بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابة وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد، فالسلام عليكم- أيها الكرام- ورحمة الله وبركاته.
من المعلوم أن العلم صيد يعن ويختفي. وإذا لم يقيد فر كما يفر الصيد المتوحش.
ومعلوم لديكم- أيها الكرام- قول الأول:
العلم صيد والكتابة قيده.........قيد صيودك بالحبال الواثقة
وإن من أعظم الحبال التي يقيد بها صيد العلم الكتابة والفهرسة، فكم من فائدة احتاج إليها المرء فأخذت تراوده كالحلم يذكر مرورها عليه ولا يدري أين مكانها، وأخذ يتحسر على عدم تقييدها.
وإن من أعظم ما يفيد طالب العلم حصر الفوائد التي توجد في غير مظانها إذ الوصول إليها في الغالب عسر.
ومن هنا حاولت أن أجمع ما تيسر لي من الفوائد التي لا توجد في مظانها.
وإني-أيها الكرام- لأعتذر اليكم مسبقا عن نثر هذه الفوائد بينكم بلا نظام ولا ترتيب، ولعل الله أن ييسر تمحيصها وترتيبها على أبواب العلم.
كما أعتذر إليكم عن قلة الزاد فاقبلوا- بارك الله فيكم- جهد المقل.
وباسم الله نبدأ:
الفائدة الأولى:
هل يصح السلم في الحيوان؟
من تفسير بن كثير (طبعة دار السلام والفيحاء)، المجلد الأول، ص 119 عند كلامه على بقرة قوم موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
مسألة: استدل بهذه الآية في حصر صفات البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان، كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها) وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم، إبل الدية في قتل الخطأ، وشبه العمد بالصفات المذكوره في الحديث، وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون: لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله، وحكي مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمره وغيرهم.
الفائدة الثانية:
أصل كلمة (السياسة) المعاصرة، وهل أصلها عربي؟
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في حاشية عمدة التفسير (طبعة دار الوفاء) ج1 ص 696، تفسير سورة المائدة في أثناء تعليقه على كلمة (الياسق):
وقد حررها المقريزي في الخطط (3/357، 358)، قال تحت عنوان ((ذكر أحكام السياسة)):
((.......ويقال:ساس الأمر سياسة، بمعنى قام به.......فهذا أصل وضع السياسة في اللغة. ثم رسمت بأنها القانون الموضوع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأحوال. والسياسة نوعان: سياسة عادلة تخرج الحق من الظالم والفاجر، فهي من الأحكام الشرعية، علمها من علمها وجهلها من جهلها........والنوع الآخر سياسة ظالمة، فالشريعة تحرمها. وليس ما يقوله أهل زماننا في شيء من هذا. وإنما هي كلمة مغلية، أصلها: ياسه، فحرفها أهل مصر وزادوا بأولها سينا فقالوا: سياسة، وأدخلوا عليها الألف واللام، فظن من لا علم عنده أنها كلمة عربية، وما الأمر فيها إلا ما قلت.
الفائدة الثالثة:
تقدم اللغة العربية على إبراهيم عليه السلام
في حاشية رياض الصالحين (طبعة دار الفيحاء ودار السلام)، ص 548 تعليقا على حديث ابن عباس رضي الله عنهما حول قصة إبراهيم واسماعيل عليهما السلام وذهابهما إلى مكة وبناء البيت......الحديث وفيه: (وشب الغلام وتعلم العربية منهم)، قال في الحاشية: قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: وهذا صريح في الدلالة التاريخية على أن العربية أقدم من إبراهيم واسماعيل، ولعلها أقدم من السريانية والتي هي يقينا أقدم من العبرية التي هي لغة أبناء إسرائيل الذي هو يعقوب حفيد إبراهيم، بل لعل العربية الأولى هي أم هذه اللغات التي تسمى السامية. كلها خلافا لمن جهل ذلك، فهل كل لفظة عربية توافق حرفا من تلك اللغات معربا عنها؟
وحتى ألقاكم بمزيد من الفوائد اترككم برعاية المولى وكلاءته|.
والســـلام