يا أبناء مالقة :قاطعوا الاحتفالات بذكرى احتلال مدينتكم.

منشور طبعه و وزعه المسلمون الأندلسيون سنة 1987م عقب إعلان الحاكم القشتالي لمالقة بيدرو أبريسيو Pedro Aparicio أن يوم 18 غشت (يوم سقوط مالقة بيد النصارى و احتلال المسجد الجامع و تحويله إلى كاتدرائية) هو عيد وطني بالمدينة. يدعوا المنشور أهل مالقة إلى مقاطعة الاحتفالات و يُعرِّفهم بمغزى إحياء هذه الذكرى الأليمة.
و هذه ترجمة لما جاء في المنشور

”بسم الله الرحمان الرحيم.
مرّت 500 سنة على تاريخ 18 غشت 1487م يوم دخلت الجحافل المرتزقة لفرناندو الكاثوليكي إلى مالقة بعد شهور طويلة من حصار رهيب.

لقد وصفت تواريخ القرون الوسطى الفظائع التي ارتكبها النصارى, و اليوم, دونما حياء, يريد المحتلون إحياء ذكرى انتصارهم متهجمين بذلك على ذاكرتنا.

حاولوا بيأس طيلة خمس قرون إنكار ماضينا و تشريبنا لحقائقهم. طًمِست ثقافتنا, و طُمرت ذِكراها بكم هائل من الكراهية و الإهانة, و واجبنا اتجاهها اليوم هو تسليط الضوء عليها من جديد. لقد وصلنا إلى حد التنصّل من ذاتنا فقتلونا بذلك كشعب كما خنقوا قبل ذلك أجدادنا. رموهم بالسهام كي يصيبوا أفئدتنا في الصميم. حاولوا تحجيم دوامنا برميهم بأوهامهم الحقيرة.

و ما زاد الطين بلة و الطنبور غنة رغبتهم في الاحتفال بنصرهم الحالك. إن المنتصرين الدنيئين يريدون العودة لترديد لحنهم المرعب الكئيب ليشمتوا بمصيبتنا, و الأكثر من ذلك أنها بالنسبة لنا دقات أجراس شريرة و شنيعة تذكرنا بحريتنا السليبة.

النهب, القتل, الحرق و الحقد المدمّر بقيادة الصليب سلبونا أراضينا و نعتونا بالكلاب و رمونا في أخاديد جبال ماريانيكا. لقد اغتصب منا فرناندو الأحول Fernando el Bizco قرطبة و أشبيلية. بالدم و النار شرعوا في انتزاع أرضنا منا: نحن لسنا نصارى. همج الشمال قلبوا باندفاعهم الأعمى و الوحشي كل ماضينا ذو الألف سنة, قلبوا معارفنا المتراكمة, كل تاريخنا. في الختام, إيزابيلا, راهنة المجوهرات(1), الكاثوليكية –و هو اللقب الذي منحها إياه البابا جزاء حزِّها رؤوس سكان مالقة الشجعان و توزيعها الفتيات الأندلسيات كخادمات على نسائها, و إرسالها للبابا نفسه حصة من الغنيمة و حمولة من العبيد الأندلسيين أُسروا عند استسلام مالقة-, إيزابيلا الهمجية, المتطرفة المتوحشة, المخادعة أتت لتُكمل المهمة. أُحرِقت المكتبات, خُرِّبت المساجد و المدارس و المصانع. و قُسّمت بالفعل كل الأرض الأندلسية إلى قطع كبيرة وُزِّعت بين قادة المرتزقة المحتلين الذين لا تهوى أفئدتهم إلى الزراعة. أما الأندلسيون الذين أحالوها إلى بستان فقد قُدّرت عليهم العبودية و السير حول أسيجة هذه الأراضي التي دُمّرت وسائل ريّها أو تُركت مهملة إلى أن استحالت إلى أراضي قاحلة. لقد قالها أبو بكر من قبل: ”إذا شوهت الصلبان و الأجراس مآذن المساجد, تحولت الأرض من بستان إلى قفر, و أشرف الصليب على عقم الحقول المغلقة في وجه الأندلسيين”. (2)

و أُشعِلت نيران محارق محكمة التفتيش. الآلاف من الأندلسيين أُحرقوا في المحارق الكاثوليكية الهمجية. فقد حُرِّم الحمام, الزي, اللغة, الموسيقى و العادات تحت تهديد العذاب الأليم.

و أكمل آل أستورياس (3) و آل بوربون (4)مهمة إيزابيلا التدميرية الهادفة لدفن تاريخنا الثقافي المجيد.

إلى كل أندلسي لا زال لكبريائه حافظا, إن المراسيم المُنظّمة من طرف الكنيسة الكاثوليكية و الدولة الإسبانية هي إهانة و استفزاز موجه ضد ذاكرتنا و منافي لاحترام أجدادنا الأندلسيين الأماجد.

فلتكن المقاطعة هي ردنا.

!!عاشت الأندلس حرة. !!

التحرير الأندلسي - الجماعة الإسلامية بالأندلس.”

الهوامش:
(1)رهنت إيزابيلا مجوهراتها حتى توفّر المال اللازم لسحق الإسلام بالأندلس و تمويل رحلة كريستوف كولمبس إلى الأراضي الجديدة.
(2) هذه الكلمات المنسوبة لأبي بكر رضي الله عنه, لا تعدو أن تكون من اختلاقات المورسكيين خلال فترة اضطهادهم من طرف النصارى تثبيتا لقلوبهم أمام فتنة التنصير و تدمير المساجد و تحويلها إلى كنائس, خصوصا و قد منعوا من الاتصال بكل ما هو إسلامي (القرآن, الحديث, الفقه و السيرة).
(3) أستورياس Asturias العائلة الحاكمة بإسبانيا في القرنين 16 , 17.
(4) العائلة الحاكمة بإسبانيا خلال القرن العشرين, و إليهم ينتمي الملك الحالي دون خوان كارلوس.

كتبه أبو تاشفين هشام بن محمد زليم المغربي.