كل ما سبق عبارة عن معلومات إنشائية..وهي مع هذا خارج محل النزاع إلا قولك :لما وجدت إلهيات اليونان,أخي الكريم:
لو اطلعت على علم الكلام اليوناني وما قاله فيه علماء الأمة تجد أنه مقسوم إلى ـ إن لم تخني الذاكرة ـ: منطق، وإلهيات، ورياضيات.
والمذموم منه كلامهم في الإلهيات؛ لأن المنطق وهو علم صناعة الكلام والرياضيات وسيلتان يُقولب فيهما ما يوضع فيهما.
ولأجل ذلك عرّف الأشاعرة (علم الكلام الإسلامي) بأنه علم تُيتفاد منه إثبات العقائد الدينية المكتسبة من أدلتها الشرعية بالطرق العقلية.
ولو نظرتَ في كتب علم الكلام الأشعري لَما وجدتَ إلهيات اليونان، بل مادة العقيدة الإسلامية المستنبطة من الكتاب والسنة مَصوغةً بطرائقَ عقلية.
الأمر الذي استعمله ابن تيمية وابن القيم وغيرُهم فبان أن قولك بحقي
وهذا مردود لأن استمدادهم من اليونان لا يلزم منه الموافقة في النتائج وإلا كانوا كفاراً , لكنهم عكروا صفو الكتاب والسنة
بتحكيم مصادر خارجية غريبة عن الكتاب السنة, أدت بهم لرد الأحاديث الصحيحة التي لا توافق أصولهم وتسفيه أئمة الحديث, ومنها تقديم العقل على النقل وجعل العقل مصدراً في تصور ما يجوز ومالايجوز على الله, مع أنهم أنكروا على الفلاسفة تحكيم العقل في مسائل البعث والصراط والميزان والقيامة عموما إلخ, ومنها تأثرهم بالمنطق اليوناني في مسألة الإيمان, حيث جعلوه هو التصديق المجرد , وبنى الباقلاني-مثلا- أدلته على حد الإيمان لغة, ولما طبق قاعدة الحد المنطقية وأهمل نصوص الكتاب والسنة المتضافرة في بيان معنى الإيمان وكونه شاملا للقول والعمل جميعاً, توصل إلى إخراج العمل من مسمى الإيمان..وهذه كلها من باب التمثيل لتضح الصورة للقاريء
وإذا كنت تنكر تأثر متكلمي الأشاعرة بالفلسفة اليونانية ولا سيما الرازي..فأخبرني لأجلب لك أدلته القاطعة
والحاصل أنه لولا الفلسفة اليونانية ومافي معناها لما ظهر علم الكلام المسطر في كتب الأشاعرة بثوبه المعروف
لأن الأدلة العقلية التي تتكلم عنها كالعرض والجوهر وأشباهها وهي أم براهينهم مقتبسة من طرائق اليونان في الاستدلال
وطريقة القرآن في الإثبات العقلي تختلف بالكلية وفيها الكفاية التامة لكل عقل سليم وفي كل عصر
وأختم هذا الرد بالسؤال : الفرق بين أشعرية الرازي والإيجي وبين أشعرية أبي الحسن الأشعري قبل أن يثوب لعقيدة السلف
فرق شاسع فأيهما هو الصواب عندك؟