المفاضلة بين رائحة (المسك) و(غيره من الأطياب) في النصوص الشرعية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسَّلام على نبيه وصحبه وآله وأتباعه.... أمَّا بعد
فإنَّ الملاحظ في كثيرٍ من الأحاديث التي في نصوصها تعلُّق بالرَّائحة الطِّيبة تعليق وصف طيب الرَّائحة أو المفاضلة بينها وبين غيرها برائحة (المسك).
- كحديث: المسك أطيب الطيب، وجوابه عندما سُئِل عن المسك فقال: أطيب طيبكم، وفي لفظ: أطيب طيبكم المسك، وفي آخر: خير طيبكم المسك.
- وحديث: خُلوف فم الصَّائم.
- وحديث: ريح دم الشَّهيد.
- وكذا بعض ما ذُكِر من نعيم الجنَّة... وغيرها من النُّصوص الكثيرة.
والمسألة ههنا: هل المسك أطيب الطِّيب مطلقًا في نفس الأمر، أو في تفضيله تفصيل؟
فالوجه الأول: إنْ قيل: إنَّه أطيب مطلقًا في نفس الأمر، فما الجواب عن انصراف النَّاس عنه، ورغبتهم عنه؟
هل يُقال جوابًا: إنَّ سبب ذلك هو انحراف الفطرة والذَّوق، فصار انحراف ذوق كثيرٍ من النَّاس سببًا في كونهم لايحبُّونه، بلْه تفضيله على غيره من الأطياب؟
أو يُقال جوابًا آخر: إنَّ الجيد من طِيب (المسك) الممدوح غير موجود الآن، أوبقِلَّة؛ لكنَّه غير مشهورٍ، إذ المسك في زمن النَّبيٍّ صلى الله عليه وسلَّم هو غير الموجود حاليًّا؛ لكثرة الغشِّ في هذا الباب أو غيره من الأسباب.
والوجه الثَّاني: إنْ قيل: إنَّه ليس أطيب مطلقًا في مقصود ألفاظ النُّصوص، فكيف الجواب عمَّا جاء في صريح الأحاديث من بيان فضْلِه بل تفضيْلِه؟
هل يُقال جوابًا: إنَّه تمثيل للتَّقريب بما يُفهم في ذاك العصر، والمتوفِّر ممَّا هو متداول بين المخاطبين كثيرًا، كحديث تفضيل الثَّريد على سائر الطَّعام.
- وأنَّ الأذواق تختلف في زمن الصَّحابة والآن، فالنَّبيُّ يخبر بواقع ذوقهم حالهم حينئذٍ؟ وللنَّاس فيما يعشقون مذاهب!
المسألة عندي محتملة، لكنَّ القلب إلى الأول أميل؛ لأنَّ حديث رائحة الشَّهيد يرجِّح كونه مقصودًا بالتَّفضيل، والله أعلم.
ولعلَّ الإخوة الكرام يشاركوننا بالبحث لنسْتفيد.