العقل هبة من الباري جل جلاله، ونعمة كبيرة لايدركها إلا من عقل معنى العقل، وأستخدمه وأستفاد منه، يقول عدد من علماء الغرب: "أن عباقرة الناس لايستخدمون من عقولهم إلا 5 %"، فهؤلاء هم عباقرة العالم، فكيف بالحمقى والمغفلين، وعلى هذا قس.
وقد قيل: "من عقل شيء أدركه"، فالعقل كائن ظلم في زماننا البائس،ظلم بتجميده، وتحقيره، وتهميشه، ظلم من أناس لا عناية لهم إلا بكل سخيف مقيت،ووالله لو أدرك ابن الجوزي -رحمه الله- زماننا لكتب أكثر من نصف البشر في كتابه "الحمقى والمغفلين"، أصبح الواحد منا كسولاً حتى في تفكيره وتحكيم عقله.
الفكر والمفكرون هم قادة الأمم، فأين ما وجد القوم الذين يفكرون تجدهم يسودون الأرض، التفكير بأدواته مهم للأمم المتحضرة والتي تطلب التحضر والرقي، ولا يستقيم الفكر ولا يعتدل إلا بالعلم والتعلم، والتفكر بنظام، والتمعن بإعتدال، ومواكبة كل جديد بحسن، ومعرفة كل قديم بقوة، هذه الحياة تجارب ومواقف، وقد أستفاد الناس من تجارب الخلق ومواقفهم، لأن العقل إدراكه محدود، وبغيره يتسع المدار، وترتفع حد التفكير.
ومن غريب ما يرى الإنسان على كثرة الغريب، ومما يضحكه على مهل، ويبكيه على قدر، أن يرى أناساً لهم أفكار متنوعة المشارب، غريبة المدارك، تتمدد حيناً وتنكمش حيناً آخر، وليست بالحرارة والبرودة تمددها وإنكماشها، وإنما بملذات الدنيا، ومصالح دنيئة، ساعة إلى الإصلاح تراهم، وآخرى إلى التفتح والتفسخ تشاهدهم، وهكذا تشتتوا وشتتوا معهم الناس.
للعقل قوانينه الصارمة، وللتفكير متطلباته المعقدة، فمن الحماقة أن تجعل عقول الناس لك مرتعاً، تستقي منها ما تريد، ثم تدبر مولياً لا مبالياً بعقول الناس، ومستخفاً بها، هذه مصيبة لا بد من حل له، وحلها أن نقول "لا"، لا لكل من أراد الإستخفاف بعقولنا، ولا لمن أراد اللعب بنا، لا لكل فكرة إلا بدليلها ومعضدها، لا كلمة قاسية على هؤلاء ومن وراءهم.
من جعل نفسه يُساق مع السوقة، لا يأبه به حتى غلام القوم، ومن أبى على نفسه الإذلال، وسار مع القوم بكل أنفة وأقتدار، عُرف له قدره، وحسب له حسابه.
مع تحيات
رسم القلم