تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مفهوم مقاصد الشريعة (للمشاركة)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    14

    افتراضي مفهوم مقاصد الشريعة (للمشاركة)

    السلام عليكم ورحمة الله اشكر السادة الواقفين على سير هذا المجلس واود ان امكن طرح مفهوم مقاصدالشريعة وفكرة الشاركين الكرام عنها

  2. #2

    افتراضي رد: مفهوم مقاصد الشريعة (للمشاركة)

    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    7

    افتراضي نبدة عن العقيدة للابي زيد القرواني لمحمد بحسين

    نبدة عن العقيدة للابي زيد القرواني


    مقد مة

    لقد خلق الله الخلق ليعبدوه وبالالهية يفردوه وأخذعليهم الميثاق بذلك وهم في صلب أبيهم آدم فقال تعالى﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علىأنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كناعن هذا غافلين (172) أو تقولوا إنما أشرك آبآؤننا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون1
    ثم اقتضت حكمة العزيز الغفار ألا تكتفي بدليل الميثاق وحده في إقامة الحجة وعدم العذر بالجهل, أو أي عارض آخر في مسألة إفراد الله بالعبادة,... فجعل فطر عباده مركوز فيها توحيد الخالق وقصده في جلب النفع ودفع الضر,... فنصب لهم كتاب الآفاق و الأنفس يقرأون فيه عظمة الخالق وحكمة المصور وأن لهذا الكون خالقا مدبرا حكيما... يستحق العبادة وحده دون غيره... ثم شاء الرب تبارك وتعالى أن يبعث في كل أمة رسولا﴿مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾ولتمام الإعذار وإقامة الحجة وإيضاح المحجة فقد أيد هؤلاء الأنبياء بمعجزات لا يستطيع غيرهم أن يأتي بها ولكن أبى أكثر الناس إلا كفورا.
    ثم جاءت دعوة الأنبياء بسيطة في أسلوبها سهلة في طريقة عرضها تخاطب جميع الفئات, وتتوجه إلى مختلف النفوس , وهكذا كان محمد خاتم الأنبياء والمرسلين يعلم أصول العقيدة إلي جهال الأعراب ممن لايعرف قراءة ولاكتابة بله العلم بقواعد المنطق والفلسفة وعلم الكلام... فكان الصحابة رضي الله عنهم يتلقون بالإضافة إلى أمورالعقيدة ومختلف الشرائع الأخرى, طريقة ومنهج استفادة هذه الشرائع والأحكام من كتاب الله عزوجل ومن سنة الحبيب,... ثم تلقى التابعون هذا المنهج النبوي الفريد في كيفية دراسة العقيدة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وكذالك تابعوا التابعين إلى أن ظهرقوم(2) لم يعرفوا لا بكثرة علم ولا سعة اطلاع فطعنوا في هذا المنهج القرآني والنبوي في تقريرالعقيدة الإسلامية وجعلوا عقولهم القاصرة حاكمة على نصوص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه...ولكن لم يخل زمان من قائم لله بحجة ينصر دين الله ومنهج رسول الله وينفي عنهما تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين, ومن أمثال هؤلاء الأعلام: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله جميعا وغيرهم من أعلام الأمة الذين عاشوا لأجل دينهم ووهبوا أنفسهم وحياتهم لأجل تعلم هذا الدين وتعليمه.. فيتشرب تلاميذ الإمام مالك رحمه الله هذا المنهج الرباني في النفي والإثبات وسائر الأمور العقدية الأخرى ، ويتفرقون في الأفاق من بعده لينشروا مذهبه ومنهجه ويدبوا عنه ويدعون إليه إلى أن وصل إلينا غضاً طرياً كما أخذوه ، وهذا من تمام حفظ الله لدينه بعد ما حمله من كل جيل عدوله ينفون عنه تأويل المتأولين وشبه الزائغين وتقريرات المتحيرين ومن أمثال هؤلاء الأعلام: الإمام الشافعي, وابن القاسم, ووهب بن منبه, ويحيى بن يحيى الليتي, وسحنون, وبعدهم القاضي إسماعيل, وأبوبكر بن الأبهري, وابن أبي زيد القيرواني ـ موضوع بحثناإن شاءالله ـوابن خويزمنداد ,وابو الوليد بن رشد – الجد- وابن عبد البر, والبرزلي....وغيره م كثير رحمة الله على الجميع.

    تمهيد ظهورالفرق في المشرق وآثاره على الغرب الإسلامي
    المبحث الأول: نبذة حول الإفتراق
    لقد بعث الله النبي إلى جزيرة العرب وأهلها في جهالة جهلاء وضلالة عمياء, فأخرجهم به من الظلمات إلى النور.. والتحق النبي بالرفيق الأعلى وتركهم على الصراط المستقيم والسبيل القويم في عقائدهم وأخلاقهم وعبادتهم ومعاملاتهم.. حتى انتشر الإسلام في الآفاق واتسع شرقاً وغرباً ودخل في الإسلام من لا يفهم خطاب العرب ودقائقه ، ودخل فيه أيضاً من كان على أديان باطلة وعقائد فاسدة كانت متمكنة من نفوسهم ومتجدرة في قلوبهم... فبدأت تظهرمناظرات ومناقشات (1) هنا وهناك لم تكن على عهد النبي ولا أصحابه فكان ذلك إيذاناً لبداية ظهور الخلافات العقدية التي ستتطور فيما بعد ويكون لها الأثر البالغ في تاريخ الأمة الإسلامية......فكا نت أول فرقة ظهرت في تاريخ الإسلام هي الخوارج(2) حيث حكموا بتكفير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية ومن معهم في موقعة صفين, وزعموا التمسك بحكم الله ونبذ تحكيم الرجال وكانوا كلهم جهالاً من جفاة العرب ليس بينهم صحابي واحد... وعلى الطرف النقيض من ذلك ظهر أقوام تمسحوا بحب آل بيت النبي عامة, وعلي كرم الله وجهه خاصة فغالوا فيه وقدسوه... ثم توالت بعد ذلك الفتن, وكثرت الشبهات, وأطل معبد الجهني برأسه ونفى خلق أفعال العباد وقال إن الأمر أنف.. وجاء الجعد بن درهم فقال بخلق القرآن ونفى صفات الرحمن.. وأخذ مقالته الجهم بن صفوان ونشرها بين الناس فكانت أقواله أصل كل بدعة بعده...
    المبحث الثاني: العقائد التي كانت سائدة في الغرب.الإسلامي قبل دخول المذهب المالكي
    يُمكن القول أن أول ما عرفه أهل المغرب الأقصى هو دين الإسلام في صورته الأولى... وفي أواخر الدولة الأموية ونتيجة( للصراعات السياسية والمذهبية تسللت إلى الغرب الإسلامي بعض المذاهب العقدية كالخوارج والمعتزلة والشيعة والمرجئة)محاولة بذلك إيجاد متنفس لها تمارس فيه الدعوة إلى مذهبها بعيداعن ملاحقةخصومهم في المشرق.
    الخوارج : وصلوا إلى الغرب الإسلامي زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة{105- 125 ه} بعدما نكل بهم وطاردهم في المشرق, وأبرز فرقهم التي وصلت إلى المغرب الصفرية والإباضية الذين تمكنوا من نشر أفكارهم في كل من تونس والجزائر والمغرب...
    المعتزلة : عرف الغرب الإسلامي أيضاً حضوراً للفكر الإعتزالي ، حيث بعث واصل بن عطاء {ت/13ﻫ} بأتباع له إلى أهل المغرب لينشروا مبادئ الإعتزال قال الشهرستاني وبالمغرب الآن منهم شرذمة قليلة في بلد إدريس بن عبد الله الحسني الذي خرج بالمغرب أيام أبي جعفرالمنصور(1).
    المرجئة : كان حضور الفكر الإرجائي(1) بالغرب الإسلامي حضوراً ضيقاً ومحدوداً, والذي ساهم في وصول هذا الفكر إلى الغرب الإسلامي هو تشجيع السلطة السياسية له ولأفكاره الحيادية خصوصاً على المستوى السياسي بالإضافة إلى المغالات في الإعتدال إلى حد الجفاء فيما يخص موقفهم من تعريف الإيمان والحكم على مرتكب الكبيرة... , ولكن سرعان ما سيتقهقر هذا الفكر بعد سقوط نجم الخلافة الأموية (2)...
    الشيعة : تحكي بعض المصادرأن أول داعية شيعي وصل المغرب كان هو عيسى بن محمد النفس الزكية بعثه أبوه للدعوة للمذهب الشيعي في بداية القرن الثاني الهجري ، ولقد كان تأسيس دولة الأدارسة على يد إدريس الأول الشريف العلوي مناسبة لأهل المغرب كي يزدادوا حباً لآل البيت ... ثم ما لبث أن قامت للشيعة قائمة بعد أن تمكنوا من تأسيس دولتهم بالمهدية سنة(ﻫ297) وشاء الله أن تكون هذه الدولة على مذهب أعتى الفرق الشيعية وهم الإسماعلية الباطنية, الشيء الذي أدى إلى احتذام صراع عنيف جداً بين علماء أهل السنة والنظام السياسي الفاطمي وصل إلى اندلاع حرب بينهم سنة( 333 ﻫ) بقيادة علماء القيروان........
    المبحث الأول التعريف بابن أبي زيد القيرواني.
    1 الظروف السياسية التي عاش فيها ابن أبي زيد القيروان
    إن من أبرز نتائج الخلاف والإفتراق الذي ظهر في القرن الأول لنشوء الدولة الإسلامية بروز ونشوء مجموعة من الفرق العقدية التي سعت بشتى الوسائل لإيجاد كيان سياسي من أجل التمكين لمبادئها ونشر أفكارها, بالقمع وقوة السلطان تارة, والسيطرة على مراكزالتوجيه والتعليم والقضاء والإفتاء تارةً أخرى, وهكذا فقد تمكن الخوارج الصفرية من إقامة كيانهم السياسي جنوب المغرب في حين استوطن الخوارج الإباضية جنوب الجزائر ثم تمكن الأدارسة بعد ذلك من الإستقلال بالمغرب الأقصى سنة (172 ﻬ) ثم الأغالبة في القيروان سنة (184 ﻬ ) والتي قامت على أنقاضها بعد قرن من الزمان الدولة الفاطمية( سنة 287 ﻬ ) التي لها علاقة بموضوع بحثنا حيث شهدت فترة حكمهم قمة الصراع السني الشيعي في شمال إفريقية بصفة عامة والقيروان بصفة خاصة ...وبالفعل فقد قام علماء القيروان رحمهم الله وقفة رجل واحد في وجه هذه العقيدة الفاسدة والأفكار البائدة... وفي هذا الجو المشحون بالصراع العقدي والإستبسال في الدفاع والثبات على عقيدة السلف ومذهب الإمام مالك نشأ الإمام أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني ليؤثر فيه ذلك أبلغ ثأثير فيسخرحياته وجهده لخدمة هذه العقيدة وهذا المذهب حيث لم تخرج مؤلفاته كلها عن الدفاع عنهما وترسيخ مبادئهما الأصيلة وأصولهما الثابتة
    2 ولادته ونشأته
    هو الإمام العالم القدوة أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن القيرواني ويلقب بالنفزي نسبة إلى أسرة (نفزة) من أعمال الأندلس وقد ذكرالتتائي في مقدمة شرح الرسالة أنه من نفزاوة قبيلة من قبائل إفريقية, والذي أكده المؤرخ التونسي عثمان الكعاك أنه من نفزة الأندلس} (1).
    ولد بالقيروان سنة (310ه) نشأ وتربى وتعلم على يد علمائها وعايش محنتهم مع بني عبيد واستماتتهم في الدفاع عن العقيدة والمذهب ، حفظ القرآن الكريم في الكتاب على يد مؤدبه [محرز بن خلف] كما ذكر ابن ناجي في معالم الإيمان وجزم به ابن مخلوف في شجرة النور}(2).
    3 ثناء العلماء عليه
    .... وقد أثنى عليه علماء عصره وكل من أتى بعده أو ترجم له ولم يختلف أحد في إمامته وفضله وسعة علمه وغزارة حفظه ،...(يعتبرمن الطبقةالعالية من المؤلفين وعندي أنه أحق من يصدق عليه حديث{ يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد لها أمر دينها}1)(2).(الحجوي الفاسي في الفكر السامي)
    ويقول أيضاً { لولا الشيخان والمحمدان والقاضيان ، لذهب المذهب فالشيخان أبو محمد بن أبي زيد ، وأبو بكر الأبهري ، والمحمدان : محمد بن سحنون ، ومحمد بن المواز والقاضيان أبو محمد عبد الوهاب وأبو الحسن القصار }3 ، وقال الشيخ عبد الرحمن الدباغ :{ كان من أهل العلم والعبادة والورع والفضل والإحسان بالمحل الأعلى، انتشرت إمامته في العلم شرقاً وغرباً, وظهرت فضائله وفواضله بعدا وقرباً, واحد الزمان جلالة وعلماً،فريد العصر عقلاً وفهماً} (4) .....
    4 شيوخه(1)- أبو بكر بن اللباد واسمه محمد بن محمد بن وشاح ، من أصحاب يحيى بن عمر وبه تفقه, وسمع من الشيوخ الذين كانوا في وقته, قال أبو العرب: وكان فقيهاً جليل القدر عالماً باختلاف أهل المدينة واجتماعهم مهيباً مطاعاً....
    (2) أبو الفضل الممسي رحمه الله : واسمه العباس بن عيسى ، كان فقيهاً فاضلاً ، ديناً عابداً ، قال ابن الحارث كان من أهل المروءة والانقباض والصيانة لم يكن في طبقته أفقه منه ولا أصون, قال أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله عند قتله: وددت أن القيروان سبيت ، ولم يقتل أبو الفضل...
    _(3) أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي ، سمع من جماعة أصحاب سحنون وأكثررجال إفريقية (4) عبد الله بن أبي القاسم بن مسرور التجيبي المعروف بابن الحجاج .قال أبو عبد الله الخراط: كان أبو محمد ورعاً مسمتاً خاشعاً رقيق القلب غزيرالدمعة مهيباً في نفسه، ترك سبع قناطير من الكتب كلها بخطه _(7) دراس بن إسماعيل كنيته أبو ميمونة من أهل مدينة فاس سمع من شيوخ بلده, وبإفريقية من أبي بكر بن اللباد وغيره, وبالأندلس من شيوخها وله رحلة حج فيها, سمع منه أبو محمد بالقيروان كتاب ابن المواز هو والقابسي ،
    5 تلاميذه قال القاضي عياض :[وسمع منه خلق كثير وتفقه عنده جلة فمن أصحابه القرويين أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو القاسم البرادعي واللبيدي وابن الأجدابي وأبو عبد الله الخواص وأبو محمد عبد الله بن الحذاء وأبو مروان القنازعي, ومن اهل سبتة ابو عبد الله بن العجوز وابو محمد بن غالب وخلف بن ناصرومن أهل المغرب :ابن امداكتو السجلماسي] (1)- وأبو عبد الرحمان السبتي الفاسي وأبو بكر الرهوني..... 6 آثاره
    وسنقتصر على ذكر ما أورده القاضي عياض في المدارك ،قال رحمه الله :[ له كتاب النوادر والزيادات على المدونة، مشهور. أزيد من مائة جزء. وكتاب مختصر المدونة، مشهور،وعلى كتابيه هذين المعوَّل بالمغرب في التفقه. وكتاب الاقتداء بأهل السنّة، وكتاب الذبّ عن مذهب مالك، وكتاب الرسالة، مشهور، وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين, ...، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله، والتوكل على الله سبحانه, ....، وكتاب المناسك، ورسالة فيمن تأخذه عند قراءة القرآن ..، وكتاب رد المسائل، وكتاب حماية عرض المؤمن، وكتاب البيان عن إعجاز القرآن، وكتاب الوساوس... ورسالة النهي عن الجدال، ورسالة في الرد على القدرية، ومناقضة رسالة البغدادي المعتزلي، وكتاب الاستظهار في الردّ على الفكرية، ..، ورسالة الموعظة والنصيحة، ورسالة طلب العلم، ورسالة في أصول التوحيد، وجملة تواليفه كلها مفيدة بديعة، غزيرة العلم]1
    7 وفاته رضي الله عنه
    وتوفي أبو محمد رحمه الله، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثمائة...
    المبحث الثاني : الرسالة ومكانتها العلمية داخل المذهب المالكي.
    .....ولما انتهى من تأليفها تسابق الجلة من العلماء إلى اقتنائها{ واشتهرت اشتهار النهار, وشاعت في جميع الأقطار ، وتلقاها الناس بالقبول في سائر الأقطار,وظهرت بركتها ويمنها على من اشتغل بها من الكبار والصغار... لم تسمح القرائح بمثلها ،ولم ينسج ناسج على منوالها ، وكثرت بذلك الأوضاع عليها }(1){ وتعدت شهرتها المغرب إلى المشرق حتى غطت جميع بلادالإسلام أوكادت فوصلت بغداد واليمن،والحجازو الشام،ومصر وبلاد السودان ، وصقلية والأندلس ، وتنافس الناس في اقتنائها}(2.... ....(والرسالة على صغر حجمها احتوت على أربعة آلاف مسألة وأربعمائة حديث )(4) ولذلك كان القاضي أبو العباس ابن عرضون الغماري يطلق عليها زبدة المذهب وينصح المتعلمين بالبدء بقراءتها)(5) وقد زادت شروحها عن مائة شرح (1).............
    الفصل الثاني: دراسة مقارنة لعقيدة القيرواني والأشاعرة
    المبحث الأول : تحقيق المنهج العقدي لابن أبي زيد القيرواني
    فإننا لا نعدم النقول التي تمكننا من تصنيف اتجاهه العقدي بسهولة بالغة مهما قل مستوى اطلاعنا على مناهج التأليف العقدي أو أصول عقائد الفرق الإسلامية ولكن وبالرغم من ذلك فإننا نقول إن ابن أبي زيد رحمه الله من أكثر الشخصيات التي تم التنازع أو بالأحرى التلاعب حول منهجه العقدي وذلك منذ القرن الخامس الهجري إلى وقتنا الحاضر . حيث أن جل العلماء الذين قاموا بشرح كتابه الرسالة أو مقدمتها العقدية فقط قاموا بإسقاط قوالب الفكر الأشعري على هذه العقيدة حتى صار صاحبها أشعرياً رغم أنفه....... ولربما كان هذا من بين أهم الأسباب التي جعلت باحثين معاصرين لا يترددون في اعتبار القيرواني أشعرياً, بل إن من بينهم من زعم أنه هو أول من أدخل المذهب الأشعري إلى الغرب الإسلامي, ومن الباحثين الذين اعتبرواالقيروان ي أشعرياً نذكرروجي هادي في[الدولة الصنهاجية]3) ,عبد الحميد النجارفي[ فصول في الفكر الإسلامي](4) وسالم يفوت في مقال [الشعرية في المغرب] بمجلة الفكر العربي المعاصر(5)}(6)...... ومما ساهم أيضاً في اعتقاد البعض بأشعرية ابن أبي زيد رحمه الله موقفه من أبي الحسن الأشعري ودفاعه عنه في سياق رده لرسالة {علي ابن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي التي كتبها إلى المالكيين من أهل القيروان يظهر نصيحتهم بما يدخلهم به أقاويل أهل الاعتزال }(2)
    وفي هذا النقل يظهر القيرواني رحمه الله مدافعاً مستميتاً عن أبي الحسن الأشعري شاهداً له باتباع السنة والتمسك بها, وكونه أحد المدافعين عن عقيدة أهل السنة راداً على أهل البدعة من القدرية والجهمية, وقد رأيت أحد الباحثين قد اعتمد على هذه الشهادة التي أوردها ابن عساكرفي إثبات أشعرية القيرواني وكذلك أشعرية القاضي عبد الوهاب الذي { لا يشك أحد في تمسكه بمذهب أهل السنة والسلف } على حد قول يوسف حنانا في كتابه تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي (1)..... وسنورد إن شاء الله بعض هذه الأدلة حتى لا يبقى أدنى مجال شك في سلفية صاحب الرسالة
    1 تصريح القيرواني بعدم تقليده للأشعري
    فأبو محمد رحمه الله ممن يعرف قدر أبي الحسن وجلالته وفضله, وإن كان يخالفه في بعض الأمور المنهجية أو العقدية, فإن ذلك لا يمنعه من ذكر حسنات الرجل وفضائله والتغاضي عن تلك الأخطاء البسيطة التي عرف بها مع شدة حرصه على الحق وإتباع السنن والتمسك بها, والرد على أهل البدع من القدرية والجهمية.... فتأمل هذا القول مع قول أبي محمد رحمه الله { لا نعتقد أنا نقلد في معنى التوحيد والإعتقادات الأشعري خاصة ولكن لا يحل لنا أن نكفره أو نبدعه إلا بأمر لا شك فيه عند العلماء , وإذا رأينا من فروع أقاويله شيئاً ينفرد به تركناه ولا نهجم بالتضليل والتبديع بما فيه الريب ، وكل قائل مسؤول عن قوله }(2).
    فهذا تصريح يغني عن كل تعليق في كون القيرواني-رحمه الله- لا يقلد الأشعري في الإعتقادات وأن موقفه منه مبني على ما عرف من فضائله وحسناته مع تأكيده على رد كل ما يخالف الحق من فروع أقواله .
    2 شهادة الباحثين المنصفين
    .... شهادة الإمام الذهبي رحمه الله حينما قال عنه في آخر ترجمته:[ وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول لا يدري الكلام ولا يتأول ](1) و سأكتفي في هذا الباب بشهادة واحدة فقط , ولكنها قد تغنينا عن أي شهادة أخرى نظراً لكونها صادرة من باحث مختص في مجال تطور المذهب الأشعري, والمراحل التي مر منها والمؤلفات التي ألفها علماء الغرب الإسلامي في كل مرحلة من هذه المراحل , ودورها في ترسيخ وترسيم المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي من جهة ، وكونها كذلك صادرة من باحث ذو خلفية عقدية أشعرية من جهة أخرى , مما يجعل هذه الشهادة ذات مصداقية عالية تغنينا عن مزيد من البحث والتقصي حول أي شهادة أخرى... يقول الأستاذ يوسف حنانا { ومع هذا الجيل ستتبلور عقيدة - أهل التسليم والتفويض - التي كتب لها الثبات والاستمرارعقيدة رسمية من هذا التاريخ إلى بداية دولة الموحدين في النصف الأول من القرن السادس الهجري حيث سيتم الاستعاضة عنها بعقيدة الأشاعرة }(1)
    ثم يشير بعد ذلك إلى دور مقدمة الرسالة وأهميتها في نشر مذهب السلف وتأصيله على المستوى النظري فيقول :{ وعلى العموم فقد تمكن أهل السنة والسلف هؤلاء في جيلهم الثاني أن يؤسسوا نسقاً عقدياً متناغماً مع روح مبادئهم السنية وفقههم المالكي . ولعل المقدمة التي دبج بها ابن أبي زيد القيرواني رسالته الشهيرة, أوضح نقل يمكن أن يسلط الضوء على طبيعة التصور العقدي الذي اعتقده أهل التسليم والتفويض في الغرب الإسلامي , ودافعوا عنه في حجاجهم ومجادلاتهم مع خصومهم },(2)
    3 موقف القيرواني من الجدل الكلامي .
    وأبو محمد بن أبي زيد -رحمه الله- لا يخرج بتاتا عن موقف السلف عموما من الكلام وأهله .فقد كان رحمه الله قد {وضع رسالة سماها [رسالة إلى طالب العلم] ينصح فيها طالب العلم بعدم مخالطة أهل الجدل والكلام بجميع أنواعهم مؤكدا على ذلك ومصرا عليه بقوله [ فاحذر ثم احذر خلطة أهل الجدل والكلام فان وجدت من صالح رواة الحديث وأهل الفقه فخالطهم دون غيرهم
    المبحث الثاني : منهج الأشاعرة في تقرير التوحيد
    لقد درج الأشاعرة عند حديثهم على التوحيد الذي لا يصح إيمان المكلفين إلاّ به أن يقدموا بين يدي ذلك مجموعة من المباحث أهمها: - تعريف التوحيد –إثبات وجود الله –إثبات وحدانية الله ، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى إثبات صفات الله عز وجل حسب ما تقرر عندهم .
    أما فيما يخص التوحيد فقد { اصطلحوا على تسميته بتوحيد الذات والأفعال, فقالوا عن توحيد الذات أنها تنفي عن الذات تركبها من أجزاء وتعددها بحيث يكون هناك إله ثان فأكثر ووحدة الأفعال بمعنى أنه لا تأثير لغيره في فعل من الأفعال }. (1).........
    1 إثبات وجود الله عند الأشاعرة : لا يعتبر متأخروا الأشاعرة على وجه الخصوص دلائل الكتاب والسنة والإجماع والفطرة مصدراً من مصادرإثبات وجود الله عز وجل ويعتبرون أن الطريق الوحيد في ذلك هو العقل ، قال البغدادي { فأما المعلوم بالنظر والإستدلال من جهة العقول, فكالعلم بحدوث العالم وقدم صانعه وتوحيده وصفاته وعدله وحكمته }(1), ... ويبقى أشهر الأدلة عندهم في إثبات وجود الصانع هو دليل الحدوث وهو مبني على مقدمتين : الأولى هي : العالم حادث ، والثانية هي أن كل حادث لا بد له من محدث....ولإثبات المقدمة الأولى فإنهم يتحدثون عن خمسة أمور وهي :
    الأول –إثبات الأعراض وقيامها بالجواهر .
    الثاني – إثبات حدوث الأعراض .
    الثالث – إثبات إستحالة تخلي الجواهر عن الأعراض .
    الرابع – إثبات إمتناع حوادث لا أول لها.
    الخامس – إثبات أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث .(1)
    أما المقدمة الثانية فخلاصتها أن المحدث ممكن والممكن جائز الوجود والعدم . وحيث أن الشيء يستحيل أن يوجد نفسه فإنه يفتقر إلى محدث يرجح وجوده على عدمه .(2)
    2 إثبات الوحدانية
    اعتمد الأشاعرة في ذلك على دليل التمانع الذي نسبوه إلى القرآن في قوله تعالى ﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾(3) وخلاصته أنه لو فرض وجود إلهين فإن الأمر لا يخلو من أحد الأمرين :
    الأول – إتفاقهما على إيجاد العالم : وهو باطل لأنه يلزم منه عجزهما لأن كل واحد سد على الآخر تعلق قدرته بالبعض الآخر .
    الثاني – اختلافهما , ذلك بأن يريد أحدهما إيجاد العالم والآخر إعدامه ولا يخلو الأمر من أحد ثلاثة أشياء :
    الأول – أن ينفذ مرادهما ويلزم منه اجتماع الضدين وهو باطل .
    الثاني – أن لا ينفذ مرادهما لتمانعهما ويلزم منه عجزهما.
    الثالث – أن ينفذ مراد أحدهما دون الآخر فالذي نفذت إرادته هو الإله
    الحق القادر والآخر ليس بإله .} (4)انقسم الأشاعرة إلى فريقين إثنين في هذه المسألة وكل فريق منهم يرد على الآخر, حيث يرى الفريق الأول أنه من فروض الأعيان، فواجب على كل مسلم ومسلمة توافرت فيه أهلية التكليف أن ينظرا بعقليهما في أمور العقائد ,ومع اتفاقهم على الوجوب فقد اختلفوا في متعلقه وهو هل الواجب هو النظر ذاته كما هو عند الباقلاني حيث يرى أن { أول ما فرض الله عز وجل على جميع العباد النظر في آياته}(1) أم هو القصد إلى النظر كما يرى ذلك الجويني الذي يقول { أول ما يجب على العاقل البالغ باستكمال سن البلوغ أوالحلم شرعاً ، القصد إلى النظرالصحيح } (3) هذا وقد حكم بعضهم بتكفير المقلدين في العقائد كما قرر ذلك السنوسي في كبراه(4) , أما الفريق الثاني فيرى أنه من فروض الكفاية فقط لا يقوم به إلا المأهلون له وهم العلماء دون غيرهم من العامة والجهلة.....
    المبحث الثالث منهج أبي محمد بن أبي زيد في تقرير التوحي
    ... 1 الاعتماد التام على نصوص الكتاب والسنة .
    إننا إذا نظرنا نظرة فاحصة فيما كتبه أبو محمد في عقيدته وخصوصا في الجزء الخاص بالتوحيد إبتداءً من قوله { من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان أن الله إله واحد لا إله غيره.... كلم موسى بكلامه, الذي هو صفة ذاته , لاخلق من خلقه, وتجلى للجبل فصار دكا ًمن جلاله,وأن القرآن كلام الله ليس بمخلوق فينفذ, ولا صفة لمخلوق فيبيد}(1).نجد أن جميع العبارات التي وضفها في تقريره لتوحيد الله عز وجل لا تخرج تماما عن ألفاظ الكتاب والسنة, إلا في كلمات معدودة اضطر لاستعمالها بقصد مزيد الإيضاح والبيان....
    2 التوحيد عند القيرواني من خلال المقدمة
    قال رحمه الله في مقدمة الرسالة {باب ماتنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات : من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان :أن الله إله واحد لا إله غيره ولا شبيه له ولا شريك له ...لا يبلغ كنه صفته الواصفون ولا يحيط بأمره المتفكرون ...العالم الخبير ,المدبر القدير ,السميع البصير ,العلي الكبير,...خلق الإنسان ويعلم ماتوسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد ..على العرش استوى وعلى الملك احتوى...له الأسماء الحسنى والصفات العلى...}(1).
    فهذا الكلام على وجازته واختصاره ,قد ضم أنواع التوحيد كلها وما يندرج تحتها من مباحث وجزئيات ,ويصدق عليه قول القائل :{إن كلام السلف قليل كثير البركة, وكلام المتكلمين كثير قليل البركة}(2)
    ومعلوم أن التوحيد عندأهل السنة والأثر {نوعان:الأول التوحيد العلمي الخبري الإعتقادي ,المتضمن إثباث صفات الكمال لله عز وجل وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل ,وتنزيهه عن صفات النقص وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات.والثاني :التوحيد الطلبي القصدي الإرادي وهو عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ,وهو تجريد محبته ,والإخلاص له ,وخوفه ورجائه,والتوكل عليه والرضا به ربا وإلها ووليا, وأن لا يجعل له عدلا في شيء من الأشياء ,وهو توحبد الإلهية, والقرآن كله من أوله الى آخره في تقريرهذين التوحيدين}..
    وما اثبته القيرواني رحمه الله لا يخرج أبدا عن هذين النوعين الذين دل عليهما إستقراء نصوص الكتاب والسنة.............
    المبحث الرابع : الأسماء والصفات بين القيرواني والأشاعرة
    1 منهج القيرواني في الأسماء والصفات
    سبقت الإشارة إلى أن من أكبر ألأسس التي ينبني عليها النسق العقدي لأهل السنة والجماعة هو الإعتماد التام على نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة , لأن تصحيح العقائد وترسيخها في قلوب الناس هي أكبر أهداف دعوات الرسل والأنبياء, والتي ما جاءت إلا لتخبر الناس عما يجب إعتقاده في الله سبحانه وتعالى من التعظيم , وأوصاف الكمال و أسماء الجلال , وما ينبغي أن ينزه عنه من أنواع النقائص وضروب الأمثال..... , ويؤكدعبد البر(ت463)-رحمه الله- فيقول { ليس في الإعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله, أو صح عن رسول الله أو أجمعت عليه الأمة, وما جاء من أخبار الأحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه}(1),






  4. #4

    افتراضي رد: مفهوم مقاصد الشريعة (للمشاركة)

    جزاك الله خيرا و باركالله في جهودك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •