قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين (1/577) وهو يتكلم عن فضل العلم :
" فيالها من مرتبة ما أعلاها ، ومنقبة ما أجلها وأسناها ، أن يكون المرءُ فى حياته مشغولاً ببعض أشغاله ، أو فى قبره قد صار أشلاءً متمزقاً وأوصالاً متفرقة ، وصحف حسناته متزايدة يملى فيها الحسنات كل وقت ، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب ، تلك والله المكارم والغنائم ، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ، وعليه يحسد الحاسدون ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات وتتوجه نحوها الطلبات، فنسأل الله الذى بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه وأصحاب هذه المرتبة يُدعون عظماءَ فى ملكوت السماءِ كما قال بعض السلف : من عَلِمَ وعَمِلَ وعَلَّم ، فذلك يدعى عظيماً فى ملكوت السماء .
وهؤلاء هم العدول حقاً بتعديل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم ، إذ يقول فيما يروى عنه من وجوه يسند بعضها بعضاً : « يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » " .