القاعدة الأولى: في إسم الفاعل المشتق من العدد:

وله إستعمالان:

أحدهما: أن يُراد به واحد من ذلك العدد، فهذا يُضاف لعدد الموافق له، نحو رابع أربعة، وخامس خمسة، وليس فيه إلاّ الإضافة خلافًا لثعلب، فإنّه أجاز: ثالثٌ ثلاثة بالتنوين، قال تعالى:" ثانيَ اثنينِ" التوبة 40، وهذا القسم لا يجوز إطلاقه في حقّ الله تعالى، ولهذا قال تعالى :" لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالثُ ثلاثة"المائدة73،


الثاني: أن يكون بمعنى التصيير، وهذا يُضاف إلى العدد المخالف له في اللفظ، بشرط أن يكون أنقصَ منه بواحد، كقولك: ثالث اثنين، ورابعُ ثلاثة، وخامسُ أربعة، كقوله تعالى:" ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاّ هو سادسُهم"المجادلة7.
أي يُصيّرهم بعلمه وإحاطته أربعة وخمسة.

فإن قيل كيف بدأ بالثلاث، وهلاّ جاء:( ما يكون من نجوى واحدٍ إلاّ هو ثانيه، ولا اثنين إلاّ هو ثالثهم)؟.

قيل: لأنّه سبحانه لمّا علم أنّ بعض عباده كفرَ بهذا اللفظ، وادّعى أنّه ثالث ثلاثة، فلو قال ( ما يكون من نجوى واحدٍ إلاّ هو ثانيه) لثارت ضلالة من كفرَ بالله وجعله ثانيًا، وقال: وهذا قول الله هكذا.
ولو قال:( ولا اثنين إلاّ هو ثالثهم) لتمسّك به الكفّار، فعدل سبحانه من هذا من أجل ذلك، ثمّ قال:" ولا أدنى من ذلك ولا أكثر"، فذكر هذين المعنيين بالتلويح لا بالتصريح، فدخل تحته ما لا يتناهى، وهذا من بعض إعجاز القرآن.</b></i>