السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
سألني صاحب لي من طلاب علم الفقه عن وصف عمل قوم لوط الخبيث الذي ذكره الله جل اسمه في القرآن وكرره لقبحه ورزالته، وألصقه بالنكارة كما في قوله سبحانه: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ () أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ وغيرها من الآيات الكريمات.
قال صاحبي: ومع كل ذلك نسميه - كما هو شائع في كتب الفقه وغيرها - [لواط] فننسبه إلى هذا النبي الكريم!!! فما تقول؟؟
فقلت له: أولًا كان الأحرى أن نسمي هذا الفعل "قواط"، ونسمي فاعله "قوطي" من باب النسب إلى نحت الكلمتين ( قوم لوط) مع حذف كلمة "عمل" على سبيل الاختصار، حتى لا يضطر المتكلم كلما ذكره أن يقول: "يعمل عمل قوم لوط" أو نحوها من العبارات.
قال صاحبي: وما النحت؟؟..وما علمته في الكلام إنما علمته في الأحجار!!
قلت له: النحت أن تصيغ من كلمتين فأكثر كلمة واحدة طلبًا للاختصار؛ كما تقول البسملة، تعني: " بسم الله الرحمن الرحيم "، وتقول: الحوقلة، وتعني: " لا حول ولا قوة إلا بالله "، وتقول للمبتلى تصبره: استرجع، تعني قل: " إنا لله وإنا إليه راجعون "...إلخ وهذا استعمال شائع وهو من مكارم لغتنا العربية الشجاعة.
قال صاحبي: فهمت، فهمت، فلما إذن لم يشتهر هذا اللفظ "قوطي" , ولفظ "قواط" على الألسنة وفي الكتب؟!
قلت: لأن القاف من الأحرف الثقيلة، فأبدلت بأصل الكلمة على غير بابها.
قال صاحبي: وما ثقل القاف؟ وما دليل ذلك، ولست أفهم قولك: "أبدلت بأصل الكلمة على غير بابها".
فقلت له: رويدك أمهلني أشرح، وأفصح، وسأجلي لك غواشيها..بإذن باريها.
أما ثقل القاف ففي مخرجها، وأنت رجل من أهل القرآن، والمعرفة بالتجويد، ومخارج الحروف، ودليل ثقلها أنها أبدلت في لسان العامة إلى ألف "أ" ، وربما إلى جيم "ج" في لهجة بعض القوم، فيقولون: " ألت " بدل "قلت"، ويقولون: "بأرة" بدل "بقرة"، ومن يبدلها "ج" يقول "بجرة"
والاستعمال شائع رائج.
فقاطعني قائلًا: وما علاقة ذلك بما نحن بصدده لو كان ذلك كذلك، لقلنا بدل "قواط"، "أواط".
قلت صدقت..لكن قد سبق أن قلت لك: أنها أبدلت بأصل الكلمة على غير بابها، وقصدت بذلك: أن كلمتي: "قواط"، و "قوطي"، لما أبدلت القاف فيهما ألفًا لم يبق من جملة " قوم لوط" التي نحتت منها كلمتي: "قواط"، و "قوطي" من أصل كلمة " قوم" شيء إنما بقي بدلها وهو الهمزة، فصح أن تهمل في النحت، ويلغى النحت من أصله، ومن ثم رجعت الكلمة إلى أصلها على خلاف الشائع في هذا الباب، واقتصر في نسب عمل قوم لوط على "لواط" والنسب إليه "لوطي".
فكأن صاحبي لم يعجبه قولي فقال: بكل حال لفظة لا تليق ونسب لايشرف وأنت وشأنك.
فوجدت أن قلمي قد مل، وعقلي قد كل، وحلقي قد جف،...وصاحبي لم يتفق له ما اتفق لي من الرضا بما ذكرت فأمسكت عن الكلام....والسلام .