بدت لي خواطر حول العقوبات التي تحل بأحدنا وقد يغفل عنها أو ربما يظنها فتحا أو كرامة أجزم بأن الكثير يعرفها لكن لعل في ذكرها تذكيرا وكما أردد أن الذكرى تنفع المؤمنين وليس الفاسقين فاللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين المتذكرين.
وأحب أن أشير إلى أن ما أورده لا يعني الجزم بكونها عقوبة فمعلوم أن المؤمن معرض للبلاء ولكن قد يمكن القول أنها عقوبة وبلاء ولكن في الإشارة إليها تنبيها لأولي النهى وكذلك قد تكون هذه العقوبة نعمة تردع العبد عن ذنب هو أخفى وأخطر من هذه العقوبة، والله أسأل أن يرزقنا الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .
من هذه العقوبات ما يحصل أحيانا فقد توفق في استغلال وقتك وتسر بذلك وكيف لا تسر بمثل هذا ثم تقع في ذنب لا تحس به وتفاجأ بتسلط الناس على وقتك وتبعثره وتفلته منك وأنت تحاول جاهدا جمع ما تفرق ولكن هيهات ومن منّ الله عليه قد يحس ويتذكر ما وقع فيتداركه بالتوبة ويعلم عظم الجرم الذي وقع فيه في جنب الله.
ومنها أيضا ـ وهو كثير في أيامنا هذه ـ أن يحرم العبد لذة مناجاة الله، وهو غير مفرط في عبادته بل ربما كان من المواظبين على الصف الأول ولكنه لا يستطيع أن يتلذذ بعيادته ومن ثم يبدأ تراجعه في عبادته دون أن يشعر حتى يتخلف ويفرط في صلاته ثم يرزق توبة فتجده يصل متأخرا إلى الصلاة وتفوته الركعات لكن؛ سبحان الله يكتب الله له أن يتصل به فتغرورق عيناه بالدموع فيستغرب أين هذه الدموع أيام كنت في الصف الأول؟ لكن يتدبر ويعلم أن المعوّل على أعمال القلوب وليس على ما يظهر والله لا ينظر إلى المظاهر؛ ويجدر التنبيه أن هذا ليس دعوة إلى ترك الصف الأول لأن هذه حماقة وتفريط لكن المراد الاهتمام بضرورة أن يلتفت القلب إلى خالقه وليس إلى نظر الناس.
وتجد أحدهم يرافق الصالحين ويسر بذلك ولكنه يحس في نفسه ضيقا شديدا ولا يحس بأي راحة ويستعجب أنه يذكر الله ولا يجد أثرا للطمأنينة التي ظنها متعلقة بظواهر ونسي أن أعمال القلوب أخطر من أعمال الجوارح وأن عليها المعول وقد تجده مع بعض من ظاهرهم التقصير ولربما وعظك بموعظة أو قال لك كلمة صارت لك نبراسا ولربما تكون قصة الإمام أحمد مع السكير وكيف أنه قال له أنه يصبر على جلده في باطل وهو شرب الخمر فكيف لا يصبر الإمام وهو يجلد على الحق؟!!
وأريد أن أشير إلى أن الذنب قد يخفى عليك فالذنوب الظاهرة كل يعلمها لكن هناك ما هو خفي وخطير بل ربما أوصل العبد إلى أن يكفر وهو لا يشعر ومثال هذا الكبر الخفي الذي قد يدخل على العبد أثناء حديث عابر قد يتكلم فيه بما يسخط الله من ذم وطعن في نفس معصومة بلمز أو همز و أشد ذلك أن يكون عرض من عرف بالصلاح أو الدعوة وقد يلبس هذا اللمز لبوس النصح للأمة وحماية جناب الدين ولكن هل من ذلك مثلا الكلام فيما لم يشتهر عن الشخص بقصد زيادة الطعن فيه هل هذا من بيان الحال؟
وكذلك من الذنوب التي قد نهملها وهي لربما كانت من الكبائر إساءة الظن بالله فتجد أحدهم قد آتاه الله من العقل والذكاء ما لو سخره في سبيل خير أو علم لفتح الله به الفتوح فتجده ينصرف إلى أمور هي أقل شأنا ويظنها الإنسان فتوحا ولو صدق في تأمله لبدا له عوار وزيف كل هذا.
ويجب أن لا نغفل أن من الأدوية التي لا غنى لأحد عنها ذكر الله بمعناه الذي يتبادر أولا وهو الذكر المطلق وهو ما قصر فيه الكثير من شباب الصحوة ولربما كان لتعلق المتصوفة بشيء من هذا أثره في جفاء بعضهم. كيف بالله ترجو أن تنصر فيي معركتك التي تخوضها في هذه الدنيا مع نفسك ومع الدنيا والشيطان بدون نصرة الله؟ وكيف ترجو نصرة الله وأنت لا تذكره. والله لو صدقنا في هذا لكانت معية الله حافظة لنا ومضيئة لكثير مما يخفى ويظلم فلا نعرفه لكن نعمة الله علينا في معرفة الذنب وفي التوبة منه وفي الذنب الذي خلصك من خصلة ذميمة ملازمة لك هذه كلها نعم تحتاج إلى تدبر.
اللهم تب علينا وارزقنا لذة مناجاتك ولا تحرمنا نعمك وأفضالك وكن لنا يا ربنا.