الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده أمابعد :فالحديث عن الشيخ المبارك عبدالكريم الخضير حفظه الله ومتعنا به حديث فيه قربة لله تعالى ودعوة إلى سبيله ، وهو حفظه الله غني عن تقرير إمامته في السنة ومكانته في الأمة.وقد كتبت قبل سنوات عن عناية الشيخ رحمه الله بالعلم والكتاب في أثناء خبر سقته مساق الملح التي فيها من تغذية السلوك مايعلم .ولماسمعت تخديش بعض الأصاغر في رخام هذه المنزلة رأيت رفع ذلك لعل فيه فائدة =================زرت الشيخ محمد آل اسماعيل وفقه الله قبل تسع سنوات تقريبا في بيته في الأحساء مع بعض الاخوة ، وجلسنا معه جلسةأتحفنا فيها الشيخ بفوائد كثيرة في المذهب الحنبلي والتاريخ .ومما أذكره من الملح في ذلك المجلس أن الشيخ حدثنا عن الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله وأبلغ في الثناء عليه وذكر أنه لم يره منذ عقود ، وأن الشيخ كان متميزا في علوم الشريعة كافة وصاحب سمت وعبادة و ذا عناية فائقة بالكتاب جمعا واهتماما .ومن ذلك أن الشيخ السماعيل سـأل الشيخ عبدالكريم عن شرح نظم المفردات للبهوتي وعن مكان وجوده إذ أتعبه البحث عنه ، فقال له الشيخ عبدالكريم : كان عندي من الكتاب نسختين وقد بعت نسخة منهما قبل فترة يسيرة لرجل كتبي يدعى كساب الدوسري .ففرح الشيخ محمد اسماعيل وسأل عن مكان هذا الكتبي فذكر له الشيخ عبدالكريم أن له دكانا في منفوحة وأنه لو سأل عنه هناك فلن يعدم من يدله عليه ، قال الشيخ اسماعيل : فوضعت في جيبي مائة ريال - وهو مبلغ ليس باليسير حينئذ - وانطلقت إلى منفوحة ، وسألت عن الرجل فدلوني على دكانه فانتظرته حتى جاء وفتح دكانه ، فدخلت عليه وتحدثت معه ولم أشعره بأني قد جئت لكتاب بعينه حتى لا يزيد في السعر علي ! .وكنت أدير بصري في المكتبة لعلي أن أرى الكتاب فوقع بصري عليه ، فطلبت من الرجل ماء باردا فقام وخرج لإحضار الماء فقفزت إلى الكتاب وجمعت معه عدة كتب منها كليلة ودمنة وبعض كتب الشعر ، فدخل الكتبي بالماء فشربت ثم طلبت منه شراء هذه الكتب القليلة وهونت في نفسه من شأنها لطالب علم مثلي ووضعت بينها شرح نظم المفردات ، فنظر الكتبي إلى الكتب نظرة فاحصة متأملة ، ثم مد يده عليها وأخذ من بينها شرح البهوتي وقال : أما هذا فغالي !قال : فأسقط في يدي ، ووضعت يدي في جيبي وقلت في نفسي : لو طلب المائة كلها فيه أعطيتها إياه ! فقال الكتبي : لا أظنك تقدر على ثمنه !فقلت : أخبرني بثمنه وستجدني إن شاء الله من القادرين .فقال: هذا كتاب نادر وليس عندي في هذه المكتبة كلها منه غيره !فقلت : يرحمك الله كم تطلب فيه .قال : فتمتم وهمهم ونظر في الكتب أخرى ثم قال لا أبيعها جميعا إلا بعشرين ريالا ! وبدون شرح نظم المفردات بخمسة ريالات !قال : فأخرجت المائة له وقلت هاتها كلها يرحمك الله .وانطلقت بالكتاب مسرورا بسعره وبحصولي عليه .ثم دخل الشيخ محمد السماعيل إلى مكتبته وجاء ومعه كتاب في يده وقال : هذا هو الكتاب الذي اشتريته ذلك اليوم .فنظرنا في الكتاب وإذا جلده الأصلي قد سقط فأخذ الشيخ عبدالكريم جلد كتاب آخر أظنه ديوان أحمد شوقي فوضعها عليه وكتب في ورقة صغيرة على جانب الكتاب : شرح نظم المفردات للبهوتي .وفي داخل الكتاب كتب الشيخ عبدالكريم بخط نير جدا : دخل في ملك الفقير إلى مولاه القدير عبدالكريم بن عبدالله الخضير .وتحته كتب ( 1391هـ ) . فكانت رؤية هذا الكتاب وسماع هذه القصة من صاحبها تساوي عندنا هذه الرحلة كلها .والله المستعان