تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

  1. #1

    افتراضي إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    إتحاف السالك
    بتقديم الراجح على المشهورفي مذهب الإمام مالك


    الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي


    من المقرر عند العلماء أن القولين المتعارضين يسلك فيهما مسلك الدليلين المتعارضين شرعا ، ذلك بالجمع بينهما إذا كان الأمر متاحا على وفق الصنعة الفقهية فإن " الإعمال خير من الإهمال "1.
    قال الناظم:

    وللكلام يا فتى الإعمال****أولى من الإهمال فيما قالوا

    وإذا تعذر الجمع وعلم المتأخر منهما فهو القول المعتمد، والمتقدم معدول عنه ، وإذا تعذر هذا أيضا صير إلى الترجيح، ومن صور العمل بذلك عند السادة المالكية : تعارض الراجح في المذهب مع المشهور.

    * تعريف الراجح والمشهور

    الراجح لغة: الوازن، ومنه: رجح الميزان: مال، ورجحت إحدى الكفتين الأخرى: مالت بالموزون 2.
    أما اصطلاحا: فقيل : الراجح هو ما قوي دليله، وقيل: ما كثر قائله 3، فيكون بهذا مرادفا للمشهور على ما هو مشهور كما سيأتي قريبا ، والذي عليه الجماهير من فقهاء المالكية هو الحد الأول 4، وهو الأنسب للمعنى اللغوي.
    قال أبو الشتاء الصنهاجي المالكي 5:

    إن يكن الدليل قد تقوى****فراجح عندهم يسمى

    ويعبر عنه عندهم ببدائل اصطلاحية أخر كالأصح والأصوب والظاهر والمفتى به، والعمل على كذا 6.

    أما المشهور لغة: فهو مشتق من الشهرة، والشهرة : ظهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس 7.
    أما اصطلاحا: فقيل هو ما قوي دليله فيكون بهذا مرادفا للراجح، وهذا المعنى أشهره أحمد الونشريسي رحمه الله 8، وصححه أبو الحسن التسولي 9 وجماعة من المالكية.
    وقيل : هو قول ابن القاسم في المدونة، وإليه مال شيوخ الأندلس والمغرب كالباجي وابن اللباد واللخمي وابن أبي زيد والقابسي 10.
    وقيل: المشهور ما كثر قائله وهو مذهب الجماهير من المالكية وهو الحق الأنسب للمعنى اللغوي ومال إليه ابن الحاجب، وأشهره العدوي في حاشيته 11، وقال الدسوقي :" هو المعتمد " 12، وصوبه أبو عبد الله القادري 13، والرجراجي 14، ونظمه أبو الشتاء الصنهاجي في قوله 15:

    والقول إن كثر من يقول به****يسمى بمشهور لديهم فانتبه

    * الواجب عند تعارض الراجح مع المشهور

    على ما صوب في تعريف الراجح والمشهورمن أن الأول ما قوي دليله، والثاني ما كثر قاله وهو اصطلاح الجماهير من المالكية فإنهم اختلفوا في أيهما يقدم عند التعارض على قولين:
    الأول: تقديم المشهور على الراجح، قاله العدوي 16، وبه جرى صنيع فريق من المالكية كالمازري والشاطبي والمهدي الوزاني في آخرين.
    الثاني: تقديم الراجح على المشهور، وإليه مال أبو بكر بن العربي 17، وهو مذهب الجماهير من الفقهاء والأصوليين.
    قال الهلالي المالكي رحمه الله:" ومقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب " 18 وهو الصواب.
    قال أبو الشتاء الصنهاجي رحمه الله:

    مشهورهم لراجح تعارضا****يقدم الراجح وهو المرتضى 19

    بل هذا القول جرى عليه الإمام مالك رحمه الله وعد من أصوله.
    قال ابن عزوز المالكي رحمه الله:".. في الفرق بينهما أن المشهور ما كثر قائله، والراجح ما قوي دليله كما اعتمده القرافي. وقال بعده : وكان مالك يراعي ما قوي دليله لا ما كثر قائله، ومثله قاله ابن عبد السلام.
    فهذا أصل مهم من أصول مالك ينبغي أن لا يغفل عنه في الخلافيات ولذا قال المحققون: إذا تعارض الراجح والمشهور فالواجب العمل بالراجح " 20.
    والوجه الصحيح الفصيح لهذا الترجيح أن يقال : قدم الراجح على المشهور " لأن قوته نشأت من الدليل نفسه من غير نظر للقائل، والمشهور نشأت قوته من القائل " 21، وفي هذا اعتبار الحجج والبراهين لا كثرة القائلين كما هو المسلك الواضح المبين ! وعكس القضية ممتنع في مقررات الشرع ومسلمات العقول، بل هو أمر مشين !.
    ثم من المقرر عند العلماء المحققين أن الدليل إذا كان ثابتا لا معارض له مقابل قول جماهير أهل العلم من سائر المذاهب فالحجة في الدليل 22 فكيف بمخالفة الدليل لجمهرة علماء مذهب من المذاهب فقط ؟! فتأمل.
    قال العلامة صديق حسن خان رحمه الله" اعلم أنه لا يضر الخبر الصحيح عمل أكثر الأمة بخلافه، لأن قول الأكثر ليس بحجة " 23
    وعليه يظهر مبالغة أبي الحسن التسولي رحمه الله في الانتصار لتقديم المشهور في المذهب المالكي على الراجح حتى أنه قال:" المقلد لا يعدل عن المشهور وإن صح مقابله، وأنه لا يطرح نص إمامه للحديث، وإن قال إمامه وغيره بصحته !" 24.
    وفي هذا النص دعوى للتساهل في الفتوى، وفتح لباب التعصب المقيت مع أنه " لا يجوز التعصب إلى المذاهب بالانتصاب للانتصار بوضع الحجاج وتقريبها على الطرق الجدلية، مع اعتقاد الخطأ أو المرجوحية عند المجيب كما يفعله أهل الخلاف إلا على وجه التدريب على نصب الأدلة، والتعلم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو الحق، فالحق أعلى من أن يعلى عليه، وأغلب من أن يغلب " كما قال المقري المالكي رحمه الله 25.
    وقال بوطليحية في نظم المعتمد من الكتب والفتوى على مذهب المالكية :

    ولم يجز تساهل في الفتوى****بل تحرم الفتوى بغير الأقوى

    قال ابن فرحون المالكي رحمه الله:" واعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى وكذلك الحاكم ( أي القاضي ) " 26.
    إذن التحقيق المعتمد تقديم الراجح (وهو الذي قوي دليله ) على المشهور(وهو من كثر قائله ) عند التعارض عند المالكية رحمهم الله، وإليكم بعض التطبيقات والأمثلة التي تخص ذلك:

    * مسألة تحية المسجد وقت خطبة الجمعة:
    المشهور من مذهب مالك رحمه الله أن تحية المسجد لا تجوز وقت الخطبة، وعليه عول خليل رحمه الله في مختصره عاطفا على المحرمات قائلا:" وابتداء صلاة بخروجه وإن لداخل " مواهب الجليل 2/179، وانظر المدونة 2/274.
    وقد نقل ابن شاش وأبو بكر بن العربي القول بجواز تحية المسجد وقت الخطبة عن محمد بن الحسن عن مالك27، واختاره السيوري المالكي من شيوخ المذهب انظر مواهب الجليل 2/179.
    قال النفراوي المالكي رحمه الله:" ما ذكرناه من حرمة الصلاة بعد خروج الخطيب ولو للداخل هو مشهور المذهب ومقابله جواز إحرامه ولو حال الخطبة، وعليه السيوري من علمائنا28" الفواكه الدواني 1/412.
    وعليه فالراجح في المذهب القول بالمشروعية لدلالة الحديث بصراحة 29على ذلك وهو حديث سليك رضي الله عنه من رواية جابر رضي الله عنه قال:" دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله عليه الصلاة والسلام يخطب، فقال: صليت ؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين "رواه الجماعة.
    والقول بأن هذا الحديث خاص بسليك رضي الله عنه وعليه فهو إذن واقعة عين لا عموم لها تكلف وتحكم لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، و " الخصائص لا تثبث بالاحتمال " كما قال الحافظ في الفتح 1/245، ولذا قرر العلماء أن القول بالخصوصية في المسائل تحتاج إلى دليل لا مجرد دعوى انظر الجامع لأحكام القرآن 3/193 للإمام القرطبي المالكي رحمه الله 30.

    * مسألة القبض والسدل في الصلاة:
    جاء في المدونة 1/74 :" وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال 31: لا أعرف ذلك في الفريضة ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به على نفسه ".
    وعلى مذهب المدونة جرى غير واحد من المالكية كابن عاشر رحمه الله في منظومته الشهيرة:
    ردا وتسبيح السجود والركوع **** سدل يد تكبيره مع الشروع
    فقيل أن القول بالسدل عند السادة المالكية هو مشهور مذهبهم لأجل ذلك.
    قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله:" اختلف في ذلك علمائنا على ثلاثة أقوال، الأول: لا توضع في فريضة ولا نافلة...الثاني: أنه لا يفعلها في الفريضة، ويفعلها في النافلة...الثالث: يفعلها في الفريضة وفي النافلة، وهو الصحيح، روى مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يرفع يديه عندما دخل في الصلاة حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى " أحكام القرآن 4/1978.
    وعليه فالقول الراجح الذي دل عليه الدليل في المذهب القول بمشروعية القبض في صلاة الفرض والنفل حتى قال الباجي المالكي رحمه الله:" وأما وضع اليمنى على اليسرى فقد أسند عن النبي عليه الصلاة والسلام من طرق صحاح.." المنتقى 1/281.
    بل قال ابن عزوز المالكي رحمه الله بعد تقرير المشروعية :" وقد أسلفنا ما لا مزيد عليه وبذلك تعرف أنه لم يبق في يد صاحب السدل قوة دليل ولا كثرة قائل 32 وقد حصحص الحق لمن كان له تثبت وذوق عند طلب حقائق المسائل " هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك 134.

    * مسألة صيام ستة أيام من شوال:
    جاء في الموطأ :" قال يحيى: وسمعت مالكا يقول 33: في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان أنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يعملون ذلك " 1/209.
    وعلى مشهور المذهب هذا جرى خليل رحمه الله في مختصره.
    وقال الإمام القرطبي المالكي رحمه الله:" ويستحب له أن يصوم من شوال ستة أيام لما رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان له كصيام الدهر) " الجامع 2/331.
    فالقول الراجح ما ذهب إليه الإمام القرطبي رحمه الله لدلالة السنة الصحيحة الصريحة على ذلك 34.

    .............................. ...................
    1. الأشباه والنظائر للسبكي رحمه الله 2/217.
    2. لسان العرب 2/445، والقاموس 1/229، والمعجم الوسيط 1/329.
    3. رفع العتاب والملام لمحمد القادري 19.
    4. وهو الصواب انظر جواهر الإكليل لعبد السميع الأبي 1/4، ودليل السالك لحميدي شلبي 17 في آخرين.
    5. منهاج الناشئين من القضاة والحكام 46، ومواهب الخلاق على شرح التاودي للامية الزقاق لأبي الشتاء 2/337.
    6. منار السالك للرجراجي 44، بل إن بعض الفقهاء يطلق الراجح على المشهور والمشهور على الراجح، ولا يراعي فرقا بينهما، لأن القول المعتمد في المذهب يسمى راجحا ومشهورا من غير تمييز بين قوة دليله وكثرة قائله، وإليه مال المهدي الوزاني في رسالة له في استحباب السدل !! 76.
    7. لسان العرب 4/431، والقاموس 2/67.
    8. كما في المعبار 12/37.
    9. كما في البهجة في شرح التحفة.
    10. انظر حاشية الدسوقي 1/20، وكشف النقاب لابن فرحون 72_68، ومنح الجليل لعليش 1/20.
    11. الحاشية للعدوي 1/39.
    12. حاشية الدسوقي 24.
    13. في "رفع العتاب والملام" 17.
    14. منار السالك 44.
    15. منهاج الناشئين 36، ومواهب الخلاق 2/237.
    16. في حاشيته على الخرشي 1/541.
    17. في أحكام القرآن 2/114.
    18. نور البصر 156.
    19. مواهب الخلاق 2/237.
    20. هيئة الناسك لابن عزوز المالكي رحمه الله 133.
    21. الصوارم والأسنة 66.
    22. هذا مع العلم أنه في الغالب يكون الصواب مع الجماهير من فقهاء السلف والخلف كما هو مقرر عند أهل العلم والدين انظر السير للإمام الذهبي رحمه الله 7/117، والصحوة الإسلامية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله 192.
    23. قواعد التحديث 91.
    24. البهجة في شرح التحفة.
    25. قواعد المقري 2/397.
    26. التبصرة 1/74.
    27. " ولا يلتفت إلى إنكار ابن عرفة على من نقل الجواز عن مالك، لأن نفيه للجواز دعوى تفتقر إلى دليل، فضلا عن أنه معارض بإثبات غيره، ومع المثبت زيادة علم خفيت على النافي، قيقدم من هذه الجهة الإثبات على النفي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ " التعارض بين الراجح والمشهور في المذهب المالكي لقطب الريسوني 84، وانظر عارضة الأحوذي لابن العربي المالكي رحمه الله 2/299، ونيل الأوطار للشوكاني رحمه الله 3/257.
    28. وذهب الحافظ ابن عبد البر المالكي رحمه الله إلى التخير بين صلاتها وتركها حالة الخطبة فقال :"قد قدمنا قوله عليه الصلاة والسلام للذي تخطى الرقاب: اجلس، واستعمال الحديثين يكون بأن الداخل إن شاء ركع، وإن شاء لم يركع.." الاستذكار 2/262، وانظر تحرير ذلك وفق ما دل عليه الدليل كتاب" اختيارات الحافظ ابن عبد البر رحمه الله الفقهية في العبادات" 638 فما بعدها.
    29. قال النووي رحمه الله عند ذكر حديث سليك رضي الله عنه:" هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه "شرح مسلم 3/430.
    30. أما ما يروى عن ابن عمرو مرفوعا :" إذا صعد الخطيب المنبر، فلا صلاة ولا كلام" فحديث باطل، أخرجه الطبراني في الكبير وفيه أيوب بن نهيك وهو ضعيف الحديث وقال أبو زرعة: منكر الحديث. انظر مجمع الزوائد 2/184،و نصب الراية 2/201، والفتح 2/409، والضعيفة رقم: 98.
    31. وفي نسبة هذا للإمام رحمه الله نظر.
    32. لأنه حرر رحمه الله أن مشروعية القبض هو مشهور المذهب كذلك على خلاف ما هو مشهور كما هو راجحه وقد نقل في ذلك قول المسناوي المالكي رحمه الله حيث قال:" وقد اجتمع في سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة قوة الدليل وكثرة القائل " هيئة الناسك 133.
    33. وقد خرج قوله هذا رحمه الله على جملة من المخارج: قيل كره مالك صومها مخافة أن يلحق الجهلة برمضان غيره، أما صومها على ما أراده الشرع فلا يكره.
    وقيل لم يبلغه الحديث، أو لم يثبت عنده، أو وجد العمل على خلافه.
    وقيل كره صومها مع وصلها بيوم الفطر أما من صامها أثناء الشهر فلا كراهة.
    انظر في ذلك: شرح الزرقاني المالكي رحمه الله على الموطأ 2/190، وبداية المجتهد لابن رشد المالكي رحمه الله 1/308، و عقد الجواهر لابن الشاش المالكي رحمه الله 1/369، و الذخيرة للقرافي المالكي رحمه الله 2/530، وأقرب المسالك للدردير المالكي رحمه الله 1/692، والاعتصام للشاطبي المالكي رحمه الله 2/108.
    34. وانظر تحرير ذلك وفق الحجة والدليل رسالة "تحرير الأقوال في صوم الست من شوال " للفقيه المحدث قاسم بن قطلوبغا رحمه الله.
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    139

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    جزاكم الله خيرا

  3. #3

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    بارك الله فيك

    التنظير جيد و التطبيق خطأ

    فمن قال أن تحية المسجد و الامام يخطب دليل عدم آدائها ضعيف حتى يُرجح الشيخ قولا شاذا لم ينقله محققوا مذهب المالكية بل الخلط ظاهر أين هو عمل المدينة في المسألة إنما قوة الدليل أو الراجح
    يكون على أصول المالكية لا على أصول الشيخ التي تخالف أصول المالكية كما يعلم الجميع و إلا لنزعنا عمل المدينة و أقمنا نرجح كل أقوال المذاهب الأخرى و نقحمها في المذهب و ما عنده راجح ليس راجحا عند غيره إنما ننسب الراجح للمذهب إذا كان دليله ظاهر القوة لا مجرد الترجيح بينه و بين المشهور كمسألة السدل مثلا لظهور شذوذ القول به و مسألة صيام الست لنفس السبب لكن أن يُنسب للمذهب قول يقال عنه راجح و هو غير صحيح على أصول المذهب فهذا غير مقبول بتاتا.

    الشيخ هنا لما طبق إنتصر للراجح عنده لا لما سطره في التنظير فلابد من الانتباه لذلك فيا ليت الشيخ لم يقحم هذه المسألة في الموضوع و لمثل هذه الأمور يُرجع لمحققي المذهب.

    الظاهر أن الشيخ يرمي لإتباع الدليل لكنه لم يحسن الموضوع ، إنما إتباع الدليل لا يكون داخل مذهب إنما يكون عامة و لا داعي للكلام في الراجع و المشهور و ما شابه إنما الراجح هو الراجح في المذهب و المشهور هو المشهور
    في المذهب و الاتباع لا يكون إلا للحق سواء كان داخل المذهب أو خارجه و الله الموفق إلى الصواب.
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  4. #4

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    بارك الله فيكم على مروركم.
    قال الناظم:



    ومالك امام دار الهجرة.***** .قال وقد اشار نحو الحجرة
    كل كلام منه ذو قبول*****ومنه مردود سوى الرسول
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  5. #5

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك

    التنظير جيد و التطبيق خطأ

    فمن قال أن تحية المسجد و الامام يخطب دليل عدم آدائها ضعيف حتى يُرجح الشيخ قولا شاذا لم ينقله محققوا مذهب المالكية بل الخلط ظاهر أين هو عمل المدينة في المسألة إنما قوة الدليل أو الراجح يكون على أصول المالكية لا على أصول الشيخ التي تخالف أصول المالكية كما يعلم الجميع و إلا لنزعنا عمل المدينة و أقمنا نرجح كل أقوال المذاهب الأخرى و نقحمها في المذهب و ما عنده راجح ليس راجحا عند غيره إنما ننسب الراجح للمذهب إذا كان دليله ظاهر القوة لا مجرد الترجيح بينه و بين المشهور كمسألة السدل مثلا لظهور شذوذ القول به و مسألة صيام الست لنفس السبب لكن أن يُنسب للمذهب قول يقال عنه راجح و هو غير صحيح على أصول المذهب فهذا غير مقبول بتاتا.

    الشيخ هنا لما طبق إنتصر للراجح عنده لا لما سطره في التنظير فلابد من الانتباه لذلك فيا ليت الشيخ لم يقحم هذه المسألة في الموضوع و لمثل هذه الأمور يُرجع لمحققي المذهب.

    الظاهر أن الشيخ يرمي لإتباع الدليل لكنه لم يحسن الموضوع ، إنما إتباع الدليل لا يكون داخل مذهب إنما يكون عامة و لا داعي للكلام في الراجع و المشهور و ما شابه إنما الراجح هو الراجح في المذهب و المشهور هو المشهور في المذهب و الاتباع لا يكون إلا للحق سواء كان داخل المذهب أو خارجه و الله الموفق إلى الصواب.
    في الختام : أقول لك أخي عادل أني اطلعت على تعقيب بعض الإخوة في بعض المنتديات على مقال تكلمت فيه على رجحان صلاة تحية المسجد والإمام يخطب في المذهب المالكي، ورأيت هذا التعقيب ضعيف، فانظر ردي عليه إن شاء الله بعنوان " الرد اللطيف على التعقيب والتوصيف ".
    واكتفي هنا بقولي أني لم أتفرد بما ذهبت إليه فقد ألف الفقيه عبد الحي بن محمد بن الصديق رسالة قيمة بين فيها على مقتضى قواعد وأصول المالكية أن صلاة تحية المسجد والإمام يخطب هو الراجح في المذهب والرسالة عندي بحمد الله وقد سماها " تبيين المدارك لرجحان سنية تحية المسجد وقت خطبة الجمعة في مذهب مالك "
    وتفصيل ذلك وذكر القواعد العلمية والأصولية في خصوصه مع زايادات في " الرد اللطيف .." فانظره قريبا فما أخرني عن تحريره إلا كثرة المشاغل الدعوية نسأل الله الإخلاص والصدق.


    والله المستعان
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  6. #6

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    بارك الله فيك أخي الكريم لكن الذي أراه أن تعقيب الشيخ لا جديد فيه أما دعواه أن ما نقدت به قوله ضعيف فهذه دعاوي سهلة بل أرى أن ما جاء به الشيخ هو الضعيف !!!! كما أن قول الشيخ معارض لقول سابقيه من المحققين و الأمر بالأدلة كما تعلم ، إذن في انتظار رد الشيخ المؤصل حتى يتسنى لي الإجابة عليه و كن واثقا أن الشيخ و ان كان مقامه عندي غالي إلا أنه لن يصل لمقام سابقيه من علماء المالكية كالباجي و ابن رشد و غيرهم ممن لم يروا ما ذهب إليه الشيخ مما يبين ضعف ما جاء به و لو كان ما إدعاه واضحا لقال به محققوا المالكية و كيف و هم لا يغفلون عن مثل هذه المسائل.


    و كما قلت سابقا :

    الشيخ هنا لما طبق إنتصر للراجح عنده لا لما سطره في التنظير فلابد من الانتباه لذلك فيا ليت الشيخ لم يقحم هذه المسألة في الموضوع و لمثل هذه الأمور يُرجع لمحققي المذهب.
    و العبرة في النهاية بالأدلة و الله أعلم
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  7. #7

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    30

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    جزيت الجنةأخي أباعبدالله عادل السلفي على الكتاب المميز والقيم

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    من الجيد فتح مثل هذه الم
    الأستاذ فؤاد بلمودن
    باحث في الثراث الفقهي المالكي بالمغرب

    تقديم :
    الاختلاف حقيقة واقعة في المذهب المالكي , مما يعكس طبيعة المذهب المرنة والواسعة ,ولدى تتبعنا للخلاف داخل المذهب ألفيناه يرجع إلى عدة أسباب أهمها سبب رئيس، وهو اختلاف وتعارض الرواية المنقولة عن الإمام مالك ، وهو أمر مشتهر و متوقع بالنظر إلى طول مدة انتصاب الإمام مالك للتدريس والفتيا ، وهو عالم المدينة الذي ترد عليه السؤالات من الأقطار النائية وفي أشهر الحج ، فتختلف الفتوى بحسب حال المفتي والمستفتي ، وذكر ابن أبي زيد أن أهل العراق وحدهم نقلوا عن الإمام مالك نحو سبعين ألف مسألة ، وقال شيوخ البغداديين : هذا غير ما زاد علينا أهل الحجاز ومصر والمغرب. 1)
    وذكر القاضي ابن فرحون أن ذلك مما دفع أبو عمر المكوي وأبو بكر المعطي إلى جمعهما لرأي مالك خاصة لايشركه فيه قول أحد من أصحابه في اختلاف الروايات عنه فأكملاه في مائة جزء 2)
    * أمثلة لاختلاف الروايات عن الإمام مالك :
    - اختلف ابن القاسم وأشهب في مسألة وحلف كل منهما على أن ما قاله هو قول الإمام وما قاله الآخر لا يصح عنه ثم سألا ابن وهب فأكد لهما أن الإمام رأى الرأيين جميعا ، فكفرا عن يمينهما .3) فتأمل رحمك الله فهؤلاء الثلاثة من مصر واحد وزمن واحد واختلفوا في قول مالك وهم أعلم الناس به وأكثرهم ملازمة له .
    - وذكر صاحب النوادر والزيادات في مسألة تنكيس الوضوء : ".... ومن العتبية قال أشهب عن مالك : ومن غسل يساره قبل يمينه من يد أو رجل أجزأه ، ومن المجموعة قال علي عن مالك : إن غسل ذراعيه ثم وجهه فإن ذكر مكانه أعاد ذراعيه ، وإن لم يذكر حتى جف استأنف الوضوء ، وإن لم يذكر حتى صلى أعاد الوضوء والصلاة ، ثم قال بعد ذلك : لا يعيد الصلاة ولو كان في الوقت ، ويعيد الوضوء لما يستقبل ، قال عنه ابن نافع في استئناف الوضوء : أرى ذلك واسعا .
    ومن الواضحة : ومن نكس وضوءه وصلى أجزأته صلاته ومن تعمد ذلك أو جهل ابتدأ الوضوء لما يستقبل ، كان ذلك في مسنونه أو مفروضه ،وإن كان سهوا فلا يصلحه إلا في تنكيس مفروضه ... والذي ذكره ابن حبيب عن ابن القاسم رواه ابن القاسم عن ابن حبيب في المجموعة . قال مالك في الموطأ : - فيمن غسل وجهه قبل أن يتمضمض – قال: يتمضمض ولا يعيد غسل وجهه ، ولو غسل ذراعيه قبل غسل وجهه لأعادهما بعد غسل وجهه. 4 )
    فهذا مثال واضح لاختلاف قول مالك في المسألة الواحدة ، وهو ما بثير إشكالا حول كيفية تعامل المتفقه مع هذه الروايات المتضاربة، وأي معيار يسلكه في الترجيح والموازنة ؟ هل معيار الزمن فيقدم اللاحق على السابق أم معيار التلميذ الراوي أم معيار قوة الدليل ورجحانه فحسب ؟
    * ضوابط الترجيح بين الروايات المتعارضة عن الإمام :
    لاشك أن الفقه المالكي قادر على الانضباط بضوابط وقواعد الاستنباط ، ولأجل التقليل من الآثار السلبية لنوع الخلاف المذكور ، فقد شهد المذهب نشاطا حافلا عبر مراحله التاريخية لوضع قواعد التعادل والترجيح والتشهير والتضعيف واقترحت عدة طرق وضوابط لمحاولة حسم هذا النوع من الخلاف المذهبي :
    الضابط الأول : تقديم المتأخر على المتقدم من أقوال الإمام :
    ذكر صاحب نشر البنود أنه من المعلوم لدى الأصوليين أنه لا يصح أن يكون للمجتهد قولان متناقضان في مسألة واحدة في مجلس واحد ، بل لا بد أن يكون رجع عن أحدهما أو رجح أحدهما ، فإن عرف المتأخر من القولين فهو الأرجح على الصحيح . 5)
    وجاء في أجوبة المعيار أنه ينظر إلى التاريخ فيعمل بما تأخر فإذا التبس التاريخ فالأمر يختلف بحسب حال الناظر إن كان أهل للفتيا
    أو لا .6)
    وأنكر بعض الأصوليين وعلى رأسهم الشريف التلمساني إعمال قاعدة النسخ في أقوال الإمام كما هي في النصوص الشرعية ، فالإمام هو مجتهد يجوز عليه الخطأ في اجتهاده الثاني مثلما جوزه هو على نفسه في اجتهاده الأول مالم يكن رجع عن الاول بنص ، ويرى التلمساني رحمه الله أن المجتهد يمكنه أن يرجح القول الاول إذا رآه أجرى على قواعد المذهب أما المقلد فعليه اتباع آخر القولين ، ونقل قريبا من رأيه عن الإمام محمد بن أحمد بن أبي جمرة ومثل لذلك بما في العتبية في سماع عيسى : من قال لامرأته : أنت طالق إن كلمتني حتى تقولي أحبك ، فقالت غفر الله لك إني أحبك ، فقال : حانت لقولها غفر الله لك قبل قولها أحبك .
    قال ابن القاسم : ولقد اختصمت أنا وابن كنانة لمالك فيمن قال إن كلمتك حتى تفعلي كذا فأنت طالق ، ثم قال لها فاذهبي الآن ، فقلت : حانت وقال ابن كنانة : لايحنث . فقضى لي مالك عليه ... وصوب أصبغ قول ابن كنانة .7)
    - الضابط الثاني: ترجيح ما يجري على أصول المذهب من الأقوال المتعارضة .
    وبه قال الشريف التلمساني وعدد من المحققين داخل المذهب ،ـ فنجد حافظ المذهب ابن رشد الجد رحمه الله لما تعرض للمسألة المذكورة آنفا من تصويب مالك قول ابن القاسم عل رأي ابن كنانة ، اختار بدوره رأي ابن كنانة ثم قال : " يوجد بالمذهب مسائل ليست على أصوله تنحو لمذهب أهل العراق " ، فابن رشد اختار خلاف قول ابن القاسم رغم تصويب مالك له ، كما نحى إلى ذلك أصبغ جريا على أصول المذهب ، ولم يعبأوا بقضاء مالك لابن القاسم ، وذلك لما رأوه خارجا عن أصول مذهبه ، ولذلك قال ابن رشد : إن هذه المسائل ليست على أصوله.8)
    وقد أعمل ابن رشد هذه القاعدة حتى أصبحت مسلكا من مسلك التعامل مع الخلاف المتعلق بتعدد الروايات المنقولة عن الإمام وتعارضها 9) وهذا المسلك الذي يقوم على الانطلاق من قواعد المذهب وأصوله في الترجيح وتقديم ما يوافقه وتأخير ما يخالفه ، هو في الحقيقة مسلك قديم سلكه أحد تلامذة الإمام وهو الدراوردي لما لاحظ عليه الخروج عن أصوله ، حين عمد إلى تقدير أقل الصداق بنصاب السرقة فجعله ثلاث دراهم مجاراة لأهل العراق في قولهم في ذلك بالقياس وهو مخالف لحديث : " التمس ولو خاتما من حديد " فقال له : لقد تعرقت يا أبا عبد الله ، قال ابن تيمية : أي لقد صرت فيها إلى قول أهل العراق ... 10)
    الضابط الثالث: ذهب بعض المالكية إلى اعتبار ما يعزوه ابن القاسم إلى مالك هو آخر أقواله دائما وذلك بالنظر إلى علمه وورعه وكثرة ملازمته له .11)
    ولذلك نجد أن أغلب المالكية يقولون بترجيح وتقديم رواية ابن القاسم في المدونة على رواية غيره , وتقديم رواية ابن القاسم في المدونة على رواية ابن القاسم عن مالك في غيرها من كتب أمهات المذهب .
    وقد برز بالأندلس اتجاه يرجح رواية أهل المدينة عن مالك على رواية ابن القاسم وغيره من المصريين ، وتزعمه عبد الملك بن حبيب وابن تارك الفرس كما ذكره صاحب رياض النفوس . 12) وسار على نهجهم عبد الله بن حمود السلمي المتوفى سنة 357ه الذي أخذ عن شيخه عيسى بن مسكين كتب ابن الماجشون وكان قد حلف ألا يسمعها له فلما رأى من إصراره أسمعها له وكفر عن يمينه . 13)
    وذكر عياض أن محمد بن خالد المعروف بابن الصغير وفضل ابن سلمة الفقيه العارف بروايات المذهب واختلاف أصحاب مالك كانا يميلان إلى ترجيح رواية المدنيين وفقههم على روايات المصريين بما فيهم ابن القاسم ، غير أن هذا الاتجاه على وجاهته لم يلق الترحيب من أهل الاندلس الذين كانوا أميل إلى فقه المدونة وترجيح قول ابن القاسم.14)

    ــــ

    قائمة المراجع والمصادر:

    - المعيار المعرب للونشريسي ج1 ص 2671
    - الديباج المذهب لابن فرحون ص2672
    - ترتيب المدارك للقاضي عياض ج4 ص4463
    - النوادر والزيادات لابن أبي زيد ج1 ص15و164
    - نشر البنود ج2 ص2745
    6- مجلة دعوة الحق العدد 391 السنة الخمسون مقال عن الاختلاف المذهبي للاستاذ عبد الكريم بناني ص141
    7- تطور المذهب المالكي بالغرب الاسلامي للدكتور محمد شرحبيلي ص
    8- نيل الابتهاج بهامش الديباج ص262 و263 و264 بتصرف
    9- البيان والتحصيل لابن رشد ج6 ص136
    10- صحة أصول أهل المدينة لابن تيمة ج1 ص21
    11- انظر المعيار للونشريسي وكشف النقاب الحاجب لابن فرحون ص68
    12- رياض النفوس لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي ج1 ص477
    13- المقتبس لابن حيان ص290و 291
    14- ترتيب المدارك للقاضي عياض ج6 ص85
    سائل لما يتفرع عنها من جزئيات ولعل هذه المقالة تفيد

  10. #10

    افتراضي رد: إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك

    الرد اللطيف على التعقيب والتوصيف


    هذا رد لطيف على ما تفضل به الأخ الفاضل عبد الكريم بن عبد الرحمن وفقه الله للخير وسلمه من كل سوء عند تعقيبه على ما ذكرته وأنا العبد الفقير إلى مولاه في مقال " إتحاف السالك .." فيما يخص قولي برجحان صلاة تحية المسجد والإمام يخطب خطبة الجمعة وفق قواعد وأصول مذهب مالك رحمه الله ، وتوصيفه لهذا الأخير بالشذوذ فأقول وبالله التوفيق ومنه العون والتحقيق :
    أولا: المسألة في إطار المذهب المالكي وأصوله فيما أرى من الاختلاف السائغ إن شاء الله، بحيث تسع لها الصدور وإن كان لا بأس بتقرير ما نراه صوابا فيها على السطور.
    ثانيا : أقول أخي عبد الكريم بن عبد الرحمن: وصفي لما ذهبت إليه بأنه ضعيف أو وسمك لما سطرته بأنه كذلك أمر عادي في مثل هذه الاختلافات كما لا يخفى عليكم إن شاء الله فما منا إلا راد ومردود عليه .
    ثالثا : يشهد الله أنني عند تحرير المسألة انتبهت إلى مراعاة الترجيح وفق قواعد المذهب وأدلتهم، بغض النظر عن الصواب والخطأ عند تخريج المسألة عن تلكم القواعد والأدلة ولذا نبهت بخصوصه في تلكم الإحالة 1 على رسالة " تبين المدارك .." لعبد الحي بن محمد بن الصديق رحمه الله حيث أقام رسالته وترجيحه لمشروعية صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب وفق قواعد وأصول المالكية .
    فتصور الراجح في المسألة وفق المذهب المالكي كان متحققا عندي بحمد الله تعالى بغض النظر كما قلت على الخطأ والصواب ، وكون هذه النقطة أخي عبد الكريم لاحت لك عند قراءة المقال مما يدل على جودة نظرك كذا نحسبك ولا نزكي على الله أحدا، هذا بغض النظر عن ضعفه في هذه المسألة فيما أرى والعلم عند الله.
    رابعا: كما قلت لك أخي الكريم عبد الكريم أنني ملت إلى ترجيح مشروعية صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب وفق أصول وقواعد المالكية وبسط ذلك وتفصيله في رسالة :" تبين المدارك لرجحان سنية تحية المسجد وقت خطبة الجمعة في مذهب مالك " ، فحبذا أن تطلع عليها غير مأمور 2 فهي موجودة وللتحميل كذلك على موقع شذرات شنقيطية في المنتدى ركن الفقه والأصول، هذا مع أنني لا أوافق المؤلف على شدته في الكلام على المالكية لهذة المسألة الفقهية والله المستعان.
    وقد أحال على هذه الرسالة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه المولى عند تحقيقه لكتاب الإشراف على نكت ومسائل الخلاف للإمام القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله وقد ارتضى الشيخ مشهور ما ذهب إليه عبد الحي بن محمد بن الصديق حيث قال :" ..وقال به ( أي : جواز صلاة تحية المسجد وقت خطبة الجمعة ) من أئمة المذهب أبو القاسم السيوري، ونصره عبد الحي بن محمد بن الصديق الغماري في رسالة مطبوعة بعنوان ( تبين المدارك لرجحان سنية تحية المسجد وقت خطبة الجمعة في مذهب مالك ) واعتنى بالأدلة النقلية على الجواز، وهي ظاهرة وصحيحة وصريحة ، والله الموفق " تحقيق الإشراف 2/ 11 – حاشية.
    كما أحال على الرسالة نفسها واعتمد عليها الشيخ المشارك بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي وأستاذ الفقه وأصوله قطب الريسوني عند تقريره لكون مشروعية صلاة تحية المسجد وخطيب الجمعة يخطب هو القول الراجح في المذهب المالكي مقابل القول المشهور انظر كتابه :" التعارض بين الراجح والمشهور في المذهب المالكي دراسة تأصيلية تطبيقية " ص : 83 فما بعدها.
    خامسا : لا يخفى أنه من أصول المالكية التمسك بنص السنة ومن ذلك حديث جابر المعروف عند أهل العلم بحديث سليك الغطفاني رضي الله عنه إلا أن المالكية على عدم الأخذ به وتأوليه ببعض التأويلات لمعارضته عندهم لغيره ، إلا أن بعض هذه التأويلات للحديث محل نظر عند بعض محققي المالكية كالإمام القرطبي المالكي رحمه الله، حيث قال :" وقد تأول أصحابنا حديث جابر تأويلات في بعضها بعد " المفهم 2/514، وانظر شرح التلقين للمازري المالكي رحمه الله 3/ 1009 فما بعدها.
    وأولى ما اعتمد عليه لعدم الأخذ بهذا الحديث المعارضة بعمل أهل المدينة الذي هو أصل من أصول المالكية كما نص عليه الإمام القرطبي وابن رشد رحمة الله عليهما مما يؤكد أن عموم ما عورض به الحديث عندهما باستثناء أصل عمل أهل المدينة مرجوح فتأمل.
    قال الإمام القرطبي رحمه الله :" وأولى معتمد المالكية في ترك العمل به أنه خبر واحد عارضه عمل أهل المدينة " المفهم 2/514.
    وقال الإمام ابن رشد رحمه الله :" ..لكن يشبه أن يكون الذي راعاه مالك في هذا هو العمل " بداية المجتهد 1/301.
    لكن مما هو معلوم أن عمل أهل المدينة على قسمين :
    قسم طريقه النقل أي : التواتر والاستفاضة.
    قسم طريقه الاجتهاد .
    أما الطريق الأول فهو حجة بلا خلاف عندهم ويقدم على خبر الواحد.
    أما الثاني فمحل خلاف بين المالكية أنفسهم على ثلاثة أقوال:
    أ. أنه ليس بحجة ولا بمرجح.
    ب. أنه مرجح وإن لم يكن حجة بنفسه.
    ت. أنه حجة ولكن يجوز خلافه.
    وما استدلوا به من عمل أهل المدينة على القول بالمنع من صلاة تحية المسجد وخطيب الجمعة يخطب من القسم الثاني لا من القسم الأول، والاحتجاج به كما ذكرنا عند المالكية محل خلاف، وعليه فعدم الأخذ به في هذه المسألة لا يخرجنا عن تأصيلات المالكية.
    وتمت إضافات أخرى بخصوص عمل أهل المدينة في هذه المسألة انظرها غير مأمور في " تبين المدارك...".
    سادسا : علق الإمام ابن رشد المالكي رحمه الله العمل بما جاء في حديث جابر رضي الله عنه بصحة زيادة :" إذا جاء أحدكم " ، قال رحمه الله:" فإن صحت الزيادة وجب العمل بها فإنها نص في موضع الخلاف والنص لا يجب أن يعارض بالقياس " بداية المجتهد 1/ 301.
    ولا يخفى أن هذه الزيادة صحيحة فهي عند البخاري ومسلم .
    وقال ابن أبي جمرة الأندلسي المالكي رحمه الله في بهجة النفوس الجزء 2 ص: 58:" وقد خرج مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:( من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين خفيفتين) . فإن صح هذا فهو نص في الباب لا يحتمل التأويل ).." ، والحديث كما سطره هو نفسه رحمه الله عند الإمام مسلم في صحيحه 3.
    سابعا : ذكرت أخي الحبيب في تعقيبك أن العبرة بالدليل وقد صدقت حفظك الله وأعي أنك تقصد الدليل وفق قواعد وأصول المالكية في خصوص هذه المسألة ، وعليه فعدم اعتبار ما ملنا إلى ترجيحه صوابا ورده بكون محققي المذهب لم يقولوا به محل نظر كبير في هذا السياق لأنه كما لا يخفى عليكم قد نخالف مذهب الجماهير أخدا بما نراه دليلا وكذا قد نخالف جمهور علماء مذهب من المذاهب أخدا بما نراه دليلا وفق قواعد ذلك المذهب فضلا على مخالفة المحققين فيه مع علمنا أنه غالبا ما يكون الصواب مع الجماهير والحق مع المحققين فتأمل فإني أراك بالعلم تتجمل وفقنا الله وإياك.
    ثامنا : اعتبار ما ملنا إليه في هذه المسألة هو الراجح قد أخد به من المالكية أبو القاسم السيوري رحمه الله 4 كما نص عليه المالكية في كتبهم، ففي الفواكه الدواني 3/199:" وعليه السيوري من علمائنا "، وفي شرح مختصر خليل للخرشي 3/83 :" ..مع أن السيوري يقول الركوع للداخل وقت خطبة الجمعة أولى "، وفي حاشية الدسوقي 4/1:" ..لأن السيوري جوزه للداخل حال خروج الإمام للخطبة وهو من أهل المذهب " ..في آخرين، والسيوري رحمه الله من المبرزين النظار في المذهب المالكي.
    قال القاضي عياض رحمه الله في ترجمته :"واسمه عبد الخالق بن عبد الوارث قيرواني آخر تبعاته من علماء إفريقية، وخاتمة أئمة القيروان. وذوي الشأن البديع في الحفظ والقيام بالمذهب والمعرفة بخلاف العلماء. وكان زاهداً فاضلاً ديناً نظاراً. وكان آية في الدرس والصبر عليه. ذكر أنه كان يحفظ دواوين المذهب الحفظ الجيد، ويحفظ غيرها من أمهات كتب الخلاف. حتى أنه كان يذكر له القول لبعض العلماء، فيقول: أين وقع هذا. ليس في كتاب كذا، ولا كتاب كذا. ويعدد أكثر الدواوين المستعملة من كتب المذهب والمخالفين والجامعين. فكان في ذلك آية وكان نظّاراً. ويقال إنه مال أخيراً إلى مذهب الشافعي، وله تعليق على نكت من المدونة أخذه عنه أصحابه " ترتيب المدارك 2/60.
    تاسعا: القول بمشروعية صلاة تحية المسجد عند خطبة الإمام يوم الجمعة ليس ببعيد عن قول الحافظ ابن عبد البر المالكي رحمه الله وهو من المحققين حيث يقول بالتخيير بين صلاتها وعدم ذلك ، ففي بحثنا لم نقصد كما لا يغيب عنك القول بالوجوب فهذا بحث آخر، وإنما الغرض تقرير الاستحباب لا غير ، أما المشهور في المذهب فالقول بالمنع.
    عاشرا: رد ما قلناه بأنه لم يقرره أهل التحقيق في المذهب محل نظر إذا تصورنا أن كثيرا من محققي المالكية كالمازري والشاطبي عليهما رحمة الله يأخذون بالمشهور مع ظهور الراجح في المسألة عندهم لاعتبارات خاصة معلومة عند أهل الشأن فتأمل.
    الحادي عشر: وصفك أخي الكريم القول بمشروعية صلاة تحية المسجد والإمام يخطب بالشذوذ مقبول إذا ظهر لك ذلك وفق قواعد وأصول المالكية ، لكن على غرار ما ذكرت من تضعيف ما قلناه بأنه لم يقله أهل التحقيق في المذهب يحق أن أقول لك مقابلة أخي المكرم : من حكم من محققي المالكية بشذوذ ما ذهبنا إليه ، ولا أراك تظن أن وصفهم القول بالمنع بالشهرة أن يكون مقابله شاذا لأمور:
    أولهما : ما مر ذكره من أن بعض محققي المذهب يأخذون بالمشهور مع ظهور الراجح عندهم في تلك المسألة.
    ثانيا : ليس المراد بالشذوذ عند المالكية القول الذي أخذ به القلة وإنما المراد ما ضعفت أدلته عندهم مع قلة من أخذ به فتأمل، أما الوصف بالشذوذ لمجرد أخذ القلة به فهو غير صحيح و إلا حملنا ذلك على وصف الراجح بالشذوذ ذلك لأن تعريف الراجح عند المالكية هو :"ما قوي دليله، وقيل ما كثر قائله، والصواب هو القول الذي يستند إلى دليل قوي ، وإن كان عدد القائلين به قليلا" . انظر مواهب الجليل للحطاب المالكي 1/36.
    ثالثا : عند حكم المالكية على القول بأنه مشهور المذهب وفق ما ذهب إليه جماهيرهم لا يعني أن خلافه يحكم عليه بالشذوذ ذلكم لأنه قد يكون خلاف هذا المشهور مساويا .
    قال الهلالي المالكي رحمه الله:" ما به الفتوى هو ما ليس بشاذ ولا ضعيف من أقوال أهل المذهب، فيصدق بالمتفق عليه والمشهور والراجح والمساوي " نور البصر 147.

    هذا خلاصة ما عندي في هذه المسألة والعلم عند الله 5 ، وهي على ما أظن في إطار المذهب المالكي فحسب كما قلت أعلاه من الأمور الاجتهادية.
    ولا أخفيك أخي الكريم عبد الكريم بن عبد الرحمن أنني سعدت بتعقيبك لأن مثله مما يثري المادة العلمية فنسأل الله لي ولك ولأخي الحبيب عادل التوفيق والسداد .
    .........................
    1. لم يكن قصدي من هذه الإحالة الرد وإنما إخبار أخي عادل وفقه الله أنني سأوضح موقفي تجاه تعقيبك بشيء من التفصيل كما هو واضح.
    2. فائدة : قال العلامة عطية سالم رحمه الله:" إذا تحرى الدارس في النقل وصور الخلاف في المسألة لا ينبغي له المبادرة بالإنكار لأي قول في المسألة، مهما عظم في نظره، أو استنكره لأول وهلة، حتى يقف على وجهة نظر قائله فيه، وعلام بناه، و إلا فقد يكون هو الأولى بالإنكار عليه في هذا الإنكار " موقف الأمة من اختلاف الأئمة 78.
    3. والحديث عند الإمام مسلم رحمه الله يختلف اختلافا قليلا غير مؤثر في المعنى عن اللفظ الذي ذكره ابن أبي جمرة رحمه الله ولعل مسلما رحمه الله ذكر ه في موضع آخر لم أقف عليه والله أعلم.
    4. فائدة : في طرح التثريب شرح التقريب 4/74 عند ذكر حديث سليك رضي الله عنه :" فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِلدَّاخِلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَكْحُولٍ وَسُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْمُقْرِئِ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْحُمَيْدِيّ ِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو الْقَاسِمِ السُّيُورِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ".
    5. وقد كنت قريبا في سفرة علمية إلى مدينة تطوان وطنجة قصد مجالسة بعض الأفاضل من شيوخ العلم فيسر الله لي مع ثلة من الأصحاب مجالسة الشيخ الجليل محمد الجردي حفظه الله بمدينة طنجة في بيت الشيخ حمامو حفظه الله ، وكذا مجالسة الشيخ الجليل أبي أويس محمد بوخبزة حفظه الله في بيته بمدينة تطوان وطرحت عليهما من جملة ما طرحت مسألة رجحان صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والخطيب يخطب وفق قواعد المالكية فوافقاني على ذلك والحمد لله رب العالمين.

    أبو أويس الإدريسي عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي.
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  11. #11

    افتراضي

    شكر الله لكم جهدكم سيدي أبا أويس.

    رجح مالك رحمه الله عمل أهل المدينة على النص القطعي آية كان أو حديثا؛ لذا تجده يقول بالسدل رغم إيراده لأحاديثه في موطئة بغيرما نسخة؛ إلا أنه لم يفت بذلك لانتساخ القبض بالسدل عملا و بقاء حكم الأحاديث الناصة عليه منسوخا؛ و بذا أخذ المغاربة كما المصريين؛ انظر ذخيرة الشهاب القرافي باب في مقدمة الأصول .

    كذا؛ فإن صيام ستة من شوال حكمها الكراهة عند مالك لمقتدى به سيما في ما بعد عن بؤبؤ الإسلام من الأمصار لئلا يظن حديثو العهد بالإسلام أصلية ستة أيام شوال من رمضان ؛ لذا كرهها مالك كما في الأقرب ؛ فالفتوى مقيدة بزمان و حكمية بمكان ؛ الزمان وقت أن كان الإسلام يتمدد بعد ؛ و اليوم بلغ الإسلام مبلغا و توارثه الناس تقليدا و تحققا؛ و مكان , الأمصار البعيدة عن مركز الإسلام و اليوم صار العالم المسلم كله قرية .

    و الله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •