دلالة الاقتران
· قال الزركشي مبينا صورته: ( أن يدخل حرف الواو بين جملتين تامتين كل منهما مبتدأ وخبر ، أو فعل وفاعل ، بلفظ يقتضي الوجوب في الجميع أو العموم في الجميع ، ولا مشاركة بينهما في العلة ، ولم يدل دليل على التسوية بينهما ). البحر المحيط
· هل الاقتران في النظم يستلزم الاقتران في الحكم أولا يستلزمه؟
في المسألة ثلاثة مذاهب:
الأول: أن الاقتران في النظم لايستلزم الاقتران في الحكم. وهو مذهب الجمهور واختاره الشيرازي والغزالي.
الثاني: أن الاقتران في النظم يستلزم الاقتران في الحكم. وهو قول لبعض المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة.
الثالث: التفصيل وبه قال بعض الأصوليين وهواختيار ابن القيم.
وهو أن الاقتران في النظم يستلزم الاقتران في الحكم في مواطن ، ولا يستلزمه في مواطن، وذلك بحسب السياق، ومايحتف به من القرائن المقالية، والحالية.
قال ابن قيم الجوزية: ( دلالة الاقتران
ـ تظهر قوتها في موطن.
ـ وضعفها في موطن.
ـ وتساوى الأمرين في موطن.
فإذا جمع المقترنين لفظ اشتركا في إطلاقه، وافتراقا في تفصيله قويت الدلالة.
كقوله: ( الفطرة خمس ) ، وفي مسلم: ( عشر من الفطرة ) ثم فصَّلها.
فإذا جعلت الفطرة بمعنى السنة والسنة هي المقابلة للواجب ضعف الاستدلال بالحديث على وجوب الختان.
لكن تلك المقدمتان ممنوعتان فليست الفطرة بمرادفة للسنة، ولا السنة في لفظ النبي هي المقابلة للواجب بل ذلك إصطلاح وضعي لا يحمل عليه كلام الشارع ...
وأما الموضع الذي يظهر ضعف دلالة الاقتران فيه فعند تعدد الجمل واستقلال كل واحدة منهما بنفسها كقوله: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة ) وقوله: ( لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ).
فالتعرض لدلالة الاقتران ههنا في غاية الضغف والفساد فإن كل جملة مفيدة لمعناها وحكمها وسببها وغايتها منفردة به عن الجملة الأخرى، واشتراكهما في مجرد العطف لا يوجب اشتراكهما فيما وراءه، وإنما يشترك حرف العطف في المعنى إذا عطف مفردا على مفرد فإنه يشترك بينهما في العامل كقام زيد وعمرو ، وأما نحو اقتل زيدا وأكرم بكرا فلا اشتراك في معنى ...
وأما موطن التساوى فحيث كان العطف ظاهرا في التسوية، وقصد المتكلم ظاهرا في الفرق فيتعارض ظاهر اللفظ وظاهر القصد فإن غلب ظهور أحدهما اعتبر وإلا طلب الترجيح والله أعلم ). بدائع الفوائد
وقال ابن دقيق العيد في : ( وأما الاستدلال بالاقتران: فهو ضعيف إلا أنه في هذا المكان قوي لأن لفظة: ( الفطرة ) لفظة واحدة استعملت في هذه الأشياء الخمسة فلو افترقت في الحكم - أعني أن تستعمل في بعض هذه الأشياء لإفادة الوجوب وفي بعضها لإفادة الندب - لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين وفي ذلك ما عرف في علم الأصول، وإنما تضعف دلالة الاقتران ضعفا إذا استقلت الجمل في الكلام، ولم يلزم منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ) حيث استدل به بعض الفقهاء على أن اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقرونا بالنهي عن البول فيه؛ والله أعلم ) . إحكام الأحكام 1 / 63 ـ 64.
منقـول