خلال إجازات الصيف، بالإضافة إلى مِنح دراسية أخرى للرّاغبين في تعلّم اللغة العربية في مصر والأردن وسوريا ولبنان وتونس، وزاد عدد الطلاب الأميركيين الذين سافروا لدراسة اللغة العربية بالجامعة الأميركية بالقاهرة هذا العام على خمس مائة طالب، وكذلك تُيَسِّر الخارجية الأميركية استضافة معلِّمين من الدّول العربية لمدة عام دِراسي كامل لتدريس اللغة العربية للطلاب الأميركيين.

    ولم تتخلف وزارة الدفاع الأميركية عن ركْب الاهتمام باللغة العربية كلغة اعتبرتها الولايات المتحدة لغة إستراتيجية بعد هجمات سبتمبر الإرهابية، فقامت بتوسيع مبادرة تعليم اللغات الأجنبية، التي يُشرف عليها برنامج التعليم من أجل الأمن القومي عن طريق برامج شراكة بين الحكومة الأميركية وعدد من الجامعات الأميركية المتخصِّصة في تعليم اللغة العربية، مثل جامعة جورج تاون وجامعة ميريلاند، إدراكا لحقيقة أن الوصول إلى التحدث باللغة العربية بطلاقة نسبية يستغرق 2200 ساعة من التعليم والتدريب المكثفين.
    ماذا يقول المسؤولين
    رالف هاينز، مدير برامج التعليم الدولية في وزارة التربية والتعليم يقول: إن هناك الكثير جداً من الفرص التي تمولها الحكومة الفدرالية والمتوفرة للطلبة والأساتذة لتعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة وفي الخارج؛ ومن المألوف أن يكون ذلك إما في مصر أو سوريا أو لبنان أو تونس. وهناك حالياً 480 أميركيا يدرسون في الجامعة الأميركية في القاهرة بمصر، أي ضعفي عدد الطلبة هناك في عام 2001؛ وبين هؤلاء 40 طالباً يتلقون دروساً متقدمة في اللغة العربية من خلال مجلس الدراسات العربية في الخارج، وهو برنامج تموله الحكومة الفدرالية منذ عام 1967. وقال هاينز إن مئات الطلبة والأساتذة الذين يتمتعون بمستويات مختلفة من إتقان اللغة العربية يستفيدون حالياً من البرامج التي تمولها الحكومة الأميركية.
    وقال هاينز إن وزارة التربية والتعليم بدأت في عام 2002 بتمويل مركز موارد لغات الشرق الأوسط القومي بهدف دعم تعليم اللغة العربية في الولايات المتحدة. وأضاف أن المركز يستفيد من خبرة المتخصصين باللغة العربية في الولايات المتحدة لتعزيز الموارد والقدرات المتعلقة بتلك اللغة في جميع أنحاء البلد. ومضى إلى القول إن هناك حالياً 17 مركزاً للدراسات الشرق أوسطية و9 مراكز للدراسات الإفريقية في مؤسسات أميركية، وأن هذه المراكز هي بمثابة نماذج تُحتذى إذ تقدم للطلبة والأساتذة برامج لتعليم اللغة العربية وبرامج دراسات ثقافية ودراسات في الخارج وتواصل مع المجتمعات المحلية.
    ويشكل تعليم الأساتذة بالطبع عاملاً حاسم الأهمية في ردم الهوة الثقافية. وتوفر منح فولبرايت هيز الحكومية الإمكانية لمئات المربّين للقيام برحلات ميدانية. وفي شهر تموز/يوليو الماضي قام مركز الدراسات الشرق أوسطية في جامعة كاليفورنيا: فرع سانتا باربارا (يو سي إس بي)، للسنة الثانية على التوالي، بإرسال 28 أستاذاً إلى مصر للاشتراك في حلقات تدريب تستغرق خمسة أسابيع لتعزيز منهاجهم الدراسي في المواضيع الشرق أوسطية على مستوى جميع الصفوف. وقال المسؤول في الجامعة غاراي منيكوتشي، إن الأساتذة اجتمعوا مع معلمين مصريين ومع فعاليات من عدد من المنظمات غير الحكومية ونشطين في مجال البيئة وحضروا عدداً من النشاطات الثقافية. كما استمعوا إلى محاضرات ألقاها عدد من الخبراء مثل هبة رؤوف، من المنظمة الإسلامية غير الحكومية، إسلام-أون-لاين، التي تحدثت عن الصور النمطية المألوفة للمسلمين وكيفية التغلب على التباينات الثقافية بين الشعوب التي تدين بديانات مختلفة.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم

    بالمناسبة, البحث منقول وليس من جهدي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم




    دعت مديرة المدرسة الخاصة بالإسكندرية أولياء الأمور إلى الاجتماع ، وطلبت منهم منع أطفالهم من الحديث باللغة العربية في البيت، ومعاقبتهم عن طريق الحرمان من المصروف إذا وقعوا في المحظور ونطقوا بغير الإنجليزية.

    لولا إنني سمعت القصة بأذني من قريبة لي لما صدقتها، ولست أخفي أنني من فرط الدهشة ما زلت رافضاً لتصديقها، وغير قادر على استيعاب التفاصيل التي سمعتها. ومنها مثلاً أن هذه المدرسة الابتدائية تتقاضى لقاء قطع اللسان العربي أربعة آلاف دولار في الفصل الدراسي الواحد (ما يعادل 14 ألف جنية). وإنها لكي تحقق هذا الهدف على اكمل وجه، لم تكتف بالتدريس طوال اليوم باللغة الإنجليزية، وإنما أيضاً بثت عيوناً بين التلاميذ في فترات الراحة (الفسحة) لمراقبة التزامهم بمخاصمة الحرف العربي، والتبليغ عن كل من سولت له نفسه أن يتحدث بلغة بلده!

    قريبتي سألت مديرة المدرسة ببراءة: إذا لم يتحدث الأولاد والبنات باللغة العربية في المدرسة، ومنعناهم وعاقبناهم إن هم تحدثوا بها في البيت، فأين يتعلمونها إذن؟ كان رد المديرة أن تعليمهم الإنجليزية هو الأهم، وأن ملاحقة التلاميذ على هذا النحو هو الوسيلة الوحيدة لتمكينهم منها في مبتدأ حياتهم، أما اللغة العربية فالمفترض أن يعرفونها أصلاً. ولما كان ذلك هو موقف المدرسة وقرار إدارتها، فلم يكن خيار أمام من لا يعجبه هذا الأسلوب إلا أن يخرج ابنه أو ابنته منها، وهو ما فعلته قريبتي!

    كنت قد قرأت ذات مرة مقالاً حول الموضوع للزميلة الأستاذة صافيناز كاظم، روت في مستهله قصة واحد من رجالات الانفتاح فيما يبدو، ذهب إلى مدير إحدى المدارس الخاصة مصطحباً ابنه الصغير وقال له: علمه إنجليزي أو فرنسي أو طلياني، علمه أي لغة، لكن لا تعلمه شيئاً بالعربية! آنذاك اعتبرت القصة \"نكتة\" أردات بها زميلتنا أن تسخر من الذين أصابتهم اللوثة المبتدعة، فارتموا على كل ما هو غربي بما في ذلك لغاتهم، وذهبوا في انخلاعهم من هويتهم إلى حد مخاصمة اللغة العربية.

    حين سمعت قصة مدرسة الإسكندرية، استعدت على الفور ما كتبته زميلتنا صافيناز، فاتصلت هاتفياً بها وسألتها عما إذا كان الذي أشارت إليه كان قصة حقيقية أم \"نكتة\" فكان ردها أن الأمر لم يكن أكثر من سخرية سجلها أحد رسامي الكاريكاتير فاستخدمتها في مقالها. عندئذ قلت إن الذي كان نكتة بالأمس، تحول إلى حقيقة أشد مرارة اليوم - كما في النكتة - ولكنه بلغ حد معاقبة من ينطق بها من التلاميذ، حتى في بيته، كما دلت الحقيقة: (هذه هي الحقيقة التي يقال إنها أغرب من الخيال؟)

    لقد كتبت في موضوع أزمة اللغة العربية في بلادها منذ ثلاثة أسابيع منبهاً أنها من علامات انكسار الأمة، واستشهدت في ذلك بمقولة بليغة لابن حزم نبه فيها إلى أن اللغة يسقط أكثرها بسقوط همة أهلها - الأمر الذي يعني أن محنتنا - في عمقها - ليست في عثرات اللسان، وإنما هي في اعوجاج عموم الحال. قلت أيضاً إن الدفاع عن اللغة الوطنية هو دفاع عن الذات، وأن احترامها هو احترام للذات، وانتهاك حرمتها من أعمال احتقار الذات.

    جلب إلىَّ هذا المقال ردوداً متعددة، جاءت احتجاجية في أغلبها. بعض أولياء الأمور بعثوا يشكون من المدى الذي بلغه الازدراء باللغة العربية في المدارس الخاصة ونفر من أساتذة الجامعات كتبوا عن أزمة الأجيال الجديدة التي تدرس بالإنجليزية ويقل استيعابها من جراء ذلك.

    ولما وجدت الشكاوى تنهال علىَّ من كل صوب، شجعني ذلك على أن أسجل شكوى ضد وسائل الإعلام العربية، وفي مقدمتها الصحافة، التي أصبحت تشارك في العدوان على اللغة العربية بشكل يومي.

    بينما الرسائل تتوالى، قرأت في \"أهرام الجمعة\" (20/8) خبراً نشر على الصفحة الأولى، يقول إن التلفزيون الفرنسي سوف يبث حلقات مسلسل جديد تحت عنوان: \"عندما كان العالم يتحدث العربية\" وأن إعداد تلك الحلقات كان ثمرة تعاون بين التلفزيون الفرنسي ومجلس السفراء العرب في باريس، ومنظمة اليونسكو.

    ما إن قرأت الخبر حتى انتابني شعور اختلط فيه الترحيب بالأسف، وقلت: ليت المسلسل يذاع في بلادنا، حتى يستعيد أهلنا ثقتهم بأنفسهم واعتزازهم بحضارتهم، واحترامهم للغتهم التي كانت أداة التعبير عن تلك الحضارة العظيمة.

    على صعيد آخر، فقد اتصل بي بعض المثقفين الغيورين على الهوية العربية، الذين استفزهم العدوان الواقع عليها، وأبدوا رغبة في رفع قضية \"حسبة\" يطالبون فيها بتنفيذ القرار الجمهوري الصادر في مصر عام 1958، الذي يوجب استعمال اللغة العربية في المكاتبات واللافتات، ولأن الجوانب القانونية للقضية تحتاج إلى دراسة، خصوصاً بعدما أعيد تنظيم قضايا الحسبة، بحيث لم يعد ممكناً رفعها إلا في حالات الضرر المباشر، فقد اقترحت عليهم أن يدرسوا الأمر مع المحامين المختصين، للاتفاق على التكييف القانوني للمسألة قبل اللجوء إلى القضاء.

    عندما تراكمت هذه الأصداء والتصورات لم يعد هناك مفر من العودة إلى الموضوع مرة ثانية، لإعادة دق الأجراس والإبقاء على ملف الأزمة مفتوحاً.

    ليس مفهوماً ذلك السكوت على مهانة اللغة القومية في المدارس الخاصة على النحو الحاصل الآن؟ ولماذا لا يكون هناك قرار حاسم بأن يكون التدريس في مراحل التعليم باللغة العربية، وأن تعامل الإنجليزية كلغة أجنبية أو لغة ثانية. ذلك أن هناك فرقاً جوهرياً بين دراسة الإنجليزية وغيرها كلغة وبين دراسة المناهج المختلفة بالإنجليزية بديلاً عن العربية. والأولى مطلوبة ومهمة لا ريب، أما الثانية فهي المحظور الذي ندعو إلى عدم الوقوع فيه، لضرره المحقق بإدراك الطفل وشخصيته.

    لقد عبر الآباء والأمهات الذين كتبوا إلىَّ عن حيرتهم البالغة وقلقهم على أبنائهم، فثقتهم ضعيفة أو معدومة في مدارس التعليم العام. وفي نفس الوقت فإنهم ليسوا سعداء بما يتلقه أيناؤهم وبناتهم في المدارس الخاصة. أفاض في هذا الجانب رجل الأعمال الدكتور ممدوح قمحاوي الذي قال: إن التلميذ في المدارس الحكومية لا يتعلم شيئاً، ولكنه في المدارس الخاصة \"قد\" يتعلم لكنه يخسر نفسه في النهاية لقاء ذلك!

    أدري أن مهانة اللغة ليست في المدارس الخاصة وحدها، ولكن المدارس الحكومية كانت \"رائدة\" في ذلك للأسف خصوصاً حين خفضت الدرجات المرصودة للعربية إلى النصف. كذلك فإن المدارس الخاصة ما كان لها أن تذهب إلى ما ذهبت إليه إلا إذا كانت أيضاً تلبي رغبة أو نزوة اجتاحت المجتمع، وأصابته بلوثة الرطانة الإنجليزية.

    والأمر كذلك فيما يحدث في المدارس الخاصة يعد مسلكاً متطرفاً يعكس الحاصل في المجتمع بأسره، وهو من عموم البلوى في كل الأحوال. لذلك فلسنا نطمع في رفع البلاء ورد القضاء - إذا كان قضاء بحق - ولكننا فقط ندعو إلى اللطف فيه، على الأقل عن طريق وقف تلك الحرب المعلنة على اللغة العربية في البيت بعد المدرسة!

    المسؤول المباشر عن التعامل مع الملف على هذا المستوى هو وزارة التربية والتعليم. وليس عندي تفسيراً لتراخيها في الدفاع عن اللغة الوطنية، بينما نجدها تذهب بعيداً في التحوط لمكافحة ما تعتبره مظاهر للتطرف. الأمر الذي يوحي بأن انشغالها بالتكوين الثقافي للأجيال الجديدة. وقد كان مثيراً للدهشة في هذا الصدد أنه حينما دعت الدكتورة نعمات فؤاد إلى تدخل المجتمع وتحركه للدفاع عن لغته، عن طريق إعادة فتح \"الكتاتيب\" التي كان لها الفضل في ضبط اللسان العربي والتمكين للغة الوطنية في المجتمع المصري منذ قرون، عن طريق تحفيظ القرآن الكريم للأطفال في سن الحضانة وقبل الانخراط في سلم التعليم.

    حينما فعلت أستاذتنا ذلك انبرى لها البعض محاولين تسفيه الكلام والسخرية، منه في الأغلب لدوافع مشكوك في براءتها. وقد خلط الناقدون بين الفكرة وهي جيدة ولها إيجابيات كثيرة وبين أسلوب تنفيذها الذي هو بحاجة للتطوير. ونسوا أن الأسلوب كان ابن زمانه، وأن القسوة في التعليم والتحفيظ لم تكن مقصورة على الكتاتيب وحدها، وإنما كانت أسلوباً شائعاً في كافة مدارس ذلك الزمان. أما الذين مطوا شفاههم ولووا أعناقهم لمجرد سماعهم اسم \"الكتاتيب\" وفضلوا \"الكندر جاردن\" هؤلاء لا أعرف عمن يعبرون في المجتمع، وأزعم أنَّ ما لديهم ليس منطقاً أو حجة، وإنما هي \"حساسية\" سمع ليس الحوار أفضل وسيلة لعلاجها.

    لقد حثت المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) أمم الأرض قاطبة، وطبقاً لتقارير أعدها خبراؤها، لأن تدرس كل منها العلم بلغتها لأبنائها، إذا كانت تريد أن تشارك في تكوين العلماء وإفرازهم، ذلك أن أقصى ما تصل إليه الأمم المستعيرة للغة ما في العملية التعليمية. أن تستوعب بعض ذوي الاختصاص منها بعضاً مما وصل إليه أهل الفهم من الأمم الأخرى صاحبة السبق، التي خاض كل منها معركة العلم بأقوى سلاح لديها، وهي لغتها القومية. هذه الفقرة أوردها الدكتور محمود عز الدين قاسم مدرس الجراحة في كلية طب القاهرة، في رسالة غنية، لا يتسع المقام لنشر نصها، ومن الملاحظات والأفكار المهمة التي تضمنتها ما يلي:

    gإن مؤلف كتاب \"الإسلام الحربي\" - العلم الإنجليزي ج. جانسن - تحدث عن أهمية دور الفصل الدراسي في تمتين وثبات الشخصية العربية، وقال إن الدراسات التي أجراها الإنجليز والفرنسيون في بداية القرن حول هذا الموضوع لاحظت أن تعليم الطفل العربي له دور في تعزيز تماسكه وصلابته في طفولته المبكرة، قبل سن الخامسة، كأن يتعلم (في الكتاتيب التي سخر منها أصحابنا!) القراءة والكتابة ويختم حفظ القرآن، الذي يحتوي على أهم وأوضح التراكيب اللغوية، فيتقنها ولم يزد عمره على السادسة، ثم يستكمل إتقانه للغة فيما بعد لدى تعلمه قواعد نحوها وصرفها وترسخها في ذهنه بحفظ ألفية ابن مالك، وبذلك يتفوق الطفل العربي على غيره بعد ذلك التأسيس، الذي ينطلق بعده لينهل من بحور العلم، فيكون له شأن آخر - لذلك - أضاف الدكتور محمود قاسم - فمن أهم ما عنى به الاستعمار الإنجليزي والفرنسي - لتثبيت أقدامهما - هو تفكيكه المنظمة التعليمية في العالم العربي والإسلامي.

    gبالتجربة العملية ثبت أن دارسي التخصصات الدقيقة في الطب والهندسة والتطبيقات مثلاً ينفقون جزءاً كبيراً من وقتهم في استيعاب اللغة الثانية (الإنجليزية)، بحيث يذهب جزء كبير من وقتهم وجهدهم في محاولة استيعاب ما يقرؤون، وكثيراً ما يسيئون فهم المعلومات، وهو ما يجعل أكثر من نصف الخريجين محدودي المستوى في تحمل المعلومات. والوقت الذي يقضيه الطالب أو الباحث في قراءة كتاب بلغة أجنبية، يستثمره أقرانه من الدارسين بلغاتهم القومية في قراءة كتابين أو ثلاثة.

    gفي مصر، أنشئت حديثاً كلية الزراعة الدولية، وقبلت خريجي المدارس الإنجليزية وحدهم، وتم تدريس المقرر العادي لهم ولكن باللغة الإنجليزية - ولكن التجربة فشلت فشلاً ذريعاً؛ لأن نسبة النجاح بين طلاب الصف الأول في نهاية العام لم تتجاوز 8% والحاصل في كلية الزراعة ليس أسوأ مما حدث في الكليات الجامعية الأخرى التي بدأت تدريس مناهجها لبعض الطلاب بالإنجليزية.

    gإن حرص الدول على التعليم بلغاتها القومية أصبح الآن أصلاً ثابتاً ومستقراً حتى إن الولايات المتحدة التي تملك 142 كلية طبية تعلم سكان بورتوريكو بالأسبانية لأنها لغتهم الأصلية. وهو ما فعله الاتحاد السوفيتي (سابقاً) الذي كانت لغته الروسية، ولكنه علم أبناء جمهورياته الإسلامية وغيرها بلغاتهم المحلية. وهو الحاصل في الصين أيضاً، وفي كندا الخاضعة للتاج البريطاني، تدرس مناهج التعليم في إقليم كويبك الناطق بالفرنسية؛ لأنها لغة سكان ذلك الإقليم.

    في صيف عام 97 عقدت في العاصمة المغربية الرباط مائدة مستديرة شارك فيها عدد من الخبراء لمناقشة مسؤولية الإعلام في تشويه اللغة العربية. وانطلقت ورقة الندوة من التسليم بأن للإعلام إسهاماً غير قليل في إحداث ذلك التشويه، ومن ثم كان السؤال الجوهري المطروح للمناقشة هو: كيف يقوم الإعلام بدوره المسؤول في الحفاظ على اللغة الوطنية وليس في العدوان عليها وتشويهها.

    في المشرق، وفي مصر خاصة، نحن بحاجة إلى الانتباه إلى ذلك البعد، والاعتراف بأن الإعلام يرتكب هنا الخطيئة، وأزعم أنها خطيئة مزدوجة لا يمارس فيها العدوان والتشويه بحق اللغة العربية فحسب، ولكنه يمارس بحق اللغة العامية أيضاً. فالأولى تهان والثانية تبتذل، حتى أنها كثيراً ما تجنح إلى السوقية والإسفاف، متجاوزة العامية والراقية والمحترمة.

    لقد أصبحت الأخطاء النحوية من سمات الخطاب الإعلامي في زماننا، وصارت لدينا برامج تحمل أسماء أجنبية، ومسلسلات حافلة بالعبارات المسفة التي تنتقل إلى ألسنة الناس، ويتم تعميمها وتداولها على أرصفة الشوارع، وأصبحت العامية المبتذلة لغة للكتابة في بعض الصحف، حتى لم يعد هناك فرق بين ما تنشره تلك الصحف وما يتم تداوله في الأزقة وعلى المقاهي (زمان كان الكاتب يسمى أديباً!)

    لقد أصبحت إعلانات الصحف تجسد المأساة، وصار بعضها مستفزاً ومثيراً للغثيان، ففضلاً عن الأخطاء النحوية الفاضحة التي تظهر في إعلانات مؤسسات كبرى عريقة، البنك الأهلي المصري مثلاً، فإن العامية السوقية التي تسربت إليها، فضلاً عن الإيحاءات المبتذلة التي تشبه تلك التي \"يضم\" بها بعض المخرجين أفلام ومسرحيات القطاع الخاص، وليس بمقدوري هنا أن أعرض نماذج لتلك الإعلانات \"البذيئة\" التي تنشرها صحف محترمة للأسف، لكن هناك إعلانات أخرى يحتمل المقام والسياق نشر بعض فقرات منها، إذ يقول مثلاً: عاوز تجرب الشاورمة اللي تجنن وبعد كده تقعد وتنبسط وأنت بتشرب الشيشة المتميزة؟ شرفنا بالزيارة في المطعم الفلاني! - لو عاوز محل مالوش حل (إعلان عن سوق جديد) - يخلي الدنيا ترقص حواليك، والنوم ما يعرفش عينيك (إعلان عن تلفزيون) - تحت صورة يقف فيها شاب وسط ست فتيات مراهقات كتبت العبارة التالية: للأسف ما تشيلش أكثر من 600 وفي ركن جانبي من الإعلان ظهرت عبارة أخرى تقول: خلي الشباب يبص! (إعلان عن سيارة صغيرة جديدة تضمن دعوة إلى ممارسة الفعل الفاضح!).

    إن الإعلام بحاجة ملحة لأن يراجع خطابه احتراماً لرسالته، واللغة التي ينطق بها.

    يؤثر عن الشاعر الجزائري الشهير مالك حداد قوله: أنا النفي في اللغة الفرنسية؛ لأن لسانه العربي قطع منذ صغره، وفرض عليه المستعمرون لغتهم الفرنسية. وحين كتب الأديب الفرنسي لوي أراجون في الخمسينات أن أعذب شعر قرأه هو ما نظمه مالك حداد، فرد عليه قائلاً: أنا أرطن ولا أتكلم، إنني معقود اللسان، نعم يا أراجون إنني لا أغني، ولو كنت أعرف الغناء لقلت شعراً عربياً .. وهذه مأساة لغتي. لقد شاء الإنسان أن يكون في لساني آفة، في لساني عاهة .. ولا تلمني يا صديقي إذا لم يطؤبك صداحي .. لقد كنت في طفولتي أنادي أمي: ياما. أما في شعري فأقول عنها: مامير .. أماه، ياما، هل يمكن أن يكون اسمك مامير ؟!

    إن البعض يريد أن يشوه لساننا العربي أو يقطعه، وتلك من \"علامات الساعة\" الثقافية والحضارية، إذا جاز التعبير.

    ويل لأمة اغتصب لسانها واستسلمت لما يفعل به!
    الكاتب:فهمي هويدي



  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم


    تقرير حول ندوة الاستقلال الفكري والاقتصادي والقانوني بالرباط


    تخليدا لذكرى يوم تقديم وثيقة الاستقلال نظمت للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع الرباط ندوة تحت عنوان '' من وثيقة الاستقلال إلى الاستقلال الثقافي والاقتصادي والقانوني'' وذلك يوم الأحد 10 يناير 2010 في رحاب كلية العلوم بجامعة محمد الخامس ـ أكدال ـ الرباط
    وقد عرفت الندوة مشاركة أساتذة ومختصين في الشأن الحقوقي والاقتصادي والفكري، تناولوا فيها التطورات التي عرفها المغرب في فترة الاستقلال مؤكدين على ضرورة تحصين المكتسبات المتصلة بتثبيت الهوية، بما فيها وضعية اللغة العربية ومكانتها في المؤسسات الرسمية للدولة.
    وفي هذا الإطار دعا الأستاذ عبد الرحمن بنعمرو في بداية مداخلته الشعب المغربي إلى أن يكون في مقدمة المدافعين عن مقوماته، وعلى رأسها اللغة العربية. ذلك أن الأخيرة لا تتوفر على حماية قانونية كافية، بالرغم من أن الدستور يعتبرها اللغة الرسمية للبلاد. وقد أعاز المتدخل سبب الوضعية الراهنة للغة العربية إلى حرص وسعي القوى الاستعمارية السابقة، وبكل ما
    تتوفر لديها من إمكانات، لفرض لغتها في جميع المجالات من تعليم وإدارة ومؤسسات .. وذلك لضمان التبعية الاقتصادية، ومستعينة لهذا الغرض بالجانب الثقافي. وقد أحال الأستاذ في مداخلته على مجموعة من القضايا التي رفعها ضد شخصيات ومؤسسات مغربية, من اجل إنصاف اللغة العربية , مبديا عدم رضاه عن الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية.

    أما الأستاذ عمر الكتاني الخبير الاقتصادي وأستاذ بجامعة محمد الخامس فقد تعرض في بداية مداخلته لمفهوم الاستقلال من الناحية الاقتصادية, مقسما إياه إلى عنصرين: استقلال اقتصادي واستقلال القرار الاقتصادي. واعتبر هذا الأخير مرحلة أولى نحو الاستقلال الاقتصادي, ومن ثم اتخاذ سياسة التامين وسياسة المغربة, أي مغربة الأطر والرأسمال. إلا انه اعتبر أن المغرب لم يحقق الاستقلال الاقتصادي لأنه لم يستثمر في الإنسان والبحت والعلمي واللغة والتعليم .. وخلص أخيرا إلى أن السيادة في المغرب من الناحية الاقتصادية, ضعفت بسبب دخول الشركات المتعددة الجنسية في الخصخصة, وتفويت
    الخدمات للأجانب مع هيمنة المكاتب البحثية الأمريكية, والتي حددت أهم التوجهات الاقتصادية للبلاد, وهي : '' ماكينزي'' و ''ايرنيس اينيونغ'' ودار الهندسة '' انترناسيونال'' واعتبر أن درء هده المخاطر ,تأتي عن طريق دمقرطة المؤسسات ,من قضاء وبرلمان وفصل للسلط والاحتفاظ بالاستقلالية المالية للدولة, وعدم الولوج إلى المؤسسات المالية الأجنبية .مؤكدا على
    أن هده الخطوات من شانها تحقيق الاستقلال الاقتصادي للمغرب .

    ومن جهته تناول الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي, وهو نائب برلماني وأستاذ جامعي, الجانب الفكري والثقافي. مستهلا كلمته بتحية لرافعي وثيقة الاستقلال, تم متحدثا عن الخطة الاستعمارية التي تمثلت في الدراسات الكولونيالية, والتي أعادت تشكيل الثقافة المغربية, فارضة اللغة الفرنسية واعتبار اللغة العربية لغة كلاسيكية وان اللغات الحية هي الدارجة والأمازيغية . معتبرا أن السياسة التعليمية شيء وان الانفتاح على الآخر شيئا آخر ,سواء أكان في البحت العلمي أو الدبلوماسية أو التجارة الخارجية أو الترجمة .. ليختم كلمته بقوله '' إنني لأعجب لأمة فيها رجل كطه عبدالرحمن المنظر الأكبر وفيها فصام مرضي بين انتمائها وهويتها المزعومة وبين ولائها للغة الفرنسية ''
    كما عرفت الندوة تكريما للأستاذ موسى الشامي, وهو رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية, على نضاله لسنوات في سبيل حماية اللغة العربية . وسط كلمات وشهادات لأساتذة وفنانين ممن عايشوا الأستاذ طيلة مرحلة عطائه, وفي كلمة له شكر الجميع على هدا التكريم وأعلن عن ولادة جمعية فرونكوفونية في القريب العاجل تحمل مشعل الدفاع عن اللغة العربية.
    ----
    فؤاد بوعلي - الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية

    المصدر
    http://www.blafrancia.com/print/690

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم

    " إنهم يشوهون وعي أمتنا"
    مقال كتبه: الأستاذ/ فهمي هويدي


    سامحونا إذا أصررنا على مواصلة النفخ في القربة المقطوعة، ووقفنا في مكاننا نحاول رد الاعتبار ورفع المهانة عن لغتنا الوطنية، ولغة الأمة التي ننتمي إليها.
    كثيرة هي الخدع الثقافية التي استسلمنا لها ووقعنا في حبائلها. ثم انتبهنا إلى مخاطرها. لكن الخدعة التي ما زال استسلامنا لها يدهشني، هي تلك التي أوهمتنا بأهمية وجدوى التدريس في جامعاتنا باللغة الإنجليزية. (بالمناسبة تلقيت خطاباً من طالب تخرج في المدارس الفرنسية. احتج فيه على التدريس بالإنجليزية وتساءل: لماذا لا ندرس بالفرنسية، خصوصاً وأننا دولة فرانكفونية ؟!)
    وقد أثلج صدري أنني وقعت على بحثين بالغي الأهمية في تحرير مسألة جدوى التدريس في الجامعات باللغة الإنجليزية، أعدهما اثنان من أساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة، هما الدكتور سعد الراجحي، والدكتور أمير بيومي. ولست أبالغ إذا قلت أن البحثين حافلان بالاكتشافات التي تقدم للقارئ وتدعوه إلى إعادة التفكير في أمور كثيرة مما يعتبرها البعض مسلمات مستقرة ومحسوماً أمرها.
    موضوع البحث الأول هو "كفاءة التعليم الهندسي بلغة أجنبية" وقد اعتمد على دراسة حالات 1500 طالب بالسنة الإعدادية في الكلية، حصلوا لتوهم على الثانوية العامة، و 1500 شخص آخرين ممن أنهوا دراسة الهندسة وحصلوا على البكالوريوس، وتقدموا للدراسات العليا، ثم 400 من أعضاء هيئة التدريس بالكلية من الحاصلين على شهادة الدكتوراه بطبيعة الحال.
    الملاحظة الأولى التي سجلتها دراسة حالات طلاب السنة الإعدادية أو طلاب الدراسات العليا الذين يفترض أنهم درسوا مناهج باللغة الإنجليزية في الكلية على مدى خمس سنوات. أن المستوى العام ضعيف في اللغة الإنجليزية للجميع، حتى إن 60% فقط من طلاب مدارس اللغات في مصر هم الذين يجتازون امتحان "ميتشجان" للقبول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، و 40% من هؤلاء يحتاجون إلى مقررات تأهيلية خاصة. أما خريجوا المدارس الثانوية العادية (الحكومية) فلا يجتاز أحد منهم ذلك الامتحان وقليلون منهم يحصلون على درجات تمكنهم من الالتحاق بالمقررات التأهيلية. وهؤلاء خريجوا المدارس الثانوية العامة يمثلون غالبية الطلاب الملتحقين بكليات الهندسة بمصر
    بالنسبة لطلاب الدراسات العليا وهذه هي الملاحظة الثانية فإنهم حين يتقدمون للالتحاق ببعض الجامعات الأمريكية، فإنها تشترط عليهم الحصول على مستوى معين من الدرجات في الامتحان المعروف باسم "تويفل". وقد لاحظ الباحثان أن أغلب المصريين المتقدمين لذلك الامتحان، ومعظمهم من أوائل الخريجين، يضطرون إلى إعادته عدة مرات قبل الحصول على الدرجات المطلوبة.
    وفي الواقع. كما قرر الباحثان فإنهم يحصلون في النهاية على تلك الدرجات من خلال الاعتياد على نوعية الأسئلة، وليس نتيجة لتمكنهم من اللغة الإنجليزية.
    رأى 67% من الطلاب والخريجين الذين شملهم الاستبيان أن مستوى أعضاء هيئة التدريس جيد في اللغة الإنجليزية، بينما ذهب الباقون إلى أن مستواهم متوسط أو ضعيف.
    كما تبين أن 57% من أعضاء هيئة التدريس حصلوا على الدكتوراه من دول تتكلم الإنجليزية، بينما حصل 43% منهم على شهاداتهم من دول لا تتكلم الإنجليزية.
    الملاحظة الثالثة لها أهميتها خاصة، وكانت حول تقدير حاجة الخريجين إلى اللغة الإنجليزية. إذ المفهوم والشائع أن تدريس الهندسة باللغة الإنجليزية هدفه تأهيل الطلاب للقراءة والاطلاع على المراجع الإنجليزية بعد التخرج، وكذلك التعامل مع هذه اللغة حسب حاجة العمل. غير أن نتائج الاستبيان قللت كثيراً من أهمية هذا الجانب، واعتبرته من قبيل الإسراف في التمني أو الوهم كيف؟ تبين أن 42% فقط من الخريجين الذين شملهم الاستبيان قرأوا أقل من ثلاثة كتب منذ تخرجهم، أي خلال سبع سنوات في المتوسط.
    تبين أيضاً أن 32% فقط من هؤلاء الخريجين احتاجوا إلى التعامل أحياناً. "لاحظ أحياناً هذه". في عملهم مع بعض الأجانب في مصر.
    تبين كذلك أن 16% فقط من هؤلاء الخريجين سافروا إلى الخارج لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر، وهي المدة التي تستلزم إجادة سابقة للغة.
    الملاحظة الرابعة والأخيرة مفاجأة بدورها، فقد دلت نتائج الاستبيان فيما يشبه الإجماع على أنشطة التعليم المختلفة. باستثناء الامتحانات. لا تتم عملياً باللغة الإنجليزية كما هو مفترض من الناحية الرسمية. صحيح أن الكتب والمذكرات مدونة باللغة الإنجليزية، إلا أن الشرح في كل ساعات التدريس (3750 ساعة من المحاضرات والتمارين) يتم في مرحلة البكالوريوس باللغة العربية، بينما تنطلق المصطلحات فقط باللغة الإنجليزية. في الوقت ذاته، رأى 53% من أعضاء هيئة التدريس الذين شملهم الاستبيان أن الطلاب لا يستوعبون معاني المصطلحات بل يحفظونها دون فهم. وقد دفع ذلك أساتذة الفيزياء للتدريس في السنة الأولى باللغة العربية رسمياً ضماناً لفهم الطلاب للمصطلحات والمفاهيم.
    بل قرر 25% من أعضاء هيئة التدريس الذين شملتهم عينة الاستبيان أنهم يسمحون للطلاب باستخدام خليط من اللغة العربية واللغة الإنجليزية للإجابة عن أسئلة الامتحانات حتى لا تقف اللغة حائلاً أمام معرفة مستواهم الحقيقي في موضوع الامتحان، وفي نفس الوقت قرر نحو 25% من الطلاب والخريجين أنهم اضطروا إلى استخدام اللغة العربية في إجاباتهم.
    وذهب كثير من الطلاب إلى أن لجوءهم إلى الدروس الخصوصية يرجع إلى حاجاتهم إلى تلخيص المذكرات والكتب وفهم المقصود من أسئلة الامتحانات التقليدية باللغة الإنجليزية!
    في النهاية خلص الباحثان إلى حقيقة لافتة للنظر، هي أن عدم انخفاض مستوى الطلاب في الهندسة ذاتها يرجع إلى أن الإنجليزية لا تستخدم بالفعل في التدريس، وأن اهتمامها بموضوع لغة التعليم مرده القلق على كفاءة استخدام ساعات التدريس (3750 ساعة في مرحلة البكالوريوس) وعلى الوقت والجهد والمال الضائع في الدروس الخصوصية، التي يعتبر استخدام الإنجليزية رسمياً أحد أسبابها البارزة.
    إزاء ضعف مستوى الطلاب في اللغة الإنجليزية، ووجود تساؤل حول مستوى بعض الأساتذة، وإزاء اكتشاف حقيقة أن أغلب المواد تدري عملياً بالعربية بينما يحفظ الطلاب مصطلحاتها فقط باللغة الإنجليزية، دون استيعاب كافِ لمضمونها. وبعد ما تبين أن استخدام الخريجين للغة الإنجليزية في الاطلاع أو مزاولة المهنة محدود جداً، فإن هذه المؤشرات تثير سؤالاً كبيراً حول الفائدة الحقيقية من الاستمرار في تعليم الهندسة بالإنجليزية (السؤال ذاته يثار حول تعليم الطب أيضاً).
    وفي رأي الدكتور سعد الراجحي أن المضي على ذلك الدرب فيه خداع للنفس، بقدر ما فيه من إهدار للوقت والمال والطاقات. إنه بعدما ثبت أن القاعدة العريضة والأساسية للمهندسين الذين يمثلون 90% من الخريجين ليسوا مضطرين للتعامل بالإنجليزية، وأن من لهم بها حاجة حقيقية لا تتجاوز نسبتهم عشرة في المائة فقط من أولئك الخريجين، وهو ما يعني أننا نقيم نظاماً تعليمياً يستجيب لرغبات الأقلية الاستثنائية، ونرسم سياستنا التعليمية ليس على ضوء مصالحنا الحقيقية، ولكن دائماً امتثالاً لضغوط تلك الأقلية ذات الصوت العالي.
    الدراسة الثانية طريفة ومثيرة. طريفة لأنها تتبع آراء الطلاب ذوي الخلفيات الثقافية المختلفة أثناء دراستهم في كلية الهندسة، بتركيز خاص على خمس فئات هي: طلاب المدارس الحكومية العادية في مصر ممن يمزح بعض الباحثين ويصفونهم بأنهم "أكلة الفول والطعمية". طلاب المدارس الخاصة، حملة الشهادات الأجنبية (ال. جي. سي. آي، وغيرهما)، الطلاب القادمون من العالم العربي، طلاب المعاهد الصناعية الذين حصلوا على مجاميع مرتفعة أهلتهم للالتحاق بكلية الهندسة.
    أما وجه الإثارة في البحث فقد أبرزته النتائج التي أسفر عنها، بعد تتبع نتائج ومعدلات النجاح بين مجموعة من 1500 طالب من الفئات الخمس، على مدى خمس سنوات دراسية. فقد تبين أن أفضل أداء، وأعلى معدلات التفوق والنجاح كانت بين الطلاب القادمين من المدارس الحكومية العربية (أكلة الفول والطعمية)، إذ كانت نسبة النجاح بينهم 91.1% يليهم في الترتيب طلاب مدارس اللغات الخاصة المصرية (86.5%) ثم الطلاب القادمون من الدول العربية (47.3%)، وفي الترتيب الرابع جاء الطلاب الحاصلون على شهادات أجنبية، حيث لم تزد نسبة النجاح بينهم على (36.5%). واحتل طلاب المعاهد الصناعية آخر القائمة، حيث كانت نسبة النجاح بينهم في حدود (10.7%) فقط.
    خريجوا المدارس العربية وحدهم احتكروا التقدير الأعلى (امتياز) بينما لم يحصل أحد من الفئات الأربع الأخرى على ذلك التقدير، خلال سنوات البحث الخمس. في الوقت ذاته كان هؤلاء الخريجون، المصريون الأقحاح، هم الأقل رسوباً والأقل تعرضاً للفصل، بينما توزعت الخطوط في الحالتين الأخيرتين على الطلاب الآخرين بحسب الترتيب الذي سبقت الإشارة إليه. وكان ملاحظا أن نسبة الذين تعرضوا للفصل، بعد استفاد مرات الرسوب في السنة الإعدادية، متقاربة نسبياً بين حملة الشهادات الأجنبية مثل "الجي سي آي" ومن الحاصلين على دبلوم المعاهد الصناعية.
    لوحظ مثلاً أن نسبة المفصولين بين طلاب المدارس الحكومية لم تتجاوز 1.2% أما الذين فصلوا من بين طلاب مدارس اللغات فقد كانت نسبتهم 6.5% والطلاب العرب فصل منهم ما نسبته 17.2% بينما فصل من طلاب شهادة "الجي سي آي" حوالي 30%، وطلاب المعاهد الصناعية كانت نسبة المفصولين بينهم 39%.
    في رأي الدكتور سعد الراجحي أن المسألة واضحة وضوح الشمس، إذ كانت النتائج دائماً عاكسة لمدى استقامة الحالة الثقافية للطلاب. إذ كلما توفرت مقومات تلك الاستقامة وارتفعت معدلاتها، كانت فرصة الطالب للاستيعاب والاستمرار والتفوق أفضل منها بالنسبة لغيره.
    من هذه الزاوية فطلاب المدارس الحكومية المصرية هم الأوفر حظاً من الاستقامة، والأعلى لياقة من الناحية الثقافية. ولذلك كانت نتائجهم على النحو الذي رأيت.
    الآخرون تقلبت حظوظهم صعوداً وهبوطاً تبعاً لمدى التشوه الثقافي الذي أصابهم. وإذا استثنينا الطلاب العرب الذين يؤثر اختلاف البيئة على استقرارهم، أو طلاب المعاهد الصناعية الذين يؤثر في استيعابهم اختلاف الأجواء الثقافية، فإننا نجد أن الطلاب الحاصلين على شهادات أجنبية هم أقل استيعاباً بحكم ارتفاع نصيبهم من التشوه الذي نتحدث عنه. وطلاب مدارس اللغات المصرية أفضل حالاً بكثير لأن التشوه لديهم أقل نتيجة لالتزام مدارسهم المفترض بكامل مناهج المدارس المصرية الحكومية، وإن أضافت.
    هل تحتاج النتائج إلى تعليق؟
    أجيب أن نتائجها ناطقة بما فيه الكفاية، وهي تؤكد المعنى الذي بحت أصوات الخبراء والتربويين والمصلحين من كثرة ترديده ومحاولة توصيل مضمونه إلى المسؤولين عن السياسات التعليمية في العالم العربي. وخلاصته أن لغة المرء هي أيسر وسيلة لنقل المعرفة إليه. ومن ثم فإن الجهد الذي يبذله لاستيعاب المعارف بغير لغته يحتاج إلى أضعاف الوقت الذي يبذله لكي يتحقق له ذلك الاستيعاب بلغته الأصلية. الأمر الذي يعني أن كل تعليم باللغة الأجنبية، يضيف معارف أقل ويحقق تشوهاً ثقافياً أكبر. وأكرر هنا - للمرة العاشرة فيما يبدو - إن تعلم اللغة الأجنبية شيء، وإن التعلم باللغة الأجنبية شيء آخر. ولست أبالغ إذا قلت عن الأولى إضافة بامتياز، والثانية في المحصلة النهائية خسران بامتياز.
    تلقيت رسالة ثانية من الدكتور محمود عز الدين الأستاذ بطب القاهرة ذكر فيها أن استمرار التدريس باللغة الإنجليزية في الجامعات عندنا يعوق قدرتنا على الانطلاق والتقدم؛ لأنه يحد من قدرة الباحثين على الاستيعاب ومن ثم قدرتهم على الابتكار والإبداع مع مقارنة ذلك بما يحدث في "إسرائيل" التي تستمتع بالدراسة والبحث بلغتها العبرية (التي كانت ميتة وتم إحياؤها)، حتى قطعت شوطاً بعيداً في ذلك المضمار، وفتحت أبوابها للفلسطينيين والأردنيين الذين أصبح بعضهم يتعلم العبرية لكي يطلع على أبحاثهم أولاً بأول.
    زودني الدكتور عز الدين بقائمة الدول التي تمارس الطب بلغاتها، ووجدت في مقدمتها: اليابان وكوريا والدنمارك والسويد و"إسرائيل" وتشيكيا، واليونان وفنلندا واندونيسيا ورومانيا وألبانيا وكمبوديا .. الخ. ومع ذلك فبين العرب من لا يزال يعتبر أن دراسة الطب والهندسة باللغة الإنجليزية أمراً مقدساً، وأن الإعراض عن ذلك سوف يدمر بنياننا العلمي.
    للعلم: بين أساتذة الطب المصريين من اختار أن يسبح ضد التيار وأن يقدم مادته باللغة العربية، في المقدمة منهم الدكتور محمد توفيق الرخاوي أستاذ التشريح المخضرم، الذي يحارب على تلك الجبهة منذ أكثر من عشر سنوات.
    من بين الرسائل الأخرى التي تلقيتها رسالة من الدكتورة كفاية السيد محمد بكلية طب المنصورة، التي ضمت فيها صوتها إلى جانب الدعوة إلى التدريس باللغة العربية، وأشارت إلى خبرتها كأم لأبناء يدرسون في المدارس التجريبية باللغة الإنجليزية، وكباحثة وأستاذة تفتقد المراجع العربية، وتلاحظ أن الباحث المصري في المنصورة مثلا أصبح بوسعه أن يتابع عبر شبكة الإنترنت الأبحاث الجارية في أوربا وأمريكا، بينما ليس بمقدوره أن يعرف شيئاً عن أبحاث زملائه في القاهرة والإسكندرية، نظراً لغياب الشبكة التي تسجل أعمال الباحثين العرب بلغتهم.
    ثمة رسالة طريفة تلقيتها من الطالبة سلمى أنور، التي تدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم اللغة الإنجليزية، روت فيها كيف أن أحد الأساتذة كان يتحدث أمام طلابه يوماً في إحدى محاضرات الترجمة، وذكر عبارة "سبراغوار" التي حيرت أغلب الطلاب والطالبات الذين جاؤوا من مدارس خاصة، فمضوا يتساءلون عما إذا كانت كلمة "سبر" هذه تكتب بالصاد أم التاء!
    فرحت حين تلقيت نسخة من بحث الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ علم النفس المرموق "حول اللغة العربية وتشكيل الوعي القومي" وسعدت أكثر حين علمت أن البحث مقدم إلى مؤتمر يفترض أن تعقده جمعية لسان العرب في شهر نوفمبر المقبل بالقاهرة، تحت عنوان "ضعف اللغة العربية على أهلها" لكن الغم أصابني حين وجدت بحثه صورة ضوئية استفزازية لمبنى مجاور لكلية دار العلوم، التي يفترض أنها إحدى حصون العربية وقلاعها. فوق المبنى ظهرت لافتة كئيبة كتبت عليها العبارات التالية: الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة (!) حديقة دار العلوم. كافيتريا جرين لاند. مطعم تيك أواي. ملاعب أطفال. والكلمات الأخيرة كتبت بالإنجليزية وبالزخارف اللاتينية. وهي نموذج للقبح المبثوث على الواجهات في أنحاء البلاد، لكن آخر ما توقعته أن تجاوز لافتة من هذا القبيل مبنى كلية دار العلوم، كأنما تتحداها وتخرج لها اللسان ازدراء وسخرية!
    في ختام بحثه الثري اقترح الدكتور الرخاوي اتخاذ مجموعة من الخطوات الإيجابية للدفاع عن اللغة العربية وحرفها الشريف. كما يسميها المسلمون في بعض الدول الأسيوية. تتمثل في ما يلي:
    أولاً: إصدار أمر ينفذ فوراً ويبدأ بشارع واحد في العاصمة، ينهي كل التلوث اللغوي المقتحم لوعينا القومي، إذ يزيل لافتات المحلات بالقوة الجبرية، ثم يمتد هذا النشاط تدريجياً ليشمل القطر كله. والمسألة لا تحتاج إلا لأمين شرطة وإذن نيابة وبعض الشمع الأحمر، وحكومة.

    ثانياً: إعطاء اللغة العربية ثلث درجات الشهادات العامة بالتمام وتقسم هذه الدرجات إلى درجات للغة كلغة، وأخرى في العلوم الأخرى كدرجات للصياغة والترجمة، بمعنى أن يصبح لكل علم درجتان الأولى للمادة ذاتها والأخرى للصياغة اللغوية، منها وإليها في كل المواد.

    ثالثاً: يتواصل تدريب مدرسي اللغة العربية بمناهج متطورة فيما يسمى "التعليم المستمر" بعد التخرج، مقابل مضاعفة مرتباتهم باستمرار. وعدم ترقيتهم إلا إذا واصلوا هذه الدراسة بلا نهاية، ثم فصل كل من يثبت عجزه، أو تحويله لعمل إداري أدنى.

    رابعاً: العودة إلى تحفيظ ثلاثة أجزاء من القرآن، على الأقل. (بصفته اللغوية وليس الدينية) على كل الطلبة من كل الأديان في المرحلة الابتدائية والإعدادية، وخاصة بعد إضافة سنة إليها (تذكر لغة مكرم عبيد .

    خامساً: العناية بالتأليف ثنائي اللغة كمرحلة انتقالية كما يدرس بلغة أجنبية مثلاً بالعلوم الطبية.

    سادساً: العودة إلى استعمال الرسم العربي. (اللاتيني الآن) للأرقام، أسوة بالمغرب العربي.

    سابعاً: اقتراح بقبول استعمال الحروف اللاتينية في المعادلات الرياضية والكيميائية لا أكثر وكأنها رموز رسم وليست دلالات لغة.

    ثامناً: تجريم أو تحريم أي إعلان في الصحف المحلية بحروف معربة (تيك أواي .. دريم لاند .. جرين لاند .. الخ).

    تاسعاً: الإلزام بترجمة أي إعلان بالإنجليزية إلى العربية حتى لو كانت الشركة المعلنة إنجليزية صرفاً.

    عاشراً: النظر في ربط الترقي في الجامعة من درجة إلى درجة أعلى بإعطاء محاضرة بالعربية وتقديم بحث بالعربية، وامتحان في اللغة العربية.

    حادي عشر: فتح الباب بأوسع ما نستطيع لاستعمال ألفاظ من العامية صالحة وجديدة تصبح جزءاً من ثراء الفصحى.

    ثاني عشر: فتح الباب لنحت ألفاظ جديدة تماماً نثري بها اللغة العربية خاصة.

    ثالث عشر: التخفيف من وصايا المؤسسات الأعلى (بما في ذلك مجمع اللغة نفسه أو منظمة الصحة العالمية) مع السماح بنقد ومراجعة ما يصلون إليه أو يوصون به.
    وهي توصيات أبصم عليها بأصابعي العشرة!

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: بحث مهم في مصير لغتنا الأم


    د. عبـد الفتـاح الفـاتحـي
    كشف الدكتور أحمد عبد الله فرهادي أستاذ علم اللغة ومدير برنامج اللغة العربية بقسم دراسات الإسلام والشرق الأوسط بجامعة نيويورك أن نسبة متعلمي اللغة العربية في الجامعات الأميركية قد ارتفعت بـ: 127 % خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2000/2006. وهو ما مكن اللغة العربية ولأول مرة في تاريخ تعليمها بالولايات المتحدة الأمريكية من أن تصنف ضمن اللغات العشر الأكثر تعلما.
    وأضاف عبد الله فرهادي في محاضرته التي ألقاها بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية تحت عنوان "اللغـة العربيـة فـي مواجهـة التحـديات" أنه إذا كانت اللغة العربية تعاني أفولا في أوطانها، فإن نجمها يواصل سطوعه في أمريكا، بحسب ما تؤكده بيانات الإقبال المكثف على تعلمها بالجامعات الأميريكية، بحيث بلغ عدد دارسي اللغة العربية بهذه الجامعات 92 % في الفترة الممتدة من 1988 إلى سنة 2002، ثم تواصل ارتفاع دارسيها بشكل ملحوظ بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001؛ إذ ارتفعت النسبة إلى 127 % في الفترة ما بين 2000/2006، فوصل أعداد دارسي اللغة العربية إلى 24 ألف طالب، إضافة إلى ذلك تزايدت أعداد مراكز البحث التي تدرس اللغة العربية وثقافة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
    وأوضح فرهادي أن هذه الأرقام أعادت للغة العربية عافيتها وتطورها؛ فغيرت كثيرا من وضعيتها، بعدما ظلت قابعة طيلة ربع قرن من الزمن خارج لائحة اللغات العشر الأكثر دراسة بالجامعات الأمريكية.
    وأرجع فرهادي دوافـع تزايد الإقبال على تعلم ودراسة اللغة العربية بالجامعات الأمريكية والغربية إلى الظروف السياسية التي حدثت بعيد أحداث سبتمبر 2001، والتي دفعت بالعديد إلى تعلم العربية لمعرفة أهلها ودينها، إضافة إلى دوافع أكاديمية، وأخرى مهنية منها توفر فرص العمل في دول الخليج وفي أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي باتت تشترط التمكن من المهارات اللغوية العربية.
    وعن وضعية اللغة العربية في القنوات والفضائيات أوضح فرهادي أن الفضائيات كانت سلاحا ذا حدين بالنسبة للعربية، فرغم استعمال اللغة المحلية في التعليقات المسموعة والمرئية لمشاهدي هذه القنوات ومتصفحي المواقع الإلكترونية، فإنها أبانت عن نواقصها كبديل للغة العربية. واعتبر أن ما تمر به اللغة العربية اليوم على المستوى الإعلامي يعد فترة "ديمقراطية اللغة" تمنح للعربية إمكانية ذهبية لتطوير بنياتها ومعجمها على ضوء احتياجات المستخدمين.
    وداعا فرهادي إلى وضع قاموس عربي جديد ينقحها مما لم يعد مستخدما من المصطلحات والمفاهيم، وأعاب على معلمي اللغة العربية استخدام الطرق التقليدية المملة في تدريسها، دعيا إلى استخدام التقنيات الحديثة والاستفادة من تجارب اللغات الأخرى وطرائق تدريسها وتطبيقها على اللغة العربية؛ حتى تتلاءم وحاجيات ما أسماه بأجيال الحواسيب والفضائيات.
    وفي اقتراحاته لتطوير أكبر للغة العربية دعا إلى تشجيع عملية تعليمها وتعلمها وجعلها لغة الإدارة والمهن، ولغة أساسية في الترقية المهنية للموظفين اسوة بما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية التي تلزم اختباراتها معرفة أكبر باللغة الانجليزية، مشددا على ضرورة تعميم ذلك على القطاعين العام والخاص.
    كما اعتبر فرهادي أن إمكانية ذهبية لتطوير اللغة العربية على صعيد دول قوميتها والعالم ككل تبقى بيد دول الخليج الغنية التي يمكنها الإنفاق بسخاء لوضع نظم ومناهج تعليمية جادة لتعليم العربية، على أن تتولى الجهات الأكاديمية مسؤولية الدراسة والتوجيه.
    ***
    د. عبـد الفتـاح الفـاتحـي: مسـؤول الإعـلام والتواصـل للجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة





الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •