بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين ، ومَن تبعه بإحسان ، واهتدى بهديه إلى يوم الدين .

أما بعد فإني قد عزمت علي كتابة سلسلة تتناول المسائل المغلوطة أو التي ينقصها التحقيق العلمي بقصد عرضها للقراء ودراستها دراسة علمية تعتمد الدليل المعتبر عند أهل النظر والتحقيق ولا يفهم من هذا أني أستدرك شيئا فات من سبق بل هي محاولة لتسليط الضوء عليها لتأخذ نصيبها من البحث والتمحيص وأدعو كل باحث للمساهمة فيها بالنقد البناء أو الإرشاد والنصح فالحكمة ضالة المؤمن فأني وجدها فهو أحق بها وقد أسميتها





مفاهيم يجب أن تصحح

أولا قولهم : الريح بالإفراد للعذاب وبالجمع للرحمة



تنتشر بين المثقفين وأنصاف المتعلمين بعض التعميمات التي سبيلها الاستقراء الكلي إلا أن البحث العلمي يكشف عن قصور في تلك التعميمات التي هي في أصلها إطلاقات يطلقها أحد العلماء في معرض ما ثم تؤخذ بحسن الظن علي أنها قواعد عامة أنتجها استقراء كلي ومن بين تلك التعميمات قولهم( الريح بالإفراد للعذاب وبالجمع للرحمة).

جاء في غريب الحديث للخطابي

(وقال أبو سليمان في حديث النبي أنه كان يقول إذا هاجت ريح اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك نا عمر بن حفص السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا أبي علي بن عاصم عن أبي علي الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس قوله اجعلها رياحا يريد اجعلها لقاحا للسحاب ولا تجعلها ريحا يريد لا تجعلها عذابا والعرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح وقال الأصمعي عن بعض الأعراب إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض وتصديق هذا في كتاب الله عز وجل وبيانه ما ذكر ابن عباس حدثناه الأصم نا الربيع ثنا الشافعي أخبرنا من لا أتهم نا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال في كتاب الله يعني آية الرحمة وأرسلنا الرياح لواقح قال وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وقال يعني في آية العذاب وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقال إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا قال أبو سليمان والمؤتفكات الرياح إذا اختلفت وكانت لشدتها كأنها تقلب الأرض)اه. غريب الحديث للخطابي ج 1 ص679ـ680



وتابعه ابن الأثير في النهاية له باب الراء



(ومنه الحديث [ كان يقول إذا هاجَتِ الرِّيحُ : اللهم اجْعَلها رِياحا ولا تَجْعلها رِيحاً ] العربُ تقول : لا تَلْقَحُ السَّحاَب إلا من رِياح مختلفة يريد اجْعَلها لَقاحاً للسَّحاب ولا تجعلها عذَابا . ويُحقق مَجىءُ الجمع في آيات الرَّحْمَة والواحد في قِصَص العذَاب كالريح العَقِيم ورِيحاً صَرْصَراً
- وفيه [ الريح من رَوْح اللّه ] أي من رْحمِته بِعباَده)اه. النهاية ج2:ص272



وتابعه ابن منظور في لسان العرب ناقلا عنه دون أن يشير إلي ذلك حيث قال في مادة ر و ح

(وفي الحديث كان يقول إذا هاجت الريح اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا العرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح مختلفة يريد اجعلها لقاحا للسحاب ولا تجعلها عذابا ويحقق ذلك مجيء الجمع في آيات الرحمة والواحد في قصص العذاب كالريح العقيم و ريحا صرصرا وفي الحديث الريح من روح الله أي من رحمته بعباده)اه. لسان العرب ج2:ص455

وتابعهم صاحب تاج العروس عليه حيث قال في مادة روح من تاجه

(هاجَتِ الرِّيحُ "اللّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحاً ولا تَجْعَلْهَا رِيحاً". العرب تقول لا تَلْقَحُ السّحَابُ إِلاّ من

رياحٍ مختلفة، يريد اجْعَلْهَا لَقَاحاً للسَّحاب ولا تَجْعَلْهَا عَذاباً. ويُحَقِّق ذلك مَجيءُ الجَمْعِ في

آياتِ الرَّحْمَة، والوَاحد في قِصَص العَذابِ: كالرِّيح العَقيم، و"رِيحاً صَرْصَراً")اه.



وهذا الاتجاه في التعميم لا يسنده دليل علمي له اعتبار بل هو مخالف للقرآن والسنة الصحيحة والمنقول عن أهل اللغة فالناظر في القراآت السبع المتواترة المتفق علي قرآ نيتها يجد أن كلمة الريح تقرأ مفردة عند بعض القراء وتقرأ بالجمع عند قارئ أو قراء أخر في نفس الآية مما يدل علي أنه ليس لها معني خاص بالإفراد أو الجمع بل السياق هو الذي يحدد المعني المراد منها سواء كانت مفردة أو مجموعة وهاك تفصيل القراآت فيها كما جاء في كتاب الوافي في شرح الشاطبية فتأملها تجد الأمر كما وصفت لك

قال : ( وقرأ حمزة والكسائي أيضا بتوحيد لفظ الرياح أي بحذف الألف فتسكن الياء في هذه السورة ـيعني البقرةـ (وتصريف الرياح) وفي الكهف ( تذروه الرياح) وفي سورة الشريعة وهي الجاثية( وتصريف الرياح ) وانضم إليهم ابن كثير في توحيد لفظ الرياح في السور الآتية: النمل (ومن يرسل الرياح بشرا ) والأعراف ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا ) وفي الموضع الثاني من الروم ( الله الذي يرسل الرياح) واحترز به عن الموضع الأول(ومن ءاياته أن يرسل الرياح مبشرات). فلا خلاف في قراءته بالجمع وفي فاطر ( والله الذي أرسل الرياح ) وانفرد حمزة بقراءة هذا اللفظ بالإفراد في الحجر ( وأرسلنا الريح لواقح ) وقرأ السبعة إلا نافعا بالتوحيد في سورة الشوري (إن يشأ يسكن الريح) وفي السورة التي تحت الرعد وهي إبراهيم (كرماد اشتدت به الريح )فتكون قراءة نافع بالجمع في السورتين وقرأ البزي وقنبل عن ابن كثير بالتوحيد في سورة الفرقان (وهو الذي أرسل الرياح بشرا ) وقرأ غيرهما بالجمع ..........)اه.وأنت إذا تأملت ما سبق بان لك عدم صحة ما احتج به من الآيات فآية الحجر المستشهد بها قرئت بالوجهين أعني الجمع والإفراد فبطل الاحتجاج بها ومن أوضح الآيات في المعني الذي نحن فيه آية يونس (وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف )فقد وصفت بأنها طيبة وأنها عاصف وهي في كلتا الحالتين بالإفراد

قال الدامغاني في الوجوه والنظائر الريح علي ثلاثة أوجه

[والوجه الثاني : الريح بعينها إذا لم يكن فيه عذاب قوله ـ تعالي ـ في سورة يونس (وجرين بهم بريح طيبة )]اه.الوجوه والنظائر للدامغاني ص 232

بعد هذا البيان بان لك أن هذا الفريق قد خالف القرآن فيما ادعاه أما مخالفته للسنة ففي استشهاده علي ما ذهب إليه بحديث باطل وآخر ضعيف وجمعه بين متناقضين فقوله (ولا تجعلها ريحا يريد لا تجعلها عذابا ) يناقض قوله بعد (وفي الحديث الريح من روح الله أي من رحمته بعباده ) فهو يفسرها تارة بالعذاب وتارة أخري بالرحمة دون أن تتغير صيغتها بالإفراد أو الجمع

وهو أيضا مخالف لما صح عن الرسول من الأحاديث

أما الحديث الباطل الذي استشهد به فهو ما رواه مرفوعا عن الرسول أنه ([ كان يقول إذا هاجَتِ الرِّيحُ : اللهم اجْعَلها رِياحا ولا تَجْعلها رِيحاً ) قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 6 / 598

[فما جاء في حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " اللهم اجعلها

رياحا و لا تجعلها ريحا " . فهو باطل , و قال الطحاوي : " لا أصل له " . و قد

صح عن ابن عباس خلافه , كما بينته تحت حديث الطبراني المخرج في الكتاب الآخر :

" الضعيفة " ( 5600 ) .]

[كان إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه و جثا على ركبتيه و مد يديه و قال : اللهم إني أسألك من خير هذه الريح و خير ما أرسلت به و أعوذ بك من شرها و شر ما أرسلت به اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا . *



تخريج السيوطي

‏(‏طب‏)‏ عن ابن عباس‏.‏



تحقيق الألباني

‏(‏ضعيف جدا‏)‏ انظر حديث رقم‏:‏ 4461 في ضعيف الجامع‏.‏*

عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه ، وجثا على ركبتيه ومد يديه وقال : " اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " .

** رواه الطبراني وفيه حسين بن قيس الرحبي أبو علي الواسطي الملقب بحنش وهو متروك ، وقد وثقه حصين بن نمير ، وبقية رجاله رجال الصحيح .] المصدر السابق



أما الحديث الضعيف الذي استشهد به هذا الفريق فهو قول أبو سليمان الخطابي فيما نقلنا عنه سابقا [وتصديق هذا في كتاب الله عز وجل وبيانه ما ذكر ابن عباس حدثناه الأصم نا الربيع ثنا الشافعي أخبرنا من لا أتهم نا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال في كتاب الله يعني آية الرحمة وأرسلنا الرياح لواقح قال وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وقال يعني في آية العذاب وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقال إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا ] فهذا الحديث ضعيف لجهالة الراوي عن العلاء ابن راشد قال العلامة احمد ابن شاكر ( واذا روي الثقة عن مبهم لم يذكر اسمه . قال < حدثني الثقة > أو < حدثني من لا أتهم > فإنه أولي بعدم القبول ,إذ لا حجة في المجهول ,وكذلك ما إذا قال الثقة < كل شيخ أروي عنه فهو ثقة> ثم روي عن مبهم لم يذكر اسمه .وذهب بعضهم إلي قبول ذلك في حق من قلد هذا الشيخ كأتباع مالك إذا روي عن شخص مبهم وسمه بأنه ثقة, وكأتباع الشافعي كذلك .

و الصحيح أن الرواية عن المبهم غير مقبولة مطلقا ,كما هو واضح ) اه.شرح ألفية السيوطي ص 101

أما مخالفته لما صح عن الرسول فهي أظهر لذي عينين نكتفي بذكر بعض الأحاديث الصحيحة عنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ اكتفاء بها عن غيرها قال العلامة الألباني

(" لا تسبوا الريح , فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا : اللهم إنا نسألك من خير هذه

الريح و خير ما فيها و خير ما أمرت به , و نعوذ بك من شر هذه الريح و شر ما

أمرت به " .





حديث صحيح , و في الحديث دلالة واضحة على أن الريح قد تأتي بالرحمة , و قد تأتي

بالعذاب , و أنه لا فرق بينهما إلا بالرحمة و العذاب , و أنها ريح واحدة لا

رياح , ]اه. السلسلة الصحيحة 6 / 598 .



[عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها وعوذوا به من شرها " . رواه الشافعي وأبو داود وابن ماجه والبيهقي في الدعوات الكبير] مشكاة المصابيح - (ج 1 / ص 342) 1516 - [ 6 ] ( صحيح ).



السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 256)

[" كان إذا هاجت ريح شديدة قال : اللهم إني أسألك من خير ما أرسلت به ، و أعوذ

بك من شر ما أرسلت به " .



قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 602 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 717 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 /

400 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 763 ) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي عن

المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد

صحيح على شرط الشيخين . السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 256)

و له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا : " كان

إذا رأى سحابا مقبلا من أفق من الآفاق ترك ما هو فيه و إن كان في صلاته حتى

يستقبله فيقول : " اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به " ، فإن أمطر قال : "

اللهم سيبا نافعا " ( مرتين و ثلاثا ) ، فإن كشفه الله و لم يمطر حمد الله على

ذلك " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 218 ) و عنه ابن ماجه ( 3889

) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 177 / 686 ) و أبو داود ( 5099 ) باختصار ،

و أحمد ( 6 / 222 - 223 ) من طريق المقدام بن شريح عن أبيه عنها . قلت : و

إسناده صحيح ، و أخرجه ابن حبان ( 1002 - الإحسان ) من طريق شريك عن المقدام به

مختصرا ، إلا أنه قال : " غبارا " ، مكان " سحابا " ، فهو منكر لضعف شريك ، و

مخالفته لرواية الجماعة ، و العلة ليست منه ، و إنما من الراوي عنه : يحيى بن

طلحة اليربوعي ، فإنه لين الحديث كما في " التقريب " ، و قد خالفه حجاج - و هو

ابن محمد المصيصي الثقة - فرواه عنه أحمد في الموضع الثاني المشار إليه بلفظ

الجماعة ، و خفي هذا التحقيق على المعلق على " الإحسان - 3 / 287 - المؤسسة

فقال : " حديث صحيح " ! و لو انتبه لقال : إلا لفظ " غبار " ، فإنه منكر . و

تابعه عطاء بن أبي رباح عنها قالت : كان إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني

أسألك خيرها و خير ما فيها و خير ما أرسلت به ، و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها

و شر ما أرسلت به " . قالت : و إذا تخيلت السماء تغير لونه ، و خرج و دخل ، و

أقبل و أدبر ، فإذا مطرت سري عنه ، فعرفت ذلك في وجهه . قالت عائشة : فسألته ؟

فقال : " لعله - يا عائشة - كما قال قوم عاد : *( فلما رأوه عارضا مستقبل

أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به )* " . أخرجه مسلم ( 3 /

26 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 400 ) و النسائي ( 940 و 941 ) الدعاء

منه ، و البخاري مختصرا ( 1032 و 3206 و 4828 و 4829 ) و في الموضع الأول منها

هو مختصر جدا بلفظ : " كان إذا رأى المطر قال : صيبا نافعا "].



[ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " وإذا تخيلت السماء تغير لونه وحرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا مطرت سري عنه فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال : " لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا : هذا عارض ممطرنا )

وفي رواية : ويقول إذا رأى المطر " رحمة "] مشكاة المصابيح - (ج 1 / ص 341)

1513 - [ 3 ] ( متفق عليه ).

وأما مخالفته لما صح عن أهل اللغة فنورد لك بعض النقول التي توقفك عليها بأدنى تأمل.

جاء في معجم العين للفراهيدي في مادة ر ي ح

[ ويومٌ رَيِّحٌ طيّبٌ ذو رَوْحٍ، ويومٌ راحٌ ذو ريحٍ شديد].

وجاء في المحيط في اللغة لابن عباد في مادة ر و ح

[والرِّيْحُ: ذو الرَّوْحِ. ويَوْمٌ رَاحٌ: ذو رِيْحٍ شَديدَةٍ. وأراحَ اليَوْمُ: جاءَ برِيْحٍ شَديدةٍِ.].

وجاء في المحكم والمحيط الأعظم في مادة ر وح

[الريحُ: نسيم الهواء، وكذلك نسيم كل شيء، وهي مؤنثة. وفي التنزيل: (كمَثَلِ ريحٍ فيها

صِرٌّ أصابت حَرْثَ قوْمٍ).

والرِّيحةُ: طائفة من الريح، عن سيبويه قال: وقد يجوز أن يدل الواحد على ما يدل عليه الجمع.] تأمل قول إمام اللغة (وقد يجوز أن يدل الواحد على ما يدل عليه الجمع ).

وجاء في كتاب الحجة في القراآت السبعة

[ النشور :التي تحيا ,من نشر الميت ,كأنها تثير الغيم فيمطر فتجيء به البلاد الميتة ,ويدل علي وصفها بالحياة قول المرار :

وهبت له ريح الجنوب وأحييت .......له ريدة يحي المياه نسيمها ]ص 345.

وأكتفي بهذا القدر فإن فيه الكفاية لمن ألقي السمع وهو شهيد .

وأعتذر عن سوء الأدب والتطاول علي العلماء الـأجلاء الذين لا أساوي شسع نعل أحدهم وعذري الذي أتكئ عليه هو أن الله أبي العصمة إلا لرسله وأنه استأثر بالكمال وحده وأنه قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب الرسالة ورحم الله الجميع وتقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم .

وأرجو من القراء الأعزاء أن ينظروا في هذه الورقات نظر الناقد المحب الذي ينظر بعينيه كلتيهما فلا يغفل عن الحسنات بسبب كثرة السيئات ولا يجامل فيتغاضى عن السيئات, بل ينظر بعين الإنصاف و الشفقة فرحم الله من أهدي لي عيوبي فلا تبخلوا علي بملاحظاتكم العلمية فالعلم بالمذاكرة يزكوا ونحن في هذا العصر لانجد مجالس للمذاكرة إلا هذه الشبكة العنكبوتية .

كما أرجوا من القراء الدعاء عن ظهر الغيب للاستمرار في هذه السلسلة وأن يبارك الله فيها .

وأعتذر عن الإطالة فالخطب جلل, وهؤلاء علماء أجلاء لا تستباح أعمالهم بظن أو تخمين ,بل لابد من التحقيق, وتقليب الأنظار فهذا عذري , فاقبل أو لم فأنت الحكم .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

سطره العبد الفقير إلي عفو ربه أبو محمد الأنصاري.