الأحاديث الدالة عليها و مناقشتها . وفيه مباحث
لفظ الحديث
عن أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ
فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لأَبِي قِلابَةَ وَكَيْفَ كَانَتْ صَلاتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ قَامَ
أخرجه البخاري : بَاب (مَنْ اسْتَوَى قَاعِدًا فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ ثُمَّ نَهَضَ) بلفظ :
780-عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا
و (بَاب كَيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأَرْضِ إِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَةِ) بلفظ :
781-عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ إِنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لأَبِي قِلابَةَ وَكَيْفَ كَانَتْ صَلاتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ قَامَ
وفي رواية نحوه ، وفيه : «قام فأمْكَنَ القيام ، ثم ركع فأمكن الركوع ، ثم رفع رأسه فانْتَصب قائما هُنيْهة ، قال أبو قِلابة : صلَّى بنا صلاةَ شيخنا هذا - أبي بُرَيد - وكان أبو بريد إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة من الركعة الأولى والثانية ، استوى قاعدا ، ثم نهض».
وفي رواية أبي داود : قال أبو قِلابة : «جاءنا أبو سليمان - مالك بن الحُوَيْرِث - في مسجدنا ، فقال : إني لأُصلِّي ، ما أريد الصلاةَ ، ولكنِّي والله أُريدُ أن أُرِيكم كيف رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي ، قال : قلت لأبي قِلابة : كيف صلَّى ؟ قال : مثل صلاةِ شيخنا هذا - يعني : عمرو بن سلمة إمامهم - وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى ، قعد ، ثم قام».
وفي رواية النسائي ، قال : «كان مالك بن الحويرث يأتينا ، فيقول :-[365]- ألا أحدِّثُكم عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ فيصلي في غير وقت صلاة ، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدا ، ثم قام فاعتمد على الأرض».
- أخرجه أحمد (3/436) قال: حدثنا إسماعيل. وفي (5/53) قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا حماد، يعني ابن زيد.
- والبخاري (1/172) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب. وفي (1/202) قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد. وفي (1/207) قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حماد. وفي (1/209) قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا وهيب.
- وأبو داود (842) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا إسماعيل، يعني ابن إبراهيم. وفي (843) قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا إسماعيل.
والنسائي (2/233) وفي الكبرى (650) قال: أخبرنا زياد بن أيوب دلويه، قال: حدثنا إسماعيل. ثلاثتهم - إسماعيل، وحماد، ووهيب - قالوا: حدثنا أيوب.
-وأخرجه النسائي (2/234) وفي الكبرى (652) قال: أخبرنا محمد بن بشار. وابن خزيمة (687) قال: حدثنا محمد بن بشار، وأبو موسى. كلاهما - محمد بن بشار، وأبو موسى محمد بن المثنى - قالا:حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا خالد.
والحديث صحيح لا غبار عليه
***اختلاف ألفاظ الروايات***
الحديث مداره : عن أبي قلابة . وله طريقان الأولى عن أيوب السختياني و الثانية عن خالد الحداء .
فأما عن أيوب فقد أخرج البخاري روايته (باب المكث بين السجدتين) 776 قال :
عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لأَصْحَابِهِ :أَلا أُنَبِّئُكُمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلاةٍ فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ هُنَيَّةً ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً فَصَلَّى صَلاةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا قَالَ أَيُّوبُ كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ قَالَ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ .
و أما خالد الحذاء فرواها من قول مالك ، فقد أخرج البخاري في باب ( من استوى قاعدا في وتر من صلاته ) 780 عنه عن أبي قلابة قال : " أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلّي ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا " هذا في رواية هشيم عنه.
و خالفه عبد الوهاب الثقفي و وهيب فروياه من فعل مالك بن الحويرث رضي الله عنه. فقد روى ابن خزيمة ( 387) و ابن حبان (1935) و غيرهما ، عنه عن أبي قلابة قال : " كان مالك بن الحويرث مابيننا فيقول ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فصلى في غير وقت صلاة فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا ثم قام واعتمد على الأرض "
و هذه مخالفة صريحة لأيوب ، الذي جعلها من فعل ذلك الشيخ . قَالَ أَيُّوبُ كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ .
فأما معرفة الرواية الأصح هذا لا يأتي إلا بمعرفة أيوب و خالد و مكانتيهما في رواة الحديث .
***الترجيح بين الرويات***
رواة الحديث
أيوب السختياني
نقل الذهبي في (سير أعلام النبلاء) : قال محمد بن سعد الكاتب: كان أيوب ثقة، ثبتا في الحديث، جامعا، كثير العلم، حجة، عدلا.
وقال أبو حاتم وسئل عن أيوب، فقال: ثقة، لا يسأل عن مثله.
قلت: إليه المنتهى في الاتقان .
قال ابن المديني: له نحو من ثمان مئة حديث.
وأما ابن علية، فقال: كنا نقول: حديث أيوب ألفا حديث، فما أقل ما ذهب علي منها.
وسئل ابن المديني عن أصحاب نافع، فقال: أيوب وفضله، ومالك وإتقانه، وعبيد الله وحفظه ....
قال حماد بن زيد: أيوب عندي أفضل من جالسته، وأشده اتباعا للسنة
وروى جرير الضبي عن أشعث، قال: كان أيوب جهبذ (2) العلماء.
قال سلام بن أبي مطيع: كان أفقههم في دينه أيوب.
قالوا لمالك: إنك تتكلم في حديث أهل العراق، وتروي مع هذا عن أيوب، فقال: ما حدثتكم عن أحد، إلا وأيوب أوثق منه.
قال علي بن المديني: لايوب نحو من ثمان مئة حديث.
وآخر من روى حديثه عاليا، أبو الحسن بن البخاري.
خالد ابن مهران (الحذاء)
نقل الذهبي في (سير أعلام النبلاء) قال :
وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وجماعة. وحديثه في الصحاح. قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به وقال عباد بن عباد: أراد شعبة أن يضع من خالد الحذاء.فأتيته أنا وحماد بن زيد، فقلت له: مالك: أجننت ؟ ! أنت أعلم ! قال: وتهددناه فأمسك. قال يحيى بن آدم: قلت لحماد بن زيد: ما لخالد الحذاء في حديثه ؟ قال: قدم علينا قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حفظه.وقال عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال: قيل لاسماعيل بن علية في هذا الحديث.
فقال: كان خالد يرويه، فلم كن يلتفت إليه. ضعف ابن علية أمره. يعني الحذاء.
قال يحيى بن آدم: حدثنا عبد الله بن نافع القرشي أبو شهاب قال: قال لي شعبة: عليك بحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحاق فإنهما حافظان، واكتم علي عند البصريين في خالد الحذاء، وهشام يعني ابن حسان.
قلت: هذا الاجتهاد من شعبة مردود، لا يلتفت إليه.
بل خالد وهشام محتج بهما في " الصحيحين " هما أوثق بكثير من حجاج وابن إسحاق، بل ضعف هذين ظاهر ، ولم يتركا.اهـ
فأيوب السختياني و خالد ابن مهران( الحداء) من الثقات و لا يلتفت إلى أي كلام فيهما , لكن خالدا تكلم فيه ولذلك أورده الذهبي في الميزان وكذلك العقيلي في الضعفاء 402
وخلاصته أن أيوب أوثق من خالد ذلك بتزكية المحدثين له و كلاهما ثقات
قال أبو حاتم ( الجرح والتعديل 3/457 ) : - أيوب أحب إليّ من خالد في كل شيء .
وهدا الإضطراب في المتن يوهن رواية خالد و يقوي رواية أيوب
فربما خالد الحذاء أخطأ في نسبة الجلسة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم . و خالفه مَن هو أحفظ منه و أثبت ،فنسبها إلى عمرو بن سلِمة ، و ميّزها عن صفة الصلاة التي صلاها مالك بن الحويرث رضيالله عنه . بل و استغربها و نبّه على أنّ الناس لا يفعلونها . و يعني بالناس مَن أدرك مِن التابعين.