أختي الفاضلة ـ حفظها الله ـ :
(1) نحن معك ـ والله ـ بأنه لا يحل أخذ الربا أو ما يسمى بالفوائد الربوية ، لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ () فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) [ البقرة 278 ، 279] فهنا بين الله ـ عز وجل ـ أن الإنسان إذا تاب فليس له إلا رأس ماله فقط ، لا يظلم ولا يُظلم .
وثبت في صحيح مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ في حديثه الطويل : " وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا، رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ ". فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وضع الربا الذي كان معقوداً في الجاهلية قبل تقرر الأحكام في الإسلام ، فكيف الحال اليوم بعد تقرر الأحكام في الإسلام .
(2) لا يجوز لأي شخص أن يأخذ الربا من البنوك مهما كانت هذه البنوك .
(3) وإن قيل : أن هذه الفوائد ترسل إلى الكنائس وإلى محاربة المسلمين ، قلنا : لا إثم على من لم يأخذها ؛ لأن هذه الأموال الربوية والتي تسمى فوائد ليست فوائد ماله ، هذه أموال ربوية يعطيها البنك من أعطاه هذا المال ينتفع به ، فليس عليه من إثمه شيء فيما لو صرف في غير صالح المسلمين .
(4) الامتناع عن أخذ هذا الربا يدعو المسلمين إلى البحث عن مصارف إسلامية يستغنون بها عن هذه البنوك الربوية .
(5) هذا الربا لو أخذه الإنسان فقد تعاطى الربا وأكله ، ولو تصدق به تقرباً إلى الله لم يقبل منه ، وإن تصدق به تخلصاً منه فما الفائدة من أن يلوث الإنسان يده بالنجاسة ثم يذهب يغسلها .
(6) نفع المسلمين يكون بالأموال الطيبة التي أباحها الله حتى يكون النفع والخير فيما بذلت له وصدق الله حين يقول : ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) [آل عمران 92] .
ونفع المسلمين ولو بالشيء القليل الطيب ، أنفع لهم من المال الكثير الذي تحصل عليه عن طريق الحرام .
(6) فرح أعداء الإسلام إذا رأوا أن المسلمين استحلوا الربا وأخذوه ، لأنهم يعلمون أن الربا محرم في دين الإسلام ، ومحرم عليهم أيضاً كما قال تعالى : ( وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) [النساء 161] ، ويعلمون أيضاً أن المعاصي من أسباب الخذلان للمسلمين ، فهم يصوبون هذا الأموال الربوية التي يسمونها الفوائد لتدخل في أموال المسلمين لمحو البركة منها وإيقاع الخذلان عليهم بأخذها .
(7) هذه الأموال الربوية هي خسائر لا يجوز أخذها بأي حال من الأحوال ، والتخلص منها إذا ابتلي الإنسان بذلك بتركها وعدم أخذها .
(8) إذا فرض أن البنك الذي أودع الإنسان ماله عنده أصر على أخذ هذه الأموال الربوية ـ كما يوجد في بعض البنوك ـ فماذا يفعل المسلم في هذه الحال ، البنك يرفض أن يتركها المودع عنده ويصر على أخذها ، والمودع لا يريدها لأنها مال ربوي ، فماذا يصنع ؟
هنا أرى أن فتوى العلماء الذين قالوا بأخذها مرغماً أن يتصدق بها تخلصاً منها لا تقرباً إلى الله بها له وجهه . والله أعلم .